انتخابات المجلس التأسيسي.. النابلي مرشح لخلافة قائد السبسي

انتخابات المجلس التأسيسي.. النابلي مرشح لخلافة قائد السبسي

[caption id="attachment_55228403" align="aligncenter" width="620" caption="تونس تنتخب"]تونس تنتخب[/caption]


هذه الانتخابات التعددية الأولى التي ستشهدها تونس ستكون تاريخية و مميزة لأسباب عديدة فهي أول انتخابات بعد الثورة، التي فككت النظام الاستبدادي للرئيس المخلوع بن علي، وستجري لأول مرة بعيدا عن تدخل وزارة الداخلية و الحزب الحاكم سابقا التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، و بمشاركة أكثر من 80 حزبا و مئات القائمات المستقلة، وبتنظيم من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي حرصت على الالتزام بالحياد و تطبيق مبادئ الشفافية و الديمقراطية خلال كل مراحل العملية الانتخابية.

وستشهد الانتخابات الأولى في بلدان "الربيع العربي" حضورا مكثفا من الملاحظين و المراقبين الأوروبيين و العرب ليكونوا شاهدين على الانتقال الديمقراطي وولادة ديمقراطية جديدة في المنطقة، التي عاشت عقودا من الحكم الفردي والاستبداد و قمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان.

مقاطعة


ولا يدخل التونسيون هذا الاستحقاق الانتخابي بحماس كبير، حيث يشير استطلاع للرأي أجراه مجموعة من الأساتذة الجامعيين قبل ثلاثة أسابيع من يوم الاقتراع إلى أن نسبة المشاركة في التصويت ستكون في حدود 65 في المائة في أحسن الاحوال حيث حين أكد 12.8 في المائة عدم مشاركتهم و قال 22 في المائة أنهم لم يحسموا أمرهم بعد، وهو ما يعني انهم قد يحضرون أو يتخلفون، بخاصة وأن دعوات للمقاطعة انتشرت في عديد الأوساط.

[caption id="attachment_55228406" align="alignleft" width="300" caption="النابلي مرشح لخلافة قائد السبسي في رئاسة الوزراء"]النابلي مرشح لخلافة قائد السبسي في رئاسة الوزراء[/caption]

ضعف التحمّس للتصويت في هذه الانتخابات يعود إلى عوامل عدة لا يمكن ترتيبها لكنها مرتبطة جميعها بما عاشته و تعيشه البلاد مند 14 يناير الماضي.
ولا يخفى أن 57 في المائة فقط من التونسيين تقدموا تلقائيا للتسجيل على اللوائح الانتخابية في الآجال التي ضبطتها الهيئة المستقلة للانتخابات، و التي حاولت الزيادة في أعداد الناخبين الذين لم يتقدموا تلقائيا للتسجيل، عبر تمكين الذين تتوفر فيهم الشروط بالانتخاب بالاستظهار ببطاقات التعريف.

ويبرر المترددون عن الاقتراع عدم تحمسّهم بأن المعركة الانتخابية غير هامة باعتبار أن المجلس سيقتصر دوره على صياغة دستور جديد تبدو أبرز مبادئه العامة محل وفاق و كانت محل دراسة داخل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي، في حين يرى آخرون أن لا شيء تغير و أن الأحزاب السياسية تتهافت على كراسي المجلس و على الوصول الى السلطة و أن حملاتها الانتخابية غرقت في تقديم الوعود، التي يصعب تحقيقها أو يستحيل، في ظل وضع اقتصادي صعب واستقرار اجتماعي و أمني مازال لم يستكمل بناءه.

انقسام


كما كشفت أيام الحملة الانتخابية، التي لم تشهد تجاوزات كبيرة أو أحداث عنف بين المتنافسين، انقساما لا تعرف مبرراته أو دوافعه، بين تيارين كبيرين هما التيار الديني و التيار الحداثي أو العلماني، رغم الإجماع على الحفاظ و احترام الهوية العربية الإسلامية للبلاد من جهة، واحترام الحريات العامة و منها حرية المعتقد.

