كيف سيؤثر قرار منع التراخيص التجارية والعقارية للسوريين على الاقتصاد المصري؟

أغلب السوريين لا يودعون أموالهم في البنوك المصرية

مطعم سوري في مدينة السادس من أكتوبر، مصر (أ.ف.ب)

كيف سيؤثر قرار منع التراخيص التجارية والعقارية للسوريين على الاقتصاد المصري؟

* هناك قوانين تحكمها أعراف معينة تجعل هذا القرار واجب النفاذ
* الاقتصاد المصري استقبل أموالا ونشاطات واستثمارات في مهن يتقنها الإخوة السوريون
* الأمن القومي في حاجة لاحتضان السوريين في محنتهم كما أنه من قبيل الأمن الاقتصادي أيضا أن مصر لها مصلحة في الاستثمار السوري وإتاحة الفرصة لهم
* إذا كان هناك بعض التجار يتضررون من المنافسة السورية فعليهم تحسين الخدمات التي يقدمونها لأن المسألة لا تؤخذ بالمصادرة والتعقب الأمني
* إذا ما ثبتت أي مخالفة يمكن الإغلاق والمحاسبة وليس كشرط مسبق يعرقل العمل دون أي دليل وإلا فسوف ندخل في صراعات النفوذ والمصالح 
* لوحظ أن التملك يتم دون تسجيل ودون إشهار أو نقل ملكية بشكل رسمي وبالتالي تعد هذه الملاحظة تدقيقية أمنية بالدرجة الأولى 
* من المؤكد أن وراء القرار أهدافا سياسية حتى لا يصب هذا الاقتصاد من بعيد أو من قريب في خدمة أي جماعة محظورة 

القاهرة: القرار الذي أصدره وزير الحكم المحلي محمود شعراوي بعدم إصدار أي تراخيص جديدة لمحال تجارية يملكها سوريون في مصر، أو يشاركون في ملكيتها، إلا بعد الحصول على موافقات وزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية المعنية، مثل جهاز الأمن الوطني، وحصر أسماء جميع السوريين الحاصلين على تراخيص لمحال تجارية قبل تاريخ صدور القرار، والذي تم تعميمه على جميع المحافظين المصريين، ونوابهم، هذا القرار طرح العديد من التساؤلات، حول أسباب إصدار القرار، وتداعياته، وهل ينطبق هذا القرار فقط على السوريين الموجودين في مصر؟ أم ينطبق على جميع الجنسيات الأخرى، وهل يمثل هذا القرار خطوة في الطريق الصحيح نحو الحفاظ على الاقتصاد القومي، وعدم خلق اقتصاد سري، أو اقتصاد مواز يضر بمصالح البلاد القومية، ويعبث بأمنها القومي، ويتم توجيهه إلى خدمة أهداف الجماعات المحظورة، كما أشار القرار؟ أم إن هذا القرار يعتريه عدم الدستورية كما يقول بعض القانونيين؟ وهل يمثل هذا القرار ضغطا على الاقتصاد القومي وخلق بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي، في وقت هو فيه بحاجة إلى تضعيف فرص الاستثمار الأجنبي خاصة في ظل تدهور الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، وأيضا بسبب قلة عوائد المصريين في الخارج بسبب الوباء؟ أم إن الدولة اضطرت إلى إصدار هذا القرار بعد تدقيقات أمنية، ودراسات أكدت على ضرورة وجوب إصدار مثل هذا القرار خاصة أن القرار استند إلى أوامر مباشرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تضمن مذكرة مرفوعة من مستشار الرئيس لشؤون مكافحة الفساد، عن موقف المحال التجارية التي يملكها رعايا الجالية السورية من اللاجئين في البلاد، وعزا قرار وقف التراخيص إلى ملاحظة افتتاح سلاسل من المحال التي يمتلكها السوريون خلال فترة قصيرة من بدء النشاط رغم ما كانوا يعانونه من ضعف الموارد المالية مع بداية إقامتهم بمصر واتجاههم إلى شراء المحال التجارية ذات المواقع المهمة من مالكيها بمبالغ كبيرة وغير معلومة المصدر، إضافة إلى بعض التقارير التي تشير إلى تمويل دولة قطر للسوريين المقيمين في مصر من خلال أعضاء جماعة الإخوان بهدف تكوين كيان اقتصادي جديد للجماعة يمكنها من المشاركة في تمويل أنشطتها المحظورة داخل وخارج مصر، من جانبها قامت «المجلة»بمناقشة القضية مع عدد من االقانونيين والمحللين والسياسيين، لاستشراف أبعاد القرار وتداعياته وتأثيراته الإيجابية والسلبية على الأمن القومي المصري والاقتصاد القومي. 


