
لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة، يُقدم المجتمع الدولي تسعة مرشحين رسميين يتنافسون على منصب الأمين العام للأمم المتحدة المقبل. وقد استعرضوا رؤيتهم للكيان العالمي، وأجابوا على أسئلة موضوعات ساخنة طرحها عليهم ممثلو الدول الأعضاء وممثل المجتمع المدني، وهذا فعل لم يطلب أبدًا من المرشحين القيام به في العملية عادة ما تم وراء أبواب مغلقة.
إن وجود أربع نساء بين المرشحين الثمانية متنفس آخر للمنظمة العالمية التي يعمل بها أكثر من 40 ألف موظف بميزانية قدرها 10 مليارات دولار. وكان عدد الأمناء العموم للأمم المتحدة قد بلغوا ثمانية أمناء عامين منذ تأسيسها في عام 1945، وجميعهم من الرجال. ومن ضمن مرشحات العام الحالي رئيسة وزراء سابقة، وثلاث وزيرات خارجية سابقات. ويفسر نظام التناوب الإقليمي غير الرسمي لماذا تأتي ثلاث منهن من أوروبا الشرقية، التي لم يسبق أن تقلد أحد منها من قبل منصب الأمين العام للأمم المتحدة.
خلال فعالية في كلية لندن للاقتصاد، التي غطتها مجلة «المجلة»، صرحت ناتاليا غيرمان، نائبة رئيس وزراء مولدوفا السابقة، وإحدى المرشحات أنها تعتمد على الشراكات في إتمام العمل في الأمم المتحدة.
أكدت غيرمان أهمية انخراط الأمم المتحدة مع المنظمات الإقليمية من أجل الحفاظ على السلم والأمن. على سبيل المثال، العمل مع الأطراف المعنية ذات الصلة في الوفاء بوعود الكثير من الأطر العالمية مثل جدول أعمال عام 2030 واتفاقية المناخ في باريس.
تتطلع المرشحة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة أيضًا إلى تعزيز الشراكات مع الدول الأعضاء عندما يتعلق الأمر بالضغط من أجل إجراء إصلاحات حقوق الإنسان وسياساتها على المستوى الوطني. ولكن لكي تكون من المناصرين الموثوقين لحقوق الإنسان العالمية، ينبغي على الأمم المتحدة أيضًا أن تلتزم بمبدأ عدم التمييز على أساس الجنس، أو العرق، أو الدين، أو الثقافة في القرارات الإدارية، وكذلك في عملياتها التشغيلية.
وأكدت قائلة: «داخليًا، ينبغي للأمين العام للأمم المتحدة تنفيذ سياسة عدم التسامح مطلقًا مع سوء الإدارة، والاحتيال، وسوء المعاملة، والفساد، والسلوك اللا أخلاقي. وينبغي اختيار كبار المديرين على أساس الجدارة والخبرة، ولكن أيضًا مع ضمان تحقيق التوازن في الناحية الجغرافية وبين الجنسين».
وتدعي بأن وظيفة الأمين العام المقبل مجزية وصعبة، فظهور جهات فاعلة جديدة وعنف يمثلان تحديا للمبادئ الإنسانية، حيث تصبح التحديات التي نواجهها أكثر عالمية في طبيعتها، مما يتطلب من الأمم المتحدة والأمانة العامة صقل أدوات التواصل والتجاوب الخاصة بهما باستمرار. لقد غيّر ظهور جهات فاعلة جديدة والإرهاب الدولي التصورات التقليدية لما يُشكل تهديدًا للسلام والأمن الدوليين.
وقالت إنها إذا اختيرت لمنصب الأمين العام المقبل فسيكون «نشاط حفظ السلام» على رأس جدول أعمالها، وقالت: «لقد كانت هناك حالات غير مقبولة من قتل المدنيين يجب معها تطبيق سياسة لا تسامح فيها، وينبغي على الدول الأعضاء تحمّل مزيد من المسؤولية لضمان تنفيذ العناية بحقوق الإنسان».
وشددت قائلة: «لا توجد دولة قادرة على هزيمة هذه التهديدات عالمية التأثير بمفردها. فقط من خلال التعاون الوثيق والاستجابة المُنسقة سنكون قادرين على النجاح. سيتوجب علينا أن نركز على كيفية جمع استجابة إيجابية من أجل التغلب على المخاطر والتحديات».
وقالت إن العالم يواجه اليوم أزمة إنسانية لم يشهدها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وذكرت قائلة «إنها أزمة ذات طابع عالمي، مما يشكل تحديًا أمام السكان والحكومات في أفريقيا وأوروبا وآسيا. فأكثر من 60 مليون شخص أجبروا على ترك منازلهم بسبب الصراع والعنف».
وأضافت غيرمان: «نحن بحاجة إلى البحث عن جذور الصراع من أجل التوصل إلى حل، مع استراتيجية واضحة لما يجب القيام به على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لمنع انتشارها».
تُعد قضية تمويل الإرهاب أيضًا من الأهمية بمكان، حيث قالت: «يظل الاتجار في المخدرات على رأس جدول أعمال الأمم المتحدة»، وتعهدت بأنها ستضمن تحقيق تفاعل مترابط بين الأمم المتحدة والوكالات الأخرى حتى تكون قادرة على الاستجابة للصراعات.
من ناحية أخرى، شددت على ضرورة التضامن وقالت: «كان للتضامن معنى خاص في شرق أوروبا، فقد فعّلت نهاية الحرب الباردة تحولاً ثوريًا جعلنا ما نحن عليه اليوم». وأكدت قائلة: «يجب على الدول الغنية مساعدة البلدان النامية من خلال توفير موارد إضافية وخبرات ومساعدات مالية».
ومن العوامل الأخرى التي توجد على رأس قائمتها، التواصل مع المجتمع المدني بهدف المساعدة في القضاء على الفقر، وتمكين المرأة، والمساعدة في مكافحة تغيّر المناخ، كما أنها تناصر شراكة القطاع الخاص ووسائل الإعلام العالمية. وقالت إن وسائل الإعلام العالمية سوف «تساعدنا في زيادة الوعي لدى الحركات الشعبية، فوسائل الإعلام تضمن سماع صوت الجميع».
أكدت غيرمان على أهمية مواثيق حقوق الإنسان، فهي وثائق مهمة ستحدد مسؤولية الأمين العام. ولضمان اعتبارها مهمة يجب على الدول الأعضاء الاشتراك فيها، ينبغي على الدول الأعضاء ضمان تقديم المساعدة لمن هم بحاجة إليها. إن كرامة الإنسان واحدة من المهام الرئيسة للأمين العام للأمم المتحدة، فعلى عاتقهم تقع مسؤولية الحماية.
وأنهت حديثها بالإشارة إلى أنه ينبغي على الأمين العام المقبل العمل بشكل وثيق مع دول أعضاء أخرى، وينبغي عليه إلهام أساليب جديدة وتشجيعها بهدف معالجة التحديات المتنوعة التي يواجهها العالم.