أدباء ومثقفون: نعيش حصاد "الغولة السودانية"

جذور قديمة لأزمات بنيوية

أدباء ومثقفون: نعيش حصاد "الغولة السودانية"

وسط تصاعد أزيز الرصاص ودويّ المدافع والدبّابات في شوارع الخرطوم وعدد من المدن السودانية، ارتفعت أصوات المثقّفين والأدباء السودانيين بإدانة ما يجري من احتراب داخليّ، والتحذير من المصير الكارثيّ الذي تقوده إليه القوى المتحاربة، حيث تراق دماء أبناء السودان من الطرفين، وتتعاظم الهوّة ويكبر الشقاق لدرجة يخشى معها الانزلاق إلى حرب أهليّة طويلة الأمد لا تحمد عقباها، ويستحيل أن يخرج منها أيّ طرف منتصرا.

"المجلّة" استطلعت آراء عدد من الأدباء والكُتّاب السودانيين الذين يضنيهم ما يجري في بلادهم، ويفرض عليهم التزام الوقوف في وجه خطابات الثأر والانتقام للحؤول دون سفك دماء السودانيين على مذبح الصراع على السلطة، وباسم الشعب الذي يقع أبناؤه ضحايا من الجانبين.

اقرأ أيضا: الجيش و "الدعم السريع" في السودان... صراع نفوذ أم وجود؟

جذور ما يحدث الآن من حرب وخراب تمتدّ إلى أبعد من ذلك بكثير، وتعود بالضبط إلى تشكيل الدولة السودانية الحديثة، أو ما يطلق عليه الكثير من المثقفين 'الغولة السودانية'، فالأزمة السودانية شاملة وأعمق مما يتراءى على السطح 

منصور الصويم

مآلات متوقّعة

يرى الروائي والكاتب منصور الصويم أنّ "ما يحدث حاليا كان متوقعا لكل متابع حصيف لمآلات ثورة ديسمبر، فالثورة اختطفت منذ عامها الأول، متنازعة تحت ستار الشراكة الكذوب، ما بين الجيش وقوات الدعم السريع، ولم تكن قضية التحول الديمقراطي أولوية لأي من قادة الجيش أو زعماء "الدعم السريع". تأجل الصراع أربع سنوات، لكسب مزيد من الوقت بهدف الكسب السياسي والعسكري، لينفجر الآن ويكشف عن لؤم وأنانية القادة العسكريين في السودان، فلا الوطن ولا المواطن يمثلان أدنى أهمية للمتصارعين".

ويرى الصويم أن "جذور ما يحدث الآن من حرب وخراب تمتدّ إلى أبعد من ذلك بكثير، وتعود بالضبط إلى تشكيل الدولة السودانية الحديثة، أو ما يطلق عليه الكثير من المثقفين 'الغولة السودانية'، فالأزمة السودانية شاملة وأعمق مما يتراءى على السطح، وقد تكشفت قروحها وعوراتها خلال السنوات الماضية في شكل حروب داخلية مدمرة في الغرب والجنوب والشرق، أدت نهاية إلى انفصال الجنوب وقد تقود الآن إلى انفصال أجزاء أخرى من البلاد، في ترجمة مأساوية لآثار الحرب الدائرة حاليا".

منصور الصويم

يشدّد الصويم على أنّ "الأولوية الآن لإيقاف هذه الحرب اللعينة بأي شكل، وأن يرعوي هؤلاء القادة ويستمعوا لصوت العقل، فالوطن على المحك. ومن المهم بعد ذلك أن يجلس السودانيون لمعالجة أعطاب وأمراض الدولة السودانية والقضاء على شبحها المسيطر منذ الاستقلال. من المهم المضي في درب التحول الديمقراطي، والاعتراف المتبادل بحق الجميع في هذه البلاد الموبوءة بأنانية ساستها وقادتها. هل يمكن أن أضيف شيئا آخر؟ نعم: لابد من إيقاف ومحاسبة رموز نظام البشير 'الإسلاميين' الطامحين إلى العودة للحكم عن طريق تأجيج هذه الفتنة وإشعال النيران إلى أقصاها، فهم أسّ البلاء".

