معدل الطلاق في مصر يصل لمستويات «مخيفة»... حالة كل دقيقتين

المعدلات في المدن أعلى من الريف وجنوب سيناء الأقل

معدل الطلاق في مصر يصل لمستويات «مخيفة»

معدل الطلاق في مصر يصل لمستويات «مخيفة»... حالة كل دقيقتين

القاهرة: الطلاق انفعال غاضب في لحظة طيش زادت نسبته مع ضغوط الحياة المعيشية... لكن ارتفاع معدلاته في مصر خلال السنوات الأخيرة وصل لأرقام مخيفة حيث باتت الحالات تحصى بالدقائق والثواني بدلاً من السنوات والشهور..
آخر الإحصائيات تقول: «إن هناك حالة طلاق كل دقيقتين بمعدل 25 حالة طلاق كل ساعة.. جعلت مصر في المرتبة الثالثة عالميا والأولي على مستوي الدول العربية.. وتأتي الكويت في المرتبة الثانية بنسبة 24 حالة طلاق لكل ألف مواطن بمعدل 20 حالة يومياً... تليها العراق بنسبة 22.7 في المائة من اجمالي عدد الزيجات، وارتفعت بنسبة 70 في المائة خلال العقد المنصرم لتصبح 60 ألفا سنوياً.. ثم السعودية بنسبة 21.5 في المائة من إجمالي عدد الزيجات وتأتي الجزائر في المرتبة العاشرة بنسبة إجمالية 14.8 في المائة.
الأرقام الأخيرة التي رصدها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر كانت بمثابة ناقوس خطر لظاهرة قد تعطي مؤشرا عن تدهور للسلوك الاجتماعي. المعدلات التي كانت مصدر تندر لأنها تقاس بالساعات في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، باتت الآن تحسب بالدقائق وفقا للإحصائيات اليومية الجديدة.  
خلال العقد الممتد من 2010 حتى 2020 زادت معدلات الطلاق في مصر بنسبة 49 في المائة بمعدل 26 حالة طلاق كل ساعة. ورغم أن عام 2020 الأخير من هذا العقد شهد 222.036 حالة طلاق بنسبة انخفاض 6.6 في المائة عن عام 2019، إلا أن المؤشرات الحديثة عام 2021 تؤكد أن الارتفاع وصل إلى أرقام مخيفة.


باليوم.. والساعة!
وتكشف التقارير الإحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر خلال النصف الثاني من هذا العقد ارتفاعاً متفاوتاً في حالات الطلاق.. حيث شهد عام 2015 حوالي 199 ألف حالة بمعدل نحو 544.5 حالة يومياً أي 22.7 حالة كل ساعة.
وفي عام 2016 بلغت حالات الطلاق 192 ألف حالة بمعدل 60 حالة يومياً منها 18 حالة في السنوات الأولي من الزواج.. وبذلك حالات الطلاق تكون قد انخفضت عن العام السابق بحوالي 7 آلاف حالة.. وتؤكد الإحصائيات خلال العقد المنقضي أن 12 في المائة من حالات الطلاق تقع في العام الأول من الزواج، وتنخفض إلى 9 في المائة خلال العام الثاني بينما تصل إلى 6.59 في العام الثالث من الزواج.
وبينما كانت حالات الطلاق في عام 2017 حسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 198.3 ألف حالة بمعدل 542 يومياً و22 حالة كل ساعة. ارتفعت الأرقام في عام 2018 الي 211.6 ألف حالة بمعدل 578 يومياً (24 حالة طلاق كل ساعة).
وفي عام 2019 ارتفعت حالات الطلاق لتصل الي 237.748، بمعدل 649.7 حالة يومياً (27 حالة طلاق كل ساعة تقريباً). أما العام 2020 فقد شهد انخفاضاً بنسبة 6.6 في المائة عن العام السابق له، حيث كانت حالات الطلاق قد وصلت إلى 222.036 بمعدل 26 حالة طلاق كل ساعة، بالمقارنة مع 101 حالة زواج جديدة كل ساعة.
وتمثل حالات الخلع في عام 2020 نحو 80 في المائة من حالات الطلاق النهائي بأحكام قضائية، وهذا الرقم ارتفع إلى 88 في المائة في العام 2021. والأمور لم تتوقف بل المنحنى ما زال يسير للاتجاه الأعلى حيث ارتفع العام الماضي بنسبة 13 في المائة حالة طلاق، وكان شهر أكتوبر (تشرين الأول) هو الأعلى (22.655 ألف حالة) بزيادة 3.655 حالة عن شهر سبتمبر (أيلول) من نفس العام.. وبانخفاض 2.655 حالة في شهر ديسبمر (كانون الأول) العام 2021.

