الاقتصاد العالمي على شفير مضيق هرمز

ارتفاع أسعار النفط وتراجع أسهم الشركات الخليجية يدفعان الأسواق وسلاسل الإمداد إلى حافة الهاوية

رويترز
رويترز
نيران وسحابات من الدخان تتصاعد من منشأة شاران النفطية التي استهدفتها القوات الإسرائيلية، طهران، 15 يونيو 2025

الاقتصاد العالمي على شفير مضيق هرمز

تبدو منطقة الشرق الأوسط وكأنها دائمة الحروب والترقب، تكتم أنفاسها منذ يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025. إنها مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران هذه المرة. أولا، ضربات جوية إسرائيلية استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية، في عملية أطلقت عليها الدولة العبرية اسم "الأسد الصاعد". ثم جاء الرد من طهران بصواريخ باليستية أُطلِقت مباشرة نحو إسرائيل، في عملية أسمتها إيران "الوعد الصادق 3". أيّا كان الاسمان، لم تكن هذه مواجهة بالوكالة كالعادة، بل كانت صداما مباشرا، وجها لوجه، هز الأسواق المالية العالمية على الفور، ولا سيما أسعار النفط التي ارتفعت في شكل حاد.

ما يحدث منذ الجمعة المنصرم، وانعكاساته الاقتصادية، هو تذكير صارخ بمدى هشاشة سلاسل الإمداد العالمية، ومقدار اعتماد الاقتصاد العالمي على هذه المنطقة الحيوية والمتقلبة، التي بدأت أخطارها تؤثر في كل شيء من أسعار النفط والذهب إلى أسهم الشركات الخليجية خصوصا، وردهات التداول في لندن ونيويورك.

النفط والأسهم يتلقيان الضربة

لم تكن التداعيات مفاجئة. ظهرت أولى علاماتها يوم الجمعة في أسواق النفط. ارتفع سعر خام برنت، المعياري العالمي، بنسبة تفوق سبعة في المئة بعد الظهر، ليصل إلى نحو 74.23 دولارا للبرميل، وهو مستوى لم نشهده منذ يناير/كانون الثاني. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط، المعياري الأميركي، بنسبة مماثلة بلغت 7.3 في المئة إلى 72.98 دولارا للبرميل، بعدما سجل الليلة نفسها قفزة كبيرة وصلت إلى 77.60 دولارا – وهي أكبر قفزة يومية له منذ سنوات. كان هذا الارتفاع المفاجئ مدفوعا بالخوف – الخوف من تعطل الإمدادات، خصوصا عبر مضيق هرمز، الذي يُعد بمثابة الشريان الرئيس، والطريق السريع للنفط العالمي، إذ يمر عبره يوميا ما بين 20 في المئة إلى 30 في المئة من النفط والغاز المنقول بحرا حول العالم.

وحذر محللو مصرف "آي. إن جي." الهولندي بسرعة من أن "خسارة هذه الكميات المصدَّرة قد تلغي فائض الإمدادات المتوقع في الفصل الرابع من السنة"، مما يعني سوقا عالمية أكثر ضيقا. وعلى الرغم من إعلان المسؤولين الإيرانيين بسرعة أن منشآتهم النفطية لم تتضرر، أبقى القلق من تصعيد أوسع الأسعار مرتفعة بعناد. ونتذكر جميعا عندما تجاوزت أسعار النفط حاجز 100 دولار بعد غزو أوكرانيا. كان محللو مصرف "جي. بي. مورغان" الأميركي قد حذروا من أن أي نزاع شامل في الشرق الأوسط قد يعيدنا إلى تلك المستويات. وبالفعل يتوقع المحللون مجددا ارتفاع أسعار النفط الى ما بين 120 و150 دولارا للبرميل في حال اقفال مضيق هرمز، حيث تشخص أنظار الخبراء حاليا.

