تشهد إسرائيل منذ سبعة أشهر تقريبا، أي منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى منصب رئاسة الحكومة (في الشهر الأخير من العام الماضي) مع ائتلافه المتشكل من أحزاب اليمين القومي والديني المتطرف، تشهد نوعا من الهزّة السياسية، على مختلف الأصعدة، في علاقة الدولة بمواطنيها، وعلاقة التيارين الأكبر (الديني والعلماني) في مجتمعها، وفي علاقة إسرائيل بالغرب الذي تعتبر نفسها امتدادا له في الشرق الأوسط.
ما يلفت الانتباه أن تلك الهزة ناجمة، أيضا، عن انزياح في نظامها السياسي، أو في طريقتها المعهودة في حل أو تجاوز التناقضات المتضمنة فيها، بين الشرقيين والغربيين، والعلمانيين والمتدينين، واليسار واليمين، وبين المستوطنين القدامى والجدد، وبين الإسرائيليين ومواطنيها من العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين، وهي التي لم تكن تتأسس على الحسم، وإنما على التوافقات، وتدوير الزوايا.
بيد أن تلك الهزّة ترافقت، أيضا، مع هبة شعبية قوية شهدتها إسرائيل طوال تلك الفترة، إذ شملت المظاهرات والاحتجاجات القطاع الأكاديمي، وقطاع الأطباء، والصناعيين، ومنظمة الهستدروت، والشركات الكبرى، وضمنها العاملون في شركات الـ"هاي تيك"، كما شملت قطاع الجيش وهو ما تمثل بامتناع ضباط احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، وفي وحدات قوات النخبة، والمجندين المدعوين للاحتياط، عن الالتحاق بوحداتهم، على أساس أن خدمتهم يفترض أن تكون للدفاع عن الشعب أو عن الدولة وليس عن حكومة فئوية، أخلت بإجماع إسرائيل التاريخي في كونها دولة ديمقراطية وعلمانية.