قيادي في حركة الشعب التونسية لـ«المجلة»: على السياسيين الاستجابة لمطالب الطبقات الفقيرة

«التعامل الأمني مع المحتجين ليس حلاً وعلى الحكومة والبرلمان الاهتمام بمشاغل الشعب»

المظاهرات انطلقت ليلاً رغم فرض حظر تجول في تونس العاصمة في 20 يناير 2021 (غيتي)

قيادي في حركة الشعب التونسية لـ«المجلة»: على السياسيين الاستجابة لمطالب الطبقات الفقيرة

* يجب أن نستغل الشرعية المكثفة لرئيس الجمهورية قيس سعيد والعمل معه وليس عزله، فالآن هناك أزمة حقيقية وشعب ينتظر وأعتقد أنه آن الأوان ليقوم كل طرف بدوره

 

تونس: شهدت مدن تونسية كثيرة، خلال الأيام القليلة الماضية، تحركات احتجاجية وأعمال عنف وتخريب قام بها مراهقون وشباب دون الثلاثين عاماً في أغلبهم... وقد وقعت هذه الأحداث ليلا، رغم الحجر الصحي الشامل، وقرار حظر التجوال، حيث يتجمع المحتجون مع غروب شمس كل يوم ويقومون بغلق الطرقات والشوارع، وإشعال الإطارات لتعطيل تحركات قوات الأمن، ومن ثم يستولون على محتويات المتاجر والمحلات .

وقد تصدت وحدات الأمن لهذه الأحداث بقوة، لمنع عمليات الفوضى والتخريب وحرق الممتلكات العامة والخاصة، وسرقة المحلات التجارية، والاعتداء على المقار الأمنية، وهو ما أدى إلى وقوع مواجهات استعملت فيها الغازات المسيلة للدموع، وأصيب فيها عدد من رجال الشرطة، بسبب استخدام المحتجين للحجارة والزجاجات الحارقة أحياناً، كما تم توقيف مئات الشباب المشاركين في هذه الأحداث لعرضهم على القضاء ومحاكمتهم.

ورغم غياب مطالب واضحة، وعدم وجود تأطير حزبي أو سياسي لهذه الأحداث، فإنها بدت متشابهة من حيث اندلاعها بمجرد حلول الظلام، وحدوثها بنفس الأسلوب في كل المدن والقرى، وهو ما سهل الاعتقاد بوجود من يحرك هذه الأحداث، ويستغل الأطفال والشباب الفقراء والمهمشين، لنشر الفوضى والتحريض على الحكومة، لإرباك عملها، وضرب استقرار البلاد، وتهديد أمنها.

وفي هذا السياق، قال هيكل المكي القيادي بحركة الشعب (حزب معارض) ورئيس لجنة المالية بمجلس نواب الشعب، إن التعامل الأمني مع الاحتجاجات ليس حلا، وإن الحكومة والبرلمان مطالبان بالتركيز على الجانب الاجتماعي ومشاغل الشعب.

وأضاف هيكل المكي في حوار لـ«المجلة»أنه لا أمل في قدرة الحكومة الحالية على حل المشاكل القائمة، وأنه لا بد من مراجعة القانون الانتخابي وتنظيم عمليات سبر الآراء.. وفيما يلي النص الكامل لهذا الحوار:

 

هيكل المكي
هيكل المكي

* ما هي المبررات والأسباب الحقيقية للاحتجاجات التي عرفتها تونس في الفترة الأخيرة؟

- هذه الاحتجاجات سببها التهميش والفقر والفوارق الطبقية التي زادت عمقا وعدم تحمل الحكومات المتعاقبة لمسؤولياتها تجاه الفقراء وأبنائهم.. فهذه الاحتجاجات جاءت من أجل تصحيح المسار الذي تسير فيه البلاد، إذ إن الدولة الاجتماعية الراعية يجب أن تعلن نفسها بكل صراحة ويجب أن يتحمل الفاعلون السياسيون مسؤولياتهم الاجتماعية حتى لا تتعمق الهوة بينهم وبين شعبهم وبين الطبقات الشعبية الهشة وجهاتهم المهمشة..

هذه الاحتجاجات قامت في المدن الفقيرة وفي أحزمة الفقر المحرومة، وبالتالي لها ما يبررها، وكل ما هو سرقة ونهب وتخريب مدان ومرفوض، ومثل هذه التجاوزات والتصرفات السلبية تحصل في كل بلدان العالم، والتعامل الأمني ليس هو الحل ويجب أن نحمي الممتلكات العامة والخاصة، وقد رأينا في تاريخ الشعوب وحتى في تونس زمن الرئيس الراحل بن علي أن القبضة البوليسية لم تكن هي الحل وقد سقط رغم ما كان له من جهاز أمني رهيب.. لذلك فإن الحل هو الاهتمام بالشباب المحتج وبمطالبهم..

