باحث في فريق أكسفورد يكشف لـ«المجلة» حقيقة المخاوف من «أسترازينيكا»

اللقاح لم يتسبب في أي أعراض جانبية خطيرة

الدكتور أحمد سالمان، أستاذ علم المناعة واللقاحات وعضو فريق معهد جينير البحثي المسؤول عن تصنيع لقاح كوفيد-19 بجامعة أكسفورد

باحث في فريق أكسفورد يكشف لـ«المجلة» حقيقة المخاوف من «أسترازينيكا»

في ضوء الحديث عن لقاحات فيروس كورونا، والشكوك المتضاربة حول لقاح أوكسفورد/أسترازينيكا وقرارات تعليق استخدامه في عدة دول، قدّم الدكتور أحمد سالمان، أستاذ علم المناعة واللقاحات وعضو فريق معهد جينير البحثي المسؤول عن تصنيع لقاح كوفيد-19 بجامعة أكسفورد، قدّم الخبر اليقين لمجلة «المجلة».

«المجلة» التقت الدكتور أحمد سالمان، الذي أكد لنا أن «جميع بياناتنا العلمية والرسمية أثبتت أن اللقاح آمن جدا وفعال ولم يتسبب في أي أعراض جانبية خطيرة أو وفيات».

وقال: «جميع البيانات الإحصائية والعلمية تشير إلى أنه وفقا للمعدلات الطبيعية يصاب ألف من كل مليون شخض، سواء كان لهم تاريخ مرضي أم لا، بأمراض التجلط أو التخثر في الدم. وبالتالي تصبح النسبة اليومية لظهور أعراض التجلط على مستوى العالم ثلاثة أشخاص من كل مليون. ويعني ذلك 51 حالة بين 17 مليونا في الظروف العادية».

وعن لقاح أكسفورد قال إنه «تم التصريح باستخدامه في أكثر من 142 دولة، منهم 70 دولة تستخدمه بشكل فعلي»، حيث تلقى اللقاح قرابة 100 مليون شخص حول العالم. وفي الاتحاد الأوروبي، حصل عليه حوالي 17 مليون شخص، وقد وردت تقارير عن إصابة 37 حالة فقط بجلطات أو تخثر في الدم.

 قرارات تعليق استخدامه مجرد إجراءات احترازية تتخذها الدول حتى تتأكد من أن الحالات مجرد مصادفة وليست مرتبطة بالتطعيم

وأضاف: «لذلك يعد ظهور 37 حالة بين 17 مليون شخص مجرد مصادفة، ففي إنجلترا، تم تطعيم ما بين 12 إلى 13 مليون شخص. لم تظهر على أي منهم أعراض تخثر أو أعراض جانبية شديدة».

وأوضح أن قرارات تعليق استخدامه مجرد إجراءات احترازية تتخذها الدول حتى تتأكد من أن الحالات مجرد مصادفة وليست مرتبطة بالتطعيم، كما حدث من قبل مع لقاح فايزر عندما وقعت 23 حالة وفاة بين مسنين تلقوا اللقاح في دار رعاية، وبعد توقف لمدة يومين أو ثلاثة تم التأكد من عدم صلة اللقاح بالوفيات وتمت مواصلة استخدامه.

وأشار الدكتور سالمان إلى أن اللقاحات في الغالب تُعطى لكبار السن ومن الطبيعي في هذه الفئات ارتفاع معدلات الإصابة بتكون جلطات.

ولدى سؤاله عن أي أعراض جانبية أخرى تم رصدها، ذكر خبير المناعة واللقاحات أن عمليات التطعيم الحالية توصف بأنها اختبارات من المرحلة الرابعة، حيث ينبغي على أي شخص تلقى اللقاح الإبلاغ إذا ظهر عليه أي نوع من أنواع الأعراض ويتم عمل إحصائيات دورية وتنشر أبحاث عن جميع اللقاحات، حتى تتأكد قطعيا الأعراض الجانبية المتوقعة ولو بنسبة واحد في المليون أو واحد كل عشرة ملايين.

وأضاف أن «الأعراض التي تم تسجيلها حتى الآن مقبولة وليس لها تأثير على المدى البعيد وتستمر على أقصى تقدير لمدة يوم أو يومين مثل ارتفاع درجة الحرارة أو تورم موضع الحقن أو الشعور بالإصابة بأعراض برد خفيفة. وفي أسوأ الحالات يتناول المريض باراسيتامول. وكلها أعراض مقبولة تمامًا».

