الكاتب الأنغولي خوسيه أغوالوسا: الأحلام تعدّنا للواقع

الخوف من الآخر مشكلة عالمية

AFP
AFP
الكاتب الأنغولي خوسيه أغوالوسا

الكاتب الأنغولي خوسيه أغوالوسا: الأحلام تعدّنا للواقع

خوزيه إدواردو أغوالوسا واحد من أبرز الأصوات الأدبية في أنغولا. ولد في 13 ديسمبر/كانون الأول 1960 خلال حقبة الاستعمار البرتغالي. ثم انتقل إلى لشبونة عام 1975 لدراسة الهندسة الزراعية وزراعة الغابات. بعد تخرجه عمل صحافيا في العديد من الصحف والمجلات البرتغالية كما يقدم برنامجا إذاعيا عن الموسيقى والشعر الأفريقي.صدر له العديد من الأعمال التي تنوعت بين الرواية والقصة القصيرة والمقالات وقد تُرجمت أعماله إلى أكثر من 20 لغة. من بين أعماله المترجمة إلى اللغة العربية رواية "نظرية عامة للنسيان" و"بائع الماضي" و"الأحياء والآخرون". يركز أغوالوسا في أعماله الأدبية على مناقشة موضوعات الاستعمار والحرب والمنفى والهوية في قالب سردي يتميز بروح الدعابة واللغة الشعرية ومزج الحقيقة بالخيال. حصلت أعماله الأدبية على العديد من الجوائز مثل جائزة دبلن الأدبية الدولية.

*في روايتك ما قبل الأخيرة "جمعية الحالمين المتردّدين" (2020) تستكشف موضوعات الاستعمار والحرب وما بعد الاستعمار، ماذا أردت قوله في هذه الرواية؟

- تدور أحداث الرواية في زمان ومكان لا يرتبطان مباشرة بواقعنا، أي أنها بعيدة عن زماننا ومكاننا، لكنها تشير إلى أحداث مهمة في تاريخ أنغولا الحديث: الحرب الأهلية الطويلة والنظام الشمولي للرئيس الراحل خوسيه إدواردو دوس سانتوس. الرواية قصة رمزية، في سردية قريبة من السخرية، ومن الشعر أيضا، تحاول تأكيد أهمية الطوباويات وخلق الأحلام الجماعية.

*ناقشت في هذه الرواية نوعين من الحالمين، مَن يستخدمون الأحلام للنجاح في أعمالهم الفردية، ومَن يعتقدون أن الأحلام يمكن أن تغير العالم. هل يستخدم الناس الأحلام وسيلة للهروب من حياتهم أم للتحرر من مخاوفهم؟

- الأحلام تعدّنا للواقع، في حين أن الطوباويات السياسية تغيّر الواقع. وتتلاعب الرواية بهذه الاحتمالات المختلفة. وأعتقد أن البشرية تحتاج إلى خلق طوباويات جديدة، أي أدوات تغيير لمواجهة التحديات الكبرى التي نعيشها اليوم، من الاحترار العالمي إلى فشل النموذج الرأسمالي القائم على الاستغلال غير المستدام للموارد.

    البشرية تحتاج إلى خلق طوباويات جديدة، أي أدوات تغيير لمواجهة التحديات الكبرى التي نعيشها اليوم، من الاحترار العالمي إلى فشل النموذج الرأسمالي القائم على الاستغلال غير المستدام للموارد


*في روايتك "نظرية عامة للنسيان" تتناول قصة حقيقية عن سيدة تدعى لودو في الرواية، تعاني من الرهاب الاجتماعي حتى إنها لازمت منزلها طوال 30 عاما. هل كان ظهور الطفل الصغير سابالو في حياة السيدة لودو رمزيا؟

- لودو، يتيمة في الأمبراطورية البرتغالية، ينقذها هذا الصبي. يساعدها على إدراك ما هو واضح، وهو أننا - نحن أيضا - الآخر. ليس هناك آخر- هناك أناس، وكلهم يتلاءمون في داخلنا. سابالو، ويعني الاسم السبت بلغة الكيمبوندو، يأتي بعد الجمعة - بعبارة أخرى، بعد الانهيار الكامل للنظام الاستعماري. في طبيعة الحال، هذه الرواية تدين بالكثير لدانيال ديفو، في كثير من النواحي الساخرة فيها.