الحرب في السودان ليس بها مهزوم كما ليس بها منتصر.. صفتها الوحيدة الاستمرارية وتبادل مواقع النصر والهزيمة وما يدور الآن ليس جديدا ولا غريبا أو غير معتاد، والفرق بينه وبين ما حدث في الماضي، هو فرق مكاني 

عبد العزيز بركة ساكن

عبد العزيز بركة ساكن

المنتصر والمهزوم

أمّا الروائي عبد العزيز بركة ساكن الذي كتب عن الحروب الأهلية في السودان في عدد من رواياته فيقول إنّ "من غرائب الأمور، أن الحرب في السودان ليس بها مهزوم كما ليس بها منتصر.. صفتها الوحيدة هي الاستمرارية وتبادل مواقع النصر والهزيمة.وما يدور الآن ليس جديدا ولا غريبا أو غير معتاد. الفرق بينه وبين ما حدث في الماضي، هو فرق مكاني. كانت وما زالت الحرب تدور في دارفور وكردفان، والذين قتلوا هناك بالآلاف، كما أن الخسائر المادية كبيرة أيضا. ما يحدث اليوم، ليس سوى مظهر من مظاهر ما هو مستمر.إنها حرب لا تطمح للنصر أو الهزيمة، مثل لعبة يويو سحرية، تظل الكرة عالقة وتتأرجح إلى ما لا نهاية".

الأزمة السودانية مركبة تداعت تعقيداتها وتشعبت منذ أن نالت البلاد استقلالها ولا يمكن مقاربتها خارج سياقاتها التأريخية الثقافية والاجتماعية، وكذلك فشل النخب في قراءة واستيعاب هذا الواقع المتعدد الذي يشكل التعدد والتنوع شرط وجوده 

• ناصر السيد النور

ناصر السيد النور

في حين يعبّر الباحث والمترجم السوداني ناصر السيد النور عن اعتقاده بأنّ "الأزمة السودانية أزمة مركبة تداعت تعقيداتها وتشعبت منذ أن نالت البلاد استقلالها ولا يمكن مقاربتها خارج سياقاتها التأريخية الثقافية والاجتماعية، وكذلك فشل النخب في قراءة واستيعاب هذا الواقع المتعدد الذي يشكل التعدد والتنوع شرط وجوده. فالنخب السياسية ركنت إلى تفسيرات قاصرة في معالجة القضايا الوطنية وخاصة تلك التي يفترض النظر اليها انبثاقا من حقائق الواقع لا من التصورات والتهويمات الإيديولوجية التي يشوبها غبش في رؤيا يحيل بينها والحلول الواقعية؛ فجاء الفشل نتيجة لمقدمات خاطئة في التخطيط لمشروعات الدولة الوطنية وبنية الوعي القومي والتنمية والتحديث. ومع كل ما تلقته هذه النخب من فرص في التعليم إلّا أن عند الممارسات التطبيقية في قيادة الدولة والمجتمع ترتدّ إلى انتماءاتها الطائفية والجهوية المتهالكة بل وتصبح مصدرا توظفه هذه الانتماءات في صراعاتها السياسية التي تعود إلى نظم تفكير محلي في مرحلة ما قبل فكرة الدولة".

ويشير ناصر السيد النور إلى أنّ "ما يشهده السودان من أحداث دامية الآن هو تجسيد لأزمة عميقة تمتدّ جذورها إلى ما هو أبعد من مظاهرها الشكلية. فالخطاب السياسي المسنود -عادة- بالقوة العسكرية الضاربة يتجاهل في استخفاف متعمّد الخطاب الثقافي والاجتماعي وبالتالي أقصي المثقف وهمّش، ما أفقد الرؤية الوطنية الشاملة عنصر المكون الثقافي والفكري الذي يتكامل به تكوين الدولة. فالدول لا تبني حصرا على القوة العسكرية التي لا تحتمل الحوار الديمقراطي فتكلّس تبعا لذلك العقل الجمعي ومن ثم تغيّب الوعي وتسيّدت سياسة القطيع. وعلى الرغم من ثورات السودان المدنية الديمقراطية الثلاث إلّا أنّ التدخل السياسي الغليظ أحبط كل محاولات التغيير في الحلم ببلد ينعم بالتطور والحرية والديمقراطية مستفيدا من الفرص التاريخية في التحول كما فعلت بعض الدول في تخطّي المحن والعبور نحو المستقبل".

