سيلفستر ستالون لـ"المجلة": لست يمينيا لكنني أتبع النظام

لم تفتر همّته ولا تراجعت شعبيّته

Andy Edwards
Andy Edwards

سيلفستر ستالون لـ"المجلة": لست يمينيا لكنني أتبع النظام

كانّ: وفقا لتحقيق نشرته مجلة "فارايتي" الأميركية خلال الدورة الأخيرة من "مهرجان كان السينمائي" الشهر الماضي، تبيّن أن تمويل أفلام للممثلين المسنّين، أسهل من ايجاد التمويل اللازم لممثلين شباب أو متوسطي العمر.

وحين سئل أحد المنتجين عن هذه الظاهرة أجاب: "حاولنا جهدنا لأكثر من عشرين سنة أن نجد بديلا من ممثلي الجيل السابق، لكن ذلك الجيل لا يزال يستقطب الاهتمام الأبرز. يميل الجمهور إلى مشاهدة أفلامهم أكثر من مشاهدة أفلام الآخرين".

في مقدّمة هؤلاء الأكثر نجاحا من بين ممثلي أفلام الأكشن في سبعينات القرن الماضي وما بعده، سيلفستر ستالون الذي يبلغ من العمر 76 سنة. وهو لا يزال يعمل بنشاط كبير، بل ويحقق نجاحات مختلفة كما كانت حال كلينت إيستوود من قبله (91 سنة حاليا ولا يزال يعمل).

هل هي الطاقة؟ الطموح؟ عدم الاعتراف بالعمر؟ أم مجرد نجاح كبير لا يُراد له أن ينتهي؟

في "كان" حضر ستالون لثلاثة أيام ثم عاد إلى لوس أنجليس. اجتمع مع موزعين عالميين وأصحاب صالات ومنتجين. بحث، كما أخبر "المجلة" في حوار حصريّ معه، في أحوال الأسواق العالمية في هذه الظروف: "لابد أن تعرف كل شيء لكي تبقى في الصورة. لا بديل من ذلك. إنه البزنس". لكن الدافع لم يكن عقد تلك الاجتماعات فحسب، بل الترويج لفيلمه المقبل Cliffhanger 2.

حقيقة أن الوسط السينمائي استقبل بإيجابية خبر قرار ستالون إعادة إحياء الفيلم السابق "كليفهانغر" الذي قام ببطولته في العام 1993 يؤكد ما ورد في تقرير "فارايتي". فهذا ممثل لم تفتر همّته ولم تتراجع شعبيّته.

لا أعتقد أن النجومية لها علاقة بالعضلات ولا علاقة لها بنوع الأفلام التي يفضل الممثل القيام بها ولا حتى الوسامة في حد ذاتها. النجاح هو تآلف هذه العناصر على نحو غامض


أدوار لا تحتسب

فهم ستالون "البزنس" مذ كان في الثلاثين من عمره. معظمنا يعرف عن ظهر قلب كيف كتب سيناريو فيلم "روكي" وجال به بين استديوهات هوليوود ليقابل إما بالرفض التام وإما بشروط مثل قبول بعض تلك الاستديوهات شراء السيناريو وإسناد البطولة إلى ممثل آخر. لكن ستالون رفض: "لقد كتبت القصّة والسيناريو لكي أؤدّي أنا دور البطولة". كان يردّد في اجتماعاته.

في النهاية وجد في منتج مستقل (إروين وينكلر) من وافقه على ذلك، وعيّن له مخرجا كان قدّم أفلاما معتدلة الأهمية اسمه جون أفيلدسن لإخراج مشروعه.

لم يكن "روكي" فيلم ستالون الأول، بل ظهر في نحو خمسة عشر فيلما قبله لاعبا أدوارا صغيرة لا تُحتسب. البعض يذكره في دوره ذي اللقطة الواحدة أمام وودي ألن في "موز" (Bananas) أو في خلفية الفيلم الساخر "ماش" لروبرت ألتمان أو في دور عشيق ابنة امرأة تدير ماخورا في فيلم "وداعا يا حبي" في 1975.

كل ذلك لم يترك أثرا لا عند صانعي الأفلام ولا عند الجمهور، لذلك كان ستالون حريصا على النجاح في خطواته مختارا حكاية ملاكم غير محظوظ يتحدّى أحد أبطال الملاكمة وينتصر عليه وفي نصره يحقق الحلم الأميركي الكبير. ذلك الحلم الوردي الذي يتحكّم في قطاع كبير من الساعين للنجاح في كل حقل عمل ومهنة.

