2022 عام الحرب بالدولار.. وعلى الدولار

يُعدّ الدولار الأميركي بمثابة العامود الفقري للاقتصاد العالمي، ويعتبر العملة الأكثر أماناً للاحتفاظ بها (رويترز)

2022 عام الحرب بالدولار.. وعلى الدولار

القاهرة: «خلال القرن التاسع عشر، تعرَّض الدور المحوري للندن في توفير درجة من النظام المالي في الاقتصاد العالمي الآخذ في الاتساع، لضغوط شديدة في العقود الأولى من القرن العشرين عندما واجهت بريطانيا ديون حربٍ ضخمة، وتراجعًا صناعيًا وإمبراطورية فوق طاقتها. ونتيجة لذلك، كان الجنيه الإسترليني، باعتباره العملة العالمية، معرضًا للخطر».

هكذا لخص عالم الاجتماع البريطاني باول كينيدي، الأستاذ بجامعة مانشستر (في آخر مؤلفاته: «رأسمالية مصاصي الدماء» (Palgrave Macmillan, UK، 2017) مشهد الانتقال التاريخي من الإسترليني إلى الدولار.

         

من ياخيموف إلى بريتون وودز

اليوم أصبح الدولار هو العملة الأكثر انتشارًا على الكوكب وهو عملة 62 في المائة من الاحتياطات المالية في العالم، كما تتبناه 31 دولة عملة رسمية أو أطلقت اسمه على عملاتها، ويربط أكثر من 60 بلدًا عملته بالدولار، ويعود الجد الأقدم للدولار إلى بلدة ياخيموف التشيكية الصغيرة فقبل حوالي 5 قرون ظهر هذا الجد «تالار». وحمل الإصدار الأول منه صورة أسد من أسود منطقة بوهيميا. ومع منتصف القرن السادس عشر كان عدد عملات الـ«تالار»، التي انتشرت في مختلف أنحاء أوروبا أكثر من 10 ملايين قطعة. ولقرون مقبلة صممت دول كثيرة عملاتها على نمط «تالار». وتحول الاسم في الدنمارك والنرويج والسويد إلى «دالير»، وأصبح في أيسلندا «دالِر».. وهكذا. والأصل المباشر لاسم العملة الأميركية مُستمَد من العملة الهولندية: «لوي دالار» أو (دولار الأسد).

وفي أميركا- المستعمرة البريطانية- كانت عملات: الجنيه والشلن والبنس هي النقود المتداولة، وكان النقد العيني ينسحب بالتدريج من التداول، فقد استخدم الناس: التبغ وبعض السلع الأخرى عملات تبادل عيني. وفي السابع عشر، انتشرت هذه العملة في «نيو أمستردام» (أو نيويورك)، ثم بدأ المستوطنون الناطقون بالإنجليزية، يطلقون على هذه العملة اسم: «دولار». وفي عام 1792 أصبح عملة أميركا الرسمية. في 1775- خلال الثورة الأميركية- طبع الكونغرس عملة ورقية هي: «كونتننتال» لتمويل الحرب، وفقدت قيمتها بالتدريج. وحتى عام 1857 كانت عملات أجنبية عديدة متداولة في البلد الذي أصبحت عملته الآن أحد أكثر الأشياء شهرة في العالم. وكانت الورقة فئة 10 دولارات أول عملة ورقية رسمية وطبعت عام 1861. وفي نهاية مسار صعود الدولار كانت محطة فندق ماونت واشنطن القابع بين جبال وايت ماونتز بولاية نيوهامبشير الأميركية. وقد اختير هذا الفندق لانعقاد «اجتماع سري» قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، شهد إنضاج السياسات الاقتصادية العالمية التي حكمت العالم حتى اليوم.

