مع الهجوم الإسرائيلي الواسع وغير المسبوق على إيران، والذي أعقب موجة التهديدات المتبادلة غير المسبوقة أيضا بين واشنطن وإيران خلال الساعات الـ 48 الماضية، يصح القول بحق إن المنطقة تنام على شيء، وتصحو على شيء آخر تماما.
صحيح أنه ما كان يمكن، ومنذ استئناف المفاوضات بين واشنطن وطهران في أبريل/نيسان الماضي، استبعاد انهيار هذه المفاوضات، وذهاب دونالد ترمب لتنفيذ تعهده بتوجيه ضربة عسكرية لإيران أو السماح لإسرائيل بتوجيه مثل هذه الضربة، في حال فشلت المفاوضات. لكن اللافت الآن أن الهجوم الإسرائيلي فجر الجمعة جاء قبل إعلان فشل المفاوضات في وقت أنه كان من المتوقع أن تستضيف عمان الجولة السادسة من المفاوضات الأحد. لكن كان من الواضح خلال اليومين الماضيين أن المناخ الإيجابي الذي رافق الجولات الخمس الماضية لهذه المفاوضات، وبدفع من كلا الجانبين، انقلب بسرعة، ومن دون تمهيد يذكر إلى عكسه، مع ارتفاع مخاطر تبادل الضربات بين واشنطن وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، أو بالأحرى توجيه إسرائيل ضربة للمنشآت النووية الإيرانية بغطاء أميركي طبعا، وهذا كان الخيار الأكثر ترجيحا في حال خرج التصعيد الأخير عن إطار التهديدات المتبادلة، قد خرج بالفعل مع الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف منشآت نووية (أبرزها نطنز) وعسكرية إيرانية، كما أدى إلى مقتل قيادات عسكرية وعلماء نويين إيرانيين، أبرزهم حسين سلامي قائد "الحرس الثوري"، غلام رشيد قائد مقر "خاتم الأنبياء" للدفاع الجوي، وكذلك رئيس الأركان محمد باقري، كما تتضارب المعلومات بشأن مصير علي شامخاني مستشار المرشد علي خامنئي، إذ ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حالته حرجة، وكل هذه الاغتيالات تؤكد حجم الاختراق الإسرائيلي للداخل الإيراني وهو ما أكدته إسرائيل بإعلانها أن خلايا لـ"الموساد" عملت داخل إيران قبل الهجوم الكبير.
وكان موقف ترمب، مساء الخميس، قد عزز هذا السيناريو ورجحه إلى حد كبير بقوله إنه من المرجح جدا أن تُوجه إسرائيل ضربة لإيران، مضيفا أنه لا يريد أن يقول إن هذه الضربة "وشيكة"، لكن ذلك يبدو "أمرا قابلا للحدوث". وكان ترمب قد أكد قبل ذلك بساعات أنه بات أقل ثقة تجاه موافقة إيران على وقف تخصيب اليورانيوم، بموجب اتفاق مع واشنطن، وأعلن الأربعاء أنّ إدارته تقوم بنقل موظفين أميركيين من الشرق الأوسط، لأنه قد يكون مكانا "خطرا".
كما كان قائد "القيادة الوسطى الأميركية" قد أعلن أنه قدّم لترمب ووزارة الدفاع، خيارات للتعامل عسكريا مع طهران، إذا ما فشلت المفاوضات. وهو إعلان استدعى ردا سريعا من وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، الذي قال: "في حال لم تصل المفاوضات إلى نتيجة، وحاول البعض فرض مواجهة ضدنا، فإن خسائر الطرف الآخر، ستكون أكبر من خسائرنا بالتأكيد". وأضاف: "وفي هذه الحالة، ستضطر الولايات المتحدة إلى مغادرة المنطقة، لأن جميع قواعدها في متناول أيدينا... وسنستهدفها جميعا في الدول المضيفة".