تجربتي في "المجلة"... عندما يسعدك القدر

تعيد "المجلة" نشر مقال الاستاذ هاني نقشبندي، رحمه الله، كتبه في فبراير/شباط 2013، عن تجربته في العمل بها رئيسا للتحرير:

تجربتي في "المجلة"... عندما يسعدك القدر

تعيد "المجلة" نشر مقال الاستاذ هاني نقشبندي، رحمه الله، كتبه في فبراير/شباط 2013، عن تجربته في العمل بها رئيسا للتحرير:

هل يعقل أن ثلاثين عاما قد مضت منذ ذلك الصباح الربيعي الذي اشتريت فيه نسختي الأولى من مجلة "المجلة" بعددها الرابع؟ من كان يقول، وأنا ما أزال حينها في سنتي الجامعية الثانية، ان هذه المجلة ستكون قدري؟

كانت تشبه فتاة جميلة لا أملك جرأة الحديث معها، فآثرت مراقبتها، ثم تشجعت وأرسلت لها برسالتي الأولى.

أتاني ردها بعد أسبوعين بنشر نصف الرسالة بعد ألف تعديل. تشجعت برسالة اخرى، نشرت بعد أسبوع كاملة وبضعة تعديلات فقط. لسبب آثرت أن ابقى العاشق البعيد، حتى أتى اليوم الذي ألتحق فيه بالشركة السعودية لأكون أحد محرري مطبوعاتها.

وجدتني، وكأن يدا تحرك خطاي، وجها لوجه مع عشيقتي. خفت وسعدت في آن. لكن في المجمل، كان حلما في داخلي يتحقق بأن أصبح محررا في طاقمها. لم أكن ادري أن ما هو أكبر ينتظرني.

لم أكن سعيدا بمغادرتي لها بعد حين. وكم تمنيت لو بقيت بها حتى اليوم

لن أدخل في تفاصيل مملة، لكنني سأختصر وأقول إن القدر أسعدني يوم كلفت برئاسة تحريرها بالنيابة متخطيا كثيرين ربما كانو أجدر مني في حمل لوائها.

كان قرارا مؤقتا استمر لأكثر من ثلاثة اعوام هي الأجمل في عملي الصحافي ومسيرتي الاعلامية.
هو حظي، أو قدري، أن أتولى "المجلة" قبل اشهر قليلة من أحداث سبتمبر. هكذا عاصرت واحدا من أهم وأشرس رؤساء تحرير الصحف والمجلات في العالم، إنه اسامة بن لادن الذي أدار بوصلة العالم الى غير اتجاه، فنفض الغبار عن المطبوعات السياسية التي كانت تبحث عن خبر يحرك الدماء في عروقها ولو في قط ينبح في أعمق غابات افريقيا.

لم أتميز خلال تلك الفترة بصعود ارقام المبيعات، ففضل ذلك ليس لي بل لأحداث سبتمبر.
ما ميزني هو أنني توليت إدارتها في نفس الوقت الذي كنت أتولى فيه رئاسة تحرير مجلة "سيدتي" بتكليف مباشر من رئيس مجلس الادارة حينها الأمير أحمد بن سلمان أسكنه الله فسيح جناته.

كان إنسانا، وصاحب رؤية أصرت على ان أضع مجهودي في "المجلة" بقدر ما يلائم الوضع السياسي حينها وأن أضعه في "سيدتي" بقدر ما تحتاجه المرأة من حنان.
بعد مضي عام سألني رحمه الله مداعبا، كيف وجدت العمل في "سيدتي" النسائية والعمل في "المجلة" السياسة؟ أجبته ان قاسما قويا يجمع بينهما، فكلاهما يرفع الضغط ويثير الحنق.

لم أكن سعيدا بمغادرتي لها بعد حين. وكم تمنيت لو بقيت بها حتى اليوم. لكن لو حدث ذلك لأصيبت المجلة بسكتة قلبية، ذلك ان إدارة مجلة سياسية في هذا الزمن المتلاطم تحتاج الى قادة بدماء اكثر جرأة.
أخيرا، أشكر كل من كان قبلي لأنه أنار الطريق لي، وكل من أتى بعدي لأنه كشف لي أخطائي.

font change