الدَّدو بين الهالة الإعلامية والأهلية العلمية

الدَّدو بين الهالة الإعلامية والأهلية العلمية

استمع إلى المقال دقيقة

في مقال على موقع "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" عن محمد الحسن ولد الدَّدو تصدَّر العنوان: "درسني جدي 48 علما" ولم تكف الآلة الإعلامية عن بثِّ هذه المعاني بأنَّه حاز علومًا جمَّة قد لا توجد في أعيان العلماء السَّابقين، ولكن بعيدًا عن الهالة الإعلامية، ما مؤهلات الدَّدو العلمية المثبتة؟ إنَّ أقصى رتبة علمية حصَّلها هي درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود، ورسالته عنوانها "مخاطبات القضاة في الفقه الإسلامي"، ثم لم يكمل مرحلة الدكتوراه.

وبعد تلك الرِّسالة لم يُعرف له تصنيف أو بحث، وفي حين بلغت مؤلفات يوسف القرضاوي 170 كتابًا، فإنَّ الدَّدو لم يؤلف بعد رسالته شيئًا، وما طبع له إنما هو محاضرات مفرغة، فطبع له:

1. فقه العصر، وزعته مؤسسة الأمة- 2008، وهو حوار مفرَّغ حاوره فيه عادل بن أحمد بانعمة.

2. الفقه المضيء، اعتنى به: علي بن حمزة العمري، مؤسسة الأمة- 2008، والتسمية من المعتني به، وليس هو تأليفه، بل قال المعتني به في مقدمته إنَّه راجع المسموع، ثم (أكملتُ بعض النقائص، ثم قدمتها للشيخ لإبداء الرأي فيها)! وهكذا كان المعتني يكمل من عنده.

3. محبة الرَّسول، وليس تأليفًا بل تفريغًا، مؤسسة الأمة- 2008.

4. رسالة صغيرة بعنوان "التكفير؛ شروطه وضوابطه وأخطاره ومزالقه" عن مكتب الشؤون الفنية سنة 2015، ولم تكن تأليفًا له بل تفريغ لمحاضرة ألقاها.

5. فقه الدعاء، حاوره عادل بانعمة، مؤسسة الأمة- 2015، وهو حوار مفرَّغ.

رغم أنَّ محمَّد قطب لم ينل شهادة الدكتوراه فإنَّه عمل أستاذًا في جامعة أمِّ القُرى، وأشرف على رسائل دكتوراه وهو الذي لم يكتب واحدة منها

فالمطبوعات باسمه إنما هي اعتناء وتفريغ، فأين أثر  "46 علما" التي يزعمها في بحوثه، وكتبه؟ وكيف يستفيد الباحثون من ذلك؟ هل يحيلون إلى محاضرات مفرَّغة، أو بودكاست وصوتيات يكثر فيها السَّهو والنِّسيان، وتختلط بحكايات الأعاجيب وما يناقض العلم كما قال غير مرَّة بأنَّ أبا بكر كان يُشتم منه رائحة شواء، لأنَّ كبده يحترق من خشية الله. في خلط بين المجاز والحقيقة حتى خالف تركيب بِنية الإنسان، والادعاء بأنَّ الكبد يحترق بالنار ويخرج رائحة شواء.
ورغم أنَّه لم ينل درجة الدكتوراه، إلا أنَّه عمل ضمن الهيئة التعليمية في كلية الشَّريعة في جامعة قطر في سنة 2020، ودرَّس لمرحلة الماجستير والدكتوراه، وهو الذي لم يصل إلى مرحلة الدكتوراه ولا كتب رسالة فيها! بما يذكِّر بما كان من محمَّد قطب شقيق سيد قطب، الذي حصل على بكالوريوس في اللغة الإنكليزية وآدابها سنة (1940)، ثم أغرق ساحة المطبوعات بكتبه التي ردَّدت أفكار أخيه سيِّد قطب، بمختلف العناوين ومضامين واحدة، ولشهرة أخيه سيِّد قطب الذي أُعدم سنة 1966 اشتهر محمَّد، ورغم أنَّ محمَّد قطب لم ينل شهادة الدكتوراه فإنَّه عمل أستاذًا في جامعة أمِّ القُرى، وأشرف على رسائل دكتوراه وهو الذي لم يكتب واحدة منها، فأشرف على رسالة سفر الحوالي في الماجستير، وفي الدكتوراه، وهكذا نقل الأيديولوجيا لمن بعدَه، وكان مثالا على أثر اختراق "الإخوان" للتعليم في تلك المرحلة، حيث عملوا على تحويل الجامعة من صناعة المعرفة والوعي، إلى مزرعة للجماعة وشعاراتها!

فما يسهب فيه الددو من حديثه عن أخذه للعلوم عن والده وجدّه يقدَّم إعلاميًّا كتعويض على نقصه الأكاديمي الذي لم يصل فيه إلى الدكتوراه رغم أنَّه يدرِّس لتلك المرحلة! بما يعيد إلى الأذهان ما جاء عن الإمام مالك بن أنس أنه بلغه أنَّ مقاتل بن سليمان سئل عن كلب أصحاب الكهف ما كان لونه؟ فقال: أبقع! فتبسم مالك ثم قال: أما إنه لو قال: أسود ما كان يُردُّ عليه! أي: إنَّه رآه يتكلم بلا دليل، ويستطيع بهذا أن يقول ما شاء، ولو قال الددو إنَّه تلقى مئة علم عن جدّه من يردُّ عليه؟ وأين أثر ذلك وهو الذي ما إن ينتهي من بودكاست حتى يبدأ بآخر.
وكمثال على تخليطاته، دونكم حلقة له بعنوان: "ماذا يريد منا الغرب؟" يقول فيها: بعد سارتر جاءت نظرية داروين، وأنَّ الداروينية مبنية على نظرية سارتر! مع أنَّ سارتر ولد بعد داروين (1883) بـ23 عاما! فهذا مبلغ تحضير الدَّدو لمحاضراته، ولقاءاته، وقد كان آخرها ما قاله في حقِّ النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّه مات ولم يكتب دستورًا في الحكم، فتسبب ذلك بردة جمهور المسلمين وعدَّها نكبة أولى للأمة! في "شطحة" لنزعة الحاكمية لدى جماعة الإخوان لم يسلم منها خاتم الرسل من لمزه بأنَّه تسبب بردَّة عن الدِّين! 
إنَّ الدَّدو كتشريح اجتماعي هو صورة تتكئ عليها جماعة "الإخوان" فتغرق في مدحه كونها تأمن جانبه تجاه الجماعة، وفي المقابل يضحى آلة تبرير لهم في أفعالهم وسياساتهم، ويبقى صوتًا قد يؤثر على السُّذج من النَّاس ممن لا يدققون فيما يقول، بل ما إن يسمعوه يتكلم دون تلعثم حتى يحسبوه فاق أنداده علما، رغم أنَّه بديل بدائي عما كان يسمى بالمفوض السياسي في الاتحاد السوفياتي، الذي كان همه أن ينشر الأيديولوجيا الشيوعية فقط، دون عمل غير ذلك، فوظيفة الددو التبرير للجماعة في مواقفها، ونشر أيديولوجيتها مع الهالة الدينية، وقد كفل له إعلامهم الهالة العلمية رغم أنَّه على التحقيق ليس فيه ما يدَّعونه فيه.

font change