علي الأحول لـ «المجلة» : مؤامرة 2011 كانت أكبر من أي مبادرات للحل

يكشف خبايا ما قبل السقوط بعد ست سنوات من مقتل القذافي رئيس القبائل الليبية

علي الأحول لـ «المجلة» : مؤامرة 2011 كانت أكبر من أي مبادرات للحل

[caption id="attachment_55262027" align="aligncenter" width="1476"] الدكتور علي الأحول (تصوير: عبد الستار حتيتة[/caption]

القاهرة: عبد الستار حتيتة


في يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011 قتل الزعيم الليبي معمر القذافي في مسقط رأسه في مدينة سرت في الشمال الأوسط للبلاد. وتمر ست سنوات على مشهد التنكيل به، وهو مضرج في دمائه، على أيدي عدد من الشبان المتمردين، قبل أن يطلق عليه الرصاص ويلفظ أنفاسه الأخيرة.

يقول الدكتور علي الأحول، آخر رئيس للقبائل الليبية في العهد السابق، في حوار مع «المجلة» إن المؤامرة كانت أكبر من أي مبادرات للحل. ويكشف في هذا السياق عن تفاصيل جديدة تخص الأيام الصعبة التي سبقت سقوط القذافي بشكل نهائي، حيث كانت الأيام مشحونة بالرغبة في السلام ورفع أغصان الزيتون، ومشحونة أيضاً بطلقات الرصاص وقذائف المدفعية.

ولا أحد يعرف أين دفن القذافي. فقد جرت مراسم الدفن وفقا لتعليمات صارمة من زعماء الانتفاضة وحلفائهم في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتم شحن جثامين القذافي وابنه المعتصم ووزير الدفاع في النظام السابق أبو بكر يونس، إلى مدينة مصراتة، وجرى دفنهم في مكان ما زال مجهولا حتى الآن. ويقول الدكتور الأحول إن مصراتة مسؤولة عن الكشف عن مكان دفن القذافي وابنه ورفيقه وزير الدفاع.

وعقب سقوط العهد السابق، انتقل الدكتور الأحول، للإقامة في القاهرة، ويشغل حاليا موقع رئيس مجلس إدارة جمعية الأخوة الليبية الاجتماعية الثقافية بمصر، بينما كان آخر منصب قبلي تولاه في ليبيا، هو المنسق العام لملتقى القبائل والمدن الليبية، الذي تشكل مع بداية الأزمة في عام 2011. ويقول إن هذا الملتقى ما زال قائما حتى اليوم من الناحية الإسمية، لكن قياداته تفرقت بها السبل، فهناك من أصبح في مصر، أو
في تونس، أو غيرهما.

وإلى نص الحوار...

* كيف تعاملت القبائل الليبية مع الانتفاضة المسلحة ضد القذافي؟

- القبائل الليبية دائما على مستوى التاريخ، سواء في الشرق أو في الغرب، أو في الجنوب. هي الأساس في مقاومة كل غزو أو اعتداء على ليبيا، سواء الأتراك أو الطليان، بغض النظر عن الأنظمة القائمة في تلك الأوقات. وعندما بدأت بذور هذه الأزمة والمؤامرة في ليبيا في 2011، سواء عن طريق الإعلام، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو غيرهما، استشعر مشايخ القبائل الليبية، هذا الخطر وأن هناك ما يحاك لليبيا. ولا بد أن ننتقد ما كان عليه الوضع. كان لدينا مؤسسات قائمة، مثل المؤتمرات الشعبية الأساسية (تشبه المجالس المحلية)، ومؤتمر الشعب العام (البرلمان). أعتقد أن القيادات الاجتماعية في ليبيا، لم تستوعب المؤامرة الكبرى في البداية. وهذا ما دعا إلى تضافر جهود شيوخ القبائل والالتقاء في مؤتمر عام لمواجهة هذه الأزمة.

