الانتخابات المصرية: من المرشحون المتنافسون على مقعد الرئاسة؟

AFP
AFP

الانتخابات المصرية: من المرشحون المتنافسون على مقعد الرئاسة؟

ثمة ملصق انتخابي يرفرف في الهواء يصور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في قلب ميدان التحرير، الميدان الشهير بالعاصمة المصرية القاهرة. وعلى بعد أمتار قليلة منه، يوجد ملصق آخر يصور سياسيا آخر ينافس في الانتخابات الرئاسية المصرية.

ويكثف المتنافسون على منصب الرئاسة في مصر حملاتهم في الفترة التي تسبق الانتخابات التي تمثل الحدث السياسي الأهم في هذا البلد على الإطلاق، وهو الحدث الذي سيقرر مسارها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في السنوات الست المقبلة.

وقد أدلى المواطنون المصريون خارج البلاد بأصواتهم في الانتخابات على مدى ثلاثة أيام اعتبارا من الأول من ديسمبر/كانون الأول. وستجرى الانتخابات داخل مصر على مدار ثلاثة أيام أيضا اعتبارا من 10 ديسمبر.

ويتنافس أربعة مرشحين على أرفع منصب في مصر، من ضمنهم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي يسعى للحصول على ولاية رئاسية ثالثة مدتها ست سنوات.

المرشحون الثلاثة الذين يتنافسون ضد السيسي غير معروفين جدا في أوساط الجمهور المصري، وهو الأمر الذي يجعل نتائج الانتخابات متوقعة تماما بالنسبة إلى البعض. ومع ذلك، يقول المرشحون أنفسهم إن الانتخابات تمنحهم فرصة نادرة لطرح أفكارهم وبرامجهم السياسية أمام الجمهور.

وفيما يلي قائمة بأسماء المرشحين الذين يحلمون بالجلوس على الكرسي الرئاسي في مصر خلال السنوات الست المقبلة:

عبد الفتاح السيسي

تولى عبد الفتاح السيسي البالغ من العمر 69 عاما حكم مصر منتصف عام 2014، في وقت كانت الدولة العربية المكتظة بالسكان تعاني من أعتى موجة اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية.

أثر تراكم المشاكل الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية سلبا على شعبية السيسي. لكن الحرب الدائرة في غزة جاءت لتعزيز فرص الرئيس الحالي في الانتخابات

كان السيسي قائدا للجيش المصري نفسه الذي وقف إلى جانب المتظاهرين المصريين الذين انتفضوا ضد النظام الإسلامي للرئيس الذي ينتمي إلى "الإخوان المسلمين" محمد مرسي قبل بضعة أشهر. تصدى السيسي للتطرف الديني والجماعات المتطرفة، ومن ضمنها جماعة "الإخوان المسلمين". ومن ثمّ قاد حملة شرسة للقضاء على الإرهاب في سيناء، والذي كان يتزعمه فرع من تنظيم داعش على نحو رئيس.
وعلاوة على معركته التي شنها ضد الإرهاب في سيناء وفي جميع أنحاء مصر، بادر السيسي أيضا إلى سلسلة إصلاحات اقتصادية من أجل خفض عجز الموازنة، ومعالجة بعض المشاكل الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد المصري، ومن ضمنها خفض الدعم على الوقود والكهرباء والمياه وتعويم الجنيه المصري. 
وأدت بعض تلك الإصلاحات إلى نتائج عكسية، ولا سيما من خلال تضاؤل قيمة العملة الوطنية أمام جميع العملات الأجنبية، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية على نحو كبير.
ومع ذلك، انعكست الإصلاحات نفسها على نحو إيجابي على المؤشرات الاقتصادية، وهو الاتجاه الذي لم يتبدد إلا بفعل فيروس كورونا، والحرب في أوكرانيا، وأخيرا الحرب الحالية التي تدور رحاها في غزة؛ إذ أدت هذه التطورات الدولية المتعاقبة إلى تقويض الاقتصاد المصري على نحو كبير، وهو الأمر الذي أجبر مصر على إطلاق سياسة حمى الاقتراض من المصارف ووكالات الائتمان الدولية، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي.
وأثر تراكم المشاكل الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية سلبا على شعبية السيسي. لكن الحرب الدائرة في غزة جاءت لتعزيز فرص الرئيس الحالي في الانتخابات، ولا سيما في ظل برهنته على قيادة استثنائية في معارضة خطة إسرائيل الرامية لتصفية القضية الفلسطينية من خلال إجبار سكان غزة على الخروج من أراضيهم.
كما تعيد الحرب بحد ذاتها مصرَ إلى الصدارة الدولية أيضا، إذ إن للقاهرة دورا محوريا في دخول المساعدات إلى القطاع الساحلي المحاصر، وخروج الرعايا الأجانب منه، وكذلك في المفاوضات الحالية حول إخلاء سبيل الرهائن الإسرائيليين من قبضة حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة.
وتقول حملة السيسي الانتخابية أن الزعيم الحالي نجح في إعادة الأمن واستعادة مكانة مصر التقليدية باعتبارها قوة إقليمية.
وصرح عصام عفيفي، عضو مجلس الشيوخ وعضو حملة السيسي الانتخابية لـ"المجلة"، قائلا: "نريد مشاركة المصريين جميعهم في التصويت، لأن المشاركة ستعزز مصداقية العملية السياسية في بلادنا، بغض النظر عن الشخص الذي سيصوت الناخبون له". 


فريد زهران


من بين منافسي السيسي في الانتخابات السياسية الاشتراكي فريد زهران البالغ من العمر 66 عاما، وهو أيضا منتقد صريح للأوضاع السياسية في مصر.
ولد زهران في دلتا النيل، ودرس الزراعة في جامعة القاهرة. وهو ديمقراطي يؤمن بحرية التعبير ووجود روابط قوية بين الظروف الاقتصادية للدول وقضية الحريات فيها. ويقدم زهران نفسه على أنه "بديل مدني ديمقراطي" لما يصفه بـ"النظام العسكري" الذي يحكم مصر منذ عام 1952.
وعندما كان طالبا جامعيا، كان عضوا