ماذا لو انتصر هتلر؟

ماذا لو انتصر هتلر؟

بدأت الحرب العالمية الثانية في شهر سبتمبر/ايلول 1939 وانتهت في الشهر نفسه من عام 1945. انتهت بعد ست سنوات من القتال، خسر اكثر من 70 مليون انسان حياتهم بسبب الحرب، انتصرت "دول الحلفاء" على "دول المحور"، استخدمت الولايات المتحدة القنبلة الذرية في الحرب لإرغام اليابان على الاستسلام.

وكان من نتائج الحرب إنشاء هيئة الأمم المتحدة، التي تقول على صفحتها الالكترونية باللغة العربية: "عندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء في عام 1945، كانت الدول في حالة خراب، وكان العالم يريد السلام. فاجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة حول التنظيم الدولي في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا في الفترة من 25 نيسان/أبريل إلى 26 حزيران/يونيه 1945. وعلى مدار الشهرين التاليين، شرعوا في صياغة ميثاق الأمم المتحدة ثم التوقيع عليه، الأمر الذي أدئ الى انشاء منظمة دولية جديدة، الأمم المتحدة، التي كان من المأمول أن تمنع نشوب حرب عالمية أخرى مثل التي عاشوها للتو".

ولكن ماذا لو كانت نتيجة الحرب مختلفة؟ ماذا لو انتصرت دول المحور؟ ماذا لو انتصر هتلر؟ كيف كان سيبدو العالم اليوم؟ هل كان سيبدو مختلفا في العمق، ام فقط في الشكل؟ هل كان الفكر النازي سيحكم العالم؟ او بعض دول العالم؟

تقوم النازية في الاساس على فكرتين رئيستين: الاولى، تصنيف المجموعات البشرية وترتيبها وفق التقسيم العرقي. الثانية، الدولة الوطنية باعتبارها الأداة الوحيدة لتحقيق الهدف الأول.

ولتحسين الجنس البشري آمنت النازية بالقضاء على المعوقين وأصحاب التشوهات وما اسمتهم "الأجناس الدنيا" في التصنيف العرقي الذي وضعته. وأيدت الدولة القومية ذات الطبيعة العسكرية والحكم المطلق، كانت ضد الديموقراطية والتعددية السياسية، عارضت مكتسبات الثورة الفرنسية، حظرت الاحزاب والنقابات، كل شيء في يد الحزب العمالي الاشتراكي، اي الحزب النازي؟

لقد تغير العالم بعمق بعد الحرب العالمية الثانية. هي لم تكن مجرد نزاع على النفوذ، أو صراع على الثروات، كانت اختبارا قاسيا لإنسانيتنا وضميرنا وأخلاقنا.

هل بامكاننا ان نتخيل كيف كان سيبدو العالم لو انتصر هتلر والفكر النازي؟ لما لا؟ ألا تبدو هذه الافكار مطبقة في كثير من الدول وان لم تكن برعاية "النازية" بالاسم؟

قتل هتلر بما يعرف بالمحرقة اليهودية أو الهولوكوست خلال فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) ملايين اليهود، فقط لانهم يهود، وتشير الأرقام إلى أن 7 من كل 10 من اليهود في أوروبا قُتلوا بسبب انهم يهود، ولكن بالطبع لم يكتف هتلر والحزب النازي باستهداف اليهود فحسب، ولكن العدد الاكبر من ضحايا المحرقة كان من اليهود.

لم يقتل النازيون اليهود فقط، بل قتلوا مجموعات اخرى من البشر، قتلوا الغجر وذو الاعاقة والمثليين واصحاب البشرة السوداء والمعارضين السياسين والمرضى النفسيين.

هل كنا سنسمع عن ملايين الضحايا لو انتصر هتلر؟ أظن نعم ولكن كنا سنتذكرهم بصوت خافت، لم يكن بين الناجين من يملك هاتفا ذكيا ليصور الفظائع التي ارتكبت، لم يكن العالم يعرف صفحات التواصل الاجتماعي ليضج بحكاياهم وآلامهم، ولكن كان من نجا منهم سيجد طريقة ليخبرنا بما حصل حتى لو انتصر هتلر، كان قادة العالم سيتعاملون مع الامر الواقع، سيتعاملون مع النازية المنتصرة، ولكن هل كان ذلك سيجعل منها امرا مقبولا؟ هل كان سيحل السلام في العالم؟ اليوم وبعد 78 عاما على انشاء الامم المتحدة ونهاية الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية، لا زالت دول كثيرة بحالة الخراب ولم يحصل العالم على السلام الذي وعد به حينها، اليوم لا تزال دول كثيرة وشعوب كثيرة تعاني من الفكر النازي وان اختلفت التسميات.

لقد تغير العالم بعمق بعد الحرب العالمية الثانية. هي لم تكن مجرد نزاع على النفوذ، أو صراع على الثروات، كانت اختبارا قاسيا لإنسانيتنا وضميرنا وأخلاقنا، ولقد ظنت البشرية أنها بتحطيم الفكر النازي وتعريته في محاكمات نورمبرغ، قد تجاوزت الماضي وعبرت جسر التحضر واثقة من نفسها وأن الوحشية قد دفنت عميقا تحت تراب ألمانيا، لكن للأسف وقعت بعد المذبحة الكبرى مذابح لا تنسى  مثل رواندا والبوسنة والهرسك ومرة جديدة تداعى العالم ليضع حدا لهذه الوحشية، فكانت محكمة الجنايات الدولية ومبدأ المسؤولية عن الحماية وذلك لمنع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وتمت محاكمة بعض الجناة في صربيا وفي رواندا.

كيف سيكون شكل المستقبل اذا استطاعت الوحشية الحصول على جائزة براءة تعيد الاعتبار لمجرمين مثل هتلر وسواه، فمهادنة المجرمين ستعيد انتاج الجريمة والوحشية بشكل اكثر عنفا وهمجية في المستقبل؟

يقول مارتن لوثر كينغ: "على الرغم من الانتصارات المؤقتة التي تتحقق بالعنف، إلا أنه لا يجلب سلاما دائما أبدا".

font change