 

سوق القصر، مصر (غيتي)
 


 
وقت مناسب لتنفيذ القرار وسد الأبواب الخلفية
في البداية، قال محافظ الفيوم السابق الدكتور حازم عطية الله في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: هذا القرار إذا كان فعلا قرارا من وزير التنمية المحلية، فنحن نؤيده، رغم أننا نرحب دائما باللاجئين السوريين في مصر، كما أننا الدولة الوحيدة التي تعاملت مع الإخوة السوريين دون تحفظ، فلدينا مئات الآلاف منهم، ولم نضعهم في مراكز للإيواء أو مخيمات لجوء ورحبنا بهم، ودخلوا البلاد دون أية عوائق، وتمت معاملتهم معاملة المصريين فيما يخص الخدمات الحكومية، والمزايا مثل التعليم والصحة، فالسوري يدخل المدارس والجامعات المصرية، ويعامل معاملة المصري في الحصول على الخدمات، والسلع المدعومة مثله مثل أي مصري محدود الدخل، ونحن لم نقصر معهم، ولكن من حق الدولة وضع قيود فيما يخص بيع الأراضي، والأماكن، وهناك قوانين تحكمها أعراف معينة تجعل هذا القرار واجب النفاذ، وما يقال من أن هذا القرار سوف يضر بالاقتصاد المصري، ويؤثر على الاستثمارات الأجنبية، والخارجية في مصر، هو كلام مردود عليه، حيث إن الشركات الأجنبية الكبيرة التي ترغب في الاستثمار ببعض المناطق بمصر مثل محور قناة السويس، والمنطقة الحرة، أو المشاركة في استصلاح وزراعة مئات الآلاف من الأفدنة لا يمكن لها الدخول في منافسة استثمارات صغيرة ومتواضعة مثل محل بيتزا، أو شاورما، فهذا ليس الاستثمار الذي تقصده الدولة، وإذا كان هذا القرار وما قيل عن صحة أن السوريين مدعومون من دول مثل تركيا، وقطر، أو أنهم مدعومون من جماعات محظورة، فهذا يوجب تنفيذ قرار وزير التنمية المحلية في هذا الصدد كما أن هذا هو الوقت المناسب لتنفيذه، لأنه لا يمكن أن تعود هذه الجماعات من الباب الخلفي، وما قاله وزير التنمية المحلية عن طريق هذا القرار، أنه تمت تدقيقات أمنية استوجبت صدور هذا القرار، والدولة ترى أن هذه المسألة هي مسألة أمن قومي، وحفاظ على الاقتصاد القومي، وعدم السماح بوجود اقتصاد موازٍ، أو اقتصاد سري عن طريق الأبواب الخلفية. 

 

القرار نص على السوريين فقط وما لم ينص عليه القرار فهو مباح وهو يخصهم فقط(رويترز)
 