لجوء الأزواج للإنترنت بشكل كبير ساهم في ارتفاع نسب الطلاق (غيتي)

خراب البيوت
أوضح الشيخ إسلام عامر نقيب المأذونين الشرعيين في مصر أن نسب الطلاق في المدن أعلى منها في الريف والقرى. ووفقا للإحصائيات فإن أصحاب الشهادات الدراسية المتوسطة هم الأكثر تطليقاً لزوجاتهم.. وتحتل القاهرة المرتبة الأولى بنسبة 43.411 حالة، ثم الجيزة بمعدل 24.223. أما الإسكندرية فمعدلها 22.308، بينما تأتي محافظة جنوب سيناء في المرتبة الأخيرة بمعدل 1.214 سنوياً.. وتعتبر المدن الساحلية والبدوية من أقل المدن تعرضا لحالات الطلاق نظرا لالتزامها بالعادات والتقاليد المحافظة والصارمة حيث يكون لأولياء الأمور وشيوخ القبائل دور كبير في حل المشاكل قبل تفاقمها وكذلك الكلمة الفصل حال الطلاق.
 
الدور السلبي للإنترنت والتقنيات الحديثة
ويرى خبراء علم الاجتماع أن من أهم أسباب الطلاق هو لجوء الأزواج للإنترنت سواء لفتح أبواب الصداقات الجديدة أو لحل المشاكل. وتؤكد الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع أن انشغال أي من الزوجين بمتابعة المواقع أو الألعاب على الإنترنت أو إقامة علاقات وصداقات هو العامل الأكثر تأثيرا في تأزم المشاكل الأسرية.
وأشارت إلى أن شكوك الزوج في الزوجة أو العكس لم يعد فقط مرتبطا بالعلاقات التي تدور في مجال العمل أو الشارع، بل امتد للمتابعات على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي عمقت الخلافات للدرجة التي تنتهي عادة بالطلاق.
وتضيف الدكتورة خضر: «هناك أيضا التدخلات الخاطئة من الأهل في الخلافات الزوجية وانحياز كل طرف إلى من يهمه.. أو التدخلات المتطفلة لمعرفة أخبار وأسرار الزوجين والتي بدورها تفسد العلاقات».
وتواصل: «الحالة المالية.. وإن كانت مؤثرة فهي تأتي في مرتبة متأخرة حيث إن المرأة المصرية في كثير من الأحوال تساعد في دعم الزوج بمصاريف البيت من خلال عملها.. وإن لم تكن عاملة فلديها القدرة على تصريف الأمور بما يتناسب مع دخل زوجها».

أصحاب الشهادات الدراسية المتوسطة هم الأكثر تطليقاً لزوجاتهم (غيتي)

