رامز: الاحتياطي النقدي الحقيقي هو الناتج عن تحويلات المصريين في الخارج

رامز: الاحتياطي النقدي الحقيقي هو الناتج عن تحويلات المصريين في الخارج

[caption id="attachment_55244235" align="aligncenter" width="620"]الرئيس محمد مرسي خلال اجتماعه مع كريستين لاجارد رئيس صندوق النقد الدولي في قصر الاتحادية - القاهرة 23 أغسطس 2012 الرئيس محمد مرسي خلال اجتماعه مع كريستين لاجارد رئيس صندوق النقد الدولي في قصر الاتحادية - القاهرة 23 أغسطس 2012[/caption]



بعد الحرب العالمية الثانية وفي ديسمبر 1945 أتفق على تأسيس صندوق النقد الدولي International Monitory Fund) IMF) ومجموعة أخرى من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية. ومن أهم أهداف الصندوق ،هو مساعدة الدول الأعضاء لتحسين موازين مدفوعاتها (موازين التعاملات الخارجية) والحفاظ على إستقرار سياساتها النقدية وتقديم المساعدة لتحسين أدائها الاقتصادي. وكانت مصر ضمن التسعة وعشرون دولة الأول المؤسسة للصندوق حتى بلغ عدد الأعضاء المساهمين الآن 188عضوا. ويدير الصندوق 24 مديرا يمثلون مجموع المساهمين. وتتفاوت حصص أعضاء الدول حيث تستحوذ الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان على 37% من إجمالي رأس المال.




مباحثات الصندوق مع مصر




بعد التداعيات الاقتصادية لأحداث 25 يناير 2011وتراجع المؤشرات الاقتصادية للبلاد ومن أهم هذه التداعيات هي إنخفاض معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي الى وإرتفاع معدلات البطالة،اضافة الى التناقص الحاد والمستمر في الإحتياطى من النقد الأجنبي، والعجز المتزايد في الميزان التجاري، وزيادة أرقام المديونتين الخارجية والداخلية حتى بلغت 78%من إجمالي الناتج المحلي وغيرها من المؤشرات التى ساهمت فى تراجع ميزان المعاملات الخارجية. كل هذه التداعيات دعت حكومة الدكتور الجنزوري في الشهور الأولى من عام 2012 إلى اللجوء الى صندوق النقد الدولى للتفاوض في الحصول على قرض بقيمة 2,3 وحسب القواعد الأساسية للصندوق عند لجوء أحد الدول الاعضاء للحصول على قرض أن يقوم خبرائه بالتحقق من بعض الأمور الاقتصادية حتى يتم التأكد من الملاءة المالية للدولة المقترضة، وأهمها:
1- مراجعة الموازنة العامة للدولة وقيمة العجز فيها، وتشخيص أسباب العجز، وكيفية قيام الدولة بتمويل هذا العجز. وكان قد سجل عجز الموازنة ذاك الوقت 140مليار جنيه مصري.
2- برامج الإصلاح التى تتبعها الدولة لمعالجة مشاكلها الاقتصادية.
3- نواحي الاستفادة من القرض المطلوب وأبواب إنفاقه ومدى أثرها فى تحقيق برامجها الإصلاحية.
4- القدرة على السداد والبرنامج الزمنى للسداد.

وفي الأحوال العادية يقوم الصندوق بعمل المراجعات في فترة زمنية تستغرق حوالي ثلاثة أشهر أو يزيد بعدها يأخذ قرار الإقراض وتقوم الدولة المقترضة بتوقيع خطاب النوايا متضمنا موافقة وتعهد الدولة بالالتزام بقواعد الاتفاق.
وفور إعلان حكومة الدكتور الجنزوري عن بدء المفاوضات مع الصندوق علت أصوات تمثل تيار الإسلام السياسي في البرلمان تأكد حرمانية القرض وتشكك فى ربويته وعدم إلتزامه بالشريعة.

