الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا... الاكتفاء بتجنب الهزيمة

المساعدات الغربية لكييف دفاعية بالدرجة الأولى

رويترز
رويترز
جنود أوكرانيون يستريحون داخل مخبأ في موقعهم على خط المواجهة بالقرب من بلدة كريمينا في منطقة دونيتسك، 25 أبريل

الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا... الاكتفاء بتجنب الهزيمة

تمثل حزمة المساعدات التي تمت الموافقة عليها حديثا لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار من قبل إدارة بايدن خطوة دعم مهمة، ومن المحتمل أن تساعد كييف على تجنب الهزيمة أمام روسيا. ومع ذلك، فإن هذه المساعدة لا تضمن أن يحقق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي هدفه النهائي المتمثل في النصر وتحرير الأراضي الأوكرانية الواقعة حاليا تحت الاحتلال الروسي.

وبعد أشهر من المشاحنات السياسية في الكونغرس، حيث حاول الجمهوريون المعارضون لاستمرار دعم واشنطن لكييف عرقلة حزمة المساعدات، تستطيع كييف الآن أن تعتمد على إمدادات الأسلحة التي تحتاجها بشدة لمنع الروس من تحقيق اختراق حاسم، بعد أن فشلت أوكرانيا في تحقيق أي مكاسب كبيرة خلال الهجوم العسكري الذي طال انتظاره في الصيف الماضي ما أدى إلى استحواذ الروس على زمام المبادرة بعد أن كانت في موقف دفاعي خلال العامين الأولين من الأعمال العدائية في أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن المكاسب التي حققها الروس كانت متواضعة نسبيا، حيث لم يستطيعوا في الأسابيع الأخيرة إلا الاستيلاء على مساحة ضيقة من الأراضي حول بلدة أفدييفكا الشمالية الغربية، فقد ارتفع تخوف قادة "الناتو" من أن يعاني الأوكرانيون من هزيمة أكبر دون دعم إضافي، هزيمة يمكن أن تقلب دفة الحرب لصالح موسكو.

وينتاب حلف شمال الأطلسي قلق عظيم من احتمال خروج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصرا من الصراع الأوكراني، ويرى أن أي نجاح تحققه روسيا في الصراع سيشجع الزعيم الروسي على تهديد الحدود الأخرى في أوروبا الشرقية، ما يزيد من احتمال نشوب صراع واسع النطاق بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

ومن هنا تأتي أولوية مساعدة أوكرانيا لتجنب تعرضها للهزيمة، وقد حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ واشنطن في وقت سابق هذا العام من أن دعم أوكرانيا "يصب في مصلحة أميركا الخاصة". وأكد خطاب ألقاه أمام مركز أبحاث جمهوري في يناير/كانون الثاني أنه "إذا لم نتمكن من إيقاف دورة العدوان الروسية في أوروبا، فسوف يتعلم الآخرون الدرس ويدركون أن استخدام القوة ضد مصالح أميركا سيكون مجديا". وكان في ذلك إشارة مستترة إلى أن دولا استبدادية أخرى، مثل الصين وإيران، قد تسعى إلى استغلال النصر الروسي في أوكرانيا لتحقيق طموحاتها الخاصة لتحقيق مكاسب إقليمية.

يدرس الاتحاد الأوروبي خطة معقدة لتمويل المجهود الحربي الأوكراني بأموال حُصلت من الأصول الروسية المجمدة

ويبدو أن مناشدات ستولتنبرغ وغيره من قادة "الناتو" ساعدت في حل المأزق داخل الكونغرس، حيث صوّت مجلسا النواب والشيوخ لصالح حزمة المساعدات التي قدمتها إدارة بايدن. وفي معرض تأكيده على الحاجة الملحة لتقديم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه "سيتحرك بسرعة" لضمان تسليم إمدادات جديدة من الأسلحة الأميركية إلى كييف، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستقدم دعما "كبيرا" للقوات الأوكرانية، بما في ذلك دفاعات جوية متقدمة.
وخلال مكالمة هاتفية مع زيلنسكي بعد وقت قصير من إقرار حزمة المساعدات، قال بايدن إن إدارته لديها "التزام دائم بدعم أوكرانيا في دفاعها عن حريتها ضد العدوان الروسي"، وطمأن زيلنسكي بأنه ملتزم بمساعدة أوكرانيا "في الحفاظ على الاستقرار المالي، وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية في أعقاب الهجمات الروسية، ودعم الإصلاح مع تقدم أوكرانيا على طريق التكامل الأوروبي الأطلسي".
وردا على ذلك، غرد زيلنسكي: "شكرا لك أميركا". وأضاف: "إن مشروع قانون المساعدات الأميركية الحيوي الذي أقره مجلس النواب اليوم سيمنع الحرب من التوسع، وينقذ الآلاف والآلاف من الأرواح، ويساعد بلدينا على أن يصبحا أمنع".