* هل كانت قبائل الشرق ممثلة في هذا الملتقى أيضاً؟

- المستغرب أن الحركة في قبائلنا كانت في المنطقة الشرقية، على الرغم من أن الثقل القبلي موجود في المنطقتين الغربية والشرقية. لا نستطيع أن نقول إن ما كان يجري في ليبيا كان سليما مائة في المائة، بالتأكيد كانت هناك نواقص، لكن ليس هكذا تورد الإبل. كان هناك من يحرك الموضوع من الخارج، وجرى استخدام عدد من الناس، سواء بوعي أو دون وعي. لقد اتضح لنا الآن أنه كانت تحركهم أيدٍ خارجية، سواء أميركا أو إسرائيل أو فرنسا أو غيرها. أمام هذا الموقف رأينا أن لا نكون متفرجين، وبدأنا في تشكيل مؤتمر القبائل والمدن الليبية. في البداية سميناها «لجنة لم الشمل». وقلنا إننا كقيادات في المنطقة الغربية لا بد أن نتواصل مع مشايخنا في المنطقة الشرقية. على الأقل نجتمع ونناقش ما يدور ونصل إلى ما يفيد ليبيا والحفاظ عليها وتفويت الفرصة على من يريد تقسيم ليبيا. وبالفعل تم تشكيل عدد كبير من رموز القبائل، وكان التجمع في مدينة سرت، واتجهنا ناحية المنطقة الشرقية، في الطريق إلى بنغازي التي كانت تمثل بؤرة لمحركي الأحداث ومدبري الانتفاضة المسلحة.

* تقصد المسيرة القبلية التي انطلقت من سرت مع بداية أحداث 17 فبراير (شباط) 2011؟

- نعم... كانت مسيرة من كل ممثلي المكونات الليبية. كان هدفها إنقاذ الوطن. بدأت هذه المسيرة، مع بداية تلك الأحداث. وكانت تحمل المصاحف، وتحمل صور شيخ الشهداء عمر المختار، وترفع الأعلام البيضاء. وأغصان الزيتون، ودون أي تحيز حتى للنظام القائم. وكانت الهتافات تؤكد على وحدة ليبيا.

* لكنها لم تكمل طريقها. لماذا؟

- في الحقيقة، عندما شارفنا على مدينة بن جواد (على مشارف بنغازي من الغرب)، فوجئنا بقطع الطريق من جانب مجموعة مسلحة. هناك ملاحظة تحضرني الآن، وهي أنه قبل انطلاق المسيرة جرى الاتصال بنا من طرابلس بأن هناك بعض الإخوة من المنطقة الشرقية الموجودين في وقت الأزمة في طرابلس، يريدون الالتحاق بهذه المسيرة، فوافقنا، وقلت تمام التمام. وجاءت حافلتان فيهما شباب ونساء. وعلى مشارف مدينة بن جواد انحرفت هاتان الحافلتان من المسيرة، وتقدمتا إلى المقدمة، وكان هذا الأمر لافتا للنظر، لكن لم يكن هناك أي تفكير في خيانة. تقدموا بضعة أمتار، ووجدوا في المقدمة. وكانت الاتصالات عن طريق هواتف الثريا. والمجموعة التي قطعت علينا الطريق سمحت بمرور الحافلتين فقط، ومنعت باقي المسيرة من الاستمرار. كان ذلك قبل يوم 19 فبراير. تقريبا يوم 17 فبراير بالتحديد. حاولت التحدث مع هؤلاء الناس. وقلت لهم إننا مسيرة هدفها لم شمل الليبيين، وتوحيدها. وتفضلوا فتشوا المسيرة... فليس معنا أسلحة ولا غير أسلحة. لكن لم يستمعوا إلى هذا الكلام. واحتدم النقاش وأطلقوا النار على المسيرة واستشهد أحد المشاركين معنا.

* وماذا فعلتم؟

- أمام هذا الموقف، وحتى لا تتأزم الأمور، قررنا العودة إلى مدينة سرت مرة أخرى. وعقدنا العزم على أن نحاول من هناك التواصل مع كل القبائل الليبية بما فيها المنطقة الجنوبية.

* تعتقد من الذي قطع عليكم طريق المسيرة؟

- الذين قطعوا علينا المسيرة لم نكن نعرف من هم، لأننا لم نكن قد عرفنا بعد التصنيفات ما بين إخوان وجماعة ليبية مقاتلة، لم نكن نستوعب الأمر.

* وماذا حدث بعد ذلك؟

- قررنا أن لا نكتفي بما حدث. وقررنا أن نجمع القبائل الليبية، في قرار عام، لنحاول أن نؤكد على رفض المؤامرة. اتصلنا بعدد من القبائل، وعقدنا خمس ملتقيات فرعية، داخل مدينة طرابلس وضواحيها. وقسمنا ليبيا إلى خمس مناطق جغرافية: طرابلس الكبرى وتشمل كل ضواحي طرابلس وما يليها، وعقدت مؤتمراً في غابة النصر، في فندق ريكسوس، وأصدرت قرارات. ومنطقة جنوب وغرب طرابلس، أي من الكوبري 27، إلى نهاية الحدود الليبية مع تونس، وعقدت مؤتمرا في مدينة العزيزية، وتقسيم أطلقنا عليه شرق طرابلس، ويبدأ من تاجوراء إلى نهاية المنطقة الوسطى، وتشمل قبائل مناطق الخُمس، وزليتن، ومصراتة، وترهونة وبني وليد، وسرت، والجفرة، وعقد مؤتمره في مدينة زليتن. ثم المنطقة الجنوبية بصفة عامة، وعقد مؤتمره في قاعة الشعب في سبها بإقليم فزان.

