في خطوة غير مسبوقة، وجهت إسرائيل ضربة عسكرية إلى منشآت نووية إيرانية، استهدفت فيها مفاعل "نطنز" الشهير ومواقع أخرى عدة، في عملية وُصفت بأنها الأعنف والأوسع في تاريخ المواجهات غير المعلنة بين الطرفين. ولكن على خلاف العمليات السابقة التي كانت تتم في الظل أو تُنسب إلى "انفجارات غامضة"، جاءت هذه الضربة معلنة وصاخبة ودموية، وتسببت بشيء أكثر خطورة من الخسائر العسكرية: تلوث إشعاعي وكيميائي، حسب تأكيدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بحسب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، دمرت الضربة الإسرائيلية الجزء العلوي من منشأة "نطنز"، بينما لم تظهر مؤشرات الى تضرر المنشآت تحت الأرضية حيث تجرى عمليات تخصيب اليورانيوم. إلا أن الأضرار طالت منظومة الكهرباء التي تشغل أجهزة الطرد المركزي، مما قد يفضي إلى تعطل عمليات التبريد والسيطرة، وهو سيناريو كابوسي في عالم المفاعلات النووية.
وقد حذر غروسي من وجود "تلوث إشعاعي وكيميائي داخل الموقع"، مما يعني أن ضربة "الأسد الصاعد" — كما سمتها إسرائيل — لم تكن مجرد استعراض قوة، بل خلفت تداعيات بيئية خطيرة.
وقد أكدت السلطات الإيرانية المختصة حتى الآن أن موقع تخصيب اليورانيوم في "نطنز" قد تعرض بالفعل لأضرار، إلا أنها أشارت إلى عدم رصد أي مستويات مرتفعة من الإشعاع في الوقت الراهن، كما أكدت أن موقعي أصفهان وفوردو لم يتعرضا لأي ضرر حتى الآن.
منشأة "نطنز"
تعد منشأة "نطنز" المعروفة رسميا باسم "منشأة الشهيد أحمدي روشان النووية"، أحد أهم مواقع تخصيب اليورانيوم في إيران.
تتميز المنشأة التي تقع في محافظة أصفهان بتصميم هندسي معقد يهدف إلى حماية عمليات تخصيب اليورانيوم من الهجمات الخارجية، إذ تقع تحت الأرض على عمق يتراوح بين 40 إلى 50 مترا، وتضم قاعات كبيرة مزودة أجهزة طرد مركزي متطورة، وقد تم بناء المنشأة بطبقة خرسانية مسلحة سمكها 7.6 أمتار لحماية المناطق الحساسة، مع أنفاق وممرات متشابكة تسمح بحركة العاملين والمعدات.
وتتكون المنشأة من مستويات عدة، حيث خصصت الطوابق العليا للمكاتب الإدارية والبحثية، بينما تتركز أجهزة الطرد المركزي في المستويات السفلية الأكثر حماية. كما تضم المنشأة أنظمة تبريد متطورة، ومولدات طاقة احتياطية، وأنظمة تحكم بيئي للحفاظ على الظروف المثلى للتخصيب.
أما المنشأة فوق الأرض فتشمل مباني الدعم الفني ومراكز المراقبة، التي يبدو أنها كانت الهدف الرئيس للضربة الأخيرة. تم ربط المنشآت تحت الأرض بمنظومة تهوية معقدة وأنفاق إمداد تسمح باستمرار العمليات حتى في حال تعرض الأجزاء العلوية لأضرار.