صالح ولد حننا: رحيل النظام أمر لا بد منه

صالح ولد حننا: رحيل النظام أمر لا بد منه

[caption id="attachment_55245745" align="aligncenter" width="620"]صالح ولد حننا صالح ولد حننا[/caption]


أوقعت أجهزة النظام بالمعارض الموريتاني صالح ولد حننا ورفاقه وتم القبض عليهم ومحاكمتهم، كل ذلك يحدث ورجال ولد الطايع «المخلصين» يتحركون ويحبسون أنفاسهم للتخلص منه قبل أن يتخلص منهم، وفعلا نجحوا في انقلابهم العسكري، وأطلقوا سراح كل سجناء الرأي بما فيهم «الفرسان» ليدخل صاحبنا المشهد السياسي من جديد على رأس حزب سياسي هو حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) خوله لدخول البرلمان، ويعتبر اليوم من رموز وشخصيات المشهد السياسي الموريتاني
"المجلة" التقت النائب المعارض صالح ولد حننا رئيس حزب «حاتم» وكان لها معه الحوار التالي:

* في خضم التجاذبات السياسية التي تشهدها موريتانيا حاليا نستهل هذا الحوار بسؤال مباشر هو: إلى أين تسير موريتانيا من وجهة نظركم؟

- لا أريد أن أسمي ما تشهده البلاد حاليا، بالتجاذب السياسي، لسببين رئيسين:
الأول: يتعلق بالأطراف السياسية التي لا أرى أنه يوجد ما يمنعها من الالتقاء والحوار، لأن الجميع مقتنع بذلك وقد ترجمت مبادرة رئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بولخير تلك الرغبة وأظهرت مختلف الأطراف ذلك الاستعداد.
أما السبب الثاني: فهو مرتبط بطبيعة النظام الذي يحكم البلاد منذ عشرات السنين وهو النظام العسكري القائم على سلطة الفرد الممسك بزمام الأمور والمتحكم في جميع مفاصل الدولة وهذه الطبيعة لا تسمح بوجود تعاطي سياسي أو تجاذب، لذلك أقول إن البلاد تسير في اتجاه تغير طبيعة النظام وتأسيس ممارسة ديمقراطية على أسس صحيحة وهو توجه فرضته معطيات كثيرة أبرزها التحولات الحالية في المنطقة كلها ووعي المواطن الموريتاني والتراكمات السياسية والتجارب السابقة.

* عندما نفذ الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز انقلابا عسكريا على الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله كنتم من أبرز الأحزاب الداعمة له، وعندما عاد للسلطة عن طريق اقتراع أصبحتم من أشرس معارضيه ما دوافعكم في الحالتين؟

- يمكنكم الآن أن تفهموا لماذا لا يوجد تجاذب سياسي في نظرنا، فهذا السؤال يكشف جزءا من طبيعة المشهد السياسي الموريتاني، فقد ذكرت لكم أننا مررنا بتجارب مريرة مع الأنظمة المقنعة ذات الطبيعة العسكرية الاستبدادية، لذلك لا بد من التوقف هنا عند هذا النموذج من تك الأنظمة.
يعرف المتابعون للشأن العام أن حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) قدم مشروعا سياسيا قائما على التغيير ومحاربة الفساد المستشري في أبنية الدولة ومؤسسات الحكم وليس سرا أن الرئيس سيد ولد الشيخ عبد الله كان ضحية لعبة سياسية معدة سلفا من أجل تحقيق أجندة لم تخف علينا منذ البداية، فلم نراهن عليها ولم نقع في شراك فخها لكننا وقعنا في فخ آخر هو موضوع سؤالكم، فقد رفع ولد عبد العزيز نفس شعاراتنا وعرض رؤية إصلاحية تضمنها مشروعنا سالف الذكر لذلك ساندنا رؤيتنا ومشروعنا ولم نساند في الحقيقة شخصا بعينه فلو أن أي نظام آخر دعي لذلك التوجه لكنا في مقدمة من يسانده، فما الذي حدث بعد ذلك؟
لقد تبددت الأوهام عند كثير من الموريتانيين وعاد النظام أدراجه إلى سابق عهده وظهرت طبعته القديمة في ثوبها الجديد ولم يعد يجمعنا به شيء مما حملنا على مساندته عندها أعلنا عن قرارنا بالعودة إلى موقعنا الطبيعي

* من حين لآخر يصدر حزبكم بيانات سياسية ساخطة على النظام تنتقد بشدة تجاهل النظام لمعاناة المواطنين وتدهور الأوضاع المعيشية والاجتماعية، وتتهمونه أيضا بممارسة التمييز بين المواطنين، هل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بهذا المستوى من التدهور الذي تتحدثون عنه، وهل النظام فاشل لتلك الدرجة؟

