حزب الله جديد في شمال اليمن

حزب الله جديد في شمال اليمن

[escenic_image id="5511133"]

تعد الاشتباكات التي وقعت أخيرا بين القوات الأمنية التابعة للمملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين في إقليم جازان السعودي فصل صغير ولكن مهم ضمن قصة طويلة. وتتمثل المؤامرة الرئيسية لهذه القصة في الصراع بين الحكومة اليمنية بزعامة عبد الله صالح والمتمردين الشيعة الذين يحتلون إقليم صعدة الشمالي الذين عبروا الحدود اليمنية-السعودية، وتصدت لهم قوات الأمن السعودية والجيش السعودية

وتثار الشكوك حول مساندة إيران للتمرد. وهناك مثالان يغذيان هذه الشكوك, هما دعم إيران لجماعات حزب الله، أو التحذير الذي أطلقه وزير الخارجية الإيراني ضد التدخل الأجنبي في أزمة صعدة.

وتؤكد الحكومة اليمنية وجود هذا الدعم، بل وأعلنت أنها اعترضت سفينة إيرانية تحمل أسلحة ودعم تقنياً للحوثيين.

. ويبرر المتمردون ثورتهم ضد الحكومة اليمنية جزئيا بعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة. ورغم كل هذا، ينكر زعيم الحوثيين,عبد الملك الحوثي الذي قضى فترة طويلة في إيران أن  جماعته تتلقى  دعما من إيران.

وإذا حكمنا من خلال ما نشرته بعض الصحف الإيرانية، يبدو أن الحكومة الإيرانية لديها مصلحة في تصوير هذا الصراع على أنه حرب طائفية. ونظرا لأن الرئيس علي عبدالله صالح ومؤسسته الحاكمة من الزيديين، وكذلك الحوثيين، فإن تبرير مثل هذه الادعاءات ليس سهلا. بالإضافة إلى ذلك، ينبئنا التاريخ أن الزيديين يتمتعون بعلاقات جيدة مع السلفيين في السعودية على نحو تقليدي. وكما أكد الأستاذ راشد الخيون، مؤرخ العصور الوسطى الإيرانية،  فإنه  عندما يتعلق الأمر بالشريعة الإسلامية، فإن الزيديين ينتمون إلى  السنة من الناحية العملية. وينتمي الحوثيون إلى الزيديين الذين يعدون الأكثر اعتدالا بين الجماعات الشيعية وأقربهم إلى الإسلام السني. وفي حقيقة الأمر، لا يؤمن الزيديون بكثير من العقائد الدينية التي تتبعها الشيعة الإثنا عشرية، مثل فكرة الإمام الغائب.

إلا أن كل هذا لا ينبغي أن يخفى حقيقة مفادها أنه في أوقات الصراع والحرمان، يسهل التأثير على عقول الناس باستخدام الدعاية. وتصبح أزمة صعدة الآن مسرحا لاستغلال الخطاب الديني لإضفاء الشرعية على الحرب. وأصبح الحوثيون "جماعة  صحوة"، ويؤيدون الاعتقاد  بأن الهوية الزيدية تهددها الهوية السنية أو السلفية. وأصبحت بوادر تحول الزيديين في اليمن إلى طائفة الشيعة الإثنى عشرية واضحة بالفعل، ويقف وراء هذا التحول أسباب سياسية وليست دينية.

وحيث إن اليمن أفقر بلد في العالم العربي، فإن مهمتها في تحقيق الاستقرار وضمان الانسجام بين طوائفها المختلفة مهمة صعبة بالتأكيد. إلا أن الحكومة اليمنية لم تفعل شيئا يذكر للتصدي للمطالب الاقتصادية والاجتماعية  لسكان شمال أو جنوب اليمن. ويخلق هذا السيناريو، جنبا إلى جنب مع العنف اليومي الذي يميز اليمن، الأجواء المطلوبة للأحداث التي نشهدها الآن. وهناك احتمال لتفاقم الوضع إذا لم يتحسن المناخ الاقتصادي، ويصبح هناك توزيع عادل للثروة، وتمثيل سياسي. ومع وجود تهديدات من اليمن الجنوبي بالانفصال، والوجود القوي لتنظيم القاعدة في البلاد، بالإضافة إلى تمرد الحوثيين في الشمال، يمكن للمرء أن يتصور العديد من السيناريوهات المروعة المحتملة.

وتستطيع الجماعات المسلحة وأطراف أخرى غير الدولة البقاء فقط فى ظل ظروف معينة ، منها ضعف الدولة، ويعتبر الوضع في اليمن مثالا جيدا على ذلك. وهناك شرط آخر يتمثل في الدعم اللوجيستي والمالي المقدم من حكومات أجنبية. وفي حالة تمرد الحوثيين، فمن الصعب أن نتبين ما إذا كانت إيران تدعم الحوثيين بأي وسائل أخرى غير الدعم الفكري. ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد. ، هو أنه  لا أحد يريد حزب الله آخر في شمال اليمن ، من شأنه أن يخلق  توترات في اليمن وخارجها.

مانويل ألميدا

font change