مواقف وطرائف.. من محكمة الأسرة
محاكم الأسرة في مصر تشهد الآلاف من قضايا الطلاق كل شهر، بعضها ما يكون مرجعة لمواقف إنسانية.. وأخرى يحمل طابعها الطرافة والإثارة.. نعرض بعض المواقف والطرائف التي تشهدها دعاوى الخلافات الزوجية.. سواء في قضايا الطلاق أو الخلع.
فقد أقامت إحدى الزوجات دعوى تطليق من زوجها أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة.. لاستحالة العشرة معه بسبب تحرشه الدائم بسيدات متزوجات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.. وإرسال رسائل مخلة لهن.. وبعض منهن أقمن ضده دعاوى قضائية.
وأضافت الزوجة في دعواها أنها حاولت الحصول على الطلاق بالتراضي لكنه رفض، وأمام إصرارها تحولت حياتها إلى جحيم حيث هددها بالإيذاء وتشويه سمعتها واتهامها بارتكاب علاقة آثمة كذباً وزوراً مع أحد أصحابه. وتضيف في محضر المحكمة: في النهاية طردني من البيت مع أولادي رافضا الإنفاق علينا.. وطالبني بالتنازل عن حقوقي مقابل الطلاق.. لكنني لجأت للقضاء لأحصل على حريتي وحقوقي.
أما «سهيلة» فقد أقامت دعوى خلع ضد زوجها الذي خدعها وقام بتزوير حصوله على مؤهل جامعي، وأنه يعمل موظفاً بدار القضاء العالي لتكتشف بالصدفة أنه مجرد عامل بوفيه في شركة خاصة.. لقد استطاع خداعها لمدة 5 سنوات قضتها على ذمته.. وأشارت في دعواها إلى أنها اكتشفت ذلك بالصدفة عندما أصابه مرض أقعده في الفراش.. وجاء زميل له ليسلمه راتبه الشهري.. مهدداً إياه بأن صاحب العمل سيطرده إذا تغيب عن العمل أكثر من ذلك وعندما واجهته لم ينكر. وقتها شعرت بالصدمة وحاولت الحصول على الطلاق فرفض فكان السبيل هو إقامة دعوى اتهمته فيها بالخداع والتزوير في أوراق رسمية تبطل عقد الزواج.
ومن أطرف قضايا الخلع التي شهدتها محكمة الأسرة بمصر الجديدة الدعوى التي أقامتها «ميرفت» لخلع زوجها بسبب أنه «يشخر» اثناء النوم بصوت مزعج.. مؤكدة في دعواها أنها فوجئت بهذه الحالة بعد زواجها بفترة وظنت أنه نتيجة إجهاد في العمل.. لكنها لم تستطع التأقلم مع هذا الوضع الذي تحملته لمدة 6 أشهر.
وأوضحت «ميرفت» أنها حاولت اصطحاب زوجها إلى طبيب للعلاج لكنه رفض وحذرها في الحديث في هذا الأمر مرة أخري.. لكنها لم تتحمل فضربها، وهو ما دفعها لإقامة دعوى خلع للتخلص من زوجها «نبيل».

دجال لعلاج تأخر الإنجاب
أما هذه الدعوى الغريبة فصاحبتها ربة منزل ملتزمة تتصف بالتدين والاحترام.. رفضت جنون زوجها الذي طالبها بالتوجه إلى أحد الدجالين ليساعدها على إنجاب وريث له من أجل علاجها من تأخر الإنجاب الذي لم تفلح معه التدخلات الطبية.
رفضت «نادية» البالغة من العمر 32 عاماً التعامل مع الدجالين والمشعوذين في هذا الأمر.. وحاولت إقناع زوجها بأنهم مجرد نصابين يلعبون بعقول الضحايا وربما تنتهي الأمور في التعامل معهم بوضع مشين، لكنه واصل دفعها للذهاب إليهم وإقناعها بأنهم ربما ببعض التعويذات قد تفلح المحاولة والإنجاب. وأمام الشد والجذب بين سيدة تلتزم بتعاليم دينها والأخلاق التي نشأت عليها في منزل أسرتها، ورجل اختل تفكيره برغبة ملحة في إنجاب ولد من زوجته، تحول المنزل إلى ساحة معارك، وأصبح يهينها ويضربها فلم يكن لديها مفر سوى بالهرب إلى بيت أسرتها لتقيم دعوى خلع للتخلص من الزوج المفتري.

