سياسي آخر من عائلة كينيدي!

هل يصل شخص آخر من عائلة كنيدي إلى الرئاسة؟

روبرت ف. كينيدي يعلن ترشحه الى الرئاسة الاميركية اثناء حفل انتخابي في بوسطن في 19 أبريل

سياسي آخر من عائلة كينيدي!

أعلن روبرت إف كينيدي جونيور ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2024، في 19 أبريل/نيسان 2023، متحديا الرئيس الحالي جو بايدن.

وقد أعاد هذا الإعلان كثيرا من الذكريات، حيث أجرى الناس مقارنات فورية بين الرجل الوسيم البالغ من العمر 69 عاما ووالده الكاريزماتي الذي كان يشغل منصب النائب العام (وزير العدل)، والذي اغتيل أثناء ترشحه للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 1968، بالإضافة للمقارنة بينه وبين عمه الرئيس جون إف كينيدي، الذي اغتيل في دالاس عام 1963.

كينيدي جونيور محام بيئي مشهور ومربي صقور شارك في تقديم برنامج إذاعي شعبي في الولايات المتحدة، وقام بتأليف وتحرير عشرة كتب، اثنان منها أصبحا من أكثر الكتب مبيعا بحسب "نيويورك تايمز".

عائلة كينيدي هي الأشهر في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، إذ يشغل أفرادها بشكل متقطع مناصب عامة منذ عام 1884 وحتى الآن. وفي حال نجاحه في الانتخابات، سيكون روبرت جونيور ثاني شخص من عائلة كينيدي يصل إلى الرئاسة، تماما كما حدث مع الرئيس السادس للولايات المتحدة جون كوينسي آدامز (1825-1829) الذي خلف والده جون آدامز (1797-1801)، وكما كان جورج دبليو بوش هو الشخص الثاني من عائلته ينجح في دخول البيت الأبيض. ولو فازت هيلاري كلينتون في عام 2016، لكانت ثاني فرد من عائلة كلينتون ينجح في الانتخابات. كان كينيدي الحالي في التاسعة من عمره عندما اغتيال عمه، وفي الرابعة عشرة عندما أُردي والده قتيلا في فندق "الأمباسادور" في لوس أنجلس على يد المهاجر الفلسطيني سرحان سرحان– الذي ما زال حتى عام 2023 حيا ويقبع في سجن سان دييغو.

كينيدي جونيور محام بيئي مشهور ومربي صقور شارك في تقديم برنامج إذاعي شعبي في الولايات المتحدة، وقام بتأليف وتحرير عشرة كتب، اثنان منها أصبحا من أكثر الكتب مبيعا

في ظل بوبي


يتجاوز عمر روبرت إف كينيدي جونيور كثيرا عمر والده بوبي حين ترشح للانتخابات، فقد كان عمره حينها 43 عاما. وكان بوبي قد فاز لتوه في الانتخابات التمهيدية في ولاية كاليفورنيا عندما حجزه سرحان في مطبخ الفندق وأطلق عليه النار أربع مرات من مسافة قريبة جدا. وكان السبب المعلن لجريمة سرحان– البالغ من العمر 25 عاما حينها- هو دعم بوبي لإسرائيل. قتل بوبي قبل خمسة أشهر من الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1968؛ فاختار سرحان تاريخ الخامس من يونيو/حزيران 1968 لينفذ هجومه تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لحرب الأيام الستة التي أدت إلى احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية إضافة الى الجولان وسيناء.

Reuters
صورة رفعت اثناء حفل انتخابي لروبرت ف كينيدي الصغير امام والده روبرت كينيدي الذي اغتيل في 1968


حكم الأخوان كينيدي أميركا في الستينات، بوجود جون في البيت الأبيض وروبرت في منصب المدعي العام حتى عام 1964، عندما تم انتخابه سيناتورا عن نيويورك. يعرف روبرت جونيور هذا التاريخ جيدا، سواء عن طريق عائلته أو بعد دراسته لتاريخ الولايات المتحدة في هارفارد، قبل التحاقه بكلية الحقوق بجامعة فيرجينيا. شهد ذلك العقد أربعة اغتيالات تركت رعبا دائما في النفس الجماعية للأمة الأميركية: جون إف كينيدي في نوفمبر/تشرين الثاني 1963، ومالكولم إكس في فبراير/شباط 1965، ومارتن لوثر كينغ في أبريل/نيسان 1968، وتلاه بوبي في يونيو/حزيران من العام نفسه. 


حاول محامو سرحان مرارا إطلاق سراحه بكفالة، دون أن يحالفهم الحظ، مستشهدين بسجله النظيف في السجن منذ عام 1968. وإذا تم الإفراج عنه، فسيتم ترحيله فورا إلى الأردن، البلد الذي جاء منه إلى الولايات المتحدة في الخمسينات، نظرا لكونه لم يكن قد حصل على الجنسية الأميركية عندما حدثت الجريمة. 


أثار روبرت كينيدي جدلا كبيرا، حيث قال بعد زيارته لسرحان في زنزانته عام 2017: "ذهبت إلى هناك لأنني كنت فضوليا ومنزعجا مما رأيته في الأدلة. لقد انزعجت لأن الشخص الخطأ ربما أدين بجريمة قتل والدي. والدي كان كبير ضباط إنفاذ القانون في هذا البلد. أعتقد أنه كان من الممكن أن يزعجه إذا تم وضع شخص ما في السجن لجريمة لم يرتكبها".
 

