تتسم عملية تجنيد الأشخاص في الجماعات المتطرفة بعدد من القواسم المشتركة على نحو واسع، فعادة ما يُعزل الشخص عن العائلة والأصدقاء وعن كل شخص لا يشارك الأفكار ذاتها ومنظومة المعتقدات لدى الأشخاص المسؤولين عن عملية التجنيد. من جانب آخر، يتعرض الفرد لعملية أشبه بإعادة تعريف لهويته بما يتلاءم مع الأفكار الجديدة التي عليه أن يتبناها، إلى جانب غرس عدم الثقة في الآخرين خارج الجماعة. وهكذا، تتشابه عملية التجنيد لضم أشخاص إلى جماعة/طائفة ما، واللافت أن عملية تحررهم من هذه الأفكار المغلوطة والكيفية التي تحدث بها يمكن أن تتشابه أيضا. وبالتالي يمكن أن تكون الأدبيات المتعلقة بهذا الأمر مفيدة، وهي المتعلقة بآليات انضمام الأفراد إلى طائفة ما ثم الانسلاخ عنها.
بانتظار الكائنات الفضائية
ويُعتبر كتاب "عندما تفشل النبوءة" المنشور في عام 1956، من تأليف ليون فيستنجر وهنري ريكن وستانلي شاكتر، مرجعا كلاسيكيا مهماً في تفسير تعميق الانتماء للجماعة الإيمانية من خلال تجاوز أزمة التنافر المعرفي التي تصدم المؤمنين وتطرح تساؤلات إشكالية واضحة على معتقداتهم.
في هذا الصدد يدخل علم النفس الاجتماعي ليقوم بتفكيك حالات التنافر المعرفي من خلال فهم السردية الإيمانية التي يُعاد تشكيلها وتكييفها بحسب حاجة الجماعة لمعالجة التشكيكات المشروعة التي يواجهها المؤمنون.
في فترة الخمسينات، زعمت ربة منزل من ولاية ميتشيغن تُدعى ماريان كيش- واسمها الحقيقي دوروثي مارتن، كانت تعيش في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي- أنها تلقت رسائل من خلال "كتابة تلقائية" من "حراس الأرض"، في إشارة إلى كائنات فضائية من كوكب "كلاريون". وقالت إن هذه الكائنات الفضائية حذَّرت من فيضان كارثي سيحل بكوكب الأرض كله في 21 ديسمبر/كانون الأول 1954، وأن الخلاص سيأتي على هيئة أطباق طائرة ستقوم بإنقاذ القلَّة المختارة التي استمعت إلى رسالة الكائنات الفضائية، وفق ما نقلته ماريان.
عُرفت المجموعة المختارة باسم "الباحثين عن الحقيقة"، وقد تجنب معظم أفرادها الدعاية لمعتقدهم، ولم يقبلوا سوى بعدد قليل من المقابلات مع الغرباء، ولم يسمح إلا لأولئك الذين يُعتقد أنهم مؤمنون بمعتقداتها بالانضمام إلى المجموعة. غير أن فيستنجر وعددا من زملائه الباحثين المتخصصين في دراسات علم النفس الاجتماعي نجحوا في اختراق المجموعة وعاشوا معهم تجربة انتظار نهاية العالم وانتظار الأطباق الطائرة الموعودة.