أدى انهيار نظام الأسد إلى تغيير جذري في المشهد الإقليمي. فمنذ أن تولى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع السلطة، ارتفعت التوقعات بإحداث اختراق في العلاقات بين سوريا وإسرائيل، وبلغت في بعض الأوجه مستويات غير مسبوقة. إلا أن الظروف الراهنة شديدة التعقيد، وتتطلب تفكيرا دقيقا بشأن ما يمكن تحقيقه فعلا، وما قد يكون متسرعا ومضرا بمستقبل المنطقة.
وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسة من وجهة النظر السورية:
ومن بين التحديات الهائلة التي يواجهها النظام الجديد: غياب السيطرة الفعلية على كامل الأراضي السورية. إذ يُقدّر عدد الجنود الخاضعين لقيادته بنحو 55 ألفا، بمن فيهم مقاتلون أجانب. وقد جرى توقيع اتفاق إطاري مع الأكراد، الذين يملكون قوة عسكرية موازية في الحجم والكفاءة، إلا أن كيفية تنفيذه ما زالت موضع تساؤل.
يُظهر أحمد الشرع قدرا لافتا من البرغماتية، لكنه لا يزال مطالبا بردم الهوة العميقة بين الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة، وقدرته الفعلية على تحويل ما هو مطلوب أو مرغوب إلى سياسات قابلة للتنفيذ. ويُضاف إلى ذلك التحدي المتزايد المتمثل في تدخل جهات خارجية، كتركيا وإسرائيل، فضلا عن الحاجة المُلحة إلى إطلاق عملية إعادة إعمار ضخمة تمتد إلى مختلف أنحاء البلاد.
أما العوامل التي تصب في مصلحة النظام الجديد، فأبرزها تذمُّر المجتمع الدولي من نظام الأسد، ما جعله يستقبل السلطة الجديدة بترحاب بالغ، رغم الشكوك التي تحيط بها. ويُعد تراجع النفوذ الإيراني وخروجه السريع من سوريا، الذي اعتُبر تطورا مفاجئا ومبشرا، مصلحة شبه عالمية، ويُنسب الفضل في ذلك إلى الشرع بدرجة كبيرة. أما سياسة الرئيس ترمب غير المتوقعة وغير التقليدية، فقد انحازت فجأة إلى جانب الشرع، بل وتبنّته بشكل واضح.