*فزت عن هذه الرواية بجائزة دبلن الأدبية الدولية المرموقة، متى خطرت في ذهنك فكرة الرواية، وكيف كانت عملية الكتابة باستخدام امرأة بمثابة راوية؟

- تقمصت شخصية هذه المرأة، لودو، لأشهر عدة. وهي امرأة مسنّة ومريضة، تعيش في سياق عدائي من وجهة نظرها، لكن الأمر ليس كذلك كما يتبيّن  لاحقا، وهذا ما يؤكّد هشاشتها. كانت لودو هي الراوية التي احتجت إليها لأروي تلك القصة.

*حوّلت المخرجة آن ماري جاسر روايتك إلى فيلم، فغيرت حياة لودو لتصبح نيويوركية تجد نفسها في غزة عند اندلاع الانتفاضة الأولى، وقد فازت بجائزة "يوريماج لتطوير الإنتاج المشترك" المرموقة. هل تعتقد أن الإنسانية تعاني من المخاوف نفسها في أوقات وأماكن مختلفة؟

- لا شك في ذلك. هذه قصة عالمية. ومنذ أن نشرت الرواية، تلقيت العديد من الرسائل من القراء يخبرونني عن مواقف مماثلة في مناطق مختلفة للغاية. إن مشكلة كراهية الأجانب، والخوف من الآخر، مشكلة عالمية. الشعور بالوحدة أو العزلة، ظاهرة تمتد إلى كلّ  مكان.

*في روايتك "الكريولية" استكشفت موضوعات الاستعمار والعبودية والعرق من خلال العلاقة بين كارلوس فراديك منديز وآنا أولمبيا دي كامينيا، وهي عبدة سابقة أصبحت من أغنى الأشخاص في أنغولا. أخبرنا المزيد عن هذه الرواية؟

- كتبت هذه الرواية قبل سنوات عديدة، مفتونا بالقصة الحقيقية، إنما القليلة الشهرة في ذلك الوقت، عن عبدة سابقة أصبحت تاجرة عبيد ثرية. لعلها مفارقة في أنغولا أن بعض أعظم ثروات البلاد في القرن التاسع عشر كانت تعود إلى نساء أفريقيات أصبحن ثريات من تجارة الرقيق. أكثر الحالات شهرة تعود إلى دونا آنا جواكينا، التي كانت تمتلك قصرا ضخما في وسط مدينة لواندا، أصبح مبنى محكمة الآن.

لعلها مفارقة في أنغولا أن بعض أعظم ثروات البلاد في القرن التاسع عشر كانت تعود إلى نساء أفريقيات أصبحن ثريات من تجارة الرقيق

*يترجم دانيال هان أعمالك من البرتغالية إلى الإنكليزية، كيف تصف العلاقة بين الكاتب والمترجم؟

- دانيال معي منذ البداية. بعبارة أخرى: ترجم كتابي الأول الذي نشر في إنكلترا، "الكريولية". وكانت تلك أولى ترجماته الأدبية. وأنا محظوظ للغاية، لأن دانيال مترجم استثنائي - وكاتب عظيم. وأنا مدين له بكثير من النجاح الذي حقّقته رواياتي في العالم الناطق بالإنكليزية.

*تستضيف برنامجا إذاعيا عن الموسيقى والشعر الأفريقيين. ما هي في رأيك أهم الأصوات الموسيقية الأفريقية؟

- الموسيقى الأفريقية عالم ضخم ومتنوّع للغاية، لذا من الصعب جدا الإجابة عن هذا السؤال. أستطيع أن أذكر بعض الأسماء الأقرب إلى قلبي: عبد الله إبراهيم، مانو ديبانغو، ريتشارد بونا، بونغا، نغولا ريتموس، سيزاريا إيفورا، جيفري أوريما، علي فاركا توري، زاب ماما، رقية تراوري، خوسيه كارلوس شوارتز، ميريام ماكيبا، وغيرهم كثير.

*هل تعكف حاليا على عمل جديد؟

- أعكف حاليا على كتابة رواية تدور أحداثها في بايلوندو، في المرتفعات الوسطى بأنغولا، في بداية القرن العشرين عندما كانت الممالك الأفريقية في المرتفعات الوسطى لا تزال مستقلة.

font change

مقالات ذات صلة