ويرى الدكتور سالمان أن موقف الدول الأوروبية بتعطيل اللقاح قد يضر بعمليات إنقاذ حياة كثيرين، حيث إنه حتى بعد إثبات سلامة اللقاح وتصحيح المعلومات المنتشرة، ستظل هناك مخاوف.

موقف الدول الأوروبية بتعطيل اللقاح قد يضر بعمليات إنقاذ حياة كثيرين

وأشار إلى أن قرار التعطيل لم يكن مناسبا في ظل ارتفاع الأعداد وظهور السلالات الجديدة سريعة الانتشار.

وقال: «في إنجلترا نتابع الأرقام بدقة. تلقى 27 مليون شخص اللقاح ولم تسجل أي حالات وفاة أو أعراض شديدة. ولكن من بين أربعة ملايين شخص أصيبوا بكورونا بلغت نسبة الوفيات أكثر من 130 ألف شخص. وبالتالي عند تطعيم 27 مليونا نحافظ على حياة 800 ألف شخص».

وأوضح قائلًا: «في تقييم المخاطر، من المقبول الاستمرار في استخدام اللقاح؛ أيهما أفضل: وفاة 30 ألف شخص من كل مليون دون لقاح، أم إصابة شخص أو اثنين من كل مليون بأعراض شديدة إن وجدت أصلًا».

ويقر الدكتور سالمان بوجود أسباب علمية وغير علمية وراء قرار تعطيل استخدام اللقاح، ولكنه يستبعد نظرية المؤامرة. ويدفع بأن الكلمة الأخيرة في النهاية للدلائل العلمية والنتائج الإحصائية، قائلا: «أجريت التجارب السريرية على 24 ألف شخص وتجرى تجارب أخرى في أميركا على نحو 30 ألف شخص آخرين. هذا بالإضافة إلى 100 مليون شخص، وهل ظهرت عليهم أعراض أخرى أم لا؟ كل هذه النتائج والبيانات لها القول الفصل في حسم الموضوع».

وفي الوقت الحالي تجرى دراسات أخرى تجمع بين لقاحات مختلفة، ويشير الدكتور سالمان إلى أن جميع هذه اللقاحات تستهدف الجزء البروتيني من الفيروس وتختلف فقط في التقنيات، مضيفا: «طالما كانت اللقاحات منفردة آمنة فهي آمنة عند جمعها، ولكن لن يتم الحديث عن مدى فاعليتها ومدة استمرار هذه الفاعلية قبل انتهاء الدراسة بالكامل وتحليل نتائجها وعرضها علميًا ومراجعتها».

تم التصريح باستخدام لقاح أكسفود/أسترازينيكا في أكثر من 142 دولة، منها 70 دولة تستخدمه بشكل فعلي

هذا وكانت قد أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية أخيرًا، يوم الخميس الماضي، تأييدها لاستكمال عمليات التلقيح بلقاح أسترازينيكا بعد مراجعة أحدث البيانات العلمية والإحصائية التي قدمتها الشركة.

وجاءت عملية المراجعة بعد قرار اتخذته دول أوروبية كبرى مطلع الأسبوع بوقف مؤقت لاستخدام اللقاح إثر تقارير بوقوع إصابات نادرة بتجلطات وتخثرات في دم عدد من المرضى الذين تلقوا اللقاح.

وأعلنت لجنة السلامة بالوكالة الأوروبية في «استنتاج علمي واضح» أن فوائد التطعيم «تفوق» المخاطر الناجمة عنه. وصرحت إيمر كوك، المديرة التنفيذية للوكالة الأوروبية، بأن لقاح أسترازينيكا «خيار آمن وفعال لوقاية المواطنين ضد فيروس كورونا»، ولكنها أشارت إلى أن الوكالة «لا تستبعد بشكل قطعي عدم وجود صلة» بين اللقاح وجلطات الدم.

وأضافت أن الوكالة سوف تستمر في دراسة الصلات المحتملة بين حالات التجلط النادرة واللقاح.

وبعد إعلان الوكالة الأوروبية، قررت كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وأسبانيا وعدة دول أوروبية أخرى مواصلة استخدام اللقاح في عمليات التطعيم.

وكانت النمسا أول دولة أوروبية علقت استخدام أسترازينيكا الأسبوع الماضي بعد وفاة سيدة تلقت التطعيم. وأدت تقارير عن وقوع حالات في مناطق أخرى إلى قرار بعض الدول السابق بوقف استخدامه.

 

 

font change