يؤكد ناصر السيد النور على أنّ "من بديهيات السياسة ألا يتحقق استقرار سياسي في بلدٍ ما إذا ما أقصيت القوى السياسية والمدنية أو امتنعت عن المشاركة، مع أن الواجب الديمقراطي يمنح الحقّ في الامتناع كموقف دون إبداء أسباب ما لم يخالط ذلك الامتناع نية تقويض النظام القائم. والنظام القائم ليس بالضرورة أن يفهم منه الأشخاص الذين هم على سدّة الحكم أو بالطريقة التي أوصلتهم إليه؛ فأجهزة الدولة ومؤسساتها والحق العام من بنية النظام في الدولة. وقد ثبت بالتجربة في الحالة السودانية استحالة التوصل إلى حالة من التصالح السياسي الذي من شأنه إزالة الاحتقان السياسي مهما اختلفت مصادره. فيبقى المطلوب إعادة تعريف المفاهيم لإعادة بناء الدولة وفق أسس جديدة يقتضيها الواقع المعاصر لا اجترار التجارب الفاشلة. فالمسؤولية أخلاقية قبل أن تكون سياسية وهي تكمن في تكييف التنوع وإدارته وفق سياسة حكم راشد للخروج من دائرة التداول السلطوي بين حكومات ديمقراطية منتخبة قصيرة الأجل ودكتاتوريات ينتجها خيال سياسي فقير".

لا بدّ من وجود حل سلمي في أسرع وقت والعودة للمسار السلمي في عملية تسليم السلطة للمدنيين ودعم الفترة الانتقالية وصولا لانتخابات حقيقية بعيدا عن الاتفاقات التي تتم تحت الطاولة وتسييس الجيش 

محمد الطيب

هل يصمت السلاح؟

يذكر الكاتب والروائي محمّد الطيب أنّ "الصدام العسكري بين الجيش والدعم السريع كان مؤجّلا لحين تعارض المصالح وقد حدث الآن. المحيط الإقليمي في تأريخه المعاصر ينبئك عن مصير الدول التي تنمو فيها المليشيات حتى تتفوق على الجيش أحيانا وعن التفتت والتشرذم والحروب الأهلية التي تعقب ذلك، ومن هنا فإنّ على الجيش ممارسة دوره الطبيعي في حماية الحدود ودعم العملية الديمقراطية بدلا من محاربتها، فالسودان أنهك من الحروب الأهلية والديكتاتوريات المتعاقبة والانقلابات العسكرية التي يفضي كل منها للآخر".

 

ويدعو محمد الطيب إلى حلّ  سياسيّ قائلا إنّه "لا بدّ من وجود حل سلمي في أسرع وقت والعودة للمسار السلمي في عملية تسليم السلطة للمدنيين ودعم الفترة الانتقالية وصولا لانتخابات حقيقية بعيدا عن الاتفاقات التي تتم تحت الطاولة وتسييس الجيش، هذا هو الدور الطبيعي الذي يقوم به كل ضابط وطني غيور على وطنه بدلا من المماحكة بحثا عن تطويل أمد سلطة غير شرعية لا تقدم خدمة لشعب يرزح تحت نير ضائقة اقتصادية وانعدام الأمن وصولا إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر".

ويجد محمد الطيب أنّ "دعم مبادرة إيقاد لوقف الاقتتال أمر لا بدّ منه والعودة للمسار السلمي في عملية تسليم السلطة وخلق زخم سياسي يفضي لتكوين حكومة مدنية ومجلس تشريعي يضمن الخروج من عنق الزجاجة، وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر التي أهرقت لأجلها الدماء وأزهقت أرواح خيرة شبابها ثمنا لها".