رجل بلا نخوة
من القضايا المثيرة التي شهدتها محكمة الأسرة الدعوى التي أقامتها الزوجة «ع.ر» لخلع زوحها الذي يطالبها دائما بمساعدته في مصاريف البيت رغم علمه بأنها لا تعمل وتزوجها وهي لا تعمل. وأوضحت الزوجة في دعواها أنها تزوجت من «سباك» عن طريق إحدى صديقات الأسرة وكان يعاملها بحب في البداية لكن مع مرور السنوات طالبها بضرورة البحث عن عمل لمساعدته في مصاريف الأسرة بعد إنجاب طفلها. وعندما كانت تخبره بأنها لا تجيد العمل ولم تحترف أي مهنة، طالبها بأن تتصرف وتحضر له المال بأي وسيلة. وكان ذلك من أجل الضغط عليها بعد علمها بخيانته لها. وعندما زادت مطالبته لها بضرورة العمل كمعظم السيدات التي تساعد زوجها حتى بالسبل غير الشرعية، هنا كانت نهاية الرحلة لأنها أدركت أنه رجل لا مانع لديه من أن يبيع زوجته وأهل بيته في «سوق النخاسة»، وأصبح الفصل في محكمة الأسرة.

الدراما تناولتها إنسانياً.. وكوميدياً
ظاهرة الطلاق عرفت طريقها إلى الأعمال الفنية بطرق مختلفة منها الدرامي والكوميدي.. ومنها ما كان له تأثير في تعديلات بعض قوانين الأحوال الشخصية لصالح المرأة.. مثل فيلم «أريد حلاً» الذي قامت ببطولته الفنانة الراحلة فاتن حمامة..
دور «درية» المتزوجة من رجل متسلط أناني حول حياتها إلى جحيم دفعها للهروب بعد فشلها في الحصول على الطلاق منه، فطلبها في «بيت الطاعة»... هذا الفيلم لفت الانتباه للضغوط التي تتحملها الزوجات وفق قانون يعطي الحق للرجل في التحكم الكامل بمصيرها. لقد نال الفيلم شهرة واسعة عربياً وعالمياً، ودفع جيهان السادات زوجة رئيس مصر إلى الدعوة لإصدار قانون ينصف المرأة. ومع اهتمام سيدة مصر الأولى حينها فقد تم إصدار القانون رقم 44 لسنة 1979، لكن بعد رحيل زوجها الرئيس أنور السادات وخروجها من دائرة الضوء قررت المحكمة الدستورية إلغاء «قانون جيهان» في عام 1984.
أيضاً جاءت مسرحية «الواد سيد الشغال» للفنان عادل إمام لتكشف خطورة اللعب بكلمة الطلاق عند العصبية والانفعال ما قد يدفع للتفريق بين زوجين حتى وهم غير راغبين في الطلاق. وعند محاولة تصحيح الأمر كان لا بد من اللجوء للمشكلة الأسوأ وهي «المحلل».
أيضا تناول فيلم «زوج تحت الطلب» نفس القضية وأدى فيه عادل إمام دوراً مشابهاً لمحلل متخصص يكشف كيف تدفع عصبية الأزواج إلى انهيار حياتهم الأسرية. ولم يخرج فيلم «محامي خلع» بطولة الفنان هاني رمزي والنجمة داليا البحيري عن هذا الخط، لكنها كانت المرة الأولى التي يتطرق فيها عمل فني لقضية خلع وليس لطلاق عادي.
ومن الأعمال التلفزيونية يأتي مسلسل «إلا أنا» والذي يتضمن 4 حكايات لأربع فتيات مطلقات وقدمت فيه النجمة ريهام عبد الغفور حكاية «ربع قيراط» والذي تناول خلاله قصة امرأة حصلت على الطلاق بعد خلافات مستعرة مع زوجها.. لتعيش بعدها وهي تعاني كثيرا، سواء من ناحية مسؤوليتها عن تربية الأبناء، أو النظرة المتشككة لأفراد مجتمعها المحيط من رغبتها في العيش دون زواج.  

 

font change