 

* كيف كان دور حزبكم (حركة الشعب) في هذه الأزمة؟

- نحن في حزبنا نقوم بدورنا ونزور الأحياء الفقيرة ونتحدث مع الشباب، وقد كان خطابنا هذه المرة واضحا حيث ساندنا هذه التحركات ونبهنا من محاولات اختراق المحتجين من طرف عناصر مأجورة للقيام ببعض الأعمال التخريبية التي تحجب الاحتجاج وتشوهه.. 

 

* وأنت عضو في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ما المطلوب حسب رأيك من هذا المجلس في هذه المرحلة؟

- المطلوب منه العمل على سن قوانين اجتماعية، ودفع الحكومة إلى التركيز في عملها على الجانب الاجتماعي، ومطلوب منه أيضا أن يتصالح مع الشعب ويقترب منه ومن همومه ومشاغله..

رغم غياب مطالب واضحة وتأطير حزبي او سياسي لهذه الاحداث إلا أنها بدت متشابهة بنفس الأسلوب في كل المدن والقرى (غيتي)
رغم غياب مطالب واضحة وتأطير حزبي او سياسي لهذه الاحداث إلا أنها بدت متشابهة بنفس الأسلوب في كل المدن والقرى (غيتي)

* خلال المظاهرات، هناك من نادى بحل هذا البرلمان، لأنه لم يعد يقوم بدوره.. ما رأيك؟

- هذا من حقه، وهذا مطلب سمعناه حتى من سياسيين وأكاديميين، وهذا منطقي ومعقول، ويمكن حتى تغيير النظام السياسي ومراجعته، لتجاوز الأزمات السياسية، وإذا كان هذا البرلمان يمثل اليوم عائقا أمام تطور اقتصادي واجتماعي وسياسي حقيقي فليقع حله.. ولكن إذا كان ذلك سيؤدي إلى إنتاج نفس المشهد فهذا أمر مرفوض والمطلوب حسب رأيي هو مراجعة  القانون الانتخابي، فهذه مسألة ضرورية وأولوية، بل ومراجعة كامل المنظومة الانتخابية وليس القانون الانتخابي وحده، حتى لا تزور الانتخابات مسبقا باعتماد طرق حديثة.. وأيضا مراجعة قانون الجمعيات وتمويل الأحزاب ومراجعة علاقات الأحزاب بالجهات الممولة سواء كانت داخلية أو خارجية، وأيضا تقنين مسألة عمليات سبر الآراء وتنظيمها..

 

* ما المطلوب من الحكومة الحالية، حكومة هشام المشيشي، لتفادي الأسوأ حسب رأيك؟

- حكومة المشيشي ليس لها ما تقدمه للمحتجين وللشعب عموما، هذه الحكومة أثبتت أنها لا تستطيع التقدم أو الإنجاز، وهذا برز من خلال قانون المالية الذي قدمته ومن خلال حرصها على مصالح لوبيات نافذة وليس على مصالح شعبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأيضا حرصها على مجاملة حزامها السياسي ومده بكل ما يطلبه، وهي التي تدعي الاستقلالية، فقد انعدم الأمل في هذه الحكومة وفي إمكانية أن تقدم أي حلول تساعد على تجاوز الأزمة الحالية..

 

* كيف نضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي في تونس في المرحلة القادمة؟

- حسب رأيي يجب أن نتفق أولا على الحد الأدنى، وهو مراجعة كل المنظومة أي إدخال التعديلات الدستورية الضرورية التي تضمن الاستقرار السياسي ونتجه إلى تنفيذ سياستنا الوطنية واستغلال سيادة القرار الوطني لخلق الثروة والتنمية من خلال إحداث شراكات جديدة والانفتاح على آفاق أخرى غير تقليدية في علاقاتنا الاقتصادية أساسا.. بحيث يجب أن يكون هناك عقد سياسي جديد فيه مراعاة لمصلحة الشعب أولا وأخيرا وفيه مضامين حقيقية وتعريف صريح بمفهوم الدولة التي نريدها: دولة تقود المجتمع والاستثمار، وأعتقد أن هناك فرصة سانحة أمام تونس للاستفادة.. ويجب أن نستغل الشرعية المكثفة لرئيس الجمهورية قيس سعيد والعمل معه وليس عزله، فالآن هناك أزمة حقيقية وشعب ينتظر وأعتقد أنه آن الأوان ليقوم كل طرف بدوره.

font change