أثار تدخل إسرائيل في سوريا بحجة حماية الدروز حالة من الفوضى التي عقّدت المشهد العسكري والأمني في الجنوب السوري، وذلك بعد أيام من الاقتتال بين قوات الجيش السوري والأمن الداخلي من جهة، وبين قوى عسكرية في السويداء أبرزها المجلس العسكري من جهة أخرى، ويتخلل هذا الاقتتال تفاوت وتضارب في التوجهات التي تنتهجها الزعامات الدينية في السويداء، إضافة إلى تعقيدات على مستوى اصطفافات القوى العسكرية في المحافظة من ناحية علاقتها بالدولة السورية.
وأُعلن عن اتفاق بين الدولة السورية وفعاليات السويداء، يوم الخميس 16يوليو/تموز، بعد ساعات من التدخل الإسرائيلي في سوريا واستهدافات بالطيران طالت مبنى رئاسة الأركان في دمشق، ومحيط القصر الذي يقطنه الرئيس الشرع، إضافة إلى قطاعات عسكرية في قطنا والمزة ومعضمية الشام، وقوى الأمن الداخلي والجيش السوري في الجنوب. وظهر الرئيس السوري أحمد الشرع في كلمة مسجلة موجهة للسوريين فجر الجمعة 17 يوليو/تموز، ينتقد فيها التدخل الإسرائيلي، ويُصعّد لأول مرّة لهجته في الحديث عن إسرائيل.
الرئيس الشرع قال إنه "لقد نجحت جهود الدولة في إعادة الاستقرار وطرد الفصائل الخارجة عن القانون، رغم التدخلات الإسرائيلية، وهنا لجأ الكيان الإسرائيلي إلى استهداف موسّع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود، ما أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير، ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق، لولا تدخل فعّال للوساطة الأميركية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول."
وتابع: "لقد كنا بين خيارين، الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام."، معلنا أنه وبعد تقديم " مصلحة السوريين على الفوضى والدمار" قررت الرئاسة السورية "تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء، مؤكدين أن هذا القرار نابع من إدراكنا العميق لخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية، وتجنب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة قد تجرّها بعيداً عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المدمرة وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلّفها النظام البائد."