رويترز
إمرأة تتفقد منزل جيرانها الذي دمره قصف يقول الموالون لروسيا في دونيتسك أن مصدره الجيش الأوكراني، 26 أبريل

كما شجعت الموافقة على حزمة المساعدات الأميركية القادة الأوروبيين على أن يحذوا حذوها، حيث يدرس الاتحاد الأوروبي خطة معقدة لتمويل المجهود الحربي الأوكراني بأموال حُصلت من الأصول الروسية المجمدة، وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، مؤخرا عن حزمة تمويل جديدة بقيمة 54 مليار دولار لأوكرانيا مصممة لدعم ميزانية البلاد التي مزقتها الحرب حتى نهاية عام 2027.
وهناك أيضا وعي متزايد بين القادة الأوروبيين، وخاصة في ألمانيا وبريطانيا، بأنهم يحتاجون إلى بذل المزيد من الجهد فيما يتعلق بتزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي وغيرها من الأسلحة لحماية البلاد من الهجمات الصاروخية الروسية الفعالة بشكل متزايد على المدن الاستراتيجية الرئيسة، مثل خاركيف.
وقد حظي قرار ألمانيا تزويد كييف بنظام باتريوت للدفاع الجوي بإشادة واسعة النطاق من قبل قادة "الناتو"، بينما أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في لندن عن أكبر حزمة مساعدات بريطانية على الإطلاق لأوكرانيا خلال زيارة لبولندا في وقت سابق من هذا الأسبوع. وستشمل الزيادة البالغة قيمتها 500 مليون جنيه إسترليني 400 مركبة و1600 ذخيرة و4 ملايين طلقة ذخيرة.

يشعر المشرعون الأوكرانيون بالقلق من أن الإمدادات الجديدة من الأسلحة لن تصل إلى الخطوط الأمامية في الوقت المناسب

على أن الالتزامات الجديدة بتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا بما يقلل من المخاوف القائمة بأن التباطؤ الأخير في استمرار تدفق المساعدات لكييف قد يمنع الأوكرانيين من إلحاق الهزيمة بروسيا، ويجعلهم ينشدون بدلا من ذلك وقف المزيد من التقدم الروسي وحسب. 
وأعربت شخصيات عسكرية أوكرانية بارزة عن شكوكها بشأن السرعة التي سيتم بها نشر الأسلحة الجديدة في الخطوط الأمامية. وعلق ضابط أوكراني كبير بعد الموافقة على حزمة المساعدات الأميركية قائلا إنه يخشى أن "التنفيذ قد يستغرق أسابيع وأشهرا للتسليم". ويشتبه القادة والمسؤولون العسكريون الأوكرانيون في أن روسيا ستشن هجوما في يونيو/حزيران أو يوليو/تموز، ويقولون إن الاستهداف الأخير للبنية التحتية في أوكرانيا كان حملة ما قبل الهجوم.

رويترز
جندي أوكراني يدخن بينما تنام قطة بجوار بندقيته الهجومية من نوع كلاشينكوف في موقع على خط المواجهة بالقرب من بلدة كريمينا في منطقة دونيتسك، 25 أبريل

بدورهم، يشعر المشرعون الأوكرانيون أيضا بالقلق من أن الإمدادات الجديدة من الأسلحة لن تصل إلى مواقع الخطوط الأمامية في الوقت المناسب لمواجهة الهجوم الروسي المخطط له. 
وقال النائب المعارض وعضو لجنة الأمن القومي والدفاع والاستخبارات بالبرلمان الأوكراني، فاديم إيفتشينكو، إن التحديات اللوجستية والبيروقراطية يمكن أن تؤخر الشحنات إلى أوكرانيا لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، وربما أكثر قبل أن تصل إلى خطوط القتال. وهذا ما يجعل احتمال أن تحقق أوكرانيا نصرا حاسما على روسيا في الصراع مستبعد أكثر فأكثر، ويوما بعد يوم، على الرغم من المساعدات الغربية التي قد تخدم كدعم أساسي للدفاع عن أوكرانيا.

font change

مقالات ذات صلة