 
اقتصاد سري 
وقال رئيس حزب الشعب الديمقراطي، والمحامي بالنقض، خالد فؤاد، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: أرى أن الدولة في وجود أوضاع عارمة من قبل مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال، ومجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون قدرات إقتصادية كبيرة، يريدون أن يفرضوا إرادتهم على الدولة، وفرض رغباتهم ومصالحهم الضيقة على حساب الفئة الغالبة من الشعب، فالدولة نظرا لأنه ليس لديها محليات منتخبة ومجالس شعبية محلية منتخبة عدد مقاعدها حوالي 56 ألف مقعد جميعها شاغرة، فالدولة ليس أمامها إلا أن تقوم بأساليب استثنائية لكبح جماح هؤلاء الذين يريدون فرض أمر واقع على الدولة، فكان لزاما على الدولة ممثلة في وزارة التنمية المحلية أن تحمي النشاط الاقتصادي الذي يبدأ بالمحال التجارية، والتراخيص، وما إلى ذلك، وهذا يشكل حجما هائلا من القوة الاقتصادية، هذا جانب تنظيمي لازم، كما كان الأحرى أيضا أن تقوم المجالس الشعبية المحلية في القرى والمراكز، وأقسام الشرطة، على مستوى الجمهورية بتطبيق هذه القرارات والتفاعل معها، لأنه من المفترض أن الأجهزة المحلية لها صلاحيات كبيرة جدا، خصوصا المجالس الشعبية المنتخبة طبقا للدستور، ولكن المشكلة التي دفعت وزير التنمية المحلية لاتخاذ هذا القرار، هي عدم إقرار قانون الإدارة المحلية إلى الآن، لأن قانون الإدارة المحلية الموجود حاليا وضع في العام 1979، وهو لا يتناسب مع المرحلة الحالية، أو الدستور الحالي، ولو تم العمل به فسوف يأخذ عدم دستورية، ووزير التنمية المحلية ليس أمامه سوى هذه السبيل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، من أجل ضبط المجتمع، وهذا القرار نص على السوريين فقط وما لم ينص عليه القرار فهو مباح، وهو يخص السوريين فقط، لأنه تبين أن بعض المنظمات المحظورة تتخذ من أنشطة بعض السوريين منفذا لها، والمبدأ الشرعي يقول إن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فإذا كانت هذه الأموال تستخدم من أجل خدمة أنشطة أخرى، فهذا ضرر كبير يلحق بأمن مصر الاقتصادي، والدولة قادرة على أن تقيم هذا الأمر بشكل جيد وليست العبرة بحجم الأموال، ولكن العبرة بالهدف الذي ترمي إليه هذه الاستثمارات، وهذا ما يرمي إليه قرار وزير التنمية المحلية. وطبقا للرؤية الأمنية فإن العديد من رؤوس الأموال المذكورة يرد من منظمات محظورة، وأغلب هؤلاء السوريين لا يودعون أموالهم في البنوك المصرية، ويحتفظون بالأموال لديهم، وهذا يشكل اقتصادا سريا، وهذا له آثار سلبية كبيرة، فالاقتصاد السري لا يمكن السيطرة عليه، ولا نستطيع درء مفاسده، ومواجهة الأخطار التي قد يمثلها، لأن أي اقتصاد سري من الممكن أن يوجه أمواله إلى أي عمل من الأعمال التي تخدم مصالحه وقد تتعارض مع مصالح المجتمع، وبهذا لا نستطيع أن نضع تحديدا لحجمه من خلال حركة الحسابات البنكية، وغيرها، فالاقتصاد السري ليست له حركة حسابات بنكية، ولكن له حركة حسابات خفية، ومن المعلوم أن السياسة هي الاقتصاد، ولا يوجد انفصام بينهما، ومن قبيل الثوابت أن الاثنين مرتبطان ببعضهما البعض، ومن المؤكد أن وراء القرار أهدافا سياسية، حتى لا يصب هذا الاقتصاد من بعيد، أو من قريب في خدمة أي جماعة محظورة، والدولة ما زالت تفتح الباب للشراكة أمام السوريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى للاستثمار، ومرحب بهم، لكن في إطار القوانين المصرية، وفي إطار القواعد التي تطبق على المصريين، فالدولة المصرية لم تفرق أبدا بين مصري وغير مصري، فالسوريون يستفيدون بكل ما يستفيد به المصري، مثلهم تماما مثل حاملي الجنسية المصرية، كما أنه لا يتم تجنيدهم، في حين أن مصر توفر لهم الحماية والاستقرار الذي حرموا منه، ونتمنى من الله أن يديم عليهم نعمة الاستقرار والعودة لبلادهم، وهناك مجتمع مصري يضع ما يراه عبر الحكومة من قواعد تستهدف حماية الوطن، ولا معقب على هذا سوى الشعب المصري. كما يأتي ضمن مسوغات إصدار هذا القرار، أن غالبية السوريين المتواجدين في مصر لا يلتزمون بوضع أموالهم في البنوك وهذا يثير شبهة غسيل الأموال ولذلك فإن الحكومة المصرية يتوجب عليها التدخل لضبط هذا الأمر بشكل واضح حتى لا يتحول هذا الموضوع إلى لغم قد ينفجر في أي لحظة، ومن الواضح أنه قبل إصدار هذا القرار فإن الدولة قامت بتحريات ودراسات، فلدى مصر أجهزة كبيرة ومتخصصة لا تصدر قراراتها إلا بعد دراسات مؤكدة.  