- لا شك أننا منشغولون بهموم المواطنين ونتابع باهتمام كبير جميع أحوال البلد ومعاناة المواطنين ونحن نعبر عن نبض الشارع وما يجري فيه.
والتدهور الحاصل في الأوضاع المعيشية والاجتماعية واضح وجلي والأخطر منه بعض الممارسات الغريبة التي بدأت تظهر هنا وهناك، فمن المعروف أن المناطق الشرقية من البلاد تشبه إلى حد كبير الشمال المالي من حيث حجم الاستثمار فيها والعناية بالمواطنين وحتى الجهود القليلة المبذولة منذ الاستقلال لم تعط الانطباع بعدالة حقيقية في توزيع ثروات البلاد المنهوبة من طرف قلة من المتنفذين في العاصمة وكان ينبغي للأحداث الحالية في دولة مالي الشقيقة أن توجه أنظار من يحكم البلاد إلى تلك الوضعية الصعبة بدل أن يجأ النظام إلى أساليب قمع المواطنين بشكل استفزازي وغير مسؤول أثناء احتجاجهم على بعض ما يتعرضون له من معاناة حقيقية، في الوقت الذي يتغاضى فيه عن تجاوزات كبيرة لأطراف محلية في مناطق أخري باسم الفئوية والعنصرية. أعتقد أن ذلك لم يعد مقبولا ولن يؤدي سوى إلى مزيد من التذمر والشعور بالتفرقة التي تمارسها سلطات البلاد الحالية، لذلك نعتبر أن النظام فشل في معالجة الفقر البطالة والتعليم والصحة وغيرها من الملفات التنموية الهامة ولكن أضاف إلى ذلك فشلا آخر تجسد في عجزه عن المحافظة على النسيج الاجتماعي وتدعيم مقومات الوحدة الوطنية

* رفعتم شعار إسقاط ورحيل النظام خلال العام الماضي لكن جذوة نشاطكم في المعارضة خفتت، هل يعود ذلك لعدم واقعية المطلب أم لعدم تجاوب الجماهير أم إنكم تمنحون فرصة جديدة للنظام؟

- مطلب الرحيل أملته معطيات تحدثت عنها قبل قليل وهي مرتبطة بضرورة إنهاء الاستبداد كنظام حكم وكنهج لا ديمقراطي لم يعد مقبولا في العالم كله، أضف إلى ذلك أن نظام محمد ولد عبد العزيز أصبح فاقدا للشرعية بسبب ممارساته المخلة بالدستور (التمديد غير الدستوري للبرلمان الحالي) والمنافية للقيم والأخلاق (مسلسل الفضائح الأخير) كل ذلك يجعل رحيل النظام أمرا لا بد منه.

* يتحدث البعض عن خلافات حادة داخل منسقية المعارضة تكاد تعصف بها أحيانا وهي المسؤولة حسب بعض أطراف المعارضة عن تأخر حصول التغيير لأن أحزاب المعارضة كل يغني على ليلاه، ويريد أن يكون التغيير القادم على مقاسه الخاص، ما هو رأيكم بصراحة؟

- منسقية المعارضة الديمقراطية تجمع لأحزاب سياسية قررت أن تناضل من أجل رفع التحدي المشترك والخطر الماثل في نظام حكم متخلف تجاوزته كل الشعوب وأصبح من الواجب تغييره، هذا ما يوحد أحزاب المنسقية ولا معنى للحديث عن مقاسات مختلفة للتغيير، لأن إرادة الموريتانيين الحرة وحدها هي التي ستحسم الخيار الوطني القادم وليس رغبة حزب أو آخر.

*وجهتم مؤخرا اتهامات خطيرة للرئيس محمد ولد عبد العزيز تتعلق بضلوعه في تجارة المخدرات، هل لديكم أدلة قاطعة تدين الرجل أم إنكم تعتمدون على تسريبات ما يسمى بـ«غانا غيت» وتصريحات النائب الفرنسي مامير التي تراجع عنها، وما ذا يترتب على هذه القضية في حالة ثبوتها على الرئيس محمد ولد عبد العزيز؟

- ملف التهم الموجهة لمحمد ولد عبد العزيز تحدثت عنه القرائن الكثيرة الواردة في البيان الأخير لمنسقية المعارضة الديمقراطية، والأدلة في هذا الموضوع يجري التثبت منها والتحقيق فيها من طرف لجنة خاصة شكلتها المنسقية وتضم بعض البرلمانيي،ن وإذا تأكدت تلك التهم فإن لديها مسطرة سوف تتبعها في رفع الدعوات والمطالبة بالمحاكمة

