المقرر العام للدستور التونسي لـ "المجلة": النظام الرئاسي انتهى

المقرر العام للدستور التونسي لـ "المجلة": النظام الرئاسي انتهى

[caption id="attachment_55238618" align="aligncenter" width="620"]الحبيب خضر المقرر العام للدستور التونسي في مكتبه الحبيب خضر المقرر العام للدستور التونسي في مكتبه[/caption]


أكد القيادي في حركة النهضة الحبيب خضر المقرر العام للدستور التونسي في حواره مع "المجلة" أنه من المتوقع أن يكون مشروع مسودة الدستور جاهزا في 30 اكتوبر/ تشرين الأول المقبل وسيتم ايداعة في مكتب الضبط في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم. أما موعد التصويت على الدستور بكامل مواده في قراءة أولى قد تم اقتراحه يوم الأول من مارس/آذار 2013م، على أن يكون التصويت على الدستور الجديد في قراءة ثانية يوم 27 من الشهر ذاته.
وحول ما يثار من أقاويل حول انتهاء صفـة الشرعيّـة السياسيّـة والأخلاقيّـة للمجلـس التأسيسـي المنتخـب وللحكومـة وللرئيـس المؤقّـت في الثالث والعشرين من اكتوبر/ تشرين الأول المقبل أكد رئيس قائمة حركة النهضة بقابس الحبيب خضر أنها ادعاءات باطلة لاتستند الى قانون، واشار المحامي وأستاذ القانون بالجامعة التونسية بأنَّ المجلس مستمر لاستكمال مهامه لسن دستور يليق بمكتسبات الثورة والبلاد ولن يتعجل ويجتث الثمرة قبل نضجها.
وعن مايتردد عن سيطرة حركة النهضة على صياغة الدستور، أكد خضر أنه خطأ شائع، حيث نشأ المجلس الوطني التاسيسي عن توافق شعبي من جميع القوى الليبرلية والمدنية والاسلاميه، وتابع المقرر العام للدستور "قانونيا ليس من الممكن لأي حزب في المجلس الوطني
التأسيسي وحده أن يفرض محتوى معيناً في الدستور". كما تناول الحديث مع الحبيب خضر ملفات هامة أخرى من بينها شكل النظام السياسي التونسي في الجمهورية الثانية فيما إذا كان نيابياً ام رئاسياً معدلاً، وفيما يلي نص الحوار:


* الى أي مدى وصل العمل في صياغة الدستور التونسي الجديد ومتى ينتهي؟

بالنسبة للمستوى الذي وصلنا اليه يمكن القول أننا قطعنا أشواطا مهمة على اعتبار أنَّ اللجان التأسيسية في المجلس الوطني التأسيسي أوكلت إليها مهمة إعداد مشاريع فصول خاصة بأبواب محددة في الدستور، وهذه اللجان الست أنهت مهامها تقريبا. وعندما ترد علينا هذه المشاريع فإنَّ هناك هيكلاً في المجلس إسمه "الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة" وهي الجهة صاحبة القرار، وتضم رؤساء ومقرري اللجان التأسيسية، ولها الصلاحية في أن تأذن باحالة حصيلة عمل لجنة ما عن لجنة العمل، أو أن تعيد تلك الحصيلة الى لجنة من اللجان المتخصصة لتعميق النظر في نقطة أو نقاط معينة تحددها الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة، وبعد ذلك نمر الى مرحلة النقاش العام في جلسة عامة لتلقي ملاحظات النواب، ثم تأتي مرحلة أخرى وهي مرحلة الاستفادة بما ورد في الجلسة العامة من ملاحظات تنظر فيها لجنة التنسيق والصياغة، وتعدل على ضوئها المشروع، ثم تأتي مرحلة التعريف بالمضامين الدستورية، وتقتضي حملة وطنية نعقد في اطارها جلسات أو اجتماعات شعبية في كل ولايات الجمهورية لنعّرف الناس بالمشروع الذي وصلنا اليه، ونتلقى منهم الملاحظات، وهي آخر مرحلة من مراحل إعداد مواد الدستور قبل الشروع في العمل بصيغة رسمية على إقرار فصول الدستور فصلا فصلا، وعندما يعرض الدستور على التصويت كمشروع لإقراره، يُصوت عليه في قراءة أولى ثم في قراءة ثانية إن لم تتحقق اغلبية الثلثين في القراءة الأولى.

