عمار العزكي متهم بمخالفة المبادي الإيمانية

نشر العزكي فيديو كليب وهو يغني وحوله مجموعة من الراقصات الاستعراضيات

عمار العزكي متهم بمخالفة المبادي الإيمانية

انتشر على نطاق واسع بيان- لا نعرف مدى صحته- باسم قبيلة آل العزكي يقول إن القبيلة تتبرأ من الفنان اليمني المعروف عمار العزكي ومن أفعاله التي وصفوها بأنها "مخلة بالقيم والمبادئ الإيمانية ومنافية للتقاليد والقيم والأعراف القبلية".

يوضح البيان أن ما فعله عمار العزكي لا يمثل القبيلة ولا المجتمع اليمني وإنما يمثل نفسه، ووصف البيان العزكي بأنه "توجه في طريق الانحراف". وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي تصريح من العزكي يؤكد أو ينفي صحة هذا البيان.

عند قراءة خبر مثل هذا تعتقد أن هناك سببا وجيها لكل ذلك. يا تُرى ما هو الفعل الفاضح الذي قام به هذا الفنان مخالفا للعادات والتقاليد والمبادئ الإيمانية؟

هذا العمل هو فيديو كليب، نشر العزكي فيديو كليب جديد له وهو يقف يغني وحوله مجموعة من الراقصات الاستعراضيات مثل الكثير من الفيديوهات لفنانين وفنانات عرب. المشكلة كانت بالنسبة للمعترضين هو أن الراقصات التي كن حول عمار يرتدين الزي اليمني، والمشكلة الثانية أن من يغني هو عمار العزكي.

مسيرة العزكي من منشد ديني لمغن

فلنعد قليلا لتاريخ عمار العزكي. عُرف العزكي على المستوى العربي في عام 2017 من برنامج "Arab Idol" على قناة "MBC". وحظي بالكثير من الانتباه ووصل للنهائيات، وما زال الناس يتذكرون دموعه عندما بكي وهو يغني عن اليمن. ولكن لنعد قليلا للوراء، هذه لم تكن أول مرة يشارك فيها عمار في مسابقة ما، هو شارك قبل ذلك في مسابقة "منشد الشارقة" لعام 2006 وفاز بلقب "منشد الشارقة"، وكان يعتبر من أصغر المنشدين حيث كان عمره 18 سنة. ذكر عمار العزكي في عدة مقابلات صحافية أنه كان يحفظ القرآن منذ كان عمره 4 سنوات وتربى على الأناشيد الدينية، وفي أول يوم له في المدرسة أنشد "سنمضي على درب الإيمان" في الإذاعة المدرسية. ثم شارك بعدها في عدة مهرجانات وكان أيضا ينشد في الأعراس، إلى أن شارك في مسابقة "منشد الشارقة".

ضجت مواقع التواصل بمنشورات غاضبة لم تنتقد العزكي فقط، وإنما اتهمته في شرفه وأخلاقه ودينه، بهدف تشويه صورته تماما في أعين الجمهور

نشأة عمار العزكي المتدينة كانت دائما محل جدل بين اليمنيين، كيف تحول من منشد وحافظٍ للقرآن لفنان يغني. وكانت تواجهه انتقادات بأنه لا يستطيع التعبير بمشاعره عن العواطف الرومانسية في أغانيه بسبب نشأته الدينية المتشددة رغم أن نشأته تتشابه نوعا ما مع الفنانة أم كلثوم التي كان والدها منشدا، وكانت بداياتها بقراءة القرآن.
هذه الانتقادات من الطرفين سواء من المتدينين الذين كانوا ممتعضين أن عمار العزكي ترك الإنشاد واتجه للغناء، أو من الطرف الآخر الذي كان يرى أن نشأته الدينية جعلته متكلفا وباردا في أغانيه العاطفية بحسب رأيهم، إلا أن العزكي ورغم هذه الانتقادات استمر كفنان يمني ناجح يفتخر الكثيرون به، إلى أن تغير هذا مؤخرا.