ويقول محمد الطيب كذلك إنّه "لا بدّ أن يصمت السلاح ويدور حوار مجتمعي شامل وتُناقش مشاكلُ هذه البلاد تحت الضوء ويعمل مبضع الجراحة في جسدها المثخن بالأورام يقف عليها الحريصون على الوطن بعيدا من المطامع الشخصية والانصياع لبريق السلطة الكاذب. المؤسف حقا أن من يملك السلاح لا ينصت إلّا لدوي القنابل وأزيز الرصاص، وكما قال دريد بن الضمة (بذلت لهم نُصحي بِمُنعرَجِ اللِّوى... فلم يَستبينوا النصحَ إلا ضُحى الغَدِ)".

في الماضي كان يلتقي جيشان في أرض خلاء ويتقاتلان حتى يقضي أحدهما على الآخر، أما اليوم فتنتصر العمليات السياسية المحكمة، وهذا يبين لنا أنا قادتنا الحاليين بعيدون كل البعد عن روح العصر، ولا يعلمون عن السياسة سوى أنها الجلوس على الكرسي لأطول فترة ممكنة 

أيمن بيك

بلاد معطّلة

أمّا القاصّ   والروائي أيمن بيك، فيلفت إلى أنّه "لم يكن ليخطر على بالنا يوما أن تصل الأمور إلى ما نراه اليوم من تجييش وتحشيد وتخريب ودمار بين أكبر جيشين في السودان، واللذين كان من المأمول أن ُدمجا سويا في القريب العاجل، لكن وصول المطامع السياسية إلى طاولات القادة العسكريين قادنا إلى هذا المصير. واليوم بلادنا معطلة تماما، ولا يستطيع أحد أن يخرج من بيته دون أن تصيبه قذيفة أو رصاصة طائشة".

أيمن بيك

ويرى أيمن بيك أنّه "لا يمكن للسودان الخروج من هذه الأزمة إلا إذا احتكم القادة إلى صوت الحوار، فلا يمكن في وقتنا الحالي أن تحسم البندقية مثل هذه النزاعات، هذا كان في الماضي حيث يلتقي جيشان في أرض خلاء ويتقاتلان حتى يقضي أحدهما على الآخر، أما اليوم فتنتصر العمليات السياسية المحكمة، وهذا يبين لنا أنا قادتنا الحاليين بعيدون كل البعد عن روح العصر، ولا يعلمون عن السياسة سوى أنها الجلوس على الكرسي لأطول فترة ممكنة. وهذا النزاع إذا استمر فسيستمر طويلا، ولن يحسم على الإطلاق، وستكون نتائجه الرئيسة الدمار الشامل لكل المدن، وقتلى بالآلاف، وفي النهاية لا شك سيتفق المتحاربون على وقف القتل، لكنهم لن يجدوا من يحكمونهم، فقط جثث في كل مكان، ولنا في بعض دول الجوار عبرة".

ويثني أيمن بيك على الدور الإقليمي والدولي بالقول إنّه "عموما نحمد لجيراننا وللمجتمع الدولي اهتمامهم المتعاظم بالسودان، وفي الوقت الحالي لا تهمنا أغراضهم، طالما أنهم يساعدون على الاستقرار الذي نطمح إليه، والذي لا شك سيجلب إلينا قيادة وطنية مدنية ديموقراطية حكيمة وحريصة على مصالح البلاد قبل مصالح الدول الأخرى وأطماعها. دول الجوار قد تسهم في تهدئة الوضع، لكننا نعول على المواطن في رفض الحرب ورفض المشاركة فيها ورمي الحطب في نارها. خلاصة الأمر ما زلنا متفائلين، ما نزال قادرين على إخماد صوت البنادق، وإعادة العسكر إلى مهامهم الرئيسة بعيدا من كراسي الحكم، وتكوين حكومة مدنية ذات مهمات وطنية محددة توصلنا لأول انتخابات منذ ثلاثين سنة".