بعد47 عاما ونحو 100 فيلم، ها هو ستالون لا يزال في "بزنس" السينما ممثلا ومخرجا ومنتجا. ولا يزال نجما يترك الملايين منصّات الأفلام والمواقع المقرصنة لمشاهدته على الشاشة الكبيرة.

الممثل والرسام الأمريكي سيلفستر ستالون يزور معرض "سيلفستر ستالون - معرض عيد الميلاد الخامس والسبعين" في متحف أوستهاوس.
الممثل الأمريكي سيلفستر ستالون يزور معرض "سيلفستر ستالون - عيد الميلاد الخامس والسبعين" في متحف أوستهاوس.

للفشل أسباب

‫•  كيف تفسّر نجاحك مذ وطئت قدماك أرض "روكي"؟

- أحيانا أسأل نفسي هذا السؤال. كنت أسأل نفسي كثيرا هذا السؤال وهو يتجدّد بين حين وآخر. لا أعتقد أن النجومية لها علاقة بالعضلات ولا علاقة لها بنوع الأفلام التي يفضل الممثل القيام بها ولا حتى الوسامة في حد ذاتها. النجاح هو تآلف هذه العناصر على نحو غامض. لماذا هذا الممثل ناجح والآخر الذي قد يكون أفضل منه أو أكثر وسامة منه فاشل؟ لا أدري.

•  هناك مشاريع تفشل لكن ممثليها يواصلون النجاح. هل حدث ذلك معك مثلا؟

- طبعا. لا يوجد ممثل ظهر في أكثر من عشرة أفلام من دون أن يكون الفشل من نصيب بعض أفلامه. الفشل قد يكسر الطاقة أو قد يكون دافعا للتجديد.

•  كيف تجاوزت هذا الوضع؟

- من خلال معرفة أسباب الفشل. قد لا تكون مسؤولا عن الفشل. أنت في النهاية ممثل أعجبه السيناريو وفريق العمل. لكن الفيلم لم يعجب الجمهور أو ربما لم يجد التوزيع والانتشار الملائمين. هذه ليست مسؤوليتك لكنني أرى أن الممثل يجب ألا يعتبر أن ما حدث لن يتكرر، بل سيتكرر إذا لم يدرك السبب ويُحسن بعد ذلك تجنبه.

•  قمت بأداء دور بطولة في فيلم "كوب لاند" (1997) جمعك وروبرت دي نيرو، وكان فيلمك الوحيد معه في ذلك الحين. حينها قلت إنك تريد أن تمثل فيلما نوعيا تؤدي فيه دورا جديدا عليك، لكن الجمهور لم يلتق كثيرا مع رغبتك.

- صحيح. وهذا ما أقصده. يعجبك العمل كمشروع. يعجبك السيناريو، يعجبك أنك ستقف أمام ممثل بمستوى دي نيرو وتحت إدارة مخرج جيد (جيمس مانغولد) لكن الجمهور له رأي آخر، ولا يريدك أن تحاول تغيير ما جعله معجبا بك.

•  لذلك عدت مباشرة إلى أدوارك المعتادة.

- نعم.

 

الكوميديا ليست لي

•  لكنك جرّبت الكوميديا بعد ذلك الفيلم، أي في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات، في أفلام مثل "أوسكار"، "تانغو وكاش"، و"قف وإلا أطلقت أمي النار" التي لم تحقق نجاحا أيضا.

- دعني أكون صريحا، كانت فترة صعبة في حياتي. ليس من حيث صعوبة البحث عن مشاريع جديدة ولا من حيث وجود خطر يهدد مهنتي بل من حيث أنني جرّبت مزج التشويق والمغامرة مع الكوميديا. بعض الأفلام التي ذكرتها نجحت قليلا أكثر من سواها لكنها جميعا لم تثر عندي سوى الرغبة بالعودة فعليا الى نوع الأفلام التي صنعتني. بدا التنويع فكرة جيدة، لكني أعلم الآن أنه لم يكن كذلك. كانت مثل رياضي يحاول الجمع بين لعبتي كرة القدم وكرة السلّة.

 

سنوات الزهو

•   ما ظروف مشاركتك في "قف وإلا أطلقت أمي النار"؟ لماذا قبلت به؟

- ما حدث هو أنني سمعت أن لدى أرنولد شوارتزنيغر مشروعا مماثلا فقررت أن أسبقه إليه وفزت (يضحك). لكن في الواقع لم يحسن الإنتاج اختيار الممثلة التي لعبت دور الأم (إستيل غاتي). كانت محبوبة في حين أن المطلوب كان عكس ذلك. هذا رأيي.

