طبرقة - تونس: يقع حي "الدشرة" على تلة مواجهة للبحر. من شرفات منازله التي يعود بناء بعضها الى مائة عام، بالامكان التمتع بمناظر بانورامية لمدينة طبرقة ، على الساحل الشمالي الغربي لتونس. تبعد المدينة، التي عرفت "مجدا" متوسطيا خاصا، دمج الرياضات المائية مع موسيقى "الجاز" والطرب العربي، بدءا من منتصف ستينات القرن الماضي، حتى بداية الثمانينات، عن العاصمة التونسية، حوالي 180 كم.
تتواتر المشاهد الطبيعية الجاذبة على طول الطريق، التي تتوقف على جوانبها قرب الاستراحات، جرارات زراعية، تتدلى منها أكواز الثوم، إضافة إلى أصناف من "الغلة" (كما يسمي التونسيون الفاكهة) وكذلك أصناف منوعة من الخضار مثل "البسباس" (ثمرة الشمر) التي يعشقها التونسيون ويأكلونها مع وجباتهم الغذائية. قد تخلو معروضات الخضار في مرات كثيرة من البطاطس.
المذياع في الحافلة، يتنقل بين أغان تونسية ومصرية، وبين "توك شو" الصباح الذي يسرد بعض مشاكل البلاد الاقتصادية، ومنها اختفاء البطاطس الذي يثير الجدل بين الحكومة والمعارضة، فالأولى ترده إلى الاحتكار وجشع التجار، والثانية ترده إلى خلل في السياسات الزراعية وسلاسل التوريد. يذكر أحد ضيوف البرنامج الصباحي أن "الفرد التونسي يستهلك 30 كيلوغراما من البطاطس كل عام" وأن "التغير المناخي والجفاف الذي يضرب مناطق زراعية كثيرة في الشمال التونسي الذي يعتبر سلة غذاء رئيسية للبلاد، مسؤول أساسي عن هذه الأزمة". تغني مليحة التونسية ثم نانسي عجرم، قبل أن تصل الحافلة الى وسط المدينة.
بانوراما المكان
من نافذتها، في بيت "الدشرة"، تستطيع منيرة أن ترى معالم عدة من وسط المدينة، بما فيها: موقف الحافلات، مطحنة الحبوب، التكوينات الصخرية ذات العمر الجيولوجي السحيق (والتي تعتبر علامة فارقة للمدينة)، القلعة الحصن التي بناها الإيطاليون خلال حقبة تاريخية احتلوا فيها المدينة للسيطرة على تجارة المرجان الأحمر الكثيف في عمق بحرها، والسوق الذي تعرض فيه بضائع جزائرية بأسعار أرخص من المنتج التونسي، كون غالبيتها يدخل عبر الحدود القريبة، في عمليات تهريب لا تخضع للرسوم الجمركية. هناك أيضا "السوق الليبي" المسقوف الذي يبيع ملابس واحذية معاد استخدامها، بما يطلق عليه التونسيون "الفريب". في هذا السوق، بوسعك أن تشتري حذاء جلديا شتويا، ينفع لتفقد الغابات القريبة في "عين دراهم" و"بني مطير" لقاء 7 دولارات. يقبل أهالي طبرقة، وكثير من أهالي الشمال، الذي يرزح أبناؤه تحت معدلات بطالة عالية، على مثل هذه الأسواق لسد احتياجاتهم البدائية. تنتشر المقاهي بشكل لافت، حول مسرح "البازليك"، وقرب الميناء، ويتكدس عدد كبير من الشباب على مقاعدها، يتابعون مباريات كرة القدم ضمن دوري الأندية الأفريقي.