في صراع مرير بين العلم واليأس، تنتظر سيدة عشرينية في القاهرة قرارا قد يغير مجرى حياتها. تجلس على كرسي متحرك أمام البوابة الضخمة لمعهد الأورام في القاهرة، عيناها تحدقان في الفراغ. بجانبها، يقف زوجها محمد، الذي تحمل عيناه بريق الأمل الأخير. منذ عامين، كانت أحلامهما تتعلق بتربية أطفالهم ورؤية ابنتهما تتخرج من الجامعة، لكن السرطان خطف كل شيء.
تحرك الزوجان منذ الصباح الباكر من قرية صغيرة تابعة لمحافظة الدقهلية التي تقع في قلب الدلتا المصرية. تعاني الزوجة من سرطان ثدي انتشر إلى عظامها وأعضائها منذ أكثر من عام؛ إلا أن تلك هي المرة الأولى التي تذهب فيها الى المعهد الشهير.
تبدأ القصة قبل نحو عامين، حين اكتشفت الزوجة وجود كتلة صلبة في ثديها الأيمن. في البداية؛ أهملت تلك الكتلة، ثم توجهت الى طبيب بعد أن استفحل الحجم وصارت الكتلة كبيرة وواضحة للعيان.
بالفحص السريري، وبعد إجراء فحوص بالأشعة، تبين أن الكتلة عبارة عن ورم سرطاني انتشر إلى الغدد الليمفاوية. كان الخيار الوحيد أمام الزوجة هو البدء على الفور في علاج السرطان كيميائيا، ثم إجراء الجراحة اللازمةوتلقي علاج إشعاعي وهرموني.
يعمل الزوج معلما في مدرسة حكومية، وتعمل زوجته أيضا في وزارة التربية والتعليم. وكلاهما حاصل على شهادة جامعية عليا. توجهت الزوجة للتأمين الحكومي، الذي بادر اطباؤه بوضع خطة العلاج القياسية.
في ذلك الوقت، صُنفت حالة السيدة بالدرجة الثالثة من السرطان مما تطلب علاجا كيميائيا عنيفا، تسبب في آثار جانبية مؤلمة ومحطمة للحالة النفسية.
بعد تلقي جلستين بالعلاج الكيميائي، بدأ الورم في الانكماش وبدأ معه تساقط الشعر واضمحلال الصحة العامة وصعوبة في التنفس مما اضطر السيدة الى المكوث في منزلها واستقبال الزيارات العائلية المواسية.
في مساء حزين، اقترحت إحدى السيدات على المريضة البدء في العلاج بالأعشاب. قالت لها تلك السيدة إن أحد أقربائها تعافى بالكامل من المرض بعد أن تناول "خلطة" يصنعها أحد المعالجين بالطب البديل و"دون أي أثار جانبية".
مع الألم الذي يتصاعد في طبيعة الحال وقت تلقي جرعة العلاج الكيميائي، وافقت السيدة على زيارة المعالج في "عيادة" تقع على بعد نحو 100 كيلومتر من منزلها. طلب منها المعالج "التوقف فورا" عن تلقي جرعات العلاج، وأعطاها "خلطة علاجية" مكونة من عسل نحل مخلوط مع أعشاب لا تعرف عنها المريضة شيئا، وطلب منها تناولها بانتظام والامتناع عن تناول اللحوم والسكريات.
على مدار الأسابيع التالية، لم تتناول المريضة شيئا سوى تلك الخلطة المجهولة. تحسنت حالتها وعاد شعرها الى النمو، وفي الوقت نفسه لاحظت أن الورم ينكمش.
وبعد ستة أشهر، توجهت مرة أخرى الى المعالج الذي أعطاها "خلطة أخرى" وطلب منها الاستمرار في تناول تلك الخلطة وطمأنها بـ"الشفاء" وطلب منها عدم التوجه إلى الأطباء مرة أخرى.
اختفى الورم تماما، وعادت للسيدة العشرينية نضارتها؛ وصحتها. ثم حدثت الكارثة.
يقول محمد إن الأمر بدأ بمجرد ألم خفيف في أسفل ظهر زوجته. اعتقدوا في البداية إنع لا يتعدى كونه "بردا في العظام". تصاعد الألم وأصبح غير محتمل. توجهت السيدة الى طبيب عظام طلب منها إجراء مجموعة من الفحوص ليتبين أن الألم ناجم عن مجموعة من البؤر السرطانية التي انتشرت على طول العمود الفقري. لاحقا تبين لهما وجود أورام أخرى في الرئة والكبد.