* وماذا عن ممثلي المنطقة الشرقية وفي القلب منها مدينة بنغازي؟

- حتى من المنطقة الشرقية في ليبيا كان هناك عدد كبير من الإخوة، عقدوا مؤتمرا في فندق باب البحر، في طرابلس. كانت المنطقة الشرقية مقفلة تقريبا في تلك الظروف. وأصدروا مجموعة قرارات، أكدوا فيها على وحدة الشعب الليبي، وتفويت الفرصة على المؤامرة. وبعد كل هذه المؤتمرات الفرعية اتفقنا على عقد مؤتمر عام، عقد في يومي 5 و6 مايو (أيار) 2011 في فندق ريكسوس في غابة النصر في طرابلس. جمع المؤتمر ما يزيد على ألفي شيخ قبيلة، من كل التجمعات الليبية. واستمر يومي الخميس والجمعة، وكان منقولا عبر التلفزيون على الهواء مباشرة. ودون رفع أي شعارات ذات صبغة معينة، ولا حتى بتأييد النظام القائم (نظام القذافي). كان المؤتمر يركز على ضرورة التصدي لهذه المؤامرة. وبعد نقاش مستفيض أصدر المؤتمر خمسة قرارات هامة... لو كانت قد نُفذت لارتحنا مما نحن فيه الآن.

[caption id="attachment_55262026" align="aligncenter" width="1476"] الدكتور علي الأحول (تصوير: عبد الستار حتيتة[/caption]

* وما هي تلك القرارات؟

- لا لتقسيم ليبيا. ولا للاستقواء بالأجنبي. والمحافظة على دماء الشعب الليبي. والحفاظ على ثروة الشعب الليبي. ثم النقطة الأخرى، وهي مهمة جدا، إيجاد حل سياسي يختار الليبيون فيه مستقبل بلدهم بكل حرية، ودون تأثير من أي طرف. هذه القرارات لم يكن فيها تحيز لمعمر القذافي ولا للمنطقة الغربية. للأسف الشديد كانت المؤامرة كبيرة، والقوى المستعمرة لم ترتح لهذه القرارات، وأدرنا فيما بعد عددا من اللقاءات المختلفة. ولكن وللأمانة، حتى النظام القائم وقتذاك لم يساعد، نتيجة تعنت المنطقة الغربية، في تفعيل هذه القرارات. الدولة الليبية وقتها لم تفعل أي إجراءات لتفعيل هذه القرارات. واستمررنا في مجموعة لقاءات مختلفة.

* وماذا كان يفعل النظام السابق في رأيك بينما النيران كانت تشتعل في أطراف الدولة؟

- في مقابل ما كنا نقوم به، اعتمد النظام على مجموعة توصيات وضعها الأفارقة، والتواصل مع أطراف أخرى من تحت الطاولة. وللأمانة، لم يتم إشراك مؤتمر القبائل في كل ما صار من نقاشات حينذاك. ولم نُدع لأي اجتماعات بين النظام والاتحاد الأفريقي أو بين النظام والوساطة الموريتانية. كان القصف على ليبيا مستمرا. ألوم على النظام في ليبيا وقتذاك... فقد كان من المفترض أن تعقد المؤتمرات الشعبية الأساسية... نحن لدينا 460 مؤتمراً شعبياً أساسياً، في المدن والقرى. كان يفترض أن تعقد هذه المؤتمرات، رغم أنه كانت هناك مشكلة في المنطقة الشرقية، لكن على الأقل كان يجب أن تعقد في المنطقة الغربية. في إقليم طرابلس بصفة عامة، وإقليم فزان بصفة عامة. لكنها لم تعقد، كما لم يُدع مؤتمر الشعب العام للانعقاد، والأخطر أنه لم تعقد لجنة لإدارة الأزمة في تلك الظروف الصعبة.

