هل يستطيع نظام الملالي إغلاق مضيق هرمز؟

الأمور تغيرت في إيران بعد دخول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض

هل يستطيع نظام الملالي إغلاق مضيق هرمز؟

[caption id="attachment_55267407" align="aligncenter" width="1300"]المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يجتمع مع الرئيس حسن روحاني وكبار مساعديه في مسجد بطهران (غيتي) المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يجتمع مع الرئيس حسن روحاني وكبار مساعديه في مسجد بطهران (غيتي)[/caption]

لندن: حنان عزيزي



* عسكريون أميركيون: إيران تستطيع إغلاق مضيق هرمز... ولكن لمدة قصيرة.
* وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا: «مضيق هرمز خط أحمر بالنسبة لأميركا».
* هل يدخل النظام الإيراني مرحلة جديدة كليا بوضع نهاية لدبلوماسية الاعتدال والمصالحة والدخول إلى حقبة جديدة.





أثارت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني حسن روحاني حول إمكانية إقدام إيران على منع تصدير النفط في المنطقة ردوداً وجدلاً واسعاً.



كيف بدأت الحكاية؟




أفادت وكالة «إيرنا» للأنباء بأن حسن روحاني قال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السويسري في 3 يوليو (تموز) رداً على سؤال بشأن الرد الإيراني حول التهديدات الأميركية لمنع تصدير النفط الإيراني وإمكانية لجوء النظام الإيراني إلى خطوات على غرار إغلاق مضيق هرمز، قال: «إذا افترضنا أنه سيأتي يوم ونرى أن كل الدول المنتجة للنفط تقوم بتصدير نفطها باستثناء إيران فهذا تصور باطل وغير معقول».
وصرح روحاني مساء 3 يوليو خلال لقاء مع حشد من الجالية الإيرانية في سويسرا بأنه لا يمكن تصدير نفط المنطقة إن لم يصدر نفط إيران. إذا استطعتم افعلوها لتروا التداعيات الناجمة عن هذه الخطوة. لقد حمل كلام روحاني هذا تهديدا ضمنيا بإغلاق مضيق هرمز من قبل النظام الإيراني لمنع تصدير النفط.
لم يمض يوم واحد على هذه التصريحات حتى رحب قائد فيلق القدس قاسم سليماني بها؛ حيث نقلت «إيرنا» عن سليماني قوله في 4 يوليو أن كلام روحاني هذا يبعث على الفخر.
وتوالت الردود الرسمية الإيرانية المؤيدة للرئيس الإيراني، حيث صرح قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري في 5 يوليو قائلا: «في بعض الظروف الخاصة نستطيع أن نثبت للأعداء ماذا يعني أن يستخدم الجميع مضيق هرمز أو لا يمكن لأحد استخدامه». وفي المقابل قال رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى حشمت الله فلاحت بيشه في حوار مع وكالة أنباء «ميللت» التابعة للبرلمان بعد يوم واحد من تلويح روحاني بإمكانية إغلاق مضيق هرمز بأن الرئيس لم يكن يقصد بكلامه إغلاق مضيق هرمز فعلا لأن هذا موضوع يخضع للقوانين الدولية التي يجب الالتزام بها.



