محمد مرسي: عدم إعطاء الأقباط حقوقهم.. انتهاك للإسلام

محمد مرسي: عدم إعطاء الأقباط حقوقهم.. انتهاك للإسلام

[caption id="attachment_55229990" align="aligncenter" width="620" caption="الاخوان.. القوة السياسية الأكبر بعد الثورة في مصر"]الاخوان.. القوة السياسية الأكبر بعد الثورة في مصر[/caption]

لا يبدو مكتب الدكتور محمد مرسي مقرا لرجل سيصبح قريبا أحد الأطراف السياسية الرئيسة في مصر، إذ تبلغ مساحة المكتب نحو 10 أقدام مربعة يوجد في أحد أركانها أصيص نبات، ويطل على جدار من الطوب المتهالك، وهي غرفة متواضعة لرئيس الجناح السياسي في جماعة الإخوان المسلمين، بل تحمل سمات التقشف، وربما يكون ذلك مناسبا لرجل جذب موقف حزبه المعارض للفساد تأييد الفقراء والمظلومين على مدار عقود.

قال مرسي: «كان النظام المصري صعبا للغاية في ظل حسني مبارك، فقد عاش المصريون تحت حكم أكثر نظام ديكتاتوري غير عادي في التاريخ. يعاقب الناس، وكأنه يرغب على الدوام في جذب البلاد إلى الخلف».
وكان من المتوقع بقوة أن يكون حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية التي انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011. وهذا ما حدث فعلا.

ولكن يشكك البعض فيما سيحققه الحزب، قائلين إن المحللين بالغوا في إبراز حجم نفوذ الإخوان عندما كانت جماعة محظورة تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك.
فقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت منذ شهر فبراير (شباط) الماضي تراوح معدل شعبية الجماعة عند نحو 15 في المائة.

[caption id="attachment_55229991" align="alignright" width="215" caption="مخاوف من تطرف يقود مصر الى المجهول "]مخاوف من تطرف يقود مصر الى المجهول [/caption]

ولكن نظرا للهياكل التنظيمية التي تتميز بها الجماعة ويرجع تاريخها إلى عقود ماضية، بالإضافة إلى حسن النية والتقدير الذي تحظى به البرامج التعليمية والصحية التي ترعاها الجماعة على مدار الأعوام، لا يشكك إلا عدد قليل من الناس في إمكانية حشد الحرية والعدالة لتأييد كبير. وقد وضح هذا في الانتخابات البرلمانية حيث تحصل الحزب على 36 مقعدا في الجولة الأولى.
ويثير هذا الاحتمال غضب البعض في الغرب، من الذين يضعون الإخوان المسلمين في مخاوفهم الكبيرة من انتشار الإسلام المسلح.

ومن غير المفاجئ أن الدكتور مرسي رفض هذا المفهوم واصفا إياه بأنه «خطأ تماما». فضلا عن ذلك لا يخشى أعضاء بعض من الأحزاب الليبرالية الجديدة في مصر بالضرورة من النزعة الإسلامية لحزب الحرية والعدالة في حد ذاتها، بل يخشون من القوة الانتخابية لخصم يبدو قويا للغاية.

من جانب آخر، يرحب الناخبون المصريون - الذين تشير استطلاعات الرأي إلى أن الغالبية العظمى منهم يفضلون قدرا من التأثير الإسلامي في حكم مستقبل البلاد - بالنظرة الإسلامية العامة في البرنامج السياسي للإخوان.
ولكن كيف سيعمل برلمان يسود غالبيته الإخوان المسلمون؟
وفقا لمرسي، تستوحى سياسات اقتصاد السوق الحرة التي يتبناها حزب الحرية والعدالة من الشريعة الإسلامية. ويقول: «نظام السوق الحرة مشابه للنظام الإسلامي. في ظل الإسلام، حيث يحتاج المرء إلى التأكد من أن الفقراء لهم نصيب في ثروة المجتمع، لذلك عندما نتحدث عن تطبيق نظام السوق الحرة، نجده جيدا ولكنه يحتاج إلى بعض الإصلاح».

في ظل حكم حسني مبارك الذي استمر لمدة 30 عاما، انتشر الفساد واتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في مصر بصورة كبيرة. ويرى مرسي أن الرأسمالية المستوحاة من الإسلام والتي تركز بصورة أكبر على «الأخلاقيات» ستقطع شوطا كبيرا في علاج الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.

