خبير اقتصادي لـ«المجلة»: لا يمكن تسمية البتكوين «ملاذاً آمناً» وأنصح الأفراد بتجنبها

 الرئيس الدولي لتطوير الأعمال في البنك العراقي الإسلامي علي حمودي

خبير اقتصادي لـ«المجلة»: لا يمكن تسمية البتكوين «ملاذاً آمناً» وأنصح الأفراد بتجنبها

لندن: الرئيس الدولي لتطوير الأعمال في البنك العراقي الإسلامي علي حمودي في حديث لـ«المجلة» حول العملة الرقمية «بيتكوين»

* تجاوزت البتكوين الخمسين ألف دولار خلال الفترة الماضية، ما سبب هذه الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار العملة الرقمية؟

- أكثر هذه الارتفاعات كان سببها اعتقاد بأن التضخم في الولايات المتحدة سوف يرتفع، وذلك لأن اقتصادها عاد للانتعاش، خاصة مع حزمة التحفيز التي أقرها الكونغرس ومجلس الشيوخ، بما يقارب 2 تريليون دولار. وبالطبع فإن هذا التحفيز يعني تحفيزاً في الاستهلاك، وبما أن 70 في المائة من الاقتصاد الأميركي يحركه المستهلك الأميركي، فهنالك توقعات بانتعاشة غير مسبوقة في شهية المستهلكين، ولذلك زادت التوقعات بقفزة في التضخم، لكنها «توقعات» لم تتحقق حتى الآن لا في الولايات المتحدة ولا في أوروبا. إذن فهذه الارتفاعات مبنية على «أمل».

هذه الارتفاعات الكبيرة في البتكوين والتي تجاوزت 500 في المائة عما كانت عليه في مثل هذا الوقت من العام الماضي، أثارت شهية الكثيرين ممّن لم يسمعوا سابقاً عن البتكوين. البعض يراها اليوم فرصة ضاعت ولن يضيعها من جديد، وهنا تكمن المشكلة.

الخوف ليس على المستثمرين والمؤسسات الكبرى أو الأثرياء، لأنهم يستطيعون تحمل أي خسارة، إنما الخوف على من أقدموا على رهن بيوتهم وعقاراتهم ومدخراتهم كاملة.

 

* البعض يدّعي أنها ملاذ آمن، ما رأيك؟

- أولاً، حافظ الثروة أو القيمة أو الملاذ الآمن لا يتصرف كما تتصرف البتكوين، فليس هنالك حافظ قيمة ينخفض 20 إلى 14 في المائة أو يرتفع بنفس النسبة أو أقل، في يوم واحد.  فالذهب مثالاً، إذا تحرك بمعدل 2 في المائة في اليوم، لا بدّ أن هنالك سببا عظيما.

ثانياً، لا يجب وصفها بعملة أصلاً لتكون ملاذاً آمناً، لأن استخدامها محدود جداً. لا يستطيع صاحبها سداد ضرائبه بها مثلا، ولا حتى شراء المستلزمات اليومية، خاصة أن قيمتها تتحرك يومياً بنسب مرتفعة، فهل يستطيع أحد أن يشتري أثاث منزل أو حتى كوب قهوة بعملة ترتفع أو تنخفض قيمتها بما قد يصل إلى 20 في المائة في اليوم؟

ناهيك عن أن منافذ بيع محدودة فقط تسمح باستخدامها للدفع، مثل «باي بال» و «أمازون» مع وضع حدّ أقصى للاستخدام. إذن هي في رأيي أداة مضاربة تحكمها بعض المؤسسات والمستثمرين.

وأودّ أن ألفت النظر إلى أن الحد الأقصى لإنتاج البتكوين هو 20 مليون بتكوين، إذن ما الذي سيحصل بعد أن يصل إصدارها إلى 20 مليون بتكوين، بعد أن تجاوز اليوم الإنتاج 80 في المائة من الحد الأقصى؟

 

* ما الذي سيحدث إذا أصدرت البنوك المركزية الكبرى عملة رقمية مدعومة؟

- هنا تكمن الخطورة! والسؤال سيكون، كيف ستكون ثقة السوق حينها بالبتكوين؟

سبق أن أقدم المشرعون الكبار على وضع قوانين تمنع تداول البتكوين. وعندما ارتفعت العام الماضي بنسبة كبيرة وأقدم الكثيرون على البيع، وأقبلوا على طلبات الحصول على قروض، لم يستطيعوا في بريطانيا مثلاً تقديم إثباتات لمصادر هذه المبالغ، فلم يحصلوا على قروضهم، وبالتالي لم يستفيدوا من أرباحهم كما خطّطوا.

 

* ما نصيحتك لمن يرغب بالاستثمار في البتكوين؟

- المثل الإنجليزي الشهير يقول: If it is too good to be true, it usually isn’t (إذا كان أجمل بكثير من أن يكون واقعاً، فهو بالفعل ليس حقيقياً).

من يؤمن بها ويريد أن يستثمر فليفعل، ولكن عليه الاستثمار بما إذا خسره لن يضرّ ميزانيته، لا أن يرهن بيته مثلاً أو أن يسيّل أصوله في سبيل هذا الاستثمار. استثمر 5 أو 10 في المائة كحد أقصى من فائض مدخراتك، لأنها برأيي أداة مضاربة.

أما عن الترويج بأن تسلا استثمرت مليار ونصف المليار دولار فيها، فهذه تسلا! إذا كنت تملك نفس الموارد والإمكانيات التي تمتلكها هذه الشركة، فافعل مثلها. أما فيما عدا ذلك فأنا أنصح بالابتعاد عنها.

font change