
لندن: مينا الدروبي
في حين يتبقى أقل من شهر على اتخاذ بريطانيا قرارها، سواء بوجوب البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، أوضح رئيس الوزراء السابق غوردن براون موقفه في الخلاف حول استفتاء الاتحاد الأوروبي في أثناء إحدى الفعاليات التي أقيمت بكلية لندن للاقتصاد، داعيًا معسكر المدافعين عن البقاء في الاتحاد إلى تقديم حجة أكثر إيجابية دفاعًا عن الاستمرار به.
صرح رئيس الوزراء السابق من حزب العمال، منتقدًا ضمنيًا النبرة السلبية التي يبديها المدافعون عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، بأنه يريد تقديم «حجة إيجابية ووطنية وذات مبدأ»، لصالح استمرار علاقات بريطانيا مع الكتلة الأوروبية والتي تمتد منذ 43 عامًا.
صرح براون بأنه يجب على بريطانيا أن تقود أوروبا وليس أن تتركها؛ وادعى أيضا أنه «ليس من القيم البريطانية الانسحاب إلى هامش أوروبا». ودفع رئيس الوزراء السابق بأن بريطانيا تحتاج إلى البقاء داخل الاتحاد الأوروبي لتشكيل ردود فعل القارة في قضايا الإرهاب والهجرة وتغير المناخ.
وأضاف: «لا يتماشى ذلك مع روح وينستون تشرشل» بأن «ننسحب».
في الجهة المقابلة، يقول المدافعون عن الخروج من الاتحاد الأوروبي إن حجج براون «جوفاء» نظرًا لـ«سجله الكارثي» أثناء وجوده في المنصب.
في خطابه، ذكَّر براون بتاريخ بريطانيا التي دافعت عن حقوق الإنسان، وحاربت الفاشية، ومعاداة السامية. وقال إن استفتاء الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون فرصة للدفاع الإيجابي عن أوروبا، وعن «تعاون بريطانيا الدولي المتطلع إلى الخارج»، مشيرًا إلى أن ناخبي حزب العمال سوف يستجيبون على الأرجح للدفاع الإيجابي عن البقاء.
وأضاف أنه ينبغي على الداعين إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي الحصول على دعم من ناخبي العمال والديمقراطيين الليبراليين والحزب الوطني الاسكوتلندي إذا أرادوا الفوز، ويجب أن تؤكد حملتهم للناس العاديين على فوائد عضوية الاتحاد الأوروبي في الأجور وظروف العمل وحقوق العمالة.
وكرر براون تعليقات رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بشأن دور الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على السلام والاستقرار.
وقال: «على مدار ألف عام، كانت شعوب وقبائل أوروبا تتحارب وتقتل وتصيب بعضها الآخر. ولم يمر قرن نعمت فيه أوروبا بالسلام ولم تتنافس فيه شعوبها من أجل السيادة سوى القرن الحالي».
في السبعين عاما الأخيرة منذ الحرب العالمية الثانية، تخوض الدول «صراعا بالحجج والأفكار» وليس «بالأسلحة والتسلح».
«وكأننا استبدلنا السيوف بالمحاريث، بل وجعلنا من الممكن ألا يفكر الناس مطلقا في استخدام السيوف مرة أخرى».
كذلك أشار براون إلى أن «البقاء في أوروبا سوف يساعدنا على القيام بدور في تشكيل شيء أكبر من أنفسنا».
يساعد رئيس الوزراء السابق حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي، لأن أكبر مشكلة تواجهها هي جذب أصوات من اليسار، وضمان مشاركتها. ويعد ديفيد كاميرون من أبرز أعضاء معسكر البقاء، ولكن يبغض كثير من ناخبي حزب العمال فكرة أنهم سيساعدونه على البقاء في السلطة، بتصويتهم لصالح استمرار بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وفي ما يتعلق بقضية الهجرة، قال براون مرارًا إن «أكبر مشكلة هي الهجرة غير الشرعية»، مؤكدا مرة أخرى على أن «المشكلة الكبرى في خلال السنوات العشر المقبلة ستكون الهجرة غير الشرعية».
في جلسة تالية لطرح الأسئلة، صرح براون بأن الاتحاد الأوروبي كان يتجه صوب نموذج «أكثر مرونة»، مضيفًا: «سيكون المستقبل في دول أوروبا الموحدة وليس الدول المتحدة الأوروبية».
«إذا كان التعاون أكثر مما ينبغي، سوف يشعر الناس بأن هويتهم معرضة للخطر، وإذا كان التعاون أقل مما ينبغي، لن يكون من الممكن حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي نواجهها».
وقال براون إن بريطانيا يجب أن تكون في مركز صنع السياسات الأوروبية.
وأضاف براون، الذي يُنسب إليه منع انضمام بريطانيا إلى منطقة اليورو، عندما كان وزيرا للمالية في التسعينات، بأن الشعب البريطاني يجب أن يُنهي تردده حول هويته الأوروبية، وأن يشارك في تشكيل كيفية تعامل القارة مع الإرهاب والهجرة وتغيُر المناخ.
وذكَّر براون الجمهور بمقولة مهمة قالها نيلسون مانديلا: «فلتعكس اختياراتك آمالك، وليس مخاوفك».
أما عن قضية الهجرة، أوضح براون أنه أصبح من الصعب وضع ضوابط دخول للأشخاص المقبلين إلى بريطانيا من أوروبا، ولكن أفضل وسيلة للتعامل مع الهجرة غير الشرعية من خلال التعاون مع الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
وقال: «يأتي الناس إلى هنا عن طريق مهربي البشر، وعن طريق العصابات الإجرامية. ولا يمكن وضع ضوابط لهم لأننا لا نعلم من يكونون. ولكننا نحتاج في التعامل مع هذا النوع من الهجرة إلى التعاون، ولن يحدث ذلك إلا من خلال الوجود داخل الاتحاد الأوروبي».
واستطرد قائلا: «توجد ضغوط على الخدمات بسبب الهجرة، ولكن الهجرة أيضا تقدم لنا العمال الماهرين. يتعلق الأمر بتحقيق توازن صحيح. يمكننا ترحيل بعض الأشخاص عن طريق مذكرة الاعتقال الأوروبية. وقواتنا تراقب حدودنا؛ حرس الحدود البريطاني تراقبها. ونتخذ قراراتنا الخاصة في تلك القضايا».