الصحافة الإيرانية... "اختراق" استخباراتي ضد إسرائيل

حرب نفسية

أ.ف.ب.
أ.ف.ب.
لوحة إعلانية لصواريخ بالستية إيرانية مع نص مكتوب في الأسفل باللغة العربية" الوعد الصادق" وبالفارسية" إسرائيل أوهن من من شبكة العنكبوت"، في ساحة ولي العصر بوسط طهران، 15 أبريل 2024

الصحافة الإيرانية... "اختراق" استخباراتي ضد إسرائيل

تناولت الصحافة الإيرانية هذا الأسبوع بشكل واسع بيان وزارة الاستخبارات حول ما وصفته بتفاصيل حصول إيران على وثائق نووية حساسة من داخل إسرائيل تحتوي على برامج غير قانونية وسرية للأسلحة النووية على غرار المنشآت والأبحاث والاتصالات مع مؤسسات أميركية وأوروبية حسب البيان.

وبحسب البيان، فإن هذه الوثائق تتعلق بالبرامج العسكرية والصاروخية وأمور فنية خاصة بمشاريع ذات استخدام مزدوج علمي وتقني والأسماء والبيانات الشخصية والصور والعناوين الكاملة لمديري ومسؤولي وعلماء إسرائيل.

کما أن هذه الوثائق تظهر بشكل واضح كيف أن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لعبت وتلعب دور الداعم والمتعاون في تطوير البرامج التسليحية لإسرائيل.

ونشرت صحیفة "كيهان" المقربة من المرشد علي خامنئي تقريرا بقلم رئيس تحريرها حسين شريعتمداري في 11 يونيو/حزيران بعنوان "كيهان تكشف عن فحوى إحدى الوثائق التي تم الحصول عليها من إسرائيل: غروسي رجل الموساد ولا تسمحوا له بدخول إيران".

وكتب شریعتمداري: "لم يبق أدنى شك بأن غروسي (مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية) رجل الموساد وذلك بعد أن حصل جنودنا بشكل مثير للإعجاب والدهشة على عشرات الملايين من الوثائق السرية والحساسة للكيان الصهيوني... قال غروسي قبل أسابيع إن إيران لا تمتلك الأسلحة النووية، غير أنها تملك المواد اللازمة لصنعها... هذه التصريحات مثيرة للسخرية والضحك وتفتقر إلى المنطق وتثبت أن الوكالة الذرية تفتقر إلى وثائق لاتهام إيران بالانحراف عن المسار السلمي في البرنامج النووي.. تثبت هذه الوثائق بأن غروسي رجل الموساد دون أدنى شك".

إيران تمكنت من خلال هذه العملية من إرساء موازنة جديدة في السياق الاستراتيجي والاستخباراتي في المنطقة

ويرى ماشاءالله شمس الواعظين، الصحافي الإصلاحي ومستشار مركز الدراسات الاستراتيجية لغرب آسيا في حواره مع صحيفة "اعتماد" يوم 9 يونيو/حزيران بأن الحصول على هذه الوثائق من شأنه قلب كفة الموازين الاستخباراتية لصالح إيران.

ويقول: "إيران تمكنت من خلال هذه العملية إرساء موازنة جديدة في السياق الاستراتيجي والاستخباراتي في المنطقة حيث تؤدي هذه الموازنة إلى تطورات جديدة في المجالات الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية وغيرها... لقد كسر هذا الاختراق الأمني الإيراني موازين القوى التي كانت لصالح إسرائيل خلال الأعوام الماضية وألحقت أضرارا جسيمة للأمن القومي الإيراني منها اغتيال إسماعيل هنية (الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة "حماس") في طهران. لقد تمكنت إسرائيل من تحقيق اختراقات استخباراتية في إيران من خلال الاستعانة ببعض الجماعات الخائنة والمناهضة للنظام على غرار "مجاهدي خلق" والمنادين بالنظام الملكي.. وأصبحت كفة موازين القوى والإشراف الاستخباراتي لصالح إسرائيل غير أن إيران حاولت تغيير المعادلة من خلال استعادة قدرة الردع بعد اغتيال العالم النووي فخري زاده في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وترسيخ سياسة جديدة قائمة على "التهديد مقابل التهديد والاختراق مقابل الاختراق والإضرار مقابل الإضرار والنفوذ المتبادل"، وبالتالي فإن إيران وفقا لهذه المعادلة يحق لها توسيع نفوذها في إسرائيل حيث أعتقد بأن أداء إيران في هذا المجال كان جيدا".