 

حفل تتويج الدولار

تاريخيًا، تم التحول من عملة دولية مهيمنة إلى أخرى على عقود. وفي القرن العشرين، حل الدولار الأميركي محل الجنيه الإسترليني كعملة دولية مهيمنة على هذا النحو، بعد أن تفوقت أميركا على بريطانيا اقتصاديًا. وفي خلاف أميركي بريطاني نادر، عارض الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور «العدوان الثلاثي» على مصر، وكانت أميركا تريد وراثة النفوذين البريطاني والفرنسي في هذا الممر الملاحي العالمي المهم، فلوحت أميركا بإمكانية أن توجه «لكمة قاضية» للجنيه الإسترليني، فانسحبت بريطانيا!!

وقد كان بريتون وودز حفل تتويج الدولار على عرش الاقتصاد العالمي كـ«عملة عالمية» مع ربط قيمته بالغطاء الذهبي الأميركي، وبالتالي أنشأت اتفاقية بريتون وودز نظامًا لأسعار صرف شبه ثابتة، كما أنشأت منظمتين دوليتين: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وفي سبعينات القرن الماضي، أدى تضخم حاد مصحوب باضطرابات صناعية واسعة الانتشار إلى ضغوط قوية لإنهاء «إجماع ما بعد الحرب». وفي عام 1971، خفض الرئيس نيكسون قيمة الدولار الأميركي وفصل قيمته عن الذهب. وبدخول العالم مرحلة تتسم بمزيد من عدم اليقين بشأن العملة، أدى تخفيض قيمة الدولار إلى تعقيدات متزايدة بالفعل في التجارة العالمية.

في غضون ذلك، خففت أميركا ضوابطها السابقة وسمحت لبنوكها بالانضمام إلى نظام الائتمان العالمي الخارجي للإيداع والإقراض الذي نشأ حول سوق اليورودولار. وهكذا، من سبعينات القرن الماضي فصاعدًا، كان هناك مسار واضح أمام أميركا و«حلفائها»: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، سيلعبان دورًا متضخمًا في تعزيز النظام المالي فيما وراء البحار. وبعد الحرب العالمية الثانية، قاد الاقتصاد الأميركي الأقوى، الطريقَ في المساعدة على إحداث 3 عقود من النمو الاقتصادي المرتفع عبر توفير مشروع مساعدات مارشال لأوروبا، المصمَّم لتسريع الانتعاش بعد الحرب، كما فتحت أميركا أسواقها بسخاء أمام الصادرات المتزايدة التي أنتجها حلفاؤها وأعداؤها السابقون في زمن الحرب.

في أواخر السبعينات كانت الضغوط التضخمية تتراكم عالميًا. وفي عهد فولكر، رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي من عام 1979، وفي محاولة جزئية لكبح جماح التضخم، قام الرئيس كارتر أولًا، ثم ريغان منذ أوائل عام 1981، برفع سعر الفائدة الأميركي إلى مستوى عالٍ بشكل استثنائي، وهذا أجبر دولًا أخرى على أن تحذو حذوها. كانت معدلات الفائدة المرتفعة للغاية: 21.5 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) 1980، وبعد ذلك، بقيت بين 15 و18 في المائة في عهد ريغان حتى يوليو (تموز) 1982 وتبع ذلك ركود عالمي استمر سنوات، وأثَّر بشدة في الصناعة، وبخاصة أن ارتفاع الدولار جعل المصنوعات الأميركية أقل قدرة على المنافسة.

وفي 2022 كان العالم على موعد مع «فولكر جديد» هو جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الحالي الذي أعاد نسخة مشابهة إلى حد بعيد لسياسات شبيهة في مواجهة التضخم باستخدام أقوى أسلحته: التحكم في تكلفة اقتراض الشركات والأفراد للمال. والمصرفي الكبير تحدث- وهو يرفع سعر الفائدة على الدولار- عن «الألم»، وهو في الغالب ألم الطبقتين الدنيا والمتوسطة الذين من المرجح أن يفقدوا وظائفهم، وباول يخف إعجابه ببول فولكر، الذي يعتبر اسمه مرادفًا عمليًا لمحاربة التضخم بأي ثمن حتى لو كان الثمن ركودا مزلزلا، وهو بالضبط ما فعله فولكر مرتين في ثمانينات القرن الماضي. وباول وصف فولكر خلال شهادة أمام الكونغرس بالبطل: «أعظم موظف عام اقتصادي في تلك الحقبة».