حملة تشهير 


تعرض عمار لحملة تشهير كبيرة بسبب فيديو كليب نشره يظهر فيه وهو يغني وبجانبه راقصات يرتدين الزي اليمني. يبدو الموضوع طبيعيا بالنسبة لفنان يقوم بعمل فيديو كليب ومثل الكثير من الفيديوكليبات العربية والعالمية هناك راقصات أو استعراضيات، ولكن الوضع اختلف لأن المغني هنا عمار العزكي. عمار الذي كان منشدا وقارئا للقرآن، والراقصات يرتدين الزي اليمني وكأنهن نساء يمنيات وهذا في عرف اليمنيين مصيبة كبرى.

ضجت مواقع التواصل بمنشورات غاضبة لم تنتقد العزكي فقط، وإنما اتهمته في شرفه وأخلاقه ودينه... إلخ. كان واضحا أن الحملة غرضها تشويه صورته تماما في أعين الجمهور. اليمن أيضا تغير كثيرا بسبب الحرب، وحكم الميليشيات الدينية، وتغير وعي الناس حيث أصبحوا أقل انفتاحا.
عمار العزكي من المحويت، وهي محافظة عرفت بحصونها، وتاريخها العريق، وأيضا بعلماء الدين المشاهير من أمثال العلامة الفقيه عبد الرزاق الشاحذي، والشيخ الفقيه أحمد الشيخ، والقاضي محمد أحمد الصرمي، واليوم تعرف هذه المحافظة بالفنان عمار العزكي الذي قررت قبيلته التبرؤ منه.

الفن اليمني قديما مع الرقص


عندما نشاهد فيديوهات قديمة لفنانين وفنانات يمنيات من السبعينات والثمانينات نجد أن بجانب المغني رجلا وامرأة يرقصان وهما ممسكان بأيدي بعضهما البعض، والمرأة ترتدي "المصر الطالعي" وهو زي خاص بمناطق صنعاء. كانت الفِرق الراقصة التي تنتمي للمناطق الشمالية والجنوبية تظهر على شاشة التلفاز بشكل يومي. وهناك صورة للفنان المصري عادل إمام في وزارة الثقافة عندما قام بزيارة لصنعاء كسفير للنوايا الحسنة في مفوضية اللاجئين عام 2000 وحوله راقصون وراقصات يمنيات يرتدون ويرتدين الزي اليمني.
هذا المنظر اليوم أصبح مستنكرا، فكما كتبت في مقال سابق أن هناك مسلسلات يمنية تعرضت لانتقادات كبيرة لأن البطل يجلس بجانب البطلة على السرير رغم وجود مسافة بينهما، أو بطل يقترب من البطلة وهو يتحدث معها ويلمس يدها لثوانٍ، وهذا يوضح لنا كيف أن الحرب أثرت كثيرا في أفكار اليمنيين ووعيهم خاصة في شمال اليمن.
عمار العزكي اليوم منبوذ من قبيلته، ويتعرض لحرب شرسة على وسائل التواصل، وذنبه أنه قرر أن يطور من أعماله الفنية ويكون مثل أي فنان عربي يغني وبجانبه عمل استعراضي راقص. لكن عمار يختلف عن أي فنان آخر، فتاريخه في الجامع والإنشاد وأيضا ظروف بلده وتدهور الحياة الثقافية وبحث الناس عن أي موضوع لتنفيس غضبهم جعله ضحية يسن الجميع سكاكينهم للانقضاض عليه. ولكنه بالتأكيد سيتغلب على كل ذلك فتاريخه يقول أيضا إنه تحدى واقعه واستطاع أن يخرج من "قضاء الرجوم" في محافظة المحويت ليشارك ويفوز في أهم المسابقات الفنية العربية.

font change