تهديد قديم جديد




ليس التهديد بإغلاق مضيق هرمز ظاهرة جديدة؛ حيث أطلق مرارا من قبل مسؤولي الجمهورية الإسلامية. لقد هدد النظام الإيراني خلال الحرب بين إيران والعراق (1980-1988) الدول الأخرى بأنه سيقدم على إغلاق مضيق هرمز في حال دعمت دول العالم نظام صدام حسين، ما أدى إلى حادث حرب ناقلات النفط آنذاك.
وبالتزامن مع نهاية الحرب بين إيران والعراق زالت التهديدات بإغلاق مضيق هرمز حتى وصول محمود أحمدي نجاد، ذي الاتجاهات الأصولية والمتشددة، إلى سدة الرئاسة وتم إطلاق هذا التهديد مرارا وتكرارا من لسان المسؤولين والقيادات العسكرية آنذاك، كان أبرزهم محمد رضا رحيمي النائب الأول لأحمدي نجاد، حيث صرح الرجل في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2011: «إذا كانوا يريدون منع صدور النفط الإيراني فلن يتم عبور قطرة واحدة من النفط عبر مضيق هرمز».
وجاءت تصريحات رحيمي ردا على الضغوط المتزايدة والعقوبات التي فرضت على إيران في فترة رئاسة أحمدي نجاد الثانية.
وأطلق مسؤولون وقيادات عسكرية على غرار قائد الحرس الثوري الجنرال جعفري ونائبه الجنرال سلامي وقائد القوة البحرية للحرس الثوري الأميرال فدوي تصريحات مماثلة آنذاك.
على سبيل المثال، قال جعفري في حوار مع وكالة «مهر» للأنباء في 2011: «يتمتع مضيق هرمز بموقع استراتيجي، وبالتالي فإن إغلاق هذا المضيق على الطاولة وخيار مطروح على الدوام».
وسبق كل هذه التهديدات الصادرة عن روحاني والحرس الثوري وبرلمانيين تصريحات أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس البرلمان وممثل المرشد في المجلس الأعلى للدفاع خلال خطبة صلاة الجمعة في أكتوبر (تشرين الأول) 1983، حيث قال: «لا نقوم بإغلاق مضيق هرمز بسفننا بل سنبني جدارا من النار بقذائف 130. إذا قمنا بإطلاق النيران مرتين في اليوم الواحد وإذا قمنا بإطلاق القذائف المدفعية من عيار 174 ملم من ميناء بندر عباس لاستهداف مضيق هرمز في مركزه فمن الذي يتجرأ على المرور من هناك؟ نستطيع أن نغلق مضيق هرمز بكلاشينكوف أيضا».



هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز فعلا؟




بناء على تصريحات صادرة عن مسؤولين عسكريين أميركيين، فإن إيران تستطيع إغلاق مضيق هرمز، ولكن لمدة قصيرة. على سبيل المثال، قال الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة الجنرال مارتين دمبسي في 2012 لقناة «سي بي إس»: «تتمتع إيران بإمكانيات تخولها أن تغلق مضيق هرمز لمدة قصيرة ولكننا أيضا نملك إمكانيات تجعلنا قادرين على إبقاء المضيق مفتوحا في حال أرادت إيران إغلاقه».



ما درجة أهمية مضيق هرمز؟




يعتبر هذا المضيق أحد أهم الممرات المائية لصادرات النفط في العالم. يحده من الشمال إيران ومن الجنوب سلطنة عمان. بناء على إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية في 2016، فإن 18 مليوناً و500 ألف برميل نفط تعبر يومياً منه بما يعادل 19 في المائة من إجمالي طلب النفط العالمي البالغ نحو 97 مليوناً و200 ألف برميل في 2016.



بماذا وكيف قد تغلق إيران المضيق؟




تمتلك القوة البحرية المستقرة في الخليج أسلحة متنوعة منها الألغام البحرية والزوارق الصغيرة السريعة والصواريخ أرض - بحر. تفيد التقارير الصادرة في وسائل الإعلام الإيرانية بأن النظام الإيراني يمتلك أكثر من 5 آلاف لغم بحري إضافة إلى 20 فرقاطة صينية مزودة بصواريخ مضادة للسفن وعدد كبير من الزوارق الحربية والغواصات و3 أنواع من الصواريخ المضادة للسفن. ولذلك، أشار التقرير الذي أصدره مركز أبحاث الكونغرس الأميركي في 2012 بأن إيران قد تقدم على إغلاق مضيق هرمز على مراحل لتتمكن من الرد المناسب على الردود المحتملة. وأضاف التقرير أن الخطوات التي تتخذها إيران قد تتمثل في المرحلة الأولى إعلان حظر الملاحة في مضيق هرمز، وفي المرحلة الثانية قد تقوم إيران بتفتيش السفن التي تعبر من المضيق أو توقيفها. والمرحلة الثالثة هي استخدام القوة العسكرية وإطلاق النار باتجاه السفن التجارية أو ناقلات النفط في هذه المنطقة. والمرحلة الرابعة: استهداف عدد من البوارج الحربية. المرحلة الخامسة: تلغيم بحري في مضيق هرمز والخليج. المرحلة الخامسة: استهداف السفن التجارية والحربية.
يجدر ذكر أن إيران اعتمدت بعض هذه الخطوات على غرار الألغام البحرية وإطلاق صواريخ دودة القز تجاه ناقلات النفط أثناء الحرب الإيرانية العراقية للتضييق على أي سلع وإمدادات تأتي للعراق عبر شط العرب. لم تؤدِ الإجراءات الإيرانية آنذاك إلى إغلاق مضيق هرمز ولكنها أسفرت عن ارتفاع أسعار التأمين على السفن والشحن البحري والتأخير في عملية خروج السفن من الخليج والذي كلف التجارة العالمية خسائر كبيرة.