[caption id="attachment_55238601" align="alignleft" width="263"]الرئيس التونسي منصف المرزوقي يتوسط رئيس الجمعية التأسيسية مصطفى بن جعفر ورئيس الوزراء حمادي الجبالي الرئيس التونسي منصف المرزوقي يتوسط رئيس الجمعية التأسيسية مصطفى بن جعفر ورئيس الوزراء حمادي الجبالي [/caption]


ومن المتوقع أن يكون مشروع مسودة الدستور جاهزا في 30 اكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وسيتم إيداعه في مكتب الضبط في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، وأما موعد التصويت على كل مواد الدستور في قراءة أولى فقد تم اقتراحه يوم 1 مارس (آذار) من العام القادم 2013م، على أن يكون التصويت على الدستور الجديد في قراءة ثانية يوم 27 من الشهر ذاته، و إذا لم يتفق أعضاء المجلس التأسيسي على محتوى الدستور، فقد يكون تاريخ الأول من مايو (أيار) المقبل موعدا للاستفتاء العام على الدستور.


* ولكن تلكم المواعيد المقترحة تبتعد كثيرا عن الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل حيث تؤكد قوى المعارضة التونسية انتهاء صفـة الشرعيّـة السياسيّـة والأخلاقيّـة للمجلـس التأسيسـي المنتخـب وللحكومـة وللرئيـس المؤقّـت المعينيـن مـن قبل حركـة النهضـة عند هذا التاريخ، مستندين في ذلك إلى المرسوم الرئاسي الذي تمّ بمقتضاه دعوة الناخبين إلى اختيار مجلـس وطني تأسيسي وظيفته الرئيسة كتابة الدستور في مدّة لا تتجاوز سنة مـن تاريـخ انتخابه (23 أكتوبر 2011م) إلى جانب وثيقة أمضاها رؤساء الأحزاب المشكّلة للائتلاف الحاكم في سبتمبر/ أيلول 2011م وتنصّ على أنّ أعمال المجلس لا يمكن أن تتجاوز السنة من تاريخ انتخابه.

أولا: السند الأول الذي يرتكن اليه هؤلاء وهو كما ذكرت أمر دعوة الناخبين وهو صادر بناءً على تفويض من مرسوم منظم الانتخابات، فوّض بمقتضاه رئيس الجمهورية دعوة الناخبين للاقتراع،و لكن لم يفوضه أن يحدد صلاحيات أو مدة عمل المجلس الوطني التأسيسي، فهو تنصيص غير مشروع أصلا ولا أساس له قانونيا.
ثانيا: اذا تحدثنا عن منطق قانوني آخر نقول: إنَّ المجلس الوطني التأسيسي هو سلطة مؤسسة استمد تفويضه من الشعب مباشرة، ولا يمكن لسلطة وقتية لها شرعية وظيفية فقط أن تحدد صلاحيات المجلس التأسيسي ومدته.
ثالثا: من باب الجدوى ولنا أن نتساءل: أيهما أفضل لتونس، بأن يستكمل المجلس الوطني التأسيسي مهامه ويسن دستورا يليق بمكتسبات الثورة والبلاد أم يتعجل ويجتث الثمرة قبل نضجها ونكون إزاء دستور مشوه إن وجد أصلا؟ أعتقد أن من يقول بهذا ويطرحه ربما لاعتبارات سياسية لا أريد الخوض فيها، وخلاصة القول أنه لا أساس مطلقا للحديث عن انهاء شرعية المجلس في الثالث والعشرين من اكتوبر المقبل.

