يظهر كتاب "اختراع الكتابة – اللامتناهي في بردية" الصادر عن "دار الآداب" بترجمة مارك جمال كيف تكونت مكتبة الإسكندرية الكبرى في زمنها. على مدار ما يقرب من 800 صفحة من القطع المتوسط، تروي الكاتبة والباحثة الإسبانية إيريني باييخو قصة الصيادين الذين خرجوا يفتشون عن "فرائس صامتة، ماكرة، لا تترك خلفها أثرا ولا علامة". كان قد أرسلهم ملك مصر آنذاك بطليموس الأول لكي يجمعوا كل كتب العالم من أجل عمل مكتبة في الإسكندرية. رصد بطليموس ثروات ضخمة لتشييد مكتبة موسوعية ضخمة تصبح منارة عصره، وتخلد اسمه في التاريخ. يسرد الكتاب التفاصيل التاريخية التي تحولت معها الثقافة الشفاهية التي كان يعتمد عليها في نقل القصص والمعرفة عموما، إلى التدوين ثم التفكير في تخزين الكتب في أماكن بعينها، مما أدى إلى اختراع المكتبة.
يجيب الكتاب عن عدد من الأسئلة التأسيسية ثقافيا: متى ظهرت الكتب؟ ما فقد منها وما نجا قدريا أو عن عمد؟ ما حجم الخسائر التي ألمت بالكتب لأسباب الحرق المتعمد ومرور الزمن ما قبل اختراع الورق؟ مهمة صعبة تتبعت فيها الباحثة الملك والرجال الذين أرسلهم والتقارير اليومية منهم، تلك التي كانت تمهر بجملة معتادة ولافتة: نزولا عند أوامر جلالتكم بإثراء المكتبة وإتمامها بالكتب التي لا تزال ناقصة، وترميم الكتب التي أتلفتها النوازل كما يليق... أقدم التقرير الآتي".
تختار الكاتبة أن تسرد بحثها الطويل على اعتباره حكاية تهدهد بها طفلا قبل النوم. تتخيل الرجال الأوائل الذين انتشروا في البلاد من أجل الحصول على الكتب ونسخها للملك، وزوجاتهم اللاتي ينتظرن مع أطفالهن عودتهم من الرحلات الطويلة التي تشبه الحروب تماما. وتقسم الكتاب جزءين: أحدهما يتتبع بلاد الإغريق التي بدأت فيها الفكرة. والقسم الآخر تتبع فيه كيف سرقت المكتبة بعد تكونها في الإسكندرية إلى روما: الإمبراطورية الجديدة التي سرقت كل شيء.