• أكانت هذه نقطة تغيير إذاً؟

- بالتأكيد.

•  هل هناك نقاط تغيير أخرى في مسيرتك؟

- نعم، لكنها ليست ظاهرة. ليست من نوع محاولات التمثيل في نوع لا يأتي بالنتائج المطلوبة. هي من نوع الأمور التي تتبدّى لك لاحقا عندما تتجاوز سنا معينة وتنظر إلى الخلف. أعتقد أننا جميعا نمر بنوع من الشعور بالزهو عندما ننجح في سن مبكرة. إنها السن التي تسمح لنفسك فيها بتغيير اتجاهات أو حمل أشياء عديدة بيديك لا يهم إذا ما سقط منها شيء على الأرض. مع التقدّم في السن تجد أنك لم تعد قادرا على التفريط في شيء. على كل عمل تقوم به أن ينجح إذا كنت تستطيع إلى ذلك سبيلا. لا وقت لديك للتجربة.

‫• في العام 1981 كنت في زيارة لبيروت. كانت الحرب مشتعلة لكن ذلك لم يمنعني من التمتع بالمدينة التي ولدت فيها. ذات يوم دخلت مكتبة اسمها مكتبة أنطوان ووجدت كتابا يحمل عنوان First Blood اشتريته وقرأته في يومين وتمنيّت لو أنني منتج لكنت أنتجت هذا الفيلم. بعد شهر عدت إلى لندن وقرأت أن الفيلم على جدول أعمالك في السنة المقبلة.

- (يضحك) كان عليك أن تختار الإنتاج عوض الصحافة. لديك حس جيد.

‫• أنت تحوّلت إلى الإنتاج بدورك.  ما الذي يفرضه عليك هذا الوضع؟ هل أصبحت أكثر قدرة على تحقيق النجاح بعدما صرت منتجا كذلك؟

- حتى قبل ذلك. هناك مسؤوليات كبيرة في كل مشروع أقدم عليه. ليست مشاريعي وحدي بل كل المشاريع. أحيانا يبدو الأمر بالنسبة إلى المشاهدين أن الاستديو يستطيع تحمل خسارة فيلم ما. ستعوّض تلك الخسارة في فيلم آخر. لكن هذا ليس صحيحا. نعم هناك أخطاء ترتكب لكن في الكثير من الحالات يؤدي تكرارها إلى تنحية المسؤولين عنها إذا تكررت ولو كانوا من أصحاب المواقع الكبيرة. نعم كمنتج أستطيع الإشراف على إنجاز الفيلم كما أريده تماما، لكن هذا يعني المزيد من القرارات. عليك أن تبقى في القمة حالما تصل إليها.

AP
ستالون في دور جون رامبو في مشهد من فيلم "رامبو: الدم الأخير".

المسألة الروسية

•  شاهدتك في مقابلات مصوّرة مرتاحا على عكس عديدين آخرين تقرأ على ملامحهم بعض التوتر. هل هناك أسئلة تزعجك أكثر من سواها؟

- المقابلات وسيلة مباشرة لكي يقدّم الممثل أو المخرج أو أي شخص معروف نفسه للناس مباشرة. طبعا هناك شرط أن تكون الأسئلة على المستوى الذي يتيح لهذا الشخص قول ما يريد. إذا لم تكن كذلك، فإنها تصبح عبثا وعبئا.

•  ما السؤال الذي قد يزعجك؟

- السؤال الذي لا يتغيّر، وعادة هو العودة إلى "روكي" لكي أتحدث كيف تغلبت على العقبات التي صادفتني في سبيل إنجازه ورأيي في ما تبعه من نجاح. أقول (للسائل) في هذه الحالة: أليس لديّ ما يكفي من أفلام لتسألني عنها؟

•  ليس لدي سؤال عن "روكي" الأول بل عن "روكي الرابع" و"رامبو" الثالث.

- (يضحك) هات...

•   في كلا الفيلمين هناك القضية الروسية. تجابه عدوّا روسيا في حلبة الملاكمة في "روكي 4" والجيش الروسي بأكمله في "رامبو 3". كلاهما، كما قرأت لك مرّة، استقبلهما الإعلام الروسي بالرفض في الثمانينات. هل كنت تتوقع ذلك؟

- نعم. في تلك الفترة كان لا بد من التنويع في من يواجهه روكي بالباو من ملاكمين فوق تلك الحلبة. كانوا أفرو- أميركيين في الفيلمين الأول والثاني وكان لا بد من هذا التغيير. لكن الفيلم عامل الملاكم الروسي (دولف لندغرن)  باحترام في رأيي. ليس لأنه روسي أو غير روسي بل لأن روكي لكي يبقى على سدّة النجاح عليه أن يواجه ملاكما موازيا له في القوّة والقدرات.