* ولكن شبهة انتهاء الصفة الشرعية للمجلس الوطني التأسيسي ليست هي الاشكالية الوحيدة التي تواجه مجلسكم الموقر، فهناك اشكالات أخرى تثار على الساحة السياسية في تونس تتعلق بصياغة فصول الدستور نفسه، من جملتها التخوف من المساس بحقوق ومكتسبات المرأة، وهناك تخوفات كبيرة من نفوذ وسيطرة حركة النهضة في صياغة الدستور، كما أن الشكوك قائمة حول حقوق الأقليات وما شابه ذلك من اشكالات حول المواطنة وحق المعتقد؟

بداية وإن كان النص الحالي هو مجرد مسودة لمشروع الدستور، ومع ذلك فهناك إشارات في هذا الجانب تؤكد على حرية المعتقد، وهو حق مكفول لكل مواطنينا، ومعروف أنَّ لدينا عددا من المواطنين اليهود ولا ميزة لنا عليهم من حيث المواطنة ومن حقهم أن يمارسوا شعائرهم وتكون لهم عقائدهم في كنف الأمن على أنفسهم، هذا متأصل في تاريخنا ونستشرفه ليبقى في مستقبلنا باذن الله تعالى.
وبالنسبة لسؤالكم المتعلق بالمرأة، أؤكد لكم الحرص شديد على أن يكون الرصيد التونسي المتحقق في خصوص المرأة من مكتساب محفوظاً، بل إنَّ طموحنا هو تحسين ذلك الرصيد وتنميته أكثر، وتجدون إشارة واضحة لهذا في مشروع الفصل المتعلق بالمرأة الذي يتحدث عن دعم مكاسبها وليس فقط المحافظة على ما تحقق من مكاسب.

أما بالنسبة لمسألة الخوف من هيمنة حركة النهضة على كتابة الدستور، أولا: منذ البداية قالت حركة النهضة أنها ماضية في المجلس التأسيسي لتكون شريكا في الدستور لا أن تصوغه. ثانيا: قانونيا ليس من الممكن لأي حزب في المجلس الوطني التأسيسي وحده أن يفرض محتوى معيناً في الدستور، صحيح أنَّ حركة النهضة بعدد نوابها المنتخبين تستطيع على الأرجح أن تحول دون إدراج تنصيص ما، أو على الأقل ما يمكن أن تعترض عليه لن ينال أغلبية الثلثين، لأنَّ لديها أكثر من ثلث النواب وليس لديها الأغلبية المطلقة من النواب وهو المطلوب لتمرير النص. إذن فحركة النهضة لوحدها غير قادرة أن تصوغ أي نص، ولهذا أقول لا مدعاة لهذا التخوف، ونحن ماضون نحو دستور توافقي يحظى بالاحترام والقبول بالنسبة للأغلبية الواسعة من نواب هذا المجلس ومن أبناء الشعب التونسي.

* مقارنة بالسلطات المطلقة لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس السابق بن علي فإن الرئيس المؤقت الحالي السيد منصف المرزوقي لا يملك سلطات تذكر، وهو حسب وصف الكثيرين مجرد منصب تشريفي، فهل سيستمر هذا الوضع الى ما بعد الانتهاء من الدستور أم سيكون لرئيس الجمهورية اليد الطولى في البلاد؟

هذه النقاط لم تحسم الى حد الآن، ولكن على الأرجح وانطلاقا بما هو موجود من مقترحات وآراء فنحن لا نتجه على ما يبدو نحو أن يكون رئيس الجمهورية صاحب سلطات واسعة، إنما الاختلاف في الآراء يقع بين رئيس له صلاحيات تحكيمية في الأساس يتجلى دوره في فترات الأزمات فقط، وبين رئيس تكون له بعض الصلاحيات التنفيذية فضلا عن صلاحياته التحكيمية، وهل سيكون منتخبا من المجلس أم من الشعب مباشرة، وبالجملة لا أظن أننا نتجه نحو رئيس تتمركز بين يديه السلطة المطلقة.

[caption id="attachment_55238602" align="alignright" width="187"]ناشطة تونسية ترفع لافتة أمام مقر الجمعية الوطنية التأسيسية كتب عليها  "الرجال الذين لا يملكون امرأة = 0..والرجل=امرأة ناشطة تونسية ترفع لافتة أمام مقر الجمعية الوطنية التأسيسية كتب عليها "الرجال الذين لا يملكون امرأة = 0..والرجل=امرأة[/caption]

* هل ستكون الجمهورية التونسية الثانية دولة رئاسية أم نيابية؟
هذه من النقاط الخلافية الكبرى التي لم تحسم ولكن بالتأكيد لن تكون رئاسية، والطرح الآن يدور بين نظام برلماني صرف أو نظام برلماني معدل أو رئاسي معدل، نحن داخل هذه الدائرة، أما النظام الرئاسي الصرف فمستبعد تماما ولا يعرضه أحد فيما أعلم.

