خبير في الشؤون السودانية: اتفاق البرهان- حمدوك رهين بالثوار والإجماع الوطني

خبير في الشؤون السودانية: اتفاق البرهان- حمدوك رهين بالثوار والإجماع الوطني

الخرطوم: اعتبر المختص في الشؤون الاستراتيجية السودانية اللواء مهندس أمين إسماعيل مجذوب إن غياب حاضنة سياسية للاتفاق الموقع بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك من أبرز الصعوبات التي تواجه تحقيق الاتفاق على أرض الواقع، ورأى أن من شأن مظاهرات الثوار أن تشكل ضغطا على الاتفاق بخاصة فيما يخص الحكومة المنتظر تشكيلها من شخصيات غير منتمية لأحزاب سياسية، ورجح في حديث لـ«المجلة»أن يقوم الخلاف حول تفسير الاتفاق والضغوطات المحلية إلى إعلان حكومة غير متناسقة (سمك لبن تمر هندي).

وتاليا نص المقابلة:

 

* ما أبرز الصعوبات التي تواجه تنفيذ اتفاق البرهان- حمدوك؟

- لعل أبرز التحديات هو عدم وجود حاضنة سياسية لهذا الاتفاق الذي وقع بين رجلين.. الأول القائد العام للقوات المسلحة والثاني رئيس الوزراء المعزول الذي لم يؤد القسم حتى الآن.. التحدي الثاني موضوع الصلاحيات، فالاتفاق منح مجلس السيادة مهمة الأشراف على الحكومة التنفيذية دون التدخل في التفاصيل، ولكن من المحتمل أن تحدث خلافات إذا قام المشرف بالتوجيه أو التدخل لإصلاح خلل ما.. أيضا تشكيل حكومة تكنوقراط تواجه بمسألة مهمة بالنسبة للحركات المسلحة إن كانت ستشارك في الحكومة بترشيح كفاءات أم سيكون قادتها بتسمياتهم ومناصبهم السياسية والعسكرية هم الممثلون، ما يعد لشرط تشكيل حكومة كفاءات مستقلة حسبما جاء في الاتفاق.. وربما تكون الحكومة القادمة (سمك لبن تمر هندي)..

أيضا يواجه الاتفاق بمسألة تنفيذيذ اتفاق السلام على الأرض وبأي حاضنة سياسية ينفذ لأن اتفاق السلام لديه برتوكولات سبعة يتطلب تنفيذها حاضنة سياسية في إقليم دارفور وعدم وجودها ربما يصعب على الجهاز التنفيذي تنفيذ اتفاق السلام وكذلك لا توجد سياسة خارجية ثابتة ولمن اختصاصها وهي معضلة كبيرة وهناك نموذج التعامل مع القضايا على الأرض مثل مشكلة الشرق هل هي مشكلة سياسية أم أمنية وكذا الوضع في دارفور ومن الذي سوف يحسمها.. هذه تحديات تواجه الاتفاق مستقبلا وواحدة من المشكلات هي تعديل الوثيقة برغبة الرجلين أم هنالك جهات أخرى، وكلها أسئلة تتطلب اتفاق.

 

* ما تأثير الحراك المناهض في الشارع على هذا الاتفاق؟

- هو حراك ضد الاتفاق وهنالك قوى سياسية تجاوزها الاتفاق الذي تم بين قائد الجيش والدكتور حمدوك، ومن شأن هذا الحراك أن يؤخر تطبيق الاتفاق ويضغط على رئيس الوزراء من ناحية وعلى المكون العسكري من ناحية أخرى لأنه يوقف دولاب العمل وهنالك قتلى وكل ذلك يحسب على القائمين بالأمر في البلاد. هذا الحراك يعني أن الحكومة القادمة لن يتم التعامل معها من قبل القوى السياسية وربما تتعرض لمضايقات واحتجاجات أخرى، مما يتطلب إجماعا للقوى السياسية وشرح الاتفاق وهنالك شرط وضعه حمدوك أنه لن يستمر ما لم توافق القوى السياسية على تشكيل الحكومة وهذا يتناقض مع الاتفاق الذي يتحدث عن تشكيل حكومة تكنوقراط دون علاقة بالقوى السياسية.

 

* هل ثمة مؤشرات لاحتمالية قيام الجيش مرة أخرى بالاستيلاء على السلطة؟

- لا أعتقد أن هنالك احتمالا لاستيلاء الجيش على السلطة سواء عبر مكون مدني أو من داخل الجيش لأن مثل هذه الخطوة ستواجه برفض مثلما واجهت الأحداث الأخيرة من المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي.. كذلك القوات المسلحة تريد أن تنأى بنفسها عن العمل السياسي وهي انحازت فقط لثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018م وقدمت مرشحين لمجلس السيادة.. ما يدور الآن صراع نخب من أجل الحفاظ على الفترة الانتقالية.

 

* إلى أي مدى تؤثر الضغوط الدولية والإقليمية والدولية في تحقيق الاتفاق على أرض الواقع؟

- أي تدخلات أو ضغوط خارجية لتنفيذ الاتفاق دون موافقة السودانيين لن يكتب له النجاح.. لأن الاتفاق رهين بالثوار والقوى السياسية والإجماع الوطني. المؤثر الوحيد أن تدعم القوى الدولية الاتفاق اقتصاديا، وبالتالي تحل جميع المشاكل ويمكن أن يكون الاتفاق مقنعا لكافة السودانيين وهو السبيل الوحيد. أي ضغوط غير ذلك لن تكون في صالح الاتفاق.

 

* كيف يمكن تنفيذ البند الخاص بقيام جيش قومي واحد وما الخطوات السياسية التي تتطلب تنفيذ هذا الأمر ليشمل جميع المكونات خارج المؤسسة العسكرية النظامية؟

- يتوقف ذلك على تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام الموقعة في جوبا وذلك بعملية التسريح وإعادة الدمج بسرعة والسعي لإدخال مجموعة عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو إلى الاتفاق حتى لا تكون هنالك حركات معارضة أو تحتل مواقع أو تعمل على إحداث إخلال بالأمن في السودان.. الخطوة الثالثة العمل على إعادة المجموعات السودانية المسلحة في ليبيا وهي تتبع لبعض حركات الكفاح المسلحة ومجموعات أخرى تكونت في ليبيا. بالنسبة لقوات الدعم السريع هناك جدل حولها حسم بأن هذه القوات تتبع للقوات المسلحة رغم أن جهات ترى غير ذلك.. أما الخطوات السياسية فهي تتطلب إعادة النظر في المصطلحات المفسرة لمسألة العقيدة العسكرية.. هل هي عملية فنية قتالية أم عقيدة بمعنى آيديولوجيا وهي أمور خاصة بالتوجيه المعنوي والحرب النفسية وهذا أمر مختلف تماما وبالتالي هنالك لبس في مسألة تفسير المصطلحات، ومن المهم عدم الضغط في اتجاه المصطلحات والتركيز على أهمية الجلوس مع الحركات المسلحة ودمجها في القوات النظامية وتحويلها إلى أحزاب وكيانات سياسية لأن بقاءها كحركات تحمل السلاح يغري الآخرين على تكوين أجسام عسكرية وإحداث فوضى في مكان ما وأن يصبحوا مسؤولين سياسيين في الدولة، هنالك إجراءات سياسية مطلوبة خارجيا وهي دعم إعادة دمج وتسريح هذه القوات وتكوين جيش واحد وهذا الدور يتطلب توفير الأموال والتدريب والمعينات الفنية وأيضا مسألة الدعم المعنوي من قبل السودانيين وبالتالي يمكن أن نضمن النجاح في عملية تكوين جيش قومي واحد ومنع تداول السلاح خارج القوات النظامية.

 

font change

مقالات ذات صلة