أهل السودان هم من يدفع فاتورة الوجود الإخواني الوخيم على سدة الحكم، إنه ليس قتالا من أجل حرية الشعب السوداني وسلامه كما يدعي الطرفان، إنما هو صراع على السلطة، فالنظام الإخواني المهيمن يريد الإبقاء على هيمنته التي ضمنت له الاستحواذ على ثروات البلاد 

• عوض مبارك

مستقبل شديد القتامة

أمّا الروائي والكاتب عوض مبارك فيؤكد أنّ "ما يدور حاليا في السودان من اقتتال وتدمير ليس غريبا عن المواطن العربي، خصوصا مواطني بلدان الربيع العربي وما أفضت إليه حراكاتهم من حروب أعقبتها عودة النظام القديم، إنما الغريب هو تأخر الحرب المرتبط بتأخر الربيع السوداني عن نظرائه في البلاد العربية، والفرق بين ربيع السودان وربيع العرب هو أن نظام السودان كان في الأساس نظاما معتمدا على انقلاب عسكري ضد نظام ديمقراطي منتخب من قبل الشعب، وليس خافيا على أحد أن منفذي ذلك الانقلاب الغاشم هم مجموعة ضباط يتبعون لجماعة الإخوان المسلمين، ومنذ اليوم الأول لنجاح الانقلاب اتخذ الحكام الجدد خطوات سريعة من أجل التمكين، منها الفصل التعسّفي لأحرار الخدمة العسكرية والمدنية وإحلال الإسلاميين مكانهم، وتغيير سياسة القبول للكلية الحربية، فبعد أن كانت الفرص تمنح للطلاب المؤهلين بدنيا وذهنيا وحياديا، صارت تمنح للطلاب المنظمين ضمن حزب الإخوان فقط وليس سواهم بغض النظر عن اهليتهم للاضطلاع بالعمل العسكري أم لا".

اقرأ أيضا: جذور صراع العسكر في السودان وميزان القوى

وينوّه عوض مبارك إلى أنّه "بناء على ذلك تخرجت أجيال بعضها الآن برتبة فريق ولواء وعميد وعقيد، وهي من يقود القوات المسلحة الآن، بمعنى أن المؤسسة العسكرية لم تعد قومية كما يظن البعض، بل هي أيضا ميليشيات تابعة للإخوان المسلمين يحركونها كيفما شاؤوا، من هنا جاءت استمراريتهم في الحكم، وواهم جدا من ظن أو يظن أن ثورة التاسع عشر من ديسمبر قد أسقطت النظام، فالنظام لا زال يمسك بقبضة الأمور في البلاد، إنهم فقط استبدلوا رأس النظام برأس آخر وفق ما تقتضيه المصلحة".

عوض مبارك

ويلفت مبارك إلى أنّ "أهل السودان هم من يدفع فاتورة الوجود الإخواني الوخيم على سدة الحكم، إنه ليس قتالا من أجل حرية وسلام الشعب السوداني كما يدعي الطرفان، إنما هو صراع على السلطة، فالنظام الإخواني المهيمن يريد الإبقاء على هيمنته التي ضمنت له الاستحواذ على ثروات البلاد، وحميدتي وضع يده على ذهب السودان الذي فتح له أبوابا تجارية عالمية لم يكن يحلم بها فضلا عن علاقاته الدولية وصداقاته الشخصية مع بعض القادة الإقليميين والعالميين كفلت له الظهور في أي دولة بمظهر الرئيس وليس نائب الرئيس أو المسؤول العادي".  

ويختم مبارك حديثه بالقول "فهل من المتوقع أن يتخلّى عن هذه الامتيازات وهذه المصالح الكبيرة بدمج قواته في القوات المسلحة وأن يصبح مجرد ضابط ينفذ أوامر من هم أعلى منه رتبة ويتقاضى راتبا شأنه شأن بقية الضباط العاديين بينما صقور الإخوان في الجيش يتمتعون بنعيم البزة العسكرية ويتمرغون في جاهها، لعله أدرك هذه الحقيقة فأجاب عنها بذهنية المغامر النزق 'نكون أو لا نكون' ولا زال الردّ جاريا ولا ندري من سيبتلع الآخر! والتنبؤ بالمستقبل مستحيل جدا، فقد أصبح شديدَ القتامة في ظلّ صراع غاب فيه الحوار واحتكمت أطرافه إلى قوة السلاح وحده".

font change

مقالات ذات صلة