* ما هو النموذج الماثل أمامكم؟

لكل أصحاب مقترح نموذجه، ولدينا أكثر من مقترح، فالبعض تبنى النموذج البرتغالي والبعض الآخر الألماني، وآراء ترى نماذج أخرى كالتركية والفرنسية.

* اقترحتم في تصريحات صحفية سابقة إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية يوم 8 سبتمبر /أيلول 2013م بدلا من 20 مارس /آذار من السنة نفسها، على أن يتم استغلال الفترة الصيفية لإقرار القانون الانتخابي والحملة الانتخابية خلال النصف الثاني من شهر أغسطس /آب، وبداية شهر سبتمبر المقبلين. فهل التأجيل يرجع الى عدم الانتهاء من المجلة الانتخابية؟ واذا كان الأمر كذلك كيف سيجرى الاستفتاء على الدستور المقترح إجراؤه في الأول من مايو/ أيار المقبل؟

ما أعتقده أنَّ هناك بابين من المجلة الانتخابية يمكن أن يُنجزا قبل نهاية هذا العام، وهما الباب المتعلق بقائمة الناخبين والباب المتعلق بالاستفتاء حتى يكونا جاهزين للتنفيذ في حال عدم حصول مشروع الدستور على أغلبية الثلثين، أما بقية الأبواب الأخرى فمن الممكن أن تسن بعد الانتهاء من صياغة الدستور وإقراره ، لأنه هو الذي سيحدد المحطات الانتخابية وطبيعتها.
وهناك ملاحظة مؤثرة تخص الانتخابات والاستفتاءات، فالإستفتاء كالانتخابات الرئاسية يمكن اعتبار الجمهورية التونسية كلها دائرة واحدة وهو ما يسهل العمل، وليس بالضرورة أن يقترع المواطن في مكان معين باعتبار الجمهورية دائرة واحدة، ولذلك لا يمكننا إنجاز ذلك كله قبل 23 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، علما بأننا نعمل في المجلس التأسيسي من التاسعة صباحا الى قبل منتصف الليل، وعلى خلاف ما يدعيه البعض من بطء فإن المجلس التأسيسي يقوم بمهمته الأساسية في إنجاز الدستور بنسق سريع، فالمهمة لا تتمثل في مجرد صياغة فصول الدستور فقط، بل تقتضي المرور بمراحل اساسية عدة تستغرق الكثير من الوقت والجهد.

* بعد سيطرة حركة النهضة على الحقائب الرئيسة في الحكومة تخشى بعض القوى الليبرالية واليسارية من تفعيل بعض القوانين والتشريعات، كالحدود والقصاص وفق الشريعة الاسلامية، فهل ستبقى الصيغة القديمة في الفصل الأول من دستور عام 1959م التي تنص على أنَّ "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة ،الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها"، أم ستتغير ليصبح الاسلام هو المصدر الأساس للتشريع؟

هذه النقاط طرحت بقوة من غالبية الشعب التونسي الذين يرون الاكتفاء بالصيغة القديمة في الفصل الأول من دستور 59 التي ذكرتها في سؤالك، وقد تم التوافق على الإبقاء عليها كما هي، ولكننا حريصون على أن لا تكون تشريعاتنا في تصادم مع مبادئ الشريعة الاسلامية وعلى أن لا يتم سن أحكام تصدم الواقع التونسي، وعلى أي حال ليس معروضا الآن فيما أعلم تعديل المجلة الجزائية في الأبواب المتعلقة بمثل هذه الأحكام، وما طرح في الدستور يتعلق بعقوبة الإعدام فقط، فهناك من أراد أن يدرجها في الدستور، وهناك من أراد أن يدرج عدم جواز المساس بها في الدستور، فخرجنا بصيغة توفيقية مفادها بأنَّ "الحق في الحياة مقدس لا يجوز المساس بها الا في حالات يضبطها القانون"، فتركنا المجال للنصوص التشريعية يطوعها المجتمع مستقبلا كيفما أراد دون الحاجة الى تعديل الدستور.