* الرئيس محمد ولد عبد العزيز يوجد حاليا في فرنسا للعلاج من تأثيرات «رصاصة 13 أكتوبر (تشرين الأول)» التي أصابته العام الماضي، هل أصبحتم على قناعة بصدق ومصداقية الرواية الرسمية لتلك الحادثة، ؟ وهل ترون أن العفو الفوري عن الضابط الذي أطلق النار أسلوب نبيل يذكر ويشكر للرئيس أم إنه أسلوب مريب؟ وأين هي العدالة الموريتانية مما حدث؟ وما مسؤوليتكم كأحزاب سياسية معارضة وكبرلمانيين في كشف الحقائق؟

- مما لا شك فيه أن حادث إطلاق الرصاص (الصديق أو العدو) حدث مثير للريبة والشك ويستدعي فتح تحقيق من الجهات المعنية في الدولة كما يحدث في أمور أقل شأنا، لذلك طالبنا السلطات بالتحقيق في الحادث وتقديم المعلومات الكاملة عن الحادث وكشفا طبيا بحالة الرئيس الصحية لأننا نعتقد أن غموضا كبيرا يلف تلك المواضيع وأن من حق المواطن الموريتاني معرفة جميع الحقائق

* تزامنا مع التصعيد السياسي الذي مارسته منسقية أحزاب المعارضة برزت في المشهد السياسي كثير من المبادرات السياسية تسعى لوضع حد للاحتقان السياسي في البلاد، ومن أبرز تلك المبادرات مبادرة رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بولخير، ما موقفكم كحزب من تلك المبادرة، وما قراءتكم لها باختصار وهل تعتقدون أنها تمتلك من الصد والمصداقية ما يجعلها مخرجا مقبولا من الأزمة التي تتحدثون عنها؟

- تعرضت لهذا الموضوع في معرض إجابتي عن السؤال الأول وأوضح الآن ذلك بالقول إن مبادرة رئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بولخير يمكن أن تكون أساسا للنقاش بين الفرقاء السياسيين كأي مبادرة أخرى ولكن المشكلة ليست فيما تقترحه المبادرة ولا في مدى استعداد الأطراف السياسية للبناء عليها ولكنها في أزمة نظام الحكم الذي لا يمكننا أن نقبل بحل يكرس استمراره ونهجه الإقصائي والاستبدادي

* أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن تاريخ محدد لإجراء الانتخابات التشريعية والبلدية التي تأخرت ما يقارب السنتين، هل سيشارك حزبكم في هذه الانتخابات التي تشرف عليها لجنة مستقلة منبثقة عن حوار لم تشاركوا فيه كمعارضة؟

- نحن في حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) وقعنا على وثيقة عهد مع بقية أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية تلزمنا مع غيرنا بعدم المشاركة في انتخابات لا تتوفر لها الضمانات الضرورية للشفافية والنزاهة.

* أعلنت موريتانيا رسميا عن مشاركتها في القوة الأفريقية الموجودة في مالي، ما هي برأيك تداعيات قرار كهذا على البلاد من الناحية السياسية والأمنية، وهل تعتقد أن الحرب في مالي نجحت في القضاء على تنظيمات القاعدة وشبكات التهريب؟ وماذا عن رأيكم إزاء موقف موريتانيا مما شهدته وتشهده مالي من بداية الأزمة إلى اليوم؟

_ عبرنا في بيانات سابقة عن موقف الحزب مما جرى ويجري في دولة مالي الشقيقة وقد أشرت إلى أن موضوع مالي يمثل بالنسبة لنا تحديا كبيرا نتيجة عوامل كثيرة تاريخية وجغرافية واجتماعية، لذلك رفضنا التدخل الأجنبي وطالبنا بأن تلعب موريتانيا دور الوسيط بين حكومة الجنوب ومتمردي الشمال وأكدنا أن الحرب من شأنها أن تحرر الأرض من المجموعات المسلحة لكنها ستحمل للشعب المالي المزيد من المآسي والكوارث والتداعيات والصراعات العرقية والانتقام والتفكك الاجتماعي وهو ما يحدث بالفعل وفي هذا الإطار يأتي رفضنا للزج بالجيش الموريتاني في هذا المستنقع، حرصا منا على أن يبقى دورنا محصورا في تقديم المساعدة للشعب المالي وإيواء لاجئيه ومساعدته على حل مشكلاته دون التورط في أمور قد تضرنا أكثر.
font change