* وأعتقد أنه لم يتم الإعلان عن حالة الطوارئ أيضاً رغم اندلاع الفوضى في عموم البلاد؟

- نعم... لم تعلن حالة الطوارئ، وهو أمر من أبسط الأمور التي كان يتوجب اتخاذها في ذلك الوقت. وبالتالي أصبحت إدارة الأزمة من الناحية الرسمية غائبة، وتبين فيما بعد أن بعض الأطراف في السلطة كانوا منجرفين في المؤامرة. واستمر هذا الموضوع إلى أن استشهد معمر القذافي، وبالتالي انتهى كل شيء. وانتهى مفعول مؤتمر القبائل. ومن بقي بقي.. ومن خرج من ليبيا خرج، وهناك من تم سجنه ومن تم تعذيبه ومن تم قتله. وهكذا بدأت الصورة تتضح.

* هل كنت تعتقد بوجود خلل في عمل النظام السابق، على الأقل حال بعض المسؤولين فيه؟


- للأسف الشديد من كانوا مسؤولين في النظام تبين أن معظمهم كانوا مخترقين، وهم الذين ساهموا في إسقاط الدولة الليبية.

* وأين كان القذافي من كل هذا؟

- كان في باب العزيزية، لكن للأسف الشديد حدثت تداعيات سريعة... إذا كان وزير العدل لدى القذافي خانه وكذلك وزير خارجيته، وكذلك مندوب ليبيا في الأمم المتحدة حيث كان يذرف دموع التماسيح، ويقول للأمم المتحدة تعالوا ساعدوا ليبيا. وانشقاق السفراء في كثير من بلدان العالم. مع قصف الناتو من خلال 58 ألف غارة، عن طريق 48 دولة بما فيها حلف الأطلسي بقضه وقضيضه.

* متى خرجت من طرابلس؟

- في 28 أكتوبر 2011. بمعنى أنني خرجت بعد أسبوع من استشهاد معمر القذافي، وكنت في مدينة بني وليد التي تعرضت للحصار وقتذاك. فأنا أصلا من قبيلة ورفلة ومدينة بني وليد. وكنت في السابق مدير صندوق الضمان الاجتماعي في بني وليد. المهم، خرجت أنا بطريقة أو بأخرى من مدينة بني وليد، وأقمت في مكان معين في طرابلس، وحين أعلن عن القبض على معمر واستشهاده، خرجت من طرابلس إلى تونس... وبعد أسبوع في تونس جئت إلى مصر، ولم أغادرها منذ ذلك الوقت.

* يقال إن مصر فيها أكبر عدد من الليبيين؟

- طبعا... خاصة في البداية. ووصل العدد إلى قرابة مليوني ليبي. وهم منتشرون في أغلب المناطق. ومصر بالنسبة لليبيين ليست غريبة، إضافة إلى أنه كان في ليبيا نحو 7 ملايين مصري يدخلون دون جوازات سفر. ولا تأشيرات ولا عقد عمل، وكانت متاحة لهم الفرصة كاملة لدخول ليبيا.

* هل لك تواصل مع قيادات قبلية ليبية في مصر؟

- بالطبع... إذ إننا نعرف بعضنا بعضا من قبل أحداث 2011، كما أن وجودنا السكني قريب من بعضه بعضا. ودائما نلتقي في مناسباتنا وفي الأفراح وغيرها من مناسبات فرادى وجماعات.


* تذكر أن الملك إدريس السنوسي اعتمد على القبائل في الأقاليم الثلاثة برقة وطرابلس وفزان. وكذلك فعل القذافي من خلال توازن قبلي في الوظائف العليا في الدولة بحيث تشعر القبائل بالرضا سواء كانت مشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر؟ فما الدور الذي يمكن أن تلعبه القبيلة في الوقت الراهن؟


- القبائل كل شيء في ليبيا. ليبيا كلها نظام قبلي... سواء قبل الجماهيرية أو بعدها. كان لها دور كبير جدا. ومعمر القذافي كان لديه رؤية معينة في العمل الاجتماعي، وعمل التوازنات. إلا أن طول مدة من كُلفوا بالعمل، مثلا اللجنة الشعبية العامة التي يطلقون عليها مجلس الوزراء، كان منهم من أمضى أكثر من 25 سنة كوزير. وهناك من انتقل من مكان لمكان ولم يكن كفؤا.

* الملاحظ أن الأمم المتحدة لم تلتق مع ممثل قوي للقبائل الليبية ولم تضع ذلك في الاعتبار. معظم من قابلتهم هم ممن ظهروا على السطح بعد 2011؟

- للأسف الأمم المتحدة أسهمت في تدمير ليبيا، وما زالت في نفس الخطط وتستمع إلى أشخاص بعينهم ساهموا في تخريب ليبيا، والتحموا بخطط الغرب في ليبيا... حتى الآن لم يتم اللقاء بممثلي من يمكن أن تسميهم أنصار النظام السابق، أو أنصار الجماهيرية، أو الرافضين للمؤامرة. وهذا من أسباب عدم الوصول إلى حل طوال السنوات الست أو السبع الماضية. وتلاحظ أن معظم الاجتماعات تعقد خارج ليبيا لأنه ليس لدى هؤلاء حاضنة شعبية داخل ليبيا. ويستقطبون أشخاصاً معينين لا جذور لهم في ليبيا ولا تأثير لهم.