الشركات التي تعتمد على أسعار الوقود المنخفضة وعلى معنويات المستهلكين، مثل شركات الطيران والرحلات البحرية، كانت من بين الأكثر تضررا. فقد تراجعت أسهم "أميركان إيرلاينز"، و"يونايتد"، و"دلتا" بأكثر من 4%، وكذلك نظيراتها الأوروبية مثل "إير فرانس" و"بريتش إيروايز"

تلقت الأسواق العالمية ضربة قوية، إذ سارع المستثمرون إلى بيع الأصول المحفوفة بالأخطار. في الولايات المتحدة، انخفض مؤشر "ستاندرد أند بورز" بـ68 نقطة، أي 1.1 في المئة، ليمحو مكاسبه الأسبوعية. وتراجع مؤشر "داو جونز الصناعي" بـ770 نقطة، أي 1.8 في المئة، بينما انخفض مؤشر "ناسداك المركب" ذو التركيز التكنولوجي بنسبة 1.3 في المئة. وكان هذا الانخفاض العام في الأسواق استجابة مباشرة للتوترات الجيوسياسية وتصاعد المخاوف من أن يؤدي النزاع إلى تقويض الاقتصاد العالمي. الشركات التي تعتمد على أسعار الوقود المنخفضة وعلى معنويات المستهلكين، مثل شركات الطيران والرحلات البحرية، كانت من بين الأكثر تضررا.

وقد تراجعت أسهم "أميركان إيرلاينز"، و"يونايتد"، و"دلتا" بأكثر من أربعة في المئة، وكذلك نظيراتها الأوروبية مثل "إير فرانس–كاي إل إم" و"مجموعة الخطوط الجوية الدولية"، الشركة الأم لـ"الخطوط الجوية البريطانية"، بنسبة تجاوزت ثلاثة في المئة. أما "كارنفال" و"نورويجيان كروز لاين"، فكان التراجع لديهما متوقعا، إذ انخفض سهماهما بـ4.9 في المئة وخمسة في المئة على التوالي. ما السبب؟ إغلاق فوري للمجالات الجوية فوق إسرائيل وإيران والعراق والأردن، مما أجبر شركات الطيران على اتخاذ مسارات أطول وأكثر تكلفة. في المقابل، كانت شركات الدفاع الرابح الأكبر. فقد ارتفعت أسهم "نورثروب غرومان"، و"لوكهيد مارتن"، و"آر تي إكس" بأكثر من ثلاثة في المئة، إذ يفترض الجميع زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري في عالم أصبح أكثر خطورة.

رويترز
أعلام إيرانية تبدو من خلفها النيران والدخان في منشأة نفطية في طهران، قصفتها الطائرات الإسرائيلية، 15 يونيو 2025

ولم يقتصر أثر البحث عن الملاذات الآمنة على النفط والأسهم فقط. فقد ارتفع سعر الذهب، ذلك الملاذ القديم، بنسبة 1.4 في المئة يوم الجمعة ليصل إلى ثلاثة آلاف و432.60 دولار للأونصة، مقتربا من أعلى مستوياته خلال شهرين. عندما تهتز الأوضاع، يبحث الناس عن مكان آمن لأموالهم. ومن المثير للاهتمام أن أسعار سندات الخزانة الأميركية، التي عادة ما ترتفع في الأوقات المضطربة، تراجعت قليلا هذه المرة، مما رفع عوائدها. وهذا أمر غير معتاد، لكنه على الأرجح يعكس مخاوف الأسواق من أن تؤدي قفزة النفط إلى عودة التضخم، مما يعقد مهمة المصارف المركزية في تحديد معدلات الفائدة.