[caption id="attachment_55244241" align="alignleft" width="150"]هشام رامز هشام رامز[/caption]

وبتولى وزارة الدكتور قنديل الحكومة في أغسطس 2012 استأنفت المفاوضات مع الصندوق ولكن في هذه المرة كانت تهدف إلى زيادة القرض إلى 4,8 بليون دولار وجاءت بمباركة وموافقة من تيار الإسلام السياسي في البرلمان، وحدد الصندوق خمس إجراءات على الحكومة المصرية إن تقوم بهم للموافقة على هذا القرض، وهذه الإجراءات هي:
1- رفع الدعم عن البنزين 95 أكتين.
2- رفع الدعم عن الكهرباء والغاز المباعة لخطوط الإنتاج عالية الاستهلاك للطاقة.
3- رفع الدعم عن الكهرباء والمياه للشرائح العالية الدخل والقاطنة لمواقع متميزة.
4- رفع الضرائب على مجموعة من السلع والخدمات.
5- زيادة الإحتياطي من النقد الاجنبي إلى 19 مليار دولار لكي يغطى فترة حوالي أربعة أشهر واردات.

ومن الخمسة إجراءات سالفة الذكر، أمكن لحكومة قنديل أن تنفذ الثلاث الأول من هذه الإجراءات، وحاولت تنفيذ الرابع عندما أصدرت قراراتها في 8 ديسمبر2012 برفع الضريبة على 50 سلعة منها السجائر وحديد التسليح والأسمنت والمشروبات الكحولية وغير الكحولية وخدمات الإتصالات وتعاملات البورصة وغيرها إلا أن هذه القرارات قوبلت برفض شعبى فوري ومظاهرات عارمة فى جميع أنحاء البلاد مما حدى برئيس الجمهورية إلغاء القرارات يوم صدورها، أعقبها صدور القرار رقم 184 في 24 مارس 2013 برفع التعريفة الجمركية على مائة سلعة استهلاكية وراسمالية. أما عن الإجراء الخامس والأخير وهو في تقدير الخبراء صعب التنفيذ ولكنه غير مستحيل، فقد تناقص الإحتياطي من النقد الأجنبي إلى 13,5 مليار دولار في فبراير 2013 منهم حوالى 4 مليار دولار قيمة 75 طن ذهب وحوالى 1,5 مليار دولار ودائع، إلا انه ببعض من الإجراءات الجريئة يمكن للحكومة على المدى القصير والمتوسط جذب مزيد من مليارات الجنيهات والدولارات، من هذه الإجراءات وبترتيب أهميتها:



أولا: إجراءات في المدى القصير





1- ارتفعت تحويلات المصريين في الخارج من حوالى 9 مليار دولار فى عام 2010 إلى 12,8 مليار دولار في 2012 إلى حوالي 19مليار دولار في 2013، وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي يعكس تفاعل أبناء مصر أينما كانوا مع قضايا بلادهم ووقوفهم خلفها في الأزمات وهو الأمر الذى يتطلب من الدولة بكافة مؤسساتها تعظيم القدرة على إستدعاء جهود أبناء الوطن وتشجيعهم على تحويل مدخراتهم إلى مصر وذلك بتوفير أوعية استثمارية جاذبة لهم، وصناديق إستثمار ذات عوائد متميزة، وتوفير أراضي بأسعار متميزة لاستثماراتهم سواء كانت إنتاجية أو سكنية، هذا فضلا عن إعادة النظر في أوضاع المصرين في الخارج، وعلى وجه الخصوص مزدوجى الجنسية منهم وهم أغلبية، والنظر اليهم أنهم مصريين كاملي الولاء ولهم حقوقهم الدستورية وحقوق المواطنة للترشح للمجالس النيابية والمناصب التنفيذية والقيادية بالدولة وهو الأمر الذى من شأنه سيضاعف من إنتمائهم إقتصاديا وسياسيا نحو البلاد.
٢- بذل كل الجهود وعمل كل التدابير الأمنية لعودة السياحة إلى معدلاتها قبل يناير 2011.
٣- تفعيل كافة الإجراءات التى من شأنها زيادة الصادرات السلعية والخدمية
٤- ضم كافة الصناديق الخاصة إلى موازنة العامة للدولة وتقدر بحوالي 95 مليار جنيه
٥- إنهاء خدمة 120 ألف مستشار فوق سن الستين مازالوا يقومون بأعمال إستشارية للدولة غير ذات قيمة ويحملون ميزانيها أجور مباشرة وغير مباشرة تقدر بحوالي 24مليار جنيه سنويا.