هدا الانقسام برز خلال حادثتين تعلقت الأولى بردة الفعل على قناة "نسمة" التلفزيونية التي بثت شريطا كرتونيا جسّد الذات الإلهية، والتي أدت إلى خروج عديد المظاهرات المنددة بالقناة و المطالبة بغلقها، رغم اعتذار صاحبها، الذي تم حرق منزله وسيارتيه. وهي مظاهرات حاول العلمانيون الرد عليها بتظاهرات انطلقت من العاصمة و جابت عديد المدن الكبرى تحت شعار "اعتقني".

الحادثة الثانية تهمّ دعوى إمام مسجد بجهة مدينة سوسة إلى قتل العلمانيين و الشيوعيين، وهو ما زاد من التخوفات الموجودة في القلوب، والتي أشار إليها استطلاع الرأي الذي أكد أن 69.5 في المائة من المستجوبين أبدوا تخوفهم من الانتخابات و الفترة التي ستليها، نتيجة صعوبة الوصول الى وفاق لتصعيد حكومة وحدة وطنية، في ظل الخشية من تولي التيار الديني تشكيل حكومة تضم حزب النهضة الاسلامي الذي يرأسه راشد الغنوشي وبعض القائمات المستقلة ذات المرجعية الدينية.
خوف التونسيين من يوم الاقتراع و الفترة التي ستليه برزت أيضا من خلال سلوك جديد أتاه المواطنون و يتمثل في الشراء المكثف للمواد الغذائية الأساسية، رغم ارتفاع أسعارها بنحو 30 في المائة مقارنة بأسعار العام الماضي تحوطا من فقدانها في صورة حصول اضطرابات، على الرغم من تطمينات الحكومة التي دعت إلى عدم تصديق الإشاعات والثقة في قدرة قوات الأمن على فرض الاستقرار و الأمن بكامل البلاد.


[caption id="attachment_55228407" align="alignright" width="300" caption="مصطفى بن جعفر.. رئيس توافقي؟"]مصطفى بن جعفر.. رئيس توافقي؟[/caption]

محاصصة


ويبقى التساؤل في تونس وقبل الإعلان عن النتائج يوم 27 أكتوبر، المحاصصة التي ستفرزها ومن سيرأس البلاد و الحكومة بعد إعلان الرئيس فؤاد المبزع عدم رغبته في المواصلة و اقتناع الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الانتقالية بأن لا أحد يرغب في مواصلته، سواء من الأحزاب أو المواطنين، ويتردد في تونس أن أكثر الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة الجديدة هو مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي، الذي يعرف بكفاءته و استقلاليته، رغم انه عمل مع بن علي في بداية حكمه ليختلف معه و يتحول إلى البنك الدولي في مسؤولية قيادية.

وقد يكون الوفاق حاصلا حول الرجل بخاصة و أن تحديات الفترة القادمة ستكون اقتصادية بامتياز، والنابلي له الكفاءة و العلاقات القوية لدى الأوساط المالية الدولية وهو بالتالي قادر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد التونسي خلال السنوات القادمة، إضافة إلى نجاح منوالي التنمية اللذين صنعهما في تسعينات القرن الماضي و ساهما في النهضة الاقتصادية لتونس.

أما منصب رئيس الجمهورية فلم يحسم أمره بعد، في ظل رغبة النهضة فيه، والتي تتوقع الحصول على غالبية في مقاعد التأسيسي، رغم أن أطراف عدة تفضل الدكتور مصطفى بن جعفر، أمين عام التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي سبق له رفض الانتماء إلى الحكومة المؤقتة الأولى التي شكلها محمد الغنوشي، عكس الأستاذ أحمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي الذي لا يخفي رغبته بالمسؤولية الأولى و تبدو حظوظه أضعف بعد الانتقادات التي لحقته لما تولى حقيبة التنمية الجهوية في الحكومة الأولى بعد الثورة.

نجم الدين العكاري


font change