تهديد سلاسل الإمداد العالمية

لم تكن آثار يوم الجمعة مجرد أرقام في الأسواق، بل أعادت رسم المشهد الاقتصادي لدول الشرق الأوسط بأكمله. مثلا، دول الخليج الغنية بالنفط والغاز – المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، ودولة قطر. صحيح أن ارتفاع أسعار النفط يعني زيادة في الإيرادات الحكومية وأرباح شركات الطاقة. (حتى "إكسون موبيل" ارتفعت أسهمها بنسبة 1.2 في المئة و"كونوكو فيليبس" بـ0.3 في المئة). لكن القلق الحقيقي بالنسبة إلى هذه الدول يتناول الاستقرار الإقليمي. فإذا طال أمد النزاع أو تصاعد، فقد يؤدي ذلك إلى هروب الاستثمار الأجنبي المباشر. أما قطاعا السياحة والعقارات، وهما قطاعان مزدهران في الخليج، فيسودهما القلق. ويمكن القول أيضا إن الأخطار المتزايدة ستؤدي إلى ارتفاع أقساط التأمين على السفن المارة في الممرات المائية الحيوية، مما يضغط على هوامش الأرباح ويقلل حجم التجارة في شكل عام.

الضربات المباشرة للبنية التحتية النفطية الإيرانية، أو حتى تشديد العقوبات، ستكون مدمرة، فاقتصاد إيران يعاني تضخما مرتفعا، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع من 32.6% عام 2024 إلى 43.3% عام 2025

ولا ننسى أزمة البحر الأحمر. فالهجمات التي يشنها "الحوثيون" على السفن التجارية بدأت قبل أشهر، وما حدث يوم الجمعة زاد الطين بلة. عبور قناة السويس، وهو مصدر دخل كبير لمصر، تراجعت إيراداته إلى 3.991 مليارات دولار عام 2024 من 10.250 مليارات دولار عام 2023، وفق هيئة قناة السويس – أي بانخفاض بنسبة 61 في المئة. نتيجة للأخطار ، تضطر السفن إلى اتخاذ الطريق الأطول عبر رأس الرجاء الصالح، مما يضيف 12 إلى 14 يوما إلى الرحلة، ويزيد تكاليف الوقود بما يصل إلى مليوني دولار لكل رحلة. كذلك ارتفعت أقساط التأمين، من 0.5 في المئة إلى اثنين في المئة من قيمة الشحنات. وقد سجل مؤشر "بالتك دراي" الذي يقيس تكاليف الشحن للمنتجات والسلع الخام أعلى مستوياته خلال ثمانية أشهر قبل يوم الجمعة. ماذا عن الصدامات المباشرة الأخيرة؟ هي تجعل الأمور أسوأ، وترفع احتمال توسع "مناطق الحظر" أمام الشحن التجاري، مما يؤدي إلى مزيد من تعطيل سلاسل الإمداد العالمية – وبالتالي ارتفاع الأسعار علينا كمستهلكين حول العالم.

هل يرتفع سعر النفط الى 120 دولارا؟

بالنسبة إلى الاقتصادات الكبرى، تعني التوترات المتجددة في الشرق الأوسط فاتورة طاقة أعلى وعودة التضخم. محللو "جي. بي. مورغان" يتوقعون أن ارتفاع أسعار النفط إلى 120 دولارا للبرميل يمكن أن يدفع مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي إلى خمسة في المئة. وعلى رغم أن بيانات التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة أظهرت ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.1 في المئة من أبريل/نيسان إلى مايو/أيار، قد يقلب أي ارتفاع مستدام في أسعار الطاقة هذا الاتجاه بسرعة. وهذا يعقد خطط المصارف المركزية، ولا سيما مجلس الاحتياطي الفيديرالي، الذي يسعى إلى خفض معدل التضخم إلى اثنين في المئة من دون خنق النمو الاقتصادي.