ثانيا: إجراءات فى المدى المتوسط




1- تظافر كل مؤسسات الدولة وتفعيل كافة القوانين والإجراءات التقليدية وغير التقليدية لتوفير المناخ المشجع لتنشيط وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
2- بيع الوحدات الاقتصادية غير المنتجة المملوكة للدولة والمطلوب لها إدارة رشيدة إلى مستثمرين مصريين وغير مصريين على أن يكون السداد بالنقد الاجنبي.
3- تعظيم العائد من قناة السويس ورفع كفاءتها النسبية والتنافسية .
4- جذب شركات بترول أجنبية لعمل إستكشافات جديدة فى مجالات البترول والغاز.
5- تشجيع الاستثمار فى الصناعات التعدينية.
6- إعادة النظر فى إنفاق الدولة وخاصة الذى يستنفذ مواردها من النقد الاجنبي.
ولاشك أن الإسراع فى توقيع خطاب النوايا مع صندوق النقد سيتبعه فى وقت قصيرالحصول على قروض أخرى تقدر بحوالى 23 مليار دولار من مصادر أخرى أهمها البنك الدولى والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى والدول العربية ومجموعة الثمانية، وهذه المصادر جمدت إجراءات توفير قروضها ومعوناتها حتى يتم توقيع الاتفاق مع الصندوق.



مباحثات جديدة




مؤخراً وفي النصف الثاني من شهر مارس 2013 وبعد أن توقفت المناقشات مع الصندوق، وصل السيد مسعود أحمد مندوب صندوق النقد الدولي في زيارة خامسة إلى القاهره لمواصلة المباحثات مع الحكومة المصرية والذي أوصى خلالها بعدم التقدم بطلب القرض إلا إذا تأكدت الجهات المعنية فى مصر أنها إستوفت كافة الإجراءات المنصوص عليها فى بداية المباحثات ولكي يمكن الحصول على موافقة ثلثي الأصوات أي 16 صوتا من أصوات 24 مديرا يمثلون 123 عضوا من إجمالى 188عضوا وإلا سيكون هو الرفض الخامس من قبل الصندوق والذى يصعب بعده التقدم بطلب القرض في الفترة الحالية . كما اقترح السيد مسعود تقديم مبلغ 750 مليون دولار بصفة مبدئية للمساعدة فى حلول إقتصادية عاجلة وهو الأمر الذى قوبل برفض من الإدارة المصرية.

وفي جولة جديدة من المباحثات وصل إلى القاهرة الاسبوع الماضي بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة أندرياس باير ، التقت خلالها بعدد من المسئولين في وزارة المالية والبنك المركزي ورؤساء الاحزاب المصرية وقادة سياسيين من الحكومة والمعارضة وعدد اخر من المسئولين للتشاور حول برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعدته حكومة قنديل، وتعتبر موافقة الصندوق على إقراضها قيمة الـ ـ4.8 مليار دولار بمثابة شهادة ثقة دولية لبرنامج الاقتصاد الوطنى، فضلا عن كونه يساعد الحكومة التي تلقت الاسبوع الماضي من قطر وليبيا مساعدات تقدر بخمسة مليارات دولار امريكي لسد العجز بالموازنة العامة.
ومن جهته قال الدكتور المرسى حجازي وزير المالية المصري، عقب لقاء الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء بعثة صندوق النقد الدولي ، إن المفاوضات مستمرة مع البعثة، وإن هناك تقدما في المفاوضات بشأن استكمال المباحثات بشأن طلب مصر الحصول على قرض الصندوق البالغ قيمته ـ4.8 مليار دولار.

font change