* كثر الحديث خلال الأسابيع الماضية، من جانب الكثير من السياسيين والعسكريين الليبيين عن دور كبير لقطر فيما يحدث في ليبيا. كيف تنظر للأمر؟

- هذا ليس خافيا عن كل ذي بصيرة... قطر ساهمت في تدمير العرب بصفة عامة ولم تسلم منها كثير من البلدان، وللأسف الشديد حين حذرت القوى الوطنية الليبية من خطر قطر منذ البداية لم تلق اهتماما يذكر من باقي الكثير من الدول العربية... والآن وبعد أن أصدر الجيش الليبي بالوثائق والصور ما يثبت تورط قطر في ليبيا، أقول إنه ما زال هناك الكثير في هذا السياق، وما خفي كان أعظم.

* كيف تنظر القبائل الليبية لخروج سيف الإسلام نجل القذافي، من محبسه؟

- هذا يعتبر أمرا مهما جدا. وقد يكون عاملا كبيرا جدا لتوحيد المستقبل في ليبيا. الآن هذه الأسرة (أسرة القذافي) ظُلمت.. سيف نفسه كان لديه برنامج كبير اسمه ليبيا الغد، وكان ناقدا كبيرا جدا لما يجري في ليبيا في أثناء العهد السابق... كان يدعو إلى دستور، وإلى صحافة حرة، وأن تكون إمكانيات الشعب الليبي للشعب الليبي، والحوار من أجل الشعب، ولم يشارك في أي قتال... وبالتالي ينظر إليه البعض كنوع من الخطر، وأنا أعتقد أن سيف الإسلام أساسي في تفعيل المقاومة الليبية. وأنت رأيت رغم أنه كان في السجن، لكن بعد خروجه رأيت الهتافات التي تطالب بسيف. هو عامل موحد للقبائل الليبية. لدينا ما يزيد على ألفي قبيلة وهناك وجهات نظر مختلفة... إلا أن سيف يظل هو الضامن لوحدة الشعب الليبي والقبيلة الليبية، أما موضوع الحكم فقضية أخرى مختلفة. ولو خاض سيف الانتخابات سيفوز. هو الأكثر تأهيلا للمرحلة المقبلة. لديه خبرة ومناخ علمي وشارك في الكثير من الأحداث، ولديه علاقات عامة وعلاقات مع القبائل، وليس لديه تحيز لقبيلة بعينها.

* وكيف تنظر إلى تحركات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر؟

- لدينا الآن وجود قوي للجيش الوطني في المنطقة الشرقية، وجزء كبير في المنطقة الجنوبية. وقال حفتر إنه لن يتكرر ما قمنا به في بنغازي، وسندخل بالفتح في طرابلس... ربما سيكون الاعتماد على خلايا نائمة وسرية، لكن لن يتم الدمار الذي وقع في بنغازي، إلى جانب التعويل على الوطنيين وعلى القبائل في طرابلس خصوصا أن طرابلس فيها ما يزيد على مليوني ليبي من قبائل مختلفة سيكونون معاونين في تحرير طرابلس.

* هل بحثتم كقبائل عن مكان دفن معمر القذافي ومن كانوا معه؟

- مكان معمر القذافي عند من قاموا باغتياله. وللأسف الشديد هناك تصريح لساركوزي (الرئيس الفرنسي السابق) قال فيه نحن الذين قصفنا رتل معمر القذافي وقبضنا عليه حياً وخدرناه وسلمناه للميليشيات. وبالتالي... العالم كله شاهده حين نقل على يد إرهابيين في مصراتة، وللأسف الشديد وضعوا جثمانه في سلخانة، وجعلوا جثمانه فرجة للجميع. وبالتالي، بالتأكيد، هؤلاء يعلمون أين هو وأين نجله المعتصم، وأين أبو بكر يونس. مصراتة مسؤولة عن الكشف عن مكان دفن معمر القذافي. هي مسؤولة عن قتله، وعن التمثيل به، وعن مكان دفنه هو وابنه ورفيقه وزير الدفاع أبو بكر يونس جابر.





font change