«أمّ اللاجئين»... كورونا يغيّب الطبيبة الكردية نمام غفوري

«أمّ اللاجئين»... كورونا يغيّب الطبيبة الكردية نمام غفوري

«تُضحك الجميع، وتهتم بالجميع، معطاءة وتحب الناس، هي إنسانة بكل ما للكلمة من معنى» هكذا وصفها محبوها، وهكذا فارقت الحياة...

الدكتورة نمام غفوري، طبيبة وناشطة حقوقية، اختارت الانتقال من السويد إلى مخيمات كردستان العراق لتقضي فيها 7 سنوات في خدمة ومساعدة ضحايا الحرب والنزاعات الأهلية، توفيت مطلع الشهر الجاري متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا.

يحكي الدكتور فرياد حويزي، الأخصائي في أمراض الدم، أنها «عاشت حياة صعبة بعد أن لجأت مع أسرتها إلى إيران ثم إلى السويد، وواجهت الكثير من الأذى بسبب دفاعها عن القضية الكردية. همّها كان لفت نظر الناس إلى قضايا اللاجئين ومساعدتهم بشتى الطرق... كانت قمة في التواضع».

ساعدها الدكتور حويزي -أحد أقاربها- في دراسة الطب، ورافقها كداعم وناصح ومرشد، حتى تخرجت وبدأت العمل مع اللاجئين، وعن ذلك يقول «كنت أسافر مع زوجتي وأولادي وأحفادي إلى كردستان، ونلتزم معها لأيام في تقديم المساعدات المتفرقة في المخيمات».

وعن انتقالها للعمل مع اللاجئين في كردستان تقول الدكتورة فريال أحمد، أخصائية في علم الأحياء المجهري، «كطبيبة أعلم أن وظيفتي وعيادتي هما أهمّ مافي مسيرتي المهنية، لكنّ الدكتورة نمام غفوري ضحت بهما، وضحت بحياتها ووقتها لأجل قضيتها.. كانت قضية اللاجئين أولويتها حتى آخر لحظة لها في المستشفى».

افتتحت مخبزاً في مخيم «بادجت كاندال» في كردستان وفّر الخبز لأكثر من 18 ألفاً من اللاجئين، لكن نقص التمويل حال دون إكمال عمله. اتخذت من المخيم منزلاً لأيام طويلة، وافتتحت عيادة طبية، درّبت لأجلها فريقاً في المستشفيات الحكومية، ثم نقلتهم إلى العيادة، كما تعاونت مع أطباء في أوروبا، لترتيب زيارات دورية لهم إلى عيادة المخيم وتقديم المساعدات والاستشارات الطبية.

عملت على تشغيل اللاجئين وتدريبهم وتطوير مهاراتهم، وشجّعت ممتهني الحرف اليدوية والخياطة على تدريب آخرين، ونظمت تدريبات لهم يستطيعون من خلالها صنع منتجات يدوية للبيع خارج المخيم، يعود ريعها لهم، كما نظّمت تدريبات رياضية للأطفال والشباب، ورعت التدريس في المخيم.

حصلت على دعم من مجموعة كبيرة من الأطباء، وأطلقوا جمعية «جوينت هيلب فور كردستان» لمساندتها، وبحسب الدكتور حويزي، يحاول فريق العمل معها تغطية معظم احتياجات الضحايا من الصحة والتعليم والغذاء والملابس وغيرها، وآخر مبادراتها كانت ضم أطفال الإيزيديات مع أمّهاتهم.

قضت أيامها الأخيرة في المخيم، قبل أن تُظهر نتيجة تحليل كورونا إصابتها بالفيروس، ثم تدهور وضعها الصحي وتم نقلها إلى السويد. وعن تلك الفترة يقول الدكتور حويزي «حتى في أشدّ أيام مرضها، وفي وقت لم تكن تقوى فيه على الكلام، استمرت بمتابعة مهامها بالرسائل النصية، وتابعت احتياجات اللاجئين إلى يومها الأخير، وبعد وفاتها تلقّينا الكثير من الرسائل، عبّر فيها اللاجئون عن فقدان (أمّهم) كما وصفوها».

في حديث سابق لها مع «المجلة»، قالت عن معاناة الإيزيديات «تصوري أن تعودي إلى مدينتكِ بعد ما مررتِ به من أسرٍ مرعب، وعبودية، وبيع للنساء حتى 20  مرة، واغتصاب من جانب العصابات وحتى بعض الأطباء الذين عملوا في الموصل، ومن ثم تعودي... مانوع الحياة التي تنتظرك!؟... لا أحد بانتظارهم ليساعدهم!».

font change