الاتصال بتكنولوجيا الجيل السادس: مَن، ماذا، أين، متى، لماذا؟

التحكم بالوقت والاستجابة باللحظة بما يسهل تطوير الروبوتات وانترنت الأشياء

دايف موراي
دايف موراي

الاتصال بتكنولوجيا الجيل السادس: مَن، ماذا، أين، متى، لماذا؟

يشير الجيل السادس (6G) إلى التطور المتوقع الآتي في تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي بعد الجيل الخامس (5G)، وعلى الرغم من أن الجيل الخامس لا يزال تنفيذه وتطويره جاريين، إلا أن الباحثين وخبراء الصناعة يستكشفون بالفعل الميزات والقدرات المحتملة للجيل السادس.

من المتوقع أن يوفر الجيل السادس سرعات بيانات أكبر وتأخيرا أقل وسعة أكبر مقارنةً بسلفه. هو يهدف إلى دعم التكنولوجيات والتطبيقات المبتكرة مثل الاتصالات الثلاثية البعد (الهولوغرافية) وتجارب الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) المتقدمة، واتصالات إنترنت الأشياء (IoT) وغيرها.

لا يزال الجيل السادس مفهوما قيد الاستكشاف والتطوير، ولم يجر التوصل بعد إلى التفاصيل المحددة حول تنفيذه وميزاته في شكل قاطع، إذ من المتوقع أن يبدأ تطبيقه في عام 2030. مع ذلك، استنادا إلى المناقشات والبحوث المبكرة، هناك مجالات رئيسة عدة من المتوقع أن يختلف فيها الجيل السادس عن الجيل الخامس أهمها:

السرعة والسعة: يهدف الجيل السادس إلى توفير سرعات بيانات أعلى وسعة أكبر من الجيل الخامس. قد يوفر معدلات بيانات قصوى تصل إلى تيرابايتات في الثانية (Tbps) لدعم الطلب المتزايد على التطبيقات والخدمات ذات النطاق الترددي العالي.

التأخير: من المتوقع أن يقلل الجيل السادس التأخير في شكل أكبر، أي الوقت الذي تستغرقه البيانات للانتقال بين الأجهزة. هو يهدف إلى تحقيق تأخير منخفض للغاية، ربما يصل إلى نطاق أقل من المليثانية. ويمكن أن يحسن هذا التطور التطبيقات العاملة في الوقت الفعلي مثل المركبات الذاتية القيادة والجراحة عن بعد والإنترنت التطبيقي اللمسي.

من المتوقع أن يدمج الجيل السادس الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML) في شكل أعمق في هيكل شبكته

 التردد والطيف: قد يستخدم الجيل السادس حزما ترددية أعلى من الجيل الخامس، بما في ذلك نطاق بالتيراهيرتزات (THz). وتوفر هذه الترددات العالية عرض نطاق أكبر، مما يتيح نقل البيانات بوتيرة أسرع. مع ذلك، تشكل هذه الترددات العالية تحديات تقنية تتعلق بانتشار الإشارة والتغطية.

 الاتصال الذكي: من المتوقع أن يدمج الجيل السادس الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML) في شكل أعمق في هيكل شبكته. ويمكن للتكنولوجيات الممكّنة بالذكاء الاصطناعي تحسين توزيع الموارد وزيادة كفاءة الشبكة وتمكين ميزات متقدمة مثل تشكيل الحزم الذكي والاتصال السياقي.

الاستخدامات والتطبيقات الجديدة: يُصمَّم الجيل السادس لدعم التكنولوجيات والتطبيقات الناشئة التي تتطلب اتصالا عالي السرعة والموثوقية. تشمل هذه التجارب «الواقع الممتد الغامر» (XR) والاتصالات «الهولوغرافية» والروبوتات المتقدمة واتصالات إنترنت الأشياء المستمرة وغيرها.

دايف موراي

من المهم أن نلاحظ أن تطوير الجيل السادس ونشره لا يزالان في مراحلهما الأولى، ويمكن أن تتطور هذه التوقعات مع تقدم البحث وتحديد معايير القطاع.

عبر الأجيال

الجيل الأول (1G) يشير إلى الجيل الأول من شبكات الهواتف الخليوية التناظرية التي جرى تقديمها في الثمانينات. وهي عرضت إمكانات الاتصال الصوتي الأساسية وكانت لها قدرة محدودة على المكالمات المتزامنة. وتشمل التكنولوجيات المستخدمة في شبكات الجيل الأول نظام الهاتف المحمول المتقدم (AMPS) والهاتف المحمول "النورديك" (NMT).

أما الجيل الثاني (2G)، الذي جرى تقديمه في أوائل التسعينات، فشهد الانتقال من الشبكات التناظرية إلى الشبكات الرقمية. وهو جلب تحسينات كبيرة في جودة الصوت والسعة والأمان. وتشمل التكنولوجيات الرئيسة للجيل الثاني نظام الاتصالات العالمي للهاتف المحمول (GSM) والوصول المتعدد بتقسيم الشفرة (CDMA). وقدمت شبكات الجيل الثاني أيضا خدمات الرسائل النصية (SMS) وخدمات البيانات الأساسية مثل بروتوكول التطبيق اللاسلكي (WAP).

وظهرت شبكات الجيل الثالث (3G) في أوائل الألفية الجديدة وقدمت نقلا أسرع للبيانات إلى جانب تحسينات في الاتصال الصوتي. وهي عرضت تكنولوجيات مثل نظام الاتصالات الجوالة العالمي الموحد (UMTS) وCDMA2000. مع الجيل الثالث، اكتسبت الأجهزة المحمولة القدرة على الوصول إلى الإنترنت بسرعات معقولة، مما مكن من تقديم خدمات مثل المكالمات عبر الفيديو، وتصفح الإنترنت على الهواتف المحمولة، وتدفق الوسائط المتعددة.

لم يمضِ وقت طويل بعد ذلك حتى جرى نشر شبكات الجيل الرابع (4G) في عام 2009، وهي قدمت تحسينات كبيرة في سرعات البيانات والسعة والأداء العام. والتكنولوجيات الرئيسية للجيل الرابع كانت تكنولوجيا التطور البعيد الأجل (LTE) و«واي ماكس» (WiMAX). وقدم الجيل الرابع سرعات تنزيل وتحميل أسرع، وتأخير منخفض، ودعمت خدمات متقدمة مثل تدفق الفيديو العالي الدقة والألعاب عبر الإنترنت والصوت عبر بروتوكول الإنترنت (VoIP).

أما الجيل الخامس (5G) فهو أحدث جيل لتكنولوجيا الاتصالات المتنقلة. بدأ تنشيطه في العقد الثاني من الألفية ولا يزال يتوسع عالميا. 

Shutterstock

تعد شبكات الجيل الخامس بسرعات أسرع، وتأخير أقل، وسعة أعلى، والقدرة على ربط عدد ضخم من الأجهزة في شكل متزامن.

تستخدم تكنولوجيات متقدمة مثل الموجات الميليمترية، وتكنولوجيا الإدخال المتعدد الضخم (MIMO)، وتجزئة الشبكة. ويمكن للجيل الخامس تمكين تطبيقات مثل التدفق العالي الدقة جدا، والألعاب السحابية في الوقت الفعلي، والمركبات الذاتية القيادة، والمدن الذكية، وإنترنت الأشياء.

لقد جلب كل جيل متتالٍ تقدما كبيرا في ما يتعلق بالسرعة والسعة والقدرات، مما يمكّن تقديم خدمات جديدة ويحول طريقتنا في التواصل والتفاعل مع التكنولوجيا.

القطاعات الاقتصادية

استناداً إلى التحسينات المحتملة المتوقعة مع الجيل السادس، يمكن أن نتوقع بعض الآثار المحتملة في القطاعات الاقتصادية. 

في مجال الاتصال والتواصل، من المتوقع أن يقدم الجيل السادس سرعات أسرع بكثير وتأخيرا أقل وسعة أعلى من الجيل الخامس. ويمكن أن يكون لهذا الاتصال المحسّن أثر تحولي في القطاعات التي تعتمد بشدة على الاتصال ونقل البيانات، مثل الاتصالات وإنترنت الأشياء والمركبات الذاتية القيادة والرعاية الصحية عن بُعد والواقع الافتراضي. 

وقد تؤدي الاتصالات الأسرع والأكثر موثوقية إلى تطبيقات ونماذج أعمال مبتكرة في هذه القطاعات.

وقد يمكّن التأخير المنخفض والموثوقية العالية للجيل السادس الأتمتة والروبوتات المتطورة أكثر في عمليات التصنيع، وسيؤدي هذا إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة، وخفض التكاليف في البيئات الصناعية. ويمكن لقدرة الجيل السادس دعم الاتصال والتحكم في الوقت الآني، أي باللحظة نفسها، أن تسهل تطوير الروبوتات والأنظمة المستقلة وأداء انترنت الأشياء.

المدن الذكية

ونظرا إلى قدرة الجيل السادس على ربط أعداد ضخمة من الأجهزة في شكل متزامن، فإن قدرته المحسنة في مجال السعة والآنية تؤثر في شكل كبير في مبادرات المدن الذكية، فتعزز الرصد والتحكم في الوقت الحقيقي للبنى التحتية الحيوية، وتحسين استهلاك الطاقة، وتمكين أنظمة النقل الذكية، وتحسين الأمان والسلامة العامة. ويمكن أن تؤدي البيانات والقرارات التي تعتمد على البيانات التي يوفرها الجيل السادس إلى تطوير حضري أكثر كفاءة واستدامة.

يعزز الجيل السادس (6G) تجارب التعلم عن بُعد، ويمكن أن يساهم في تضييق الفجوة الرقمية وتوفير الوصول المتساوي إلى التعليم، بغض النظر عن الموقع الجغرافي

وبفضل اتصالاته الموثوق بها وخفضه للتأخير، في مقدور الجيل السادس دعم تطبيقات الرعاية الصحية المتقدمة أكثر. يمكن أن يحقق عمليات جراحية عن بعد، ومراقبة المرضى في الوقت الحقيقي، ونقل مجموعات بيانات طبية كبيرة بسلاسة. وقد يعزز النطاق الترددي الأكبر والاتصالية الأفضل للخدمات الصحية، ولا سيما في المناطق النائية أو المهمشة.

ويمكن أن تحدث السرعات والقدرات المحسنة للجيل السادس ثورة في صناعة الترفيه ووسائل الإعلام. وقد تمكّن التجارب الغامرة، وتدفقات الفيديو العالية الدقة، وتطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز، والمحتوى التفاعلي.

 وقد تؤدي هذه العوامل إلى أشكال جديدة من الترفيه وتجارب شخصية ونماذج أعمال مبتكرة.

بفضل اتصاله المتقدم، يمكن أن يعزز الجيل السادس (6G) تجارب التعلم عن بُعد من خلال تمكين مؤتمرات الفيديو العالية الجودة، والفصول الافتراضية، والمحتوى التعليمي التفاعلي. ويمكن أن يساهم في تضييق الفجوة الرقمية وتوفير الوصول المتساوي إلى التعليم، بغض النظر عن الموقع الجغرافي.

وقد تعود قدرة الجيل السادس على دعم نشر إنترنت الأشياء على نطاق واسع بالفائدة على الزراعة، فتمكّن من رصد الزمن الحقيقي للمحاصيل، وحركة المواشي والظروف البيئية وإدارة أفضل للموارد وزيادة الحصاد الزراعي وتحسين إدارة سلاسل الإمداد.

font change

مقالات ذات صلة