هل تسكت الولايات المتحدة على إغلاق المضيق في حال حدوثه؟




لم يطلق النظام الإيراني تهديدات مباشرة حول إغلاق مضيق هرمز بعد وصول حسن روحاني إلى سدة الرئاسة وانطلاق المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى حول برنامجها النووي. وتصاعدت نبرة التهديد الإيراني حول إغلاق مضيق هرمز ذروتها في فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد. وبعد التصريحات الصادرة عن رحيمي النائب الأول لأحمدي نجاد قال الرئيس السابق للجنة الأمن الداخلي البرلمانية آنذاك برويز سروري إن «القوات البحرية الإيرانية ستجري مناورات تدريبية حول إغلاق مضيق هرمز».
أثارت هذه التصريحات الإيرانية حفيظة الولايات المتحدة وأعلن مسؤولون أميركيون عن موقف بلادهم بهذا الشأن منهم المتحدث باسم الأسطول الخامس الأميركي في الخليج الذي قال في 2012 إن الولايات المتحدة لن تتحمل أي محاولة لإغلاق مضيق هرمز. كما صرح وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا في حوار مع «سي بي إس» بأن مضيق هرمز «خط أحمر بالنسبة لأميركا».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في 2012 أن إدارة الرئيس أوباما تعتمد على قناة اتصال سرية لتحذير خامنئي بأن إغلاق مضيق هرمز يعد خطاً أحمر من شأنه دفع أميركا للرد على تلك الخطوة واستفزازها.

[caption id="attachment_55267412" align="aligncenter" width="905"]سفينة حربية إيرانية تطلق صاروخًا خلال مناورات البحرية (ولاية 90) في مضيق هرمز بجنوب إيران(غيتي) سفينة حربية إيرانية تطلق صاروخًا خلال مناورات البحرية (ولاية 90) في مضيق هرمز بجنوب إيران(غيتي)[/caption]

وفي إيران... سليماني يشكر روحاني على تهديده النفطي




وقوبلت تصريحات روحاني حول إمكانية لجوء إيران لمنع عبور النفط في مضيق هرمز بترحيب غير مسبوق من قائد فيلق القدس وهو الذراع العسكرية الخارجية للحرس الثوري قاسم سليماني الذي خاطب روحاني قائلا: «هذا هو الدكتور روحاني الذي عرفناه ونعرفه ويجب أن يكون».
واعتبر سليماني أن تصريحات رئيس الجمهورية قيمة جدا. وختم قاسم سليماني رسالته بـ«أخوكم قاسم سليماني» قائلا: «أبوس أيديكم على هذه التصريحات التي تتسم بالحكمة. إننا مستعدون لاعتماد السياسة التي تخدم مصالح النظام».
وبناء على هذه التطورات فهل يمكن اعتبار الرسالة الموجهة من قبل قائد فيلق القدس - وهو الذراع الأكثر تأثيرا في الحرس الثوري إلى رئيس السلطة التنفيذية الذي كان يعتبر في فترة ما أنه ينتمي إلى تيار الاعتدال - نوعاً من المصالحة بين كافة التيارات الحكومية لاعتماد سياسة منسجمة تؤدي إلى تأمين مصالح النظام الإسلامي كما قالها قاسم سليماني في ختام رسالته إلى روحاني؟ وهل تشير التطورات إلى أن كل القوات المؤثرة في نظام الحكم ستقف وراء رأس الهرم السياسي للدفاع عن النظام أمام التهديدات؟ يجب أن ننتظر ونرى هل ستتجه بوصلة النظام الإيراني إلى تشديد الصراع والخلافات بين أجنحة الحكم أم توحيد الصفوف؟ وهل يدخل النظام الإيراني مرحلة جديدة كليا بوضع نهاية لدبلوماسية الاعتدال والمصالحة والدخول إلى حقبة جديدة تماما أم أن ما وراء الكواليس حول الصراعات بين القوى الحاكمة سيفضي إلى واقع مغاير تماما بين الحرس الثوري ورئيس الجمهورية؟ التكهنات كثيرة بهذا الشأن ولكن ما يمكن تأكيده أن الأمور تغيرت تماماً بالنسبة لإيران بعد دخول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض.
font change