 

مطعم في مدينة الإسكندرية في مصر (غيتي)
 


 
خطأ استراتيجي في العلاقة مع سوريا مستقبلا
كما قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عبد الله السناوي، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: إذا ما صح وجود قرار يمنع السوريين من الحصول على تراخيص تجارية، أو عقارية إلا بعد تدقيقات أمنية، وأن هناك قرارا بهذا المحتوى فهو يعد خطأ سياسيا فادحا، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها على الرأي العام، أو على أجهزة الدولة وضع قيود على السوريين، فقد قام أحد المحامين منذ فترة بادعاء أن هناك مالا سياسيا لجماعة الإخوان المسلمين في النشاط التجاري الخاص بالسوريين في مصر، وهذا لم يحدث ولم تكن هناك معلومات حقيقية، أو شبه حقيقية، ولم يثبت مثل هذا الكلام وكان هناك تصور واسع أن هذا المنحى عبارة عن صراعات بعض رجال الأعمال مع التجار السوريين، وتوسع فرصهم في العمل، وبشكل آخر هناك خطابات رسمية سابقة على لسان رئيس الجمهورية نفسه تحدث عن أن السوريين في مصر ينتجون ويشتغلون، وأنهم لا يتواجدون في معسكرات إيواء، وهم موجودون بين المصريين ولهم كافة الحقوق كمواطنين في أوضاع طارئة تعرضت لها سوريا، فإذا ما كان لزاما أن تكون صفة اللجوء أو التسول، أو المعسكرات، أو الملاجئ إذا كانت لديهم فرصة للعمل، وأن يستثمروا ما لديهم من أموال، وخبرات في تنشيط السوق التجارية، فأنا أظن أن الاقتصاد المصري قد ضخت فيه أموال ونشاط، واستثمارات في مهن يتقنها الإخوة السوريون، وبالتالي هذا الكلام هو خطأ استراتيجي في العلاقة مع سوريا مستقبلا لأن الحرب الإقليمية بالوكالة في سوريا سوف تنتهي وسوف تصل بعد وقت أو آخر إلى الأحوال الطبيعية، ونحن هنا نستثمر في العلاقة الطبيعية مع سوريا التي تمثل قضية أمن قومي، سوريا قضية مصير، كما يقال، (لا حرب بلا مصر، ولا سلام بلا سوريا) وتظل المعادلة رغم كل الطوارئ ومستجدات الحوادث وتدهور الوضع الأمني في سوريا، لكن تظل هذه حقيقة، بالذات أن الأمن القومي في حاجة لاحتضان السوريين في محنتهم، كما أنه من قبيل الأمن الاقتصادي أيضا أن مصر لها مصلحة في الاستثمار السوري، وإتاحة الفرصة لهم، فمصر ليس بها معسكرات للمهاجرين، وهذه تجربة إيجابية منذ فترة، ولذلك أنا أستغرب مثل هذا القرار خاصة أنه ينطوي على جهل فادح بأبسط مقتضيات الأمن القومي، ونمو الاقتصاد المصري أيضا، وليس هناك أية فائده فيه، وإذا كان هناك بعض التجار يتضررون من المنافسة السورية فعليهم تحسين الخدمات التي يقدمونها، لأن المسألة لا تؤخذ بالمصادرة، والتعقب الأمني، أما إذا كان هناك كلام عن مصادر الأموال، وتعقبها فمن الممكن أن يتم هذا الإجراء، فإذا ما ثبتت أي مخالفة ففي هذه الحالة يمكن الإغلاق، والمحاسبة، وليس كشرط مسبق بحيث إنه يعرقل العمل دون أي دليل، وإلا فسوف ندخل في صراعات النفوذ والمصالح وارتباطات مع بعض التجار ورجال الأعمال، وطبعا هذا القرار قد يؤثر سلبا على بنية الاستثمار في مصر، ففي المرة الأولى لإثارة هذا الموضوع خرجت أرقام رسمية قالت إن حجم الاستثمارات السورية يوازي مليار دولار تقريبا وكان هذا في صالح الاقتصاد المصري، وحاليا لدينا أزمة في الاقتصاد المصري نتيجة جائحة كورونا، وانخفاض عائدات قناة السويس، وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج فإذا كانت هناك فرص للاستثمار الأجنبي فنحن نرغب في وجود مثل هذا الاستثمار، ومع ذلك نأتي إلى الاستثمار العربي الناجح ونقوم بضربه، وإيقافه، لماذا؟ وإذا كان لدينا شكوك أمنية فهذا يكون على جانب آخرمن التدقيق والتحقيق لكن دون مصادرة للجميع، أو التعميم على الكل، وهذا الكلام حقيقة ينم عن عقلية ضيقة جدا، وخطأ فادح.