 

إدمان التفكير بالتمني

نحن اليوم في الواقع، في 2022 نكمل العقد السادس من التعايش مع التنبؤات الكاسحة بزوال الدولار، وهي تنبؤات يعود تاريخها إلى عام 1971 على الأقل، عندما أنهى الرئيس ريتشارد نيكسون إمكانية تحويل الدولار إلى ذهب. ومنذ العام 2009 لا يكاد الحديث عن نهاية الدولار كعملة عالمية يتوقف، صحيح أنه يتفشى أكثر في لحظات احتدام المواجهة السياسية في العلاقات الدولية، لكنه يظل ضيفًا دائمًا، أو قل «حلمًا أبديًا» لا يتحقق!

ومن الحقائق التي نادرًا ما يشار إليها أن أحد أبرز عوامل استمرار الدولار مهيمنًا أن النفط، وهو أحد أكثر السلع الأولية تداولًا في العالم، بحجم تجارة يتجاوز تريليون دولار سنويًا يسدد أكثر من 99 في المائة من ثمنه بالدولار. وهيمنة عملة واحدة على هذا النحو يعد استثناء لا سابقة له في التاريخ، حيث إن حوالي 90 في المائة من التبادل التجاري في العالم بالدولار، وكذلك حوالي 40 في المائة من سوق الأسهم العالمية و40 في المائة من الديون العالمية. ولدى البنوك غير الأميركية ما يزيد على 25 تريليون دولار التزامات دولية مقومة بعملات أجنبية بينها ما يقارب 20 تريليونًا بالدولار. ورغم أن اليوان الصيني قد أصبح في 2016 من العملات الاحتياطية العالمية، كان ما تمتلكه البنوك المركزية في العالم منه في 2020 لا يتجاوز ما قيمته 221 مليار دولار، وفي المقابل تمتلك الصين ما يقرب من تريليون دولار من سندات الخزينة الأميركية وتربط اليوان بالدولار!!!

وبلغة الأرقام، في عام 2019، كانت نسبة اليورو- العملة الثانية بعد الدولار- من الاحتياطات النقدية العالمية 20 في المائة ويليه الين بنسبة 5 في المائة. وفي الواقع، أصبح وضع الدولار في 2022، كعملة احتياطية عالمية مهيمنة، أقوى من أي وقت مضى.

الاستخدام الواسع للدولار رأس حربة اقتصادية في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا

 

الدولار سلاح دمار شامل!

روسيا تعرضت إلى حرب مالية باردة.

تلك خلاصة ما يشهده الاقتصاد العالمي من استخدام واسع للدولار كرأس حربة اقتصادية في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، ومركزية الدولار في نظام المدفوعات العالمية تزيد قوة العقوبات المالية الأميركية. مايكل بيتيس الباحث في مؤسسة كارنيغي يثير في ورقة منشورة في أبريل (نيسان) 2022، قضية الدور السياسي الكبير للدولار في العلاقات الدولية، حيث أظهرت العقوبات التي فرضتها أميركا وحلفاؤها على روسيا، القوة الجيوسياسية الهائلة التي يمكن أن تمنحها السيطرة على نظام تبادل العملات العالمي. وهذا أحد أسباب النقاش الحاد حول ما إذا كانت دول مثل الصين قادرة على إنشاء بديل موثوق به للدولار أم لا؟