.أ.ف.ب
صورة من الأقمار الصناعية تظهر منشأة عسكرية إيرانية في منطقة خوجير، عقب الغارات الإسرائيلية على إيران، 28 أكتوبر 2024.

ونشر موقع "دبلوماسي إيراني" الإلكتروني التابع لوزارة الخارجية مقالا بعنوان "كيف قامت إيران بتغيير المعادلات في المنطقة"، بقلم فاطمة خادم شيرازي، جاء فيه: "لقد اختارت إيران بذكاء توقيت الكشف عن الوثائق وهو توقيت حساس في المفاوضات النووية وفي الجهود الإقليمية للتوصل إلى اتفاق إطلاق النار في غزة.

لقد اختارت إيران بذكاء توقيت الكشف عن الوثائق وهو توقيت حساس في المفاوضات النووية وفي الجهود الإقليمية للتوصل إلى اتفاق إطلاق النار في غزة

يعد ذلك بطاقة فوز غير مسبوقة لإيران. تحمل هذه الوثائق التي حصلت عليها إيران رسالة ضمنية للغرب مفادها بأن طهران تتمتع بتفوق استخباراتي إلى جانب قدراتها العسكرية وقدرتها على الحرب الناعمة. لا تقتصر هذه القدرات على البرنامج النووي بل هي رادعة لأي ضغط أو تصرفات عدائية ضد إيران".

وأضاف دبلوماسي إيراني: "تحمل عملية استحواذ إيران على وثائق سرية في إسرائيل رسالة للمفاوضين الأوروبيين بأن الاستراتيجيات القائمة على الحد الأقصى من الضغط والعقوبات أو الهجوم العسكري لم تعد فاعلة بعد الآن وأن إيران قادرة على التلويح بالكشف عن كل الوثائق الحساسة وتبيين الضعف الهيكلي في إسرائيل بهدف زيادة قدرتها على المساومات في المفاوضات. كما أن هذه العملية تطرح شكوكا وتساؤلات عميقة حول مدى فاعلية منظومة التنسيق والتعاون الاستخباراتي بين الغرب وإسرائيل وتدفع إلى إعادة النظر في الثقة الممنوحة للموساد".

وتابعت الصحيفة أن تلك العملية "فضحت" مدى الاختراق الذي يمكن لإيران أن تقوم به في المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية كما أنها تشكل أداة جديدة للردع وتدفع الدول الأخرى إلى إعادة التفكير في تقييمها الاستخباراتي حول دور إيران وإمكانياتها.

وقالت: "سترسخ هذه القوة الجيوسياسية الناعمة مكانة إيران كلاعب يتمتع بالذكاء والتأثير والأدوات الحديثة لبسط قدرته الناعمة في الوقت الذي نلاحظ فيه أن إسرائيل تواجه انهيارا نفسيا واختلالا في القيادة الأمنية وهذا قد تكشفه بشكل أكبر الوثائق التي قد تحمل مفاجآت جديدة... لم تكن هذه في النهاية صدمة استخباراتية لإسرائيل وانتصارا تكتيكيا لإيران فحسب بل إنها تشكل نقطة تحول استراتيجي في موازين القوى الإقليمية ومسار المفاوضات النووية والأمنية في المنطقة في المستقبل. لقد نجحت إيران بهذه العملية أن تطبق معادلة الردع على القطاعات النفسية والاستخباراتية وتخرجها عن سياقها التقليدي والعسكري مما يرسل رسائل مباشرة لإسرائيل وتترتب عليها آثار غير مباشرة على القوى الكبرى والمنظومة السياسية والأمنية الإقليمية".

font change