 

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها على الرأي العام أو على أجهزة الدولة وضع قيود على السوريين (وسائل إعلام مصرية)
 


 
قرار غير دستوري 
ومن جهته، قال المحامي بالنقض الدكتور سمير صبري في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: هذا القرار يخالف صحيح الواقع والقانون ويخالف كذلك توجهات الدولة في تشجيع الاستثمار في مصر، وقرار تشجيع الاستثمار لم يحدد جنسية دون أخرى، سواء كان المستثمر سورياً، أم يحمل جنسية دولة أخرى، وعلى ذلك فإن هذا القرار يعتبر غير دستوري لأن في المعاملات تتساوى جميع الأطراف، ولا يمكن، ولا يجوز كذلك قبول فئة، واستبعاد فئة أخرى لأسباب تتعلق بالجنسية أو الموطن، وهذا القرار يمثل العنصرية في أسوأ صورها، ولذا فإنه إذا طعن عليه أمام القضاء فسوف يحكم ببطلانه، وإلغائه، وما يقال من أن ثروات السوريين قد استفحلت دون مسوغ مقبول، وأن هذه الأموال ربما تكون عبارة عن دعم من جماعات محظورة، أو من بعض الدول مثل قطر، أو تركيا، وأن هذه الكيانات تبحث عن خلق اقتصاد موازٍ، فهذا لا يمنع الجهات الأمنية، والجهات الرقابية أن يكون لها رأي في المستثمر وكيفية تكوين ثروته، وكيفية دخولها للدولة، هل دخلت بطريقة شرعية، أم بطريقة مخالفة للقانون، لأنه لا يجوز أن يظلم شخص بوزر آخرين، فيتعين أن يتم التدقيق والتمحيص وفحص مصادر الثروات قبل الموافقة على ممارسة النشاط، وذلك لكل حالة على حدة، والقرار الذي تم صدوره لا ينطبق سوى على السوريين فقط وهذا غير جائز، وهذا القرار أيا كان صادر لخلق حمائية اقتصادية، أو سياسية، فلا يمكن أن يصدر قرار غير دستوري، والقرار الصادر غير دستوري، ويتعرضللبطلان، أما الإجراءات الحمائية فيتعين على الجهات المختصة أن تتخذها قبل إصدار أي موافقات على التراخيص شريطة أن يكون القرار إذا جاء بالرفض أن يكون مسبباً.

 

شارع السوريين في مدينة 6 أكتوبر (وسائل إعلام مصرية)
 


 
فلسفة الارتباط بأمن الدولة العليا
من جانبه، قال الفقيه القانوني الدكتور شوقي السيد في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: فلسفة هذا القرار واضحة، فالقرار أعلن عن فلسفته أنه ضمن الوسائل المرتبطة بأمن الدولة العليا، وأن هناك مصادر للثروة غير معلومة المصدر وأن الأمر صار تحت التدقيق حتى تستوثق الدولة من كل علامات الاستفهام ناحية هذه الثروات، وأن القرار يتكلم عن عدم السماح بالترخيص، حتى يتم الرجوع إلى الجهات الأمنية، المسؤولة عن أمن الدولة، وجهاز الأمن الوطني حتى يتم التأكد من مصادر هذه الأموال، وأنها جاءت بطريق مشروع، وأن صاحبها ليست عليه علامات استفهام خاصة بعدما لاحظت الدولة تضخم هذه الثروات بغير الشرع، وفي نفس الوقت جاء القرار بعد تدقيق قرابة عشر سنوات، وهذا القرار لن يتم تطبيقه بأثر رجعي، لأنه تكلم عن تجديد الترخيص، أو الترخيص الجديد، كما أنه قرار خاص بحاملي الجنسية السورية فقط، الذين تلاحظ عنهم هذه الظاهرة، وإذا تلاحظت هذه الظاهرة على جنسيات أخرى مثل الليبيين، أو غيرهم فسوف يتم إصدار قرار بشأنهم، خاصة أن هذا القرار من قبيل التنظيم، والقرارات الإدارية، والقانون يسمح لبعض الجنسيات بالتملك وإدارة مشروعات داخل الدولة ولكن بشروط وموافقات من أجهزة الدولة، ورئاسة الوزراء، ووزير العدل إلى آخره، ولكن لوحظ أن التملك يتم دون تسجيل، ودون إشهار، أو نقل الملكية بشكل رسمي، وبالتالي تعد هذه الملاحظة تدقيقية أمنية بالدرجة الأولى، وهذا القانون غير مؤثر على قوانين الاستثمار الأخرى، لأنه مقصور على من صدر بشأنه، وعلى الغاية التي صدر بشأنها، أما الاستثمارات الأخرى القادمة من الخارج عن طريق الشركات والاستثمار المعلن بوضوح، ومن خلال مصادر معلومة، وجاء من خلال البنوك فليست هناك مشكلة.

font change