مصر تواجه الابتزاز الإلكتروني بالتوعية وبتشريعات جديدة

بعد انتحار فتاة مراهقة تعرّضت للابتزاز

ضحية الابتزاز بسنت خالد

مصر تواجه الابتزاز الإلكتروني بالتوعية وبتشريعات جديدة

يعد الابتزاز الإلكتروني أحد أخطر القضايا الاجتماعية والقانونية، التي ظهرت على السطح وتصدرت العناوين في المجتمع المصري، حيث شهدت مصر خلال الأشهر الأخيرة تنامي قضايا الابتزاز الإلكتروني، وارتفاع وتيرتها، مما أدى إلى وقوع ضحايا فقدوا حياتهم نتيجة لهذه الجرائم، التي يعاقب عليها بموجب القانون المصري.

ويعد الابتزاز الإلكتروني الشكل الأكثر تطرفا للتنمر الإلكتروني – Cyberbullying أو التحرش الإلكتروني – Electronic Harassment حيث ينطوي على تهديد نفسي ومادي يحول حياة الضحية لجحيم، ويعد الأطفال والمراهقون الفئة الأكثر استهدافا وتضررا في هذه الجرائم، حيث أصبح الابتزاز عبر الإنترنت من أكثر الجرائم التي تتناولها أخبار الحوادث في مصر، الأمر الذي يتمثل في صور وفيديوهات فاضحة لاستغلال الضحايا بهدف الحصول على مكسب مادي، وأحيانا جنسي، قد تؤدي بالضحايا إلى الانتحار كما حدث مؤخرا.

ضحية الابتزاز بسنت خالد


ما هو الابتزاز الإلكتروني

الابتزاز في معناه العام هو المساومة والتهديد، أما الابتزاز الإلكتروني فيعني عملية مساومة تتم عبر وسيلة إلكترونية أو عبر الإنترنت.

تتعدد أنواع الابتزاز الإلكتروني؛ وينقسم إلى:

1. ابتزاز مادي: بطلب مبالغ مالية من الضحية مقابل عدم فضحه وإفشاء أسراره.

2. ابتزاز جنسي: بإجبار الضحية على تقديم خدمات جنسية أو ارتكاب أفعال جنسية.

3. ابتزاز منفعة: بإرغام الضحية على القيام بخدمات أخرى غير مشروعة أو مشروعة مقابل عدم بث صور أو بيانات خاصة، وبصفة خاصة الأشخاص ذوي المناصب الحساسة وصانعي القرار.

لكن يبقى الانتقام الإباحي أبشع صوره المتعارف عليها عالمياً، ويعني مشاركة المحتوى الإباحي الذي يتضمن شخصا ما دون موافقته في محاولة للتشهير به وإحراجه علنا ولدى أصدقائه وأفراد أسرته المقربين.

وقد لا يقتصر الابتزاز الإلكتروني على تهديد الأشخاص، بل أصبحت هناك كيانات منظمة للقرصنة وابتزاز الشركات والمؤسسات بكبرى دول العالم.

ونظرا لما تمثله هذه القضية من أضرار جسيمة على الضحايا، وعلى أسرهم، وعلى تماسك المجتمع المصري تحدث خبراء علم النفس والصحة النفسية، والقانونيون لـ«المجلة» عن خطورة هذه الظاهرة المستحدثة والغريبة على المجتمع المصري.


قد يتحول بعض الضحايا للانعزال أو للسلوك الانحرافي

أستاذ علم النفس والصحة النفسية في جامعة قناة السويس فؤاد بدراوي، يقول عن هذه الظاهرة في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: «تنتشر جرائم الابتزاز بكثرة حول العالم، وفي مصر أيضا نتيجة الفراغ الاجتماعي، وضعف الرقابة الأسرية على الأبناء، وضعف الوازع الديني، والعقد النفسية، والاضطرابات لدى البعض، وشعور البعض بالاستفزاز مما ينشره الآخرون من أمور إيجابية، وخوف الضحايا من الفضيحة وتفضيلهم الصمت والانصياع للمجرم».

وعن الآثار النفسية التي تلحق بالضحايا أوضح أستاذ علم النفس والصحة النفسية قائلاً: «قد يتحول بعض الضحايا للانعزال أو للسلوك الانحرافي، وعدم المبالاة بالقيم المجتمعية والأخلاقية انتقاما من أنفسهم والمجتمع ككل. لكن الأثر الأخطر هو اتجاه الضحية لأذى النفس من خلال محاولة الانتحار، نتيجة للضغط الشديد والخوف من الفضيحة والتهديد، الذي تقع الضحية فريسة له، كما حدث مؤخرا في حالة قضية الطالبة بسنت خالد بمحافظة الغربية، خاصة وأن أغلب الضحايا من المراهقين».

الضحايا من النساء غالبا يحجمن عن تقديم شكوى

وأضاف بدراوي أن الابتزاز الإلكتروني لا يقتصر فقط على الأفراد بل تعداه إلى ابتزاز الشخصيات البارزة والمؤسسات الاقتصادية والشركات، والهيئات الاعتبارية.

وتابع أن الدوافع التي تدفع من يقومون بالابتزاز تختلف ما بين الحصول على أموال أو إجبار الضحية على تأدية رغبة جنسية أو للتشهير كما حدث مع معلمة الدقهلية منذ أيام أو التهديد بالأذى، وأن الغالبية ممن يرتكبون جرائم الابتزاز الإلكتروني من المهتزين نفسيا أو الذين يشعرون بالدونية، أو الذين لهم ميول سيكوباتية.

وقال بدراوي إنّ المؤسسات الدينية يجب أن يكون لها دور كبير في التعريف بحكم الشرع في مثل هذه القضايا لما للبعد الديني من تأثير فاعل.

وأكد أستاذ الصحة النفسية لـ«المجلة»، أنه ينبغي للأسرة أن تفعل الرقابة على الأبناء، كما أن التعليم له دور أساسي وتوعوي بالنسبة إلى الطلاب، كذلك الإعلام له دور مؤثر في هذه القضية على أن يتعاطاها بايجابية، وأنه لو تم العمل بجميع هذه العناصر بحيث تنصهر جميعا في بوتقة ومنظومة واحدة فيمكن الحد من هذه الظاهرة السلبية التي تؤثر على الصحة النفسية للأجيال الحالية والقادمة.


المشرّع المصري استحدث قوانين لمواجهة الابتزاز الإلكتروني

وكان للجانب القانوني حضور مهم في قضية الابتزاز الإلكتروني في مصر حيث قال الأستاذ أشرف الطوخي المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة في تصريحات لـ«المجلة» أن المشرّع المصري استحدث قوانين لمواجهة الابتزاز الإلكتروني إضافة إلى القوانين المعمول بها حاليا في القانون الجنائي المصري.

الابتزاز أصبح ظاهرة في مصر خلال الفترة الأخيرة

وأوضح أشرف الطوخي أن الابتزاز الإلكتروني أزمة انتشرت في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، ولكنها أصبحت ظاهرة خلال الأشهر الماضية، حيث تصدرت عناوين الأخبار قصة انتحار إحدى الفتيات بسبب تعرضها للابتزاز.

وأضاف الطوخي أنه وبالرغم من شهرة الحادث ومحاولة مواجهة أزمة الابتزاز حفاظا على أرواح الفتيات اللواتي يتعرضن لهذا النوع من الجرائم فإن القانون قاطع في هذه القضايا بمواد ونصوص واضحة لا لبس فيها.

وأكد المحامي أشرف الطوخي أن المادة 327 من قانون العقوبات المصري تنص على معاقبة كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخلة بالشرف، وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن.

التشريعات باتت متشددة لمحاربة الابتزاز

وأضاف الطوخي أن كل من هدد غيره شفهيا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوبا بتكليف بأمر أم لا. وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيا بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه.

وأوضحت المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 على أن عقوبة الابتزاز الإلكتروني في مصر المتعلقة بالمبتز الذي يقوم بالاعتداء على المحتوى المعلوماتي الخاص لأي شخص تقضي بالسجن لمدة لا تنقص عن 6 أشهر، كما نصت المادة 26 من قانون العقوبات المصري بالسجن لمدة لا تنقص عن العامين، ولا تزيد على الـ5 أعوام للمبتز.

وأكد الطوخي أنه وفقا لهذه المادة، يعاقب بدفع غرامة لا تقل عن 100000 جنيه مصري، ولا تزيد على 300000 جنيه مصري لكل من يتعمد استخدام أي من التقنيات التي تربط المحتوى الخاص بالأشخاص بمحتوى منافٍ للآداب العامة.

وعن طرق الإبلاغ عن جرائم الابتزاز الإلكتروني قال الطوخي لـ«المجلة» هناك أكثر من طريقة للإبلاغ عن جرائم الابتزاز الإلكتروني أولها هو الاتصال على رقم الخط الساخن 108 المخصص لجرائم الابتزاز.

كما يمكن للضحية التوجه إلى أقرب قسم شرطة لمكان سكنها، ومن ثم تقوم بتقديم كافة الأدلة عن المبتز لسرعة القبض عليه، أو تقوم بإبلاغ الإدارة الخاصة بمكافحة كافة جرائم الحاسبات الموجودة بالمقر الخاص بوزارة الداخلية المصرية، هذا بجانب إمكانية إرفاق كافة البيانات الخاصة بالمبتز وتحميلها على الموقع الإلكتروني الذي خصصته وزارة الداخلية لاستقبال البلاغات عن الجرائم الإلكترونية.


القانون يحمي الضحايا

وقال الطوخي إن المادة 309 مكرر من قانون العقوبات تعاقب المبتز بالحبس مدة لا تقل عن عام في حالة التقاطه لصورة أو نشرها دون موافقة صاحبها، مشيرا إلى أن ذلك يعد جريمة متحققة الأركان.

وأضاف أن القانون يعاقب على هذه الجريمة سواء لالتقاط الصورة بدون إذن، أو الحصول على الصورة بدون إذن، أو لنشرها بدون إذن، فكل شق هو جريمة بحد ذاته، موضحا أن القانون ينص على أن لكل إنسان الحق في الاحتفاظ بصورته، وأن هذا يعتبر من حقوقه.

حملات توعية بدأت تنتشر على نطاق واسع لمكافحة الابتزاز

وقد أوصى الطوخي جميع الضحايا الذين يتعرضون للابتزاز الإلكتروني بتحرير محضر بقسم الشرطة فور التعرض له، مشيراً إلى وجود إدارة في معظم أقسام الشرطة حالياً تختصّ بجرائم الإنترنت.

وعن حل هذه الأزمة قال أشرف الطوخي: «يجب نشر التوعية القانونية بالمجتمع، فكل فتاة تتعرض للابتزاز يجب أن تعلم ما هي حقوقها، وأن لا تفرط فيها، فالابتزاز جريمة، ويجب أن تحصل على حقها فيها كاملا».

وتابع: «يجب أن تعلم كل فتاة أن هناك فارقا كبيرا بين التقاط الصورة وبين نشرها دون إذن صاحبها، فحتى إذا تم التقاط الصورة بموافقة الفتاة، فنشرها يجب أن يكون بموافقتها، وإذا تم تهديدها أو نشر الصورة على الإنترنت بدون إذنها، فستكون هذه جريمة وسيقف القانون في صفها».


مواقع إلكترونية لمواجهة الابتزاز الإلكتروني

يقول محمد اليماني مؤسس صفحة «قاوم» لمكافحة الابتزاز الإلكتروني، والتي تستقبل من 700 إلى 1000 حالة ابتزاز يومياً: «يتجنب ضحايا الابتزاز من النساء تحرير محاضر في قسم الشرطة ويفضلون اللجوء إلى صفحة (قاوم) لحل الأمر ودياً، حيث يعتقدن أن تحرير المحضر ضد المبتز فضيحة جديدة لهن، وتشعر الضحية بأنها تفضح نفسها بنفسها، وأن سجلها سيكون غير مشرف عندما تتقدم لأي عمل في المستقبل».

كما أوضح اليماني أنه بخبرته كصفحة مدنية واجهت أكثر من 400 ألف حالة ابتزاز إلكتروني منذ إنشائها في شهر يوليو (تموز) لعام 2020، أنه لا توجد أي توعية في المجتمع بعقوبة الابتزاز، خاصة عندما تكون الضحية هي من قامت بإرسال الصور بنفسها إلى المبتز، مشيرا إلى أن الضحية تعتقد أنها ستتعرض للمساءلة القانونية إذا أبلغت الشرطة، إلى جانب خشية بعض الضحايا من بطء الإجراءات أو حفظ المحضر، فيعود المبتز في هذه الحالة لابتزازهن مرة أخرى بشكل أكبر.

صفحة «قاوم» على موقع «فيسبوك» أجرت استطلاع رأي لمتابعيها ولضحايا الابتزاز والمبتزين الذين تعاملت معهم على مدار العام ونصف العام الماضية، ووجدوا أن الأزمة الكبرى تكمن في جهل المجتمع بالقوانين.

وجد الاستطلاع أن 90 في المائة من الضحايا مؤمنين إيمانا تاما بأن إبلاغ الشرطة عن تعرضهم للابتزاز سيسجل في سجلهم المدني، وقد يضر بمستقبلهم من حيث العمل أو السفر، كما أنهم لا يجهلون أن الإجراءات تتم بسرية تامة، ولا يتم فضحهم في المجتمع، حيث تتم متابعة المبتز والقبض عليه من خلال متابعة رسائله النصية على الهاتف المحمول.

أما بالنسبة للمبتزين، فقد وجد الاستطلاع أن 70 في المائة منهم لا يعلمون شيئا عن جريمة الابتزاز وعواقبها القانونية، فيرون أن ما يفعلونه مجرد حيلة للكسب المادي، معتقدين أنه طالما لا يوجد ابتزاز جنسي فإنهم لن يواجهوا أي مساءلة قانونية، غير واعين بما سيحدث لهم ولعائلاتهم من فضائح جراء ارتكابهم لجريمة الابتزاز.


«ندعمك» خدمة جديدة لدعم النساء ضد الابتزاز الإلكتروني

دشنت مؤسسة قضايا المرأة المصرية إحدى مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال دعم المرأة خدمة بعنوان «ندعمك» وذلك بهدف دعم النساء النفسي والقانوني ومساعدتهن في حال تعرضهن للابتزاز الإلكتروني.

ويأتي ذلك بعد حادث انتحار بسنت خالد (17 عاماً)، بعدما تعرضت للابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما دفعها للانتحار إثر تعرضها للكثير من الضغوط، خاصة وأن هذا الحادث أثار العديد من ردود الفعل، وأكد الكثيرون على أن هناك خللا وقصورا في دعم من يتعرضن للابتزاز الإلكتروني بشكل أو بآخر.

وتقدم خدمة «ندعمك» الدعم القانوني والدعم النفسي والاجتماعي للفتيات وأسرهن ويتم ذلك في سرية تامة، بداية من جلسات الاستماع والإرشاد النفسي والاجتماعي بالإضافة إلى الدعم القانوني والمساعدة في الوصول للحلول الودية والقضائية إذا اقتضى الأمر.


مجلس الشيوخ

من جانب آخر تقدم عضو مجلس الشيوخ ياسر الهضيبي بشأن تعديل قانون مكافحة جرائم الإنترنت يهدف لتغليظ العقوبة لمواجهة هذه الظاهرة وعدم تفشيها في المجتمع، خاصة في ظل انتشار السوشيال ميديا بصورة كبيرة.

وقال الهضيبي في اقتراحه للمستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ: «لعل كثيرين تابعوا تعرض بعض الفتيات للابتزاز عبر السوشيال ميديا وشبكات الإنترنت، مما يستوجب أن نضع معايير جديدة للتعامل مع مثل هذه الحوادث، خاصة وأن الواقعة الأخيرة تسببت في صدمة كبرى للرأي العام، ورغم أن قانون مكافحة جرائم الإنترنت تضمن فرض عقوبة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه، إلا أن الواقع العملي أثبت عدم ردع هذه العقوبة لمن يرتكب هذه الجريمة وخير دليل على ذلك تكرار هذه الواقعة في المجتمع».

وأوضح عضو مجلس الشيوخ، أن الاقتراح يهدف لتعديل النص لكي تكون العقوبة الحبس 15 عاما إذا تسببت الجريمة في فقدان شخص لحياته مثلما حدث في الواقعة الأخيرة لإحدى الفتيات، متابعا: «انتشار الجرائم الإلكترونية يتطلب تشديد عقوبات تلك الجرائم حتى لا يتحول الإنترنت إلى قنبلة موقوتة في أيدي بعض المستخدمين له وأيضا تفعيل هذا القانون».

وأكد أن أسباب الابتزاز الإلكتروني تتمثل فى الرغبة في الحصول على المال، والرغبة فى الإشباع الجنسي، والحصول على المنفعة بأي طريقة، والتلذذ بتعذيب الضحايا، والدخول في مغامرة، بالإضافة لعدم وجود تشريعات حاسمة ورادعة.

وناشد الهضيبي، الفتيات بعدم قبول طلب صداقة من شخص غير معروف، وعدم التحدث مع أشخاص غير معروفين، وعدم الفضفضة والتحدث في الأسرار على السوشيال ميديا، وعدم وضع الصور الشخصية على «فيسبوك»، وعدم فتح كاميرا الهاتف لاستخدامها في التحدث في مكالمات الفيديو، وذلك لتفادي عمليات الابتزاز، مؤكدا أن مشكلة الابتزاز تستوجب تغليظ العقوبة بالإضافة للتوعية المجتمعية.


الإفتاء على خط الأزمة

قالت دار الإفتاء إن الابتزاز الإلكتروني جرم يرتكبه الإنسان عن طريق التهديد والإكراه، وهو معصية ذات إثم كبير تصل إلى كونها كبيرة من الكبائر.

وأوضحت دار الإفتاء، من خلال صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن الشريعة الإسلامية جاءت بحفظ الضرورات الخمس: (الدين والنفس والعرض والعقل والمال)؛ فإن الابتزاز والمعاونة عليه هو محض اعتداء على هذه الضرورات، والله تعالى يقول: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (المائدة:٨٧) وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا)، وفي الابتزاز ترويع للغير فكان ظلمًا للنفس والغير، فالظلم جريمة حرَّمها المولى سبحانه على نفسه، فقال تعالى في حديثه القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا) (رواه الإمام مسلم).

وتابعت الإفتاء مؤكدة أن الشخص الذي يبتز غيره ومن يعاونه عليه ظالمان مرتكبان كبيرة، ويجب على من وقع عليه الابتزاز أن يقاومه فلا يقع فريسة لمن يبتزه.


الأمن الإلكتروني

قال الدكتور جون طلعت، خبير أمن المعلومات، في تصريحات إعلامية إن الابتزاز الإلكتروني أحد أنواع الجرائم المستحدثة، والذي ظهر بعد التقدم الكبير الذي شهده العالم في تكنولوجيا المعلومات وتحول العالم لقرية صغيرة، ويعتبر عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية.

ومن أشكال الابتزاز الإلكتروني استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، كالإفصاح عن معلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية، وعادة ما يتم اصطياد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مثل «فيسبوك، تويتر، وإنستغرام» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.


طرق الحماية من الابتزاز الإلكتروني

وأوضح «جون» أن هناك بعض الطرق التي يمكن من خلال اتباعها تجنب الابتزاز الإلكتروني، ومنها تجنب قبول طلب الصداقة من قبل أشخاص غير معروفين، وعدم الرد والتجاوب على أي محادثة ترد من مصدر غير معروف، لذلك يجب تجنب مشاركة المعلومات الشخصية حتى مع الأصدقاء المقربين في فضاء الإنترنت «أصدقاء المراسلات».

وشدد على الرفض التام على طلبات إقامة محادثات الفيديو مع أي شخص، ما لم تكن تربط المستخدم به صلة وثيقة، مع عدم الالتفات إلى الصور الجميلة والمغرية، مع التأكد من شخصية المرسل.


أشهر قضية ابتزاز إلكتروني في مصر

القاهرة: تعد قضية الابتزاز الإلكتروني، التي راحت ضحيتها الفتاة بسنت خالد ابنة الـ17 عاما بمثابة القضية الأشهر في جرائم الابتزاز، حيث أمرت النيابة العامة المصرية بحبس متهمين اثنين احتياطيا على ذمة التحقيقات، في قضية وفاة الفتاة بسنت خالد بكفر الزيات.

وجاء قرار النيابة لاتهام أحدهما بهتك عرضها حال كونها طفلة، لم تبلغ 18 سنة، باستطالته لعموم جسدها، وتهديدها بإفشاء صور فوتوغرافية ومقطع مصور منسوبين لها حصل عليهما خلسة، بنشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، واتهام الاثنين باعتدائهما على حرمة حياة المجني عليها الخاصة، وإذاعتهما علنا تلك الصور والمقطع، واستعمالهما بغير رضائها، وتعديهما بذلك على المبادئ والقيم الأسرية بالمجتمع المصري.

هذا، وتوالي النيابة العامة إجراءات التحقيق في القضية استجلاء للحقيقة وإقامة الدليل قبل المتهمين، وتؤكد أن التحقيقات حتى تاريخه توصلت إلى أن وفاة الفتاة منتحرة كان نتيجة ما تعرضت له من ضغوط نفسية مما لاقته من المتهمين، وأنه قد غُرّر بها باستغلال صِغر عمرها حتى وصلت لمرحلة من اليأس والخوف الشديد دفعاها إلى التخلص من حياتها.

وتؤكد النيابة العامة أنها تُعنَى العناية التامة بحق المجتمع المصري في التصدي لمثل هذه الجريمة محل التحقيقات وغيرها من الجرائم، إلا أنها تَلحظ مما يتم تداوله بالإعلام والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة؛ من محاولة البعض الإيهام في الداخل والخارج بتفشي ظاهرة ابتزاز الفتيات، وغياب دور مؤسسات الدولة في حمايتهن، بل ووجود قصور تشريعي لمجابهة مثل تلك الجرائم.

font change