رويترز
مصفاة عبادان النفطية في جنوب غرب إيران، بالقرب من جزيرة الفاو العراقية، 21 سبتمبر 2019

أما إذا بقيت أسعار الطاقة مرتفعة، فقد يعني ذلك تأجيل خفض معدلات الفائدة، مما يجعل الاقتراض أكثر تكلفة للأفراد والشركات، ويضعف النشاط الاقتصادي. وكان البنك الدولي قد خفض في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي خلال يونيو/حزيران 2025" توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2025 إلى 2.3 في المئة، مقارنة بـ2.8 في المئة لعام 2024، بسبب "ارتفاع كبير في الحواجز التجارية" و"الاضطرابات العامة". والتصعيد الذي حدث يوم الجمعة سيزيد تلك التوقعات سوءا.

التكلفة على الاقتصاد الإسرائيلي  

ماذا عن التكلفة الحقيقية لإسرائيل؟ الضربات العسكرية المباشرة التي شنتها يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025 لم تكن زهيدة. لقد قدّرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الضربات الجوية وحدها كلفت الحكومة نحو 1.5 مليار دولار، مما يضيف عبئا ثقيلا على موازنة الدفاع المثقلة أصلا. ووفق معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، ارتفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي بنسبة 65 في المئة ليصل إلى 46.5 مليار دولار عام 2024، مما يمثل 8.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي – وهي ثاني أعلى نسبة في العالم. لكن الأمر لا يقتصر على تكلفة الصواريخ والطائرات، بل هناك الأثر البعيد الأجل: قد تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهذا أمر بالغ الأهمية لقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي المتنامي. علما أن الاقتصاد الإسرائيلي كان قد انكمش بنسبة 20 في المئة أواخر عام 2023 بسبب استدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط وما نجم عن ذلك من نقص في العمالة، وهو الآن يواجه سلسلة من الضغوط المتراكمة. وقد بدأت وكالات التصنيف الائتماني مثل "فيتش" و"موديز" بمراجعة التصنيف الإسرائيلي، مما قد يؤدي إلى مزيد من الخفوضات ويجعل الاقتراض أكثر كلفة.

والاقتصاد الايراني

أما إيران، فاقتصادها يعاني أصلا منذ عقود من الزمن بسبب العقوبات الغربية الشديدة، واليوم بات في وضع أكثر هشاشة. ومع أنها ثالث أكبر منتج في "أوبك"، وتضخ نحو 3.3 ملايين برميل يوميا، فإن مبيعاتها الفعلية محدودة جدا. تكاد الصين تكون العميل الوحيد المهم، إذ استوردت نحو 1.8 مليون برميل يوميا في الأشهر الأخيرة. وأعلن المصرف المركزي الإيراني أن صادرات النفط بلغت 67 مليار دولار في آخر سنة مالية (انتهت في 20 مارس/آذار 2025)، وهو أعلى مستوى خلال عقد. لكن أي ضربة مباشرة للبنية التحتية النفطية الإيرانية، أو حتى تشديد العقوبات بعدالحرب، ستكون مدمرة. 

من تكاليف الشحن المتصاعدة، وعودة التضخم، إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والسياحة في منطقة الشرق الأوسط، ستكون الآثار واسعة ومؤلمة. من الواضح أننا سندخل مرحلة طويلة من التقلبات الحادة

يعاني اقتصاد إيران تضخما مرتفعا، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع من 32.6 في المئة عام 2024 إلى 43.3 في المئة عام 2025، إلى جانب عجز هائل في الموازنة يتراوح بين 20 و25 في المئة. وإذا قُيِّدت صادراتها النفطية المحدودة أصلا، فذلك يعني قطع مصدرها الأساس للعملات الأجنبية، مما سيعمق الأزمة الاقتصادية ويرفع معدل البطالة المرتفع أساسا.

