السعوديون حين يتابعون أحداث مصر!

السعوديون حين يتابعون أحداث مصر!

[caption id="attachment_55246392" align="aligncenter" width="620"]أحداث الربيع العربي تشغل مجالس الشباب السعودي أحداث الربيع العربي تشغل مجالس الشباب السعودي[/caption]

على هامش الأحداث الأخيرة في مصر، استاء كثير من السعوديين من التعليقات المصرية الصريحة والمباشرة حول "تطفلنا" على وطنهم، حيث يجد بعض المصريين أن هذا التفاعل السعودي المحموم على الشبكات الاجتماعية مع مظاهرات يوم 30 يونيو هو تطفل غير مرغوب؛ لأن المسألة مهما شكَّلت رأيًا عامًا عالميًّا، إلا أنها تبقى بالنسبة إليهم شأنا وطنياً خاصاً.

لا أحد يختلف مع كون الحالة المصرية منذ أيام وهي تتصدر الإعلام العالمي والحديث السياسي، والشغف السعودي بمتابعة الأحداث العربية منذ اندلاع الثورات قبل عامين، هو صورة من هذا المشهد العالمي عمومًا، لكن الذي يلفت الانتباه في حالة المتابعة السعودية هو هذه الجماهيرية المتحمسة والمتحفزة للأحداث كما لو كانت فعلاً مسألة وطنية لا إقليمية فقط، وفقط هذه هي مصدر الاختلاف والخلاف ربما، فبينما يذهب البعض للاستفادة من الأحداث كحالة واقعية لشرح العمل السياسي، وما يمكن أن يترسب من وعي وثقافة سياسية لدينا من خلال هذه المتابعة الحيَّة، يذهب البعض إلى الانفعال الشديد والتحزب نحو أحد الأطراف كما لو كان في ميدان التحرير لا مجرد متابع يرسل بتعليقاته من خلف شاشة جهاز.

المسألة لا تتعلق بالمتحزبين فعليًّا مثل أعضاء تنظيم الإخوان، فانفعال هؤلاء مفهوم؛ حيث المصلحة والولاء للتنظيم لا يجد فرقًا بين الوطن ودولة أخرى، فالعقيدة لا ترتبط بالحس الوطني بل بالحس التنظيمي الحزبي أين ما كان، لكن مسألة الانفعال لم تقتصر عليهم، بل تمتد حتى على من يؤيد الطرف الآخر في الميدان، المعارضة المصرية بكل أطيافها تجد حماسة من المتابعين السعوديين لا تقل عن حماسة المعارضين أنفسهم، بل ربما يدخل المتابعون في حالة من الغضب والشتائم كما لو كان أحدهم يحمل الجواز المصري، ويستعد للتوقيع على ورقة الانتخاب غدًا .

المتابعة للأحداث في مصر أو غيرها من الدول، تمنحنا حق إبداء الرأي، وتبني وجهة النظر والدفاع عنها، لكنها تبقى وجهة نظر متابع لا مواطن، إنها مسألة نظر فقط لا مسألة موقف عملي ضاغط قد يستدعي الانفعال والشتم وهو ما يتطور –للأسف- إلى أبعد من ذلك، المتابعة يجب أن لا تتحول إلى انفعالات شخصية وتوتر نفسي كما لو كان هذا الرأي سينعكس على الشارع المصري فعلاً وسيؤثر واقعيًّا على الحدث، والمتابع مجرد حالة مشاهدة متحفزة لأحداث هامة تخص دولة أخرى، ينعكس وضعها السياسي في آخر المطاف على علاقتها بالدولة التي يعيشها هذا المواطن/ المتابع .

والدولة هي –الوطن– في صياغة مفقودة من كل العبارات التي يتكلف المتابعون السعوديون اليوم كتباتها عن المشهد المصري، الوطن أو البلد الذي يفترض أن يحفل دون سواه بالانفعال والحماسة لا ينقص كمفردة في العبارة فقط، بل ينقص كفكرة في وجهة النظر أيضًا .

التبرير الذي اعتاد المتابع السعودي تقديمه حول انفعالاته الشديدة مع الأحداث الأخرى يدور دائمًا حول معنى المشاركة القومية والدينية، أو حتى المشاركة الإنسانوية في تقدير مفقود، لكن كيف يفسر معنى المشاركة هذا الانفعال العالي والمتجاوز الذي يفقد الإنسان وعيه بحدود موقفه وبحقيقة تورطه بالحدث، أي كيف يفسر هذا المعنى البسيط هذه الحرقة في قلوب مؤيدي مرسي، أو هذه الهستيريا في عقول المعارضين، هذا الانفعال الذي يتنوع بين التهليل والتحسب بالله بين التصفيق والصراخ، كيف يمكن أن يفهم من خلاله أنه مجرد مشاركة وإبداء لوجهة نظر، كيف تحولت وجهة نظر المتابع الذي لا علاقة مباشرة حقيقية له بالحدث إلى حالة جماهيرية صاخبة تشبه مدرجات ملاعب الكرة!

المشاركة الإنسانية الطبيعية التي نعرفها بتبرع مالي للفقير، هل تفسر الانفعال الهستيري أو الكمد الذي يصيب المتابع السعودي للأحداث المصرية، ووجهة النظر حول مشهد سياسي لبلد آخر يشترك في بعض مكوناته الثقافية مع ثقافة الوطن، هل تشبه هذه المواقف المتشنجة والمحتقنة والتي تطغى على أوجه المتابعين اليوم، ماذا يكون الفرق إذن بين المتابع السعودي ووجهة نظره، وبين المواطنة والموقف المدني للمواطن المصري ؟!
font change