ألمانيا... نقطة تحول في تمويل الجيش بالأسلحة

المستشار الألماني يظهر سياسة رصينة ومتزنة رغم الضغوطات

قوات الجيش الألماني المعروفة بالـ«بوندسوير»

ألمانيا... نقطة تحول في تمويل الجيش بالأسلحة

بون: تسعى الحكومة الفيدرالية الألمانية منذ يوم 27 مارس (آذار) 2022 إلى تحديث الدفاع بتمويل خاص قدره 100 مليار يورو. وأصبح المشروع أكثر واقعية، واليوم هي القراءة الأولى في البوندستاغ (البرلمان الألماني). وما زال الائتلاف الحاكم والمعارضة يتجادلان حول تخصيص100  مليار يورو وهي جزء من نقطة التحول التي أعلنها المستشار أولاف شولتس نهاية فبراير (شباط) 2022 بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، وقال: «يجب أن نستثمر أكثر بشكل كبير في حرية بلدنا من أجل حماية حريتنا وديمقراطيتنا بهذه الطريقة».

عملية إنقاذ الكثير في الجيش الألماني
وفقا إلى وزير المالية كريستيان ليندنر، فهناك مساع لتمويل 100 مليار يورو إلى الدفاع وإن القروض هي الطريقة الوحيدة لجمع مثل هذا الحجم من الأموال. وقال ليندنر في مؤتمر الحزب الديمقراطي الحر: «سنكون في وضع يسمح لنا بعمل الجيش الألماني الأكثر قدرة وتجهيزًا في أوروبا»، وهذه خطة لا يستطيع الاتحاد معارضتها من حيث المبدأ. إن تجهيز القوات بالعديد من المليارات هو ما أراده الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض في كثير من الأحيان، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيقه في الائتلافات تحت قيادتهم.

تحدث المستشار الألماني أولاف شولتز عن «واجب» ألمانيا تزويد أوكرانيا بالأسلحة من مخزون الجيش الألماني


لكن الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض، يتولى دور زعيم المعارضة ولا يريد الموافقة على المشاريع الحكومية ويقول زعيم المجموعة البرلمانية فريدريك ميرز عن التخطيط للصندوق الخاص: «من وجهة نظرنا، كما هو الحال الآن، لا يمكن الموافقة عليه ومع ذلك، ما زلنا نعتقد أن الأمر يستحق التحدث إلى التحالف حول هذا الموضوع لكننا ما زلنا بعيدين عن الاتفاق».

النقطة الرئيسية التي ينتقدها الاتحاد
هناك حاجة إلى لوائح واضحة حول كيفية وموعد سداد القروض، ويضيف ألكسندر دوبرينت، رئيس المجموعة الإقليمية لاتحاد «CSU»: «بالنسبة لنا، من الضروري أن تكون هذه الـ100 مليار متاحة حصريًا للدفاع، وهذا ليس مؤكدًا بعد. لكننا نواصل التفاوض بهذا المعنى». الهدف هو تكريس الصندوق الخاص في القانون الأساسي. وهذا هو بالضبط ما يحتاجه الاتحاد المسيحي الديمقراطي لهذا الغرض؛ لا يمكن للائتلاف الحاكم تمريره إلا بعد تحقيق أغلبية الثلثين في البوندستاغ بأصوات من مجموعته البرلمانية.


ويبدو أن الحزب الديمقراطي الحر والاتحاد المسيحي الديمقراطي السياسي منزعجين من المشروع الخاص بـ100 مليار يورو، ولكن ماري أغنيس ستراك زيمرمان، رئيسة لجنة الدفاع، هي الأخرى منزعجة من موقف الاتحاد المسيحي والذين يعيقون الطريق أمام تمرير المشروع وتضيف بالقول: «أعتقد أننا يجب أن نترك هذه الأساليب، بالنسبة إلي من الواضح التجديد يجب أن يبدأ في أسرع وقت ممكن».


ولم يعد سرا أن العجز المحدد، اي صندوق الدفاع الألماني معروف منذ زمن طويل وتحتاج القوات إلى طائرات مقاتلة جديدة تخلف تورنادو وما يزيد الأمر تعقيدا، أن عمر العديد من المعدات الآن أكثر من 40 عامًا ولا تكاد تتوفر قطع الغيار لها.  لذا تسعى الدفاع الألمانية للحصول على الطائرة الشبح F-35 من الشركة المصنعة الأميركية لوكهيد ، وهي أحدث طائرة مقاتلة في العالم، بالإضافة إلى أن مروحية النقل الجديدة من بوينغ بقيمة 27 مليارا للطائرات الحديثة و40 مليارا. خطة الدفاع الألمانية هي تحديث الجيش بـ17 مليارا، والبحرية بـ10 مليارات. بشكل عام، هناك حاجة أيضًا إلى ذخيرة جديدة وتكنولوجيا اتصالات. هناك حاجه بالفعل لدعم الدفاع الألمانية ماليا، هناك مليارات اليوروهات للمعدات الجديدة  وينبغي على الحكومة أن توفر ذلك بشكل سريع وفعال، فهل يمكن أن تسير الأمور على ما يرام، أي هل يمكن تمرير مشروع دعم الدفاع في البرلمان الالماني؟

مكتب المشتريات- وزارة الدفاع
المكتب الفيدرالي للمعدات وتكنولوجيا المعلومات واستخدام القوات المسلحة الفيدرالية، هناك 6500 وظيفة في المقر الرئيسي في كوبلنز وحدها  يعمل ما مجموعه 11000 موظف في مكتب المشتريات، في 116 موقعًا وهو مسؤول عن تجهيز البوندسوير (الدفاع) بأحدث المعدات وشرائها في ظروف اقتصادية. تشمل مهام مكتب المشتريات أيضًا اختبار كل شيء قبل الشراء، وفقًا لبياناتها الخاصة، لدى القوات المسلحة الفيدرالية حاليًا 1500 مشروع مشتريات جديد يجري التعامل معها.

