مارينا غارثيس، فيلسوفة وكاتبة وأستاذة جامعية، معروفة بفكرها النقدي والملتزم، والمرتبط بعمق بتحديات الحاضر. وُلدت في برشلونة عام 1973، بنت مسارا فلسفيا يتجاوز حدود الأكاديمية، مدافعة عن فلسفة حية، متجذرة في الواقع، وقادرة على التحاور مع التجربة اليومية ومع الأسئلة الكبرى لعصرنا. هي مؤلفة لأعمال فكرية بارزة مثل "فلسفة غير مكتملة"، "تنوير راديكالي جديد"، "مدرسة المتعلمين" و"المدينة الأميرة". حازت جائزة مدينة برشلونة في فئة الكتاب الفلسفي عام 2017، لقدرتها على تجديد الفكر النقدي وجعله في متناول الجمهور الواسع دون أن يفقدَ عمقه. ونالت الجائزة الوطنية للفكر والثقافة العلمية من حكومة مقاطعة كاتالونيا/ إسبانيا في عام 2023، لإسهاماتها كمفكرة تطرح التساؤلات وتقترح مسارات بديلة لفهم العالم.
تدافع غارثيس عن "تنوير جديد" لا يقوم على اليقين المطلق، بل على بناء المعرفة بشكل جماعي، والتعليم كممارسة للتحرر، والتفكير كوسيلة للمقاومة، بل وتراهن على التفكير، وخلق معرفة مشتركة، والتشكيك في كل ما يحد من أفعالنا، من أجل بناء حاضر ومستقبل قابليَن للعيش. هنا حوار معها.
كيف ترغبين في تقديم نفسك إلى القارئ العربي؟
أود أن أقدم نفسي كامرأة كتالانية تمتهن الفلسفة من بين أشياء أخرى. هذا يعني أنني أجمع في كياني عددا من "الميول" أو "الاستثناءات": فلسفة بصيغة المؤنث، من الجنوب المتوسطي لأوروبا، ومكتوبة بلغة ثقافة أقلية (الكتالونية) ملاحقة في كثير من الأحيان. لكن هذا كله، بالنسبة إلي، لا يعني بالضرورة موقعا ضعيفا، إنما العكس، يمنحني هامشا يمكن اجتيازه، ومساحة للعثور على حلفاء غير معتادين في الفلسفة الغربية. لهذا، أود أيضا أن أقدم نفسي إلى القارئ العربي بتواضع التلميذة، وبإنصات من هو مستعد للتلقي.
بناء عقل مشترك
ماذا يعني اليوم أن نفكر فلسفيا؟ وأين تقع الفلسفة في عالم مشبع بالمعلومات والآراء؟
أن نفكر فلسفيا اليوم يعني أن نضع "اللا معرفة" في مركز السؤال عن الحقيقة، وأن نفعل ذلك بطريقة تمكن كل صوت فردي من أن يشرع في مسار نحو بناء عقل مشترك. هذا هو النقيض تماما من الرأي الجاهز مسبقا، ومن السلطة التي تمنح المعلومات. في زمننا الراهن، تعمل هاتان القوتان بسرعة، وتلتهمان كل شيء، لكنهما في الحقيقة، كانتا منذ البداية من أعداء الفلسفة، منذ أن نشأت كما نعرفها. لذا، فإن الأمر يتعلق بإعادة تكرار هذا الصراع الفكري مرارا: النضال ضد الأشكال المغلقة لإعادة إنتاج الواقع، وضد السيطرة عليه عبر مفاهيم بعينها.