بريجيت ماكرون... سيدة فرنسا الأولى

بريجيت ماكرون... سيدة فرنسا الأولى

رحلة الحب من المسرح المدرسي إلى القصر الرئاسي





1-



حملت بريجيت ماكرون سيدة فرنسا الأولى ثلاثة ألقاب لحد وصولها إلى قصر الإليزيه في مايو (أيار) 2017، فهي الآنسة بريجيت بنت عائلة ترونيو العريقة في صناعة الشوكولاته، في بلدة آميان الفرنسية، وحملت هذا اللقب الأول طيلة 21 عاماً منذ مولدها 1953 إلى غاية زواجها من السيد أوزيار منذ 1974 إلى 2006، وظلت بريجيت مع زوجها الأول طيلة 32 عاماً، وأنجبتْ ولديْن اثنين وبنتاً واحدة، أنجبوا لرصيدها 7 أحفاد وأسباط.
ومنذ 2007، صارت بريجيت تحمل لقبها الثالث مع زوجها الثاني إيمانويل ماكرون الذي حملها - بعد أن حملته - إلى الإليزيه؛ قصر الرئاسة الفرنسي.

2-



بدأت حياة بريجيت ترونيو أوزيار، عادية ومستقرة، فلا شيء كان يعكر مزاجها، لقد عاشتْ واستقرّتْ في بلدتها آميان؛ فهي مدرسة للأدب الفرنسي، وتشتغل في ورشة المسرح التابع للمعهد إلى أن يدخل الورشة فتى مراهق ألمعيّ لافت للنظر اسمه إيمانويل ولقبه ماكرون. ويقع الفتى في حبّ أستاذته المتزوجة، وتنزعج أسرة الفتى، فترسله إلى العاصمة باريس بعيداً عن بلدته آميان وعن الأستاذة المعشوقة، وبتواطؤ من بريجيت التي كانت تبحث عن السلام والراحة والحب في آن معاً، ويبتعد التلميذ العاشق عن الأستاذة المعشوقة في المكان، ولكنه لا يريد أن يشفى من حب بريجيت التي كانت، بدورها، منجذبة إلى إيمانويل الذي قال لها بلهجة الواثق المعنّى بحبّها: «افعلي ما شئت، يا بريجيت، فإنني سأتزوَّجكِ».

3-



ماذا فعلت الأستاذة بقصد، أو من دونه، حتى يقع هذا الفتى في غرامها، في بلدة آميان ذات السكان المحدودي العدد الذين يعرف بعضهم بعضاً؟
وأي نظرة؟ وأي كلمة؟ أو سر أو سحر أو ملاحظة جعلت هذا الفتى يتعلق بأستاذته في هذه البلدة المحافظة التي تدين علاقة حب من هذا النوع، خاصة وأن بريجيت هي المربية وهي المثل الأعلى والقدوة؟ هل قاومت بريجيت إغراءات هذا الفتى النبيه؟ أم أنها كانت تستطيب الإغراء؟

4-



عائلة إيمانويل، وكل العوائل الفرنسية، وكل الأسرة التربوية، لن تستسيغ هذا الحب الذي يأبى أنْ تخبو ناره بعد أن تم إبعاد الفتى.
تقول بريجيت: «كنّا نقضي الساعات والساعات الطوال في الهاتف»، حين يكون بعيداً عنها.
فماذا كانا يحكيان في الهاتف؟ وهل اطمأنت أسرة إيمانويل إلى أن الولد قد شفي من حب بريجيت، وهو الحب المستحيل؟ وعائلة السيدة بريجيت مؤلفة من أبناء هم في عمر إيمانويل، وكان التساؤل:
كيف استطاعت بريجيت أن تقنع أفراد أسرتها بهذا الحب الممنوع الذي يرغب في أن يعيش في ظل علاقة زوجية مشروعة؟
وكيف توصلت بريجيت لإقناع أفراد أسرتها بضرورة الطلاق من زوجها الأول لتتزوج حبها المستحيل؟ بل ولتجعلهم ينخرطون في الحماسة مع ماكرون حتى يفوز إيمانويل في معركة الرئاسة.

5-



بريجيت لم تكن مجرد امرأة معشوقة، وليست قصة حبها لإيمانويل بطعم المستحيل إلا قصة عجيبة، ساهمت بشكل أو بآخر في رفع نسبة الأصوات النسوية والشبابية لصالح ماكرون ضد خصمته الرئيسية في الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان.
لقد كانت حكاية إيمانويل وبريجيت تنسج نفسها بعيداً عن العيون، ولعبت ظروف الانتخابات الفرنسية والحظ دوراً خفياً في هذا الحب الذي لن يخلف أولاداً، بل أنجب حزباً صغير العمر اسمه «إلى الأمام»، ولم يكن الأمام لحد الآن غير «قصر الإليزيه».

6-



ولقد اختلط الأمر على الفرنسيين في أمر الرئيس، فهم بين رجل وامرأة، أو رجل في امرأة، أو امرأة في رجل، وهم في دهشة من أمرهم، لا يعرفون هل انتخبوا لرئاسة فرنسا رئيساً رجلاً، أم رجلاً في قلبه امرأة رئيسة؟ أم أنهم انتخبوا شاباً بلا أولاد بجانبه امرأة. ذات أولاد وأحفاد؟

7-



ماذا ستفعل السيدة الفرنسية الأولى؟ دورها يتحدد وفق خطة، فهي سيدة تريد أن تعمل ولن تكتفي بالدور التشريفي، وقد يكتفي المجتمع الفرنسي بمتابعة ملبوساتها وأزيائها، ولكن هذا المجتمع سوف ينظر إلى آراء بريجيت ومشاريعها فهي المربية والعاملة الدؤوبة، والمفكرة من خلال ما سوف تطرحه من مشاريع على الواقع السياسي الفرنسي.

8-



يقال: إن السياسة هي فن الممكن.
ويبدو أن علاقة الحب هذه هي فن المستحيل.
وأما إيمانويل وبريجيت فهما قصة حب مرشحة لأن تكون عالمية وكونية لحبٍّ مستحيل صار ممكناً،
بل صار محطّ اهتمام النساء الكهلات اللواتي يحلمن بالزواج بشبان.
كما صار مضرب أمثال لشبان يحلمون بالزواج من كهلات في عمر أمهاتم!

9-



ولعلّ الكهلةَ بريجيت ترونيو استطاعت بسحر الحب أن ترفع الفتى المعشوق إيمانويل ماكرون إلى أعلى هرم سياسي، حتى يتمكن من وضع شمعة حبّ رئاسية على برج إيفل في قلب باريس.
font change