* إشكالات كثيرة برزت على الساحة السياسية في تونس بسبب الحرية الواسعة للإعلام، واتهمت بعض القوى المحافظة منابر إعلامية بالتسيب والفوضى، فهل نص الدستور على مادة لضبط حرية الاعلام؟

بالنسبة لحرية الاعلام فهناك تنصيص في الدستور يؤكد على ضمان الحق في المعلومة وعلى ضمان الحيادية، وفي الجانب التشريعي يطرح مشروع قانون بإحداث الهيئة العامة للإعلام التي تتولى ترشيد العملية الإعلامية في البلاد والدفع بها حتى تكون دعامة للرقي بها وضمان حقوق المواطنين وحرياتهم.

* قلتم في تصريحات سابقة أنكم شكلتم لجاناً خاصة ستلتقي المواطنين في كافة أرجاء البلاد لعرض مسودة الدستور للتفاعل المباشر معهم والاستفادة من مقترحاتهم. ولكن النخب التونسية وعدداً من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ترى عدم جدوى مناقشة مسودة الدستور،مع العامة مطالبين بعقد ندوات تلفزيونية مع بعض المختصين والخبراء ويمكن للعامة مشاهدتها على الهواء مباشرة والتفاعل معها وطرح مقترحاتهم من خلال الاتصال الهاتفي المباشر أثناء عرض الندوات؟

إذا كنا سنخصص القناة التلفزية الثانية على سبيل المثال لمناقشة الدستور للمواطنين، فأقول لأصحاب هذا المقترح: إن لم أذهب للمواطن الذي يسكن "مطماطا" و"حيدرة" والمناطق الريفية البعيدة فلن يأتي الي ولن أطمئن أنه جلس أمام شاشة التلفزة لمشاهدة تلك الندوات المقترحة، وإذا عقدنا تلك الندوات تلفزيونيا لن تزيد عدد المكالمات الهاتفية من المواطنين عن عشر مكالمات في كل ندوة على أقصى تقدير، نحن نحرص للوصول الى أكبر عدد ممكن من المواطنين، والأمر المهم الثاني هو التفاعل، فلا يمكن أن نأتي بخبراء في برنامج تلفزي لأعرف رأيهم في مسودة الدستور، فحاجتي أن أعرف ماهية تعليق المواطن العادي او البسيط حتى وإن لم يأت بمصطلحات قانونية، فلدى المواطن التونسي من الوعي أن ينبه أو يحذر أو يذكر ويضيف، فالمواطن التونسي بعد أن ننتهي من الدستور سيتذكر ويشعر بالفخر أنه شارك في صياغة دستوره بلاده.

وفي النهاية مع احترامي لكل الزملاء من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي فإنهم قبل اكتوبر الماضي كانوا من المواطنين العاديين مثلهم مثل أي مواطن من خارج المجلس، صحيح أن العمل داخل المجلس منحهم مزيداً من الخبرة من خلال الممارسة اليومية لكن ليس هناك دليل على أننا نفطن لكل من يتفطن اليه غيرنا، فهو عمل بشري يقبل الخطأ أو السهو أو النسيان، إذن المهم جدا إذا كانت الامكانية موجودة لمقابلة أكبر عدد متاح من المواطنين فلم لا.

[caption id="attachment_55238603" align="alignleft" width="263"]الدكتور الحبيب خضر يتحدث مع رئيس المجموعة البرلمانية لحركة النهضة خلال جلسة الجمعية الوطنية التأسيسية الدكتور الحبيب خضر يتحدث مع رئيس المجموعة البرلمانية لحركة النهضة خلال جلسة الجمعية الوطنية التأسيسية [/caption]


أما بالنسبة للمواطنين الذين يستعملون شبكة الانترنت فإننا سندشن موقعا للمجلس من أجل التفاعل مع الجماهير في أنحاء الجمهورية، وسوف تشكل هيئة في المجلس يكون مهمتها الإجابة عن الأسئلة وتلقي المقترحات والملاحظات من المواطنين وعرضها للمختصين للاستفادة منها.

وعلى أي حال نحن قلنا من أول يوم عملنا فيه في المجلس الوطني التأسيسي بأننا منفتحون على كل ما يرد الينا من مواطنين وأحزاب وجمعيات وجامعات، وكلها محل اعتبار.