حكم الأخوان كنيدي أميركا في الستينات، بوجود جون في البيت الأبيض وروبرت في منصب المدعي العام حتى عام 1964، عندما تم انتخابه سيناتورا عن نيويورك


شخصية مثيرة للجدل


بصرف النظر عن نسبه العائلي، يعرف الأميركيون كينيدي الحالي بسبب خطابه المناهض للقاحات خلال جائحة كوفيد-19 عام 2020، حيث انتقد بشدة الحظر الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب، مقارنا الحظر القسري بدكتاتورية ألمانيا النازية. وحرص كينيدي على التطرق إلى هذا الموضوع خلال خطابه الأول في حملته الانتخابية يوم 19 أبريل/نيسان الحالي، والذي استمر قرابة ساعتين، منتقدا أيضا دعم بايدن للحرب على أوكرانيا. ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" فرصته للنجاح في الانتخابات بأنها بعيدة المنال، على الرغم من إقرارها بأن استطلاعات الرأي أثبتت أن خمسين في المائة من الديمقراطيين يرغبون في رئيس آخر غير جو بايدن.

AFP
روبرت ف كينيدي وزوجته الممثلة شيريل هاينس يلوحان للمؤيدين بعد اعلان كينيدي ترشحه في 19 أبريل في بوسطن


وكان ملاحظا للغاية عدم وجود الأعضاء البارزين من عائلة كينيدي لدعم خطابه في فندق بارك بلازا في بوسطن، المدينة التي كانت ذات يوم معقلا لعائلة كينيدي. لم يكن هذا مفاجئا، لكون فيكتوريا ريجي كينيدي، زوجة عمه الراحل تيدي، سفيرة الرئيس بايدن في النمسا، بينما تشغل كارولين، ابنة الرئيس كينيدي، ذات المنصب في أستراليا. ويرى كثيرون في ترشح كينيدي المفاجئ إحراجا لهم، سواء بسبب وضعهم داخل الحزب الديمقراطي أو بسبب إدارة بايدن. انتقدت عائلة كينيدي روبرت في السابق، أولا بسبب موقفه من موضوع اللقاحات، وثانيا بسبب دعمه لإطلاق سراح سرحان سرحان.


شن بوبي قبل خمسة وخمسين عاما حملة لإنهاء الحرب في فيتنام، بينما سيقوم ابنه- على الأرجح- بجعل إنهاء الدعم الأميركي لأوكرانيا معيارا أساسيا لبرنامجه القادم. وفي حال حدوث هذا الأمر، فإنه سيبعد عائلة كينيدي عنه بشكل أكبر، مما سيخلق مزيدا من الاحتكاك مع بايدن الذي أعلن أنه سيسعى لإعادة انتخابه عام 2024... "ستكون مهمتي طيلة الأشهر الثمانية عشر القادمة من هذه الحملة وطوال فترة رئاستي إنهاء الاندماج الفاسد لسلطة الدولة والمؤسسات الذي يهدد الآن بفرض نوع من الإقطاعية المؤسساتية في بلدنا، من أجل تسليع أبنائنا، وتسميم شعبنا وأطفالنا بالمواد الكيميائية والأدوية، وتجريد أصولنا وتفريغ الطبقة الوسطى وإبقائنا في حالة حرب مستمرة".
 

بصرف النظر عن نسبه العائلي، يعرف الأميركيون كينيدي الحالي بسبب خطابه المناهض للقاحات خلال جائحة "كوفيد-19" عام 2020، حيث انتقد بشدة الحظر الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب

لعنة كينيدي


تحدث كثيرون لسنوات عديدة عما يسمى "اللعنة" التي حلت على عائلة كينيدي ذكورا وإناثا على حد سواء، فقد قُتل كثير منهم، أو ماتوا صغارا، بعضهم في ظروف غامضة. وكان أشهرهم الأخوان جون وروبرت كينيدي اللذين قتلا عامي 1963 و1968 على التوالي. وكاد شقيقهما الأصغر تيد أن يموت في حادث تحطم طائرة في بستان تفاح بالقرب من ساوثهامبتون، ماساتشوستس عام 1964. وتوفي ديفيد ابن بوبي بسبب جرعة زائدة من المخدرات عام 1984، وكذلك حفيدته سويرس عام 2019، وكانت حينها في سن الثانية والعشرين. وفي أبريل/نيسان 2020، اختفت حفيدة أخرى، مايف كينيدي ماكين (كبيرة مستشاري حقوق الإنسان في عهد إدارة أوباما) مع ابنها البالغ من العمر ثماني سنوات عندما غرق زورق كانا يستقلانه. وانتشلت جثتها في الأسبوع التالي وجثة ابنها بعد يومين. وتوفي مايكل الابن السادس لروبرت كينيدي متأثرا بجروح أصيب بها في حادث تزلج عام 1997 بينما توفي جون جونيور نجل الرئيس كنيدي في حادث تحطم طائرة عام 1999.


عاش المرشح الرئاسي المحتمل ما يمكن وصفه بحياة آمنة حتى الآن. إلا أن ذلك قد يتغير إذا ما قرر أن يصبح سياسيا بشكل كامل، ويسير على خطى والده وعمه المقتولين.
 

font change