ويعلق قائلا: «بالإضافة إلى نظام السوق الحرة، نحتاج إلى وجود قيم أخلاقية يلتزم بها المجتمع، وهذا ما يشغلنا، فضلا عن اهتمامنا بالإنفاق من أجل الحصول على استثمارات حقيقية».
قد تعارض بعض الأحزاب الليبرالية في مصر فكرة أن الإسلام عنصر لا غنى عنه من أجل التخلص من فساد عهد مبارك، ولكن أمام سمعة الإخوان الممتدة عبر العقود الماضية في مناهضة المحسوبية الحكومية، ستجد هذه الميزة صدى حقيقيا لدى كثيرين عند صناديق الاقتراع.
إلى جانب ذلك توجد مخاوف أخرى - أحيانا ما يؤكد عليها الغرب - وهي أنه سيتم تهميش المرأة والمسيحيين في ظل حكومة تابعة لحزب الحرية والعدالة.

قال بطريرك الأقباط الراحل كيرلس السادس ذات مرة إن المصريين «شعب واحد يعبد إلها واحدا بطريقتين مختلفتين». ولكن لم يمنع ذلك بعض المشككين من إبراز تصريحات سابقة لقادة الإخوان تشير إلى أن المتشددين داخل الجماعة يعتقدون عكس ذلك، وقد علق مرسي على هذا الأمر قائلا: «هذا غير صحيح بالمرة، يجب علينا احترام المسيحيين، وإذا لم نتعامل مع إخواننا الأقباط أو نساوي بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق، فسيكون في ذلك انتهاك للإسلام».

وفي الأعوام الأخيرة، هدأ الإخوان من نبرتهم في الحديث عن الأقباط، معلنين أنهم يتمتعون بحقوق «المواطَنة المصرية كاملة»، وأشاروا أيضا إلى أنهم سيبطلون نظام تراخيص بناء الكنائس بمجرد أن يصلوا إلى الحكم، وهو نظام يحظى بكراهية شديدة بين العديد من الأقباط. ولكن على الرغم من السماح بانضمام المرأة أو المسيحي إلى حزب الحرية والعدالة، فإن مسؤوليه ما زالوا لا يعدونهما مناسبين لتولي منصب الرئيس.

على مدار الشهور القليلة الماضية، تعرض المجلس العسكري الذي يحكم البلاد بعد الإطاحة بالرئيس السابق مبارك في فبراير، لقدر كبير من الهجوم بسبب أسلوبه في إدارة الفترة الانتقالية، وبخاصة في الأسبوعين الأخيرين والمواجهات العنيفة التي شهدها ميدان التحرير بالقاهرة وعدد من المدن الأخرى ما أسفر عن سقوك مئات القتلى والجرحى.

[caption id="attachment_55229992" align="alignleft" width="300" caption="محمد مرسي"]محمد مرسي[/caption]

ولكن يحرص الدكتور مرسي على ألا يهاجم المجلس العسكري بشدة، حيث قال: «لعب الجيش دورا مهما في حماية الثورة ولم يقف في مواجهتها». على الرغم من أن أعدادا متزايدة من النشطاء والسياسيين في مصر يقولون العكس تماما الآن.
وعندما سئل عن إسرائيل، تحدث رئيس حزب الحرية والعدالة بصراحة أكبر، حيث وجه لتل أبيب انتقادات دائما ما تلقى قبولا لدى الشارع العربي، قائلا: «الفلسطينيون يقاومون الإسرائيليين، ولديهم الحق في المقاومة، ونحن نساعد هذه المقاومة قدر استطاعتنا، سياسيا وأخلاقيا ومن خلال توفير المعدات الطبية».

كما تطرق أيضا إلى إقامة علاقات أكثر «توازنا» مع إسرائيل، وهي الفكرة التي تجد قبولا كبيرا بين جميع الأطياف السياسية في مصر بعد أعوام من التعاون الوثيق بين مبارك ونظرائه الإسرائيليين، ولكن من غير المرجح أن يجد حل الدولة الواحدة الذي يفكر به الإخوان قبولا لدى بنيامين نتنياهو.

بعد أعوام من القمع الحكومي الذي بدأ في ظل حكم جمال عبد الناصر، ما زالت جماعة الإخوان المسلمين تتعلم كيف تتفاوض حول إمكانية وصولها إلى السلطة، فمنذ سقوط مبارك، كانت هناك انقسامات وخلافات وجولات من المعارك الداخلية التي ظلت كامنة في السابق بسبب وجود عدو مشترك.

ولكن يبدو واضحا أنه بحلول بداية يناير (كانون الثاني) المقبل، عندما تستكمل الجولة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية، ستصل الجماعة التي عانت من النبذ طويلا في ظل رؤساء متتابعين إلى مركز يسمح لها بتنفيذ برنامجها السياسي. وسيكون المصريون - والغرب - متحمسين لمتابعة ماذا سيحدث بعد ذلك.

أليستير بيتش
font change