إحدى الأدبيات المهمة التي تتصف بكثير من الرصانة والعمق (الجغرافيا السياسية ومستقبل الدولار الأميركي كعملة احتياطية، كولين وايس، مجلس محافظي نظام الاحتياطي الفيدرالي، أكتوبر/ تشرين الأول 2022)، تقرر أن «الاستخدام الدولي للدولار الأميركي يمنح الحكومة الأميركية مجموعة إضافية من الأدوات التي يمكنها استخدامها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، إلى جانب أسلحة القوة الناعمة الأخرى»، لكن الإشارة الأكثر خطور وإثارة هي تعبير: «الاعتماد المتبادل كسلاح». والاعتماد المتبادل من السمات الرئيسية لعالم ما بعد الاتحاد السوفياتي (تسعينات القرن الماضي وما بعدها)، حيث أدى تحول الاقتصاد العالمي، بدرجة ملموسة، إلى أوانٍ مستطرقة تتصف بحرية اقتصادية نسبية كبيرة إلى نتائج لم تكن جميعها تكريسًا لهيمنة أميركية من أي نوع، بل سمح «الاعتماد المتبادل» بصعود الصين وإعادة بناء روسيا وتقدم تركيا والهند وقوى أخرى من عالم الجنوب/ الشرق، لكن هذا بالقدر نفسه، جعل أية عقوبات أميركية أكثر إيلامًا.

ويرى مايكل بيتيس أن معظم المحللين ما يزالون «يعتقدون أن أميركا لن تقرر طوعيًا أبدًا إنهاء هيمنة الدولار، هناك وعي متزايد بأعباء لعب هذا الدور على الاقتصاد الأميركي. رغم أن أي خطوة للحد من استخدام الدولار دوليًا ستواجه معارضة في وول ستريت ومؤسسات الشؤون الخارجية والعسكرية»، وفي مقابل ذلك، فإن العمال والمزارعين والمنتجين والشركات الصغيرة الأميركية هم من يدفعون ما يرقى إلى أن يكون تكلفة اقتصادية كبيرة، و«هذا هو السبب في أن الهيمنة العالمية للدولار تفرض الآن عبئًا باهظًا على الاقتصاد الأميركي، بدلاً من الامتياز»، وهو أيضًا السبب في أن «من المحتمل أن ترفض أميركا هذا الدور في النهاية، رغم كل القوة الجيوسياسية الهائلة التي تمنحها السيطرة على نظام العملة العالمي». وبإمكان أميركا وحلفائها الكبار تأسيس نظام تجاري ورأسمالي عالمي جديد، ربما استنادًا إلى أفكار مشابهة لما اقترحه الخبير الاقتصادي جون ماينارد كينز في بريتون وودز، وبالتحديد إنشاء عملة عالمية جديدة، وليس اختيار عملة وجعلها عالمية!

وبحسب عالم الاقتصاد السياسي الدولي دانيال ماكدويل «يعتمد الناس على الدولار لأن أميركا أكثر استعدادًا بكثير من الاتحاد الأوروبي أو الصين أو اليابان» لدور «الملاذ الأخير في الأزمات المالية العالمية». ويعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر اقتصاد في العالم، لكن منطقة اليورو ليست اتحادًا ماليًا ولا سياسيًا، وهذا يجعل إقناع الآخرين بأنهم يستطيعون الاعتماد على اليورو في أوقات الأزمات، أمرًا صعبًا. وما يرجحه تيار عريض من المتخصصين- يعبر عنه على سبيل المثال مارك كوبيلوفيتش أستاذ العلوم السياسية والشؤون العامة ومدير الدراسات الأوروبية بجامعة ويسكونسن الأميركية- ومفاده أنه «قد يأتي يوم يفقد فيه الدولار دوره المركزي كعملة احتياطية عالمية مهيمنة، لكن ليس اليوم»، بل قد لا يحدث ذلك خلال هذا العقد، و«من المحتمل جدًا أن لا يحدث هذا القرن»، ولن يصبح ذلك ممكناً حتى يصبح الاتحاد الأوروبي اتحاداً سياسيًا حقيقيًا، أو حتى تطور الصين حكومة ديمقراطية ليبرالية خاضعة للمساءلة وأسواقا مالية أكثر تطورًا تقبل حرية تدفق رأس المال، ولا يبدو أن أيًا من هذه السيناريوهات سيحدث قريبًا.