الضغوط على تركيا ودول المنطقة

وتشعر دول أخرى في المنطقة بالضغط أيضا. فتركيا، مثلا، تستورد أكثر من 90 في المئة من احتياجاتها من النفط والغاز، وأي ارتفاع في أسعار النفط يشكل كارثة اقتصادية لها. ويعرب خبراء الاقتصاد الأتراك عن قلقهم من أن استمرار أسعار برنت فوق 90 إلى 110 دولارات للبرميل سيُفشِل الجهود المبذولة لكبح التضخم، الذي لا يزال معدله مرتفعا على رغم بعض التراجع، إذ بلغ 35.41 في المئة في مايو/أيار 2025. كما يشهد البلد نزوحا لرؤوس الأموال، وارتفعت أقساط مبادلات التخلف عن التسديد التركية.

أما قطاع السياحة، وهو حيوي لكثير من دول المنطقة – من لبنان والأردن إلى مصر – إذ يشكل بين 12 في المئة و26 في المئة من الدخل، فيواجه انخفاضا فعليا في الحجوزات، لأن الناس لم تعد تشعر بالأمان للسفر إلى المنطقة. وقد قدرت وكالة "ستاندرد أند بورز" سابقا أن الخسائر المحتملة في عوائد السياحة بسبب النزاع في المنطقة قد تتجاوز 16 مليار دولار.

أ.ب.
صواريخ منظومة القبة الحديدية خلال اعتراضها صواريخ بالستية إيرانية في مدينة تل أبيب، إسرائيل، 14 يونيو 2025

وعلى المستوى العالمي، تتمثل أكبر المخاوف بعد النفط في عودة "الركود التضخمي" – ذلك المزيج الكارثي من التضخم المرتفع والنمو الاقتصادي البطيء. فارتفاع أسعار الطاقة يعني ارتفاع تكلفة كل شيء تقريبا: من التصنيع إلى النقل. وتقوم الشركات بتمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين، مما يُضعِف القدرة الشرائية ويقلل الاستهلاك والاستثمار. وكان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته الصادرة في أبريل/نيسان 2025 معدل النمو المتوقع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.6 في المئة عام 2025، بعدما كان أربعة في المئة سابقا، عازيا ذلك إلى التوترات التجارية وحالة عدم اليقين. أما التصعيد المباشر الأخير فسيدفع هذه التوقعات إلى مزيد من التراجع.

دورة جديدة لتقلب الأسواق

تشكل الحرب الراهنة بين إسرائيل وإيران بكل وضوح بداية فصل جديد وأكثر خطورة في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط. فارتفاع أسعار النفط المفاجئ والانخفاض الحاد في الأسواق المالية العالمية، هما بمثابة صرخة إنذار مدوية تذكّرنا بمدى الترابط العميق بين استقرار هذه المنطقة وصحة الاقتصاد العالمي.

ستكون الآثار واسعة ومؤلمة، من تكاليف الشحن المتصاعدة، وعودة التضخم، إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والسياحة في المنطقة. ونظرا إلى الواقع القائم، من الواضح أننا سندخل مرحلة طويلة من التقلبات الحادة. وسيتعين على المستثمرين والشركات احتساب علاوة مخاطرة جيوسياسية أكبر في كل الأسواق، ولا سيما تلك المرتبطة بالنفط والشرق الأوسط. وعلى رغم أن الاقتصاد العالمي أثبت مرونته في مواجهة الأزمات السابقة، قد يعوق نزاع طويل أو متصاعد في هذه المنطقة الحيوية النمو، ويزيد التضخم، ويضع المصارف المركزية في مواقف شديدة التعقيد. في المقابل، يقدم سيناريو التهدئة، أو حتى الاتفاق النووي الأميركي-الإيراني المفترض، مسارا مختلفا – واعدا بأسعار طاقة أقل وفرص اقتصادية مشوقة. لكن في الوقت الراهن، تميل الكفة نحو التصعيد. والعالم يحبس أنفاسه، مترقبا كيف سيتطور هذا الصدام المباشر بين قوتين إقليميتين كبيرتين، مدركا تماما أن مسار هذا النزاع سيحدد إلى حد كبير شكل الاقتصاد العالمي في الأشهر والسنوات الصعبة المقبلة.

font change

مقالات ذات صلة