أفلامي الكوميدية لم تثر عندي سوى الرغبة بالعودة إلى نوع الأفلام التي صنعتني. بدا التنويع فكرة جيدة، لكني أعلم الآن أنه لم يكن كذلك. كانت مثل رياضي يحاول الجمع بين لعبتي كرة القدم وكرة السلّة

•  ماذا عن "رامبو 3"؟

- "رامبو 3" كان مختلفا. العالم كله كان ضد الغزو الروسي لأفغانستان. والفكرة كانت تقديم هذه المساهمة في الوقت المناسب.

•   لكن الفيلم لم يكن منطقيا. رجل واحد ضد مئات المحاربين  وينتصر.

- هذه هي الفانتازيا المسموح بها في مثل هذه الحالات. العديد من أفلامي وأفلام سواي هي فانتازيات لا يمكن تطبيق الواقع عليها.

•  هوليوود واليمين يبدوان متلازمين منذ عقود طويلة. الحرب الباردة كانت منعكسة في أفلام الخيال العلمي في الخمسينات ثم استمرت على أكثر من نحو. لماذا في رأيك؟

-  أعتقد أن السينما تتبع موقف الناس والنظام في أي بلد. هل يمكن مثلا تحقيق فيلم أميركي ناجح حول الحرب الحالية في أوكرانيا يخدم وجهة النظر الروسية؟ قد يقوم الروس بذلك، لكن المتوقع منك في الغرب أن تحقق فيلما مؤيدا لأوكرانيا لأن هذا هو الموقف الرسمي. طبعا تستطيع الإختلاف لكن الخطر هنا، وأنا أتحدث عن الأفلام ذات الموازنات المرتفعة، ألا يشاهده أحد

•   هل توافق على أن أفلامك يمينية؟

- هذا هو الرأي السائد لكني إنسان غير منحاز بطبعي. أنا على الحياد. في بعض الأحيان تقول الأفلام ما لا يوافق عليه الممثل، لكنه يعلم بأنه مطالب بالظهور في الوضع الذي لا يوافق عليه.

AFP
سيلفستر ستالون في عرض فيلم "رامبو: الدم الأخير" في 18 سبتمبر/ أيلول 2019 في مدينة نيويورك.

النقد

•   ما رأيك بالنقد والنقاد؟ هل تستهويك قراءة ما يكتبونه عن أفلامك؟ هل تتابعه؟

- نعم، أتابع الكثير منه وأحب كتابات عديدين بصرف النظر عما يكتبونه. النقد الذي أعجب به هو ذلك الذي حين لا يعجبه شيء ما في الفيلم يقترح ما هو مفيد. ليست هناك فائدة حين يقول الناقد إن هذا الفيلم سيئ من دون أن يقول أيضا كيف كان من الممكن إصلاحه.

•  طويت صفحة "روكي" و"رامبو" بنجاح ثم انصرفت إلى "المستهلَكون" (The Expendables) كسلسلة جديدة في 2010 والآن لديك جزء رابع مبرمج للعرض في أيلول/سبتمبر المقبل. ماذا تتوقع له؟

- أتوقع له النجاح على ضوء النجاحات السابقة لهذه السلسلة. وهو فيلم جيّد مثلها.

•  من الأعداء هذه المرّة؟

- تجار السلاح. أنا وفريقي سنُريهم نجوم الظهر.

•  هل تستمتع بعملك أكثر عندما تُخرج بنفسك أحد أفلامك؟

- مخرج "المستهلكون 4" ليس أنا، لكن الجواب عن سؤالك هو نعم. هو فعل متعب أكثر لكن هناك متعة في الإخراج لأنك تدفع بالخيوط المختلفة للقصّة حسبما ترغب.

•  ما رأيك في ما قيل (خلال مهرجان كان) إنك وعددا آخر من ممثلي جيلك لا تزال نجم الأكشن الذي يثير ثقة جمهور هذا النوع أكثر من سواه؟

- لا خلاف على ما قيل وأنا سعيد به. كل ما أرغب فيه هو الاستمرار في تمثيل مثل هذه الأفلام ولو أن الرغبة كثيرا ما تراودني في أن أتوقف. لكن كلما راودتني هذه الرغبة وجدت نفسي مستمرّا.

font change

مقالات ذات صلة