حسب تقرير «فايننشال تايمز»، قوة العقوبات المفروضة على روسيا تستند إلى هيمنة الدولار الأميركي الذي يعد العملة الأكثر استخدامًا في التجارة (غيتي)

الدولار قائد اقتصادي

منذ عام 1980 اقترنت لحظات ارتفاع قيمة الدولار بنمو اقتصادي عالمي أبطأ، وهو ما يبدو بشكل أكثر وضوحًا في الاقتصادات الناشئة، حيث سيرتبط ارتفاع قيمة الدولار بمشاكل كبيرة في دول تسدد ديونها الخارجية بالدولار. ومن الحقائق المدهشة، أن القاعدة لم تزل صحيحة رغم التراجع الملموس للوزن النسبي للاقتصاد الأميركي عالميًا. وما تزال تقلبات الدولار الأميركي تلعب دورًا رئيسيا في مسار الاقتصاد العالمي، وبصفة خاصة في الدول الأقل تقدمًا. ويرى خبراء عديدون السبب الرئيسي في ذلك «النمو الهائل للأسواق المالية العالمية»، ومنذ منتصف تسعينات القرن الماضي، مع بقاء الدور المهيمن للدولار.

وتكشف دراسة طبقت على 26 دولة من الأسواق الصاعدة والبلدان النامية خلال الفترة، 2019-1999 عن أن صدمات ارتفاع الدولار تنبئ عن انخفاض الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي. وفي خلفية هذا الارتباط الشرطي الذي يبدو مستقرًا، شهد العالم خلال العقد الماضي تطورات درامية في بيئة عالمية من صدمات التضخم المرتفع، ولأسباب بينها الارتباط بالدولار، لم تتمكن دول عديدة من إدارة سياستها الاقتصادية المحلية بشكل مستقل. وفي المحصلة، «ارتفع سعر الدولار مقابل عملات أخرى بسبب المخاوف من حدوث ركود عالمي». وقد شهد العام الجاري مفارقة تاريخية غير مسبوقة: تساوي قيمة الدولار مع الجنيه الإسترليني لأول مرة في التاريخ نتيجة ارتفاع سعر الدولار. وبالتوازي، تعرضت عملات رئيسية أخرى لانتكاسات، فانخفض الين الياباني بحوالي 20 في المائة ليصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 1998، وتراجعت عملات أخرى أمام الدولار بنسب متفاوتة.

وقد كتب جورج سارافيلوس الباحث الكبير في «دويتشه بنك» في مذكرة، أن الدولار «يشهد أكبر تجاوز في التقييم منذ ثمانينات القرن الماضي. وتتراكم في العالم حالة من عدم الارتياح». وفي مقابل رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة لخفض التضخم، اختارت بنوك مركزية أخرى (البنك المركزي الياباني والبنك المركزي الأوروبي) الحفاظ على أسعار فائدة منخفضة، وخلق هذا فجوة كبيرة بين سعر الفائدة داخل أميركا وخارجها ما دفع المستثمرين للجوء إلى الدولار من أجل جني الأرباح. وصعود الدولار سيلقي ظلاله على الأسر والشركات في القارة الأوروبية. وإبطاء «دورة التشديد القوية» التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «شرط ضروري» لكبح جماح صعود الدولار.

إن التأثيرات الكبيرة للعقوبات الواسعة التي فرضتها أميركا (وحلفاؤها) على روسيا بسبب حرب أوكرانيا، وقبلها الاستخدام الأميركي الواسع للعقوبات الاقتصادية كوسيلة لإدارة علاقتها بخصوم مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران... وغيرها، يؤكد أن:

الحرب بالدولار ليست أقل إيلامًا من الصراع العسكري.

والحرب على الدولار لم تزل «أمنية» بعيدة عن التحقق في الأجل المنظور.

والدولار لم يزل يقود الاقتصاد العالمي.

حتى لو أكد البعض أن الدولار يقود العالم نحو الهاوية!!

 

* باحثة في العلوم السياسية- مصر.

 

font change