* ما هو موقفكم من النخب التونسية المقيمة في الخارج وكيف سيعرض عليهم الدستور؟

في الواقع أن عرض الدستور على التونسيين المقيمين في الخارج، مقترح لم يتم إقراره ضمن التصور الذي قدمته لروزنامة العمل التأسيسي، وتحديدا في مجال التعريف بالمضامين الدستورية، حيث أشرت الى إمكان تنظيم بعض الاجتماعات للجالية التونسية في أهم نقاط تمركزها في الخارج لعرض المشروع عليها، ولكن التفاصيل لم تضبط الى حد الآن، ونحاول جاهدين أن لا يكون التونسيون في الخارج بمعزل عما يجري في تونس خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد. وهذا الدستور سيكون لهم ولأبنائهم، وعندما يعودون الى وطنهم تونس سيكونون في ظل هذا الدستور ولا نريد أن يستثنوا من إبداء الرأي فيه.

* لكن جل التونسيين في الخارج هم من النخب ومن العلماء والخبراء فلم لا يستفاد منهم أكثر من ذلك بأن يطلب مشاركتهم في صياغة الدستور؟

تونس بصفة عامة حريصة على الاستفادة من كل نخبها وقد انفتحنا على الطاقات الموجودة في الخارج وبعضهم أرسل لنا بمقترحات وتوصيات خاصة بالدستور، وأُخذت بعين الاعتبار.

واستغل هذا الحوار الذي ينشر في منبر اعلامي عالمي لأناشد المغتربين بإرسال مقترحاتهم وملاحظاتهم للاستفادة بها، ومن السهل عليهم الحصول على مسودة الدستور من شبكة الانترنت، ومن لديه مقترحات حوله يتفضل بارسالها لي شخصيا وبإسمي وسأهتم بكل مراسلة تصل الي وستعرض المقترحات الوجيهة على اللجان المختصة.

* ماذا عن حقوق المغتربين الدستورية في الصياغة الجديدة بخاصة حقهم في الإدلاء بأصواتهم من مقر اقامتهم في الانتخابات والاستفتاءات، وهل منحهم الدستور نفس الحقوق المكفولة للمواطنين داخل الوطن؟


جزء من الحقوق المقررة في الدستور ينطبق على كل من يوجد على الارض التونسية سواء كان مواطناً تونسياً أو أجنبياً اي الحق في الحياة والحرمة الجسدية والحقوق الانسانية الأخرى.

وهناك بعض الحقوق مرتبطة بالمواطنة، وهذه يتمتع بها التونسي في الداخل والخارج على حد سواء، لكن فيما يختص بالنقطة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات، فهذه المسائل سيضبطها القانون الانتخابي أو مجلة الانتخابات التي ستقرر المحطات الانتخابية التي يشارك فيها المواطن التونسي في الخارج والمحطات التي تقتصر المشاركة فيها على التونسي الموجود داخل تراب البلد.

* ما هي الرسالة التي توجهها للتونسيين في الخارج بمناسبة دخول تونس مرحلة جديدة في تاريخها؟

نحن نطمح في أن نؤدي الأمانة الموكولة الينا على أتم وجه، ولكن ضغط الوقت الذي نعيشه لا يسمح لنا بأن نلتقيكم مواطنينا في الخارج ولا يسمح لنا الا بصفة استثنائية جدا في أن نقابل البعض منكم، كان بودنا لو أن الوقت يسمح بتفاعل أكثر معكم ونتلقى وجهة نظركم ولكن أكثر ما نراهن عليه هو الوسائل العصرية في التواصل مع مواطنينا في الخارج حتى نتلقى منهم آراءهم، ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنهم ونستشعر بمسؤولياتنا لا على هذه البلاد فقط بل على بلدان أخرى تسير مسارنا، ونحن نعتقد بأنَّ الدستور الذي نسنه سيكون مثالا، وعلى الأقل يرجع اليه لدول أخرى مازالت تعيش مخاض الثورات.
ونستشعر كل هذه المسؤولية، و نسأل الله أن يوفقنا من القيام بها على الوجه الأمثل ونرجو أن يتذكرنا أهلنا بالنصيحة.
font change