زعماء العالم في نيويورك... والأسد في الصين... وقآني في سوريا

زعماء العالم في نيويورك... والأسد في الصين... وقآني في سوريا

في زيارة هي الأولى له منذ عام 2004، زار الرئيس السوري بشار الأسد، ترافقه زوجته ووفد كبير، الصين. الزيارة التي يحاول إعلام النظام وحلفاؤه تصويرها على أنها انتصار جديد للأسد على "المؤامرة الكونية" التي تعرض لها، جاءت أساسا تلبية لدعوة الرئيس الصيني للأسد وغيره لحضور افتتاح الألعاب الآسيوية في هانغجو يوم 23 من الشهر الحالي.

وإن كان لا بد من القول إن الزيارة ليست فقط لحضور الألعاب الآسيوية، إلا أنه أيضا لا يمكن اعتبارها حدثا رئيسا سيغير من المعادلات في المنطقة والعالم.

فبينما كان زعماء العالم وممثلون عنهم يجتمعون في نيويورك بمناسبة انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين، كان إعلام الأسد يصور الزيارة إلى الصين على أنها تأتي ضمن سلسلة أحداث فك عزلة النظام، علما أن الأسد هو ثالث رئيس نظام معزول دوليا يزور الصين هذا العام بعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والإيراني إبراهيم رئيسي.

ومنذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 وإعلان بشار الأسد حربه على السوريين المطالبين بالتغيير والديمقراطية، كانت مواقف الصين داعمة للنظام سياسيا واقتصاديا، ومارست حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن مع روسيا أكثر من مرة دعما لنظام الأسد. وفيما كانت الصين تقول إنه رفضا للتدخلات الغربية في سوريا، فإن بكين لم تفعل ما فعلته روسيا أو إيران بإرسال مقاتلين ومرتزقة ليقاتلوا إلى جانب قوات الأسد في حربهم ضد السوريين.

ومع ذلك، سبق للأسد قبل أعوام أن وصف كلا من الصين وروسيا وإيران بـ"الحكومات الصديقة". كما أن الصين سبق لها وأن قدمت كثيرا من الوعود، ووقعت عددا من الاتفاقات الاقتصادية مع النظام السوري، إلا أن هذه المشاريع لم تر النور وبقيت وعودا بانتظار التنفيذ.

منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 وإعلان بشار الأسد حربه على السوريين المطالبين بالتغيير والديمقراطية، كانت مواقف الصين داعمة للنظام سياسيا واقتصاديا، ومارست حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن مع روسيا أكثر من مرة دعما لنظام الأسد

واليوم ومع انشغال روسيا بحربها على أوكرانيا، يرى البعض أن الصين بدأت تبدي اهتماما أكبر بلعب دور سياسي كوسيط في حل أزمات المنطقة، وتوجت جهودها هذه بالاتفاق الذي تم بين السعودية وايران والذي بات يعرف بـ"اتفاق بكين".
وفي بداية عام 2022 وقعت الحكومة السورية على اتفاقية الانضمام إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي تعمل بكين من خلالها على توسيع نفوذها في المناطق النامية من خلال مشاريع البنية التحتية. الخطوة التي-كغيرها- لم تتحول إلى أي فعل عملي حقيقي وملموس، ولم يحصل الأسد من ورائها على ما ينتظره.
واليوم ومع التدهور غير المسبوق في الوضع المالي والاقتصادي في سوريا، ومع استمرار الاحتجاجات المطالبة برحيل الأسد في السويداء ودرعا وغيرهما من المناطق السورية، وبعدما فشل الأسد في التزاماته مع الدول العربية والتي عاد على أساسها إلى جامعة الدول العربية، يحتاج الأسد إلى مساعدات مالية عاجلة، وهو ما لن تقدمه له الصين حتى وإن تم توقيع اتفاقيات شراكة وغيرها، كما سبق وتم توقيع اتفاقيات سابقا بين البلدين.
تريد الصين من دعوة الأسد توجيه رسائل سياسية، أهمها أنها قادرة على استغلال الانشغال الروسي دون أن تدخل في حروب عسكرية، بينما يريد الأسد سياسيا القول إنه منتصر وغير معزول، وفعليا يريد الحصول على قروض ومشاريع تنقذ نظامه من الغرق.
ولكن يبقى أبرز ما في زيارة الأسد للصين، أنه وبينما كان يلتقط الصور هو وزوجته والوفد المرافق باسمين منتصرين، كان إسماعيل قآني قائد "فيلق القدس" الإيراني، يشرف على مناورات عسكرية مشتركة مع قوات النظام في سوريا، ويبحث وفقا لإعلام طهران سبل "المواجهة المشتركة والتحديات والانفلات العسكري والأمني في سوريا".

بين صورة قآني في سوريا، والأسد في الصين، يبقى مصير سوريا مرتبطا بمشاريع دول وحكومات معزولة ومعاقبة دوليا، بسبب انتهاكاتها، طالما أنه حتى اللحظة لا توجد إرادة حقيقية بتطبيق القرارات الدولية وإنهاء معاناة السوريين وتمزيق الخريطة السورية

وبين الصورتين، صورة قآني في سوريا، والأسد في الصين، يبقى مصير سوريا مرتبطا بمشاريع دول وحكومات معزولة ومعاقبة دوليا، بسبب انتهاكاتها، طالما أنه حتى اللحظة لا توجد إرادة حقيقية بتطبيق القرارات الدولية وإنهاء معاناة السوريين وتمزيق الخريطة السورية.

font change