راشد الغنوشي: ليس في برنامج النهضة تطبيق الشريعة

راشد الغنوشي: ليس في برنامج النهضة تطبيق الشريعة

[caption id="attachment_55227382" align="aligncenter" width="620" caption="الشيخ راشد الغنوشي"]الشيخ راشد الغنوشي[/caption]

عصيا جدا، كان اللقاء مع الشيخ راشد الغنوشي، أوفر الأحزاب التونسية حظا للفوز بأغلب مقاعد المجلس الوطني التأسيسي في انتخابات 23 أكتوبر 2011، فالرجل دائم السفر و كثير الاجتماعات، كما قيادة الحركة التي تشارك في أول استحقاق انتخابي منذ ثلاثين عاما، وتأمل الفوز بها و تأكيد توقعات كل استطلاعات الرأي و انتظارات الرأي العام في تونس.
الغنوشي، صاحب الشعر الأبيض، قال إن المرحلة لأصحاب الشعر الأسود في اشارة الى شباب تونس الذي صنع الثورة وفي تلميح كأنه تصريح بقرب اعتزال المسؤولية السياسية.
وفي ما يلي نص الحوار:

المجلة: تضعكم استطلاعات الرأي في طليعة الأحزاب المترشحة للمجلس التأسيسي ومنحتكم بين 20 و30 في المائة من المقاعد. ماذا تقولون عن هذه التوقعات وما هي دلالاتها عندكم؟
- هذه الاستطلاعات أجمعت على أن النهضة ليست فقط في طليعة الأحزاب المترشحة للانتخابات بل أن الفارق بينها و بين الحزب الذي يليها شاسع جدا، وهذا فضل من الله وتعبير عن حسن ظن شعب تونس بالحركة و تقديره لتضحياتها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة في مواجهة الفساد والديكتاتورية.
وأعتقد شخصيا أن شعبية الحركة أكبر من هذه النسب التي أوردتها عن استطلاعات الرأي.

واجب الضيافة


المجلة: تبدو الحركة الأكثر شعبية و جماهيرية والأكثر تمويلا. من أين تتأتى هذه الأموال الكبيرة التي نراها تحت تصرفكم وما مدى صحة تلقيكم لتمويلات من الخارج؟
- هذا إرجاف و استخدام غير مشروع للمنافسة السياسية إذ يستخدم أسلوب الدس و الرجم بالغيب من دون أدنى دليل فقط لتشويه صورة المنافس.
نحن لم نستخدم كما استخدم غيرنا الإعلان أو الاشهارالسياسي ولم تغط صورنا ورموزنا صفحات الجرائد وشاشات التلفزات و الساحات العامة على امتداد البلاد، و لم ندخل في مشكلات مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بل التزمنا بالقوانين المنظمة للدعاية السياسية فضلا عن أن الجميع يعترف أننا الأكثر شعبية، و معنى ذلك أن لنا حظوظا كبيرة في التمويل من منخرطينا و أنصارنا ولم يبرزهذا التمويل في حملات اشهارية و لا في امتلاكنا لقنوات تلفزية أو اذاعات أو صحف يومية و إنما فقط في تأجيرنا لمقرات عمل.

المجلة: هناك من يؤكد أنكم تلقيتم أموالا من الخارج و تحديدا من دولة عربية.. بماذا تردون؟
- كل ذلك إرجاف، على أصحابه احترام أنفسهم و ألا يلقوا بالكلام على عواهنه. صحيح لنا أنصار كثيرون من أبناء تونس وهم يقدمون للحركة مثلما يقدم أنصار كل حزب للجماعة التي اختاروها وكل ذلك في حدود ما تسمح به القوانين.
المجلة: كلام كبير رافق زيارة رئيس الحكومة التركية إلى تونس و الاستقبال العارم الذي خصته به الحركة في المطار... والحديث عن إعجابكم بالنموذج العلماني المعتمد في تركيا.
- اتخذ بعض المنافسين زيارة اردوغان إلى بلادنا سبيلا للتشهير بنا بدعوى أننا وظفنا الزيارة توظيفا انتخابيا وكل ما فعلناه هو أننا قمنا بواجب الترحيب بضيف كبير لبلادنا وصديق لحركتنا. و كنا طلبنا من المسؤولين التونسيين أن يكون رئيس الحركة و أمينها العام معهم في استقبال ضيف تونس الكبير و لكن تم رفض مطلبنا، فوقفنا أمام المطار مع المستقبلين للتعبير عن ترحيبنا به فماذا في ذلك من منكر أو مخالفة.
لقد لاحظنا أن عدم وجود أي علم تركي في المطار خلافا لما هو معتاد في استقبال رؤساء الدول و الحكومات غير معقول فوقفنا أمام المطار و كنا بين 100 و 150 شخصا و رفعنا العلمين التونسي و التركي لسد الثغرة التي تركها الرسميون . فما في ذلك من منكر و من الغد استقبلنا اردوغان ضمن عدد من الأحزاب التي استقبلها (5) وخصص لكل حزب نصف ساعة فماذا في ذلك من استثناء.

[caption id="attachment_55227378" align="alignleft" width="300" caption="عبد المنعم أبو الفتوح الاخواني السابق ومرشح الرئاسة في مصر يزور الغنوشي في مقر النهضة في تونس"]عبد المنعم أبو الفتوح الاخواني السابق ومرشح الرئاسة في مصر يزور الغنوشي في مقر النهضة في تونس[/caption]

المجلة: تحدث البعض عن دعم تركي للنهضة أسابيع قبل الحملة الانتخابية الخاصة بالمجلس التأسيسي.
- أثناء الندوة الصحفية التي عقدها اردوغان في تونس عمد بعض الصحفيين الى اختبار علاقته بالنهضة اذ سأله أحدهم عن علاقة تركيا بالنهضة فأجاب بأن تركيا تدعم التحول الديمقراطي في تونس وانها ستقف مع كل من سيختاره الشعب التونسي.

خصوصية تركية


المجلة: لكنه تحدث عن الدولة العلمانية وقال إن الإسلام لا يتعارض مع الديمقراطية وهو ما خلق له عداوات في عديد الدول العربية وأساسا بين الحركات الإسلامية.
- هذا الكلام لم يقله في تونس بل في مصر وهو يعبر عن خصوصيات تركية، اذ حاول أن يوفق بين تأكيده انه إسلامي وبين إدارته لدولة علمانية، و لا أعتقد أن المواطن التونسي أو المصري يجد نفسه معنيا بهذا التوفيق لأن دولته (مصر أو تونس) تعرف نفسها بأنها دولة إسلامية.
المجلة: يعني أنكم لا تطرحون دولة علمانية لتونس.
- الدولة التونسية ليست علمانية هي دولة لغتها العربية و دينها الإسلام، فللدولة دين وليست عارية منه، و من الطبيعي أن يوجه سياساتها و ثقافتها وعلاقاتها وفق ما يفهمه من الدين سياسيوها و مثقفوها و المشرفون على أجهزتها التشريعية و التربوية و الثقافية و الدبلوماسية .
المجلة: لكن في المقابل هناك تخوفات في الشارع التونسي من حصول النهضة على الأغلبية والوصول إلى الحكم و تطبيق الشريعة.
- ليس في برنامجنا تطبيق الشريعة، فأولويتنا هي إقامة نظام ديمقراطي حقيقي يضمن الحريات لجميع المواطنين من دون تمييز على أي أساس. نحن نعتقد أن تشريعات الإسلام لا يجب أن تفرض لأنها تقوم على الإقتناع والإيمان بها فلا إكراه في الدين، لذا فالحرية مكفولة للجميع في نظم الحياة التي يختارونها. يجب الإشارة أيضا أن جزءا مهما من القانون المدني التونسي مستمد من الشريعة و مجلة الأحوال الشخصية كذلك، ولا تزال العلوم الإسلامية تدرس في المنهج التربوي التونسي، وهناك وزارة الشؤون الدينية ترعى المساجد ... و معنى كل هذا أن هذه الدولة لم تفصم عراها عن الإسلام بل هي معنية به.
و بما أنه لا توجد في الإسلام كنيسة تنطق باسم السماء، فلا النهضة و لا غيرها يزعم أنه ناطق باسم الإسلام و أنه يحتكر تفسيره و يقصي منه كل من يخالف رأيه لأن المستخلف عن الله ليست هذه الحركة أو تلك أو هذا العالم أوذاك أو هذه المؤسسة أو تلك، و إنما المستخلف عن الله هي الأمة، وذلك من خلال تدافعها و تعدد آرائها و تشاورها في اتجاه التوصل إلى الإجماع أو ما يقاربه عبر ممارسة الاجتهاد الفردي و الجماعي، و البرلمان هو مؤسسة من مؤسسات الاجتهاد مثله مثل الصحافة و الجامعة و النوادي الفكرية .
المجلة: لكنكم قلتم في تصريحات سابقة في بريطانيا أنكم لن تمنعوا بيع الخمر و ارتداء النساء لملابس السباحة.
- لا أحد يفقه تاريخ التشريع في الإسلام يسمح لنفسه أن يغير أنماط الحياة من مأكل وملبس و مشرب عن طريق القسر و الإكراه و التهديد، فالله خلق الناس أحرارا، و لم يعط لأحد سلطة في أن يقود الناس، حتى للجنة، بالسلاسل . فالناس لا يقادون إلا من أنفسهم ومن ضمائرهم بقناعاتهم . أما التخويف و التهديد فلا يصنعا تدينا بل نفاقا وهو أسوأ وصف يمكن أن يلحق بالإنسان.
المجلة: هل ترى نفسك أو من خلالك الحركة معنيا برئاسة تونس؟
- شخصيا لست معنيا بأي منصب سياسي في الدولة، نحن في ثورة صنعها الشباب، ومن العدل ومن المناسب أن يكون الشباب في طليعة المشهد السياسي و الحكومي و بالتالي على أصحاب الرؤوس البيضاء أن يتنحوا و يتركوا الصدارة لأصحاب الرؤوس السود الذين صنعوا الثورة.
أما الحركة فهي معنية بالرئاسة و ترى أن من واجبها بذل كل ما في وسعها وفق القانون من أجل وضع برنامجها موضع التنفيذ بيدها وليس بيد غيرها، ومن أجل ذلك تتكون الأحزاب.
المجلة: وهل تقبلون التحالف مع أحزاب أخرى
- ذلك خيارنا و الأمثل أن تكون الحكومة التي سيفرزها المجلس التأسيسي حكومة ائتلاف وطني من أجل مواجهة التحديات الجسام بإرادة جماعية.

أجرى الحوار: نجم الدين العكاري
font change