ألمانيا تدرس تبادل أسلحة مع سلوفينيا ضمن خطتها لتسليح أوكرانيا


يعد مكتب المشتريات الخاص بوزارة الدفاع، رابطًا مهمًا في سلسلة التوريد. غالبًا ما يكون ذلك من قبل المفتش العام للبوندسوير (الدفاع) نفسه، ثم يقوم المفتش العام بترجمة الكتالوج إلى المواصفات الفنية  ليقدمه إلى مكتب المشتريات من أجل الحصول على الموافقة.


غالبًا ما تسبق عملية طلب المناقصات في جميع أنحاء أوروبا عملية الشراء وبعد الشراء، غالبًا ما تكون هناك إجراءات قانونية، على سبيل المثال، لا يزال هناك نزاع قانوني حول خليفة البندقية الهجومية G36 في الأيام القليلة المقبلة، ستصدر محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا حكمًا، وبدأت المنافسة في تقديم العطاءات منذ عام 2017.

تغيير المسار من قبل الحكومة الفيدرالية
على عكس ما كان مخططًا له في الأصل، تزود ألمانيا الآن أوكرانيا بالأسلحة،  يقال إن ألف قطعة  سلاح مضاد للدبابات و500 صاروخ أرض-جو تأتي من مخزونات الدفاع الألمانية، وتحدث المستشار شولتز عن «واجب» ألمانيا تزويد أوكرانيا بالأسلحة من مخزون الجيش الألماني حيث  يتم دعم القوات المسلحة الأوكرانية بـ 1000 سلاح مضاد للدبابات و500 صاروخ أرض- جو من طراز «ستينغر»، كما أعلن المستشار أولاف شولتز وسيتم تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا في أقرب وقت ممكن.


بعد بيان حكومة شولتز بشأن حرب أوكرانيا، وعد الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد المسيحي الاجتماعي في البوندستاغ الحكومة الفيدرالية بدعمهما ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وضع زعيم الاتحاد فريدريش ميرز قيودًا على اقتراح شولتز لإنشاء صندوق خاص للبوندسوير وقال إن هذا يعني ديونًا جديدة،  لهذا السبب على الحكومة الألمانية التحدث عن العواقب المحتملة للجيل القادم.


أما موقف وزير المالية كريستيان ليندنر فيقول ردا على ذلك إن العمليات الجارية للبوندسوير يجب أن تمول من الميزانيات العادية مع احترام فرملة الديون. ومع ذلك، لا يمكن تصحيح سنوات الإهمال بهذه الطريقة. لذلك، يجب أن يكون هناك صندوق خاص- ومعه ديون جديدة قال ليندنر، في ظل الوضع العالمي الحالي، تعتبر القروض استثمارًا في الحرية.


ودعا الاتحاد والولايات الفيدرالية إلى منح موافقتهم على الصندوق الخاص من أجل ترسيخه في القانون الأساسي كما هو مخطط من قبل الحكومة. ويفتقر الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر بمفرده إلى الأغلبية اللازمة لتغيير القانون الأساسي. ووفقًا لليندنر، يجب أيضًا تحديد أن الأموال مخصصة حصريًا «لتقوية قدرتنا على تكوين تحالفات»، وعد ليندنر: «لن نسأل من المسؤول عن حالة الجيش الألماني». ومع ذلك، يتوقع ليندنر أن يدعم الاتحاد المشروع.

سلاح الجو الألماني يحصل على نصيب الأسد من مخصصات دفاعية بنحو 100 مليار يورو


عندما يتعلق الأمر بالدفاع الوطني ودفاع التحالف، يتعين إجراء تغييرات على قانون المشتريات. يذكر أن وزير العدل الفيدرالي ماركو بوشمان من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، هو المسؤول عن قانون المشتريات. ومنح المزيد من الصلاحيات مباشرة إلى القوات بحيث يمكن الإنفاق مباشرة وذلك سوف يساعد في ضمان وصول المشتريات من المعدات  والتسلح بسرعة  إلى وزارة الدفاع.


ما زالت ألمانيا تحت ضغط دول الناتو خصوصًا من أوروبا الشرقية، والتشيك، وبولندا، إلى جانب الولايات المتحدة والانتقادات الحادة من أوكرانيا. لكن رغم ذلك يبدو أن المستشار الألماني يظهر سياسة رصينة ومتزنة رغم هذه الضغوطات، فهو لا يريد أن يخسر مصداقيته أمام الناتو والغرب، وفي نفس الوقت يحاول «فرملة» مطالب حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب الخضر والأحزاب الأخرى بشأن إرسال الأسلحة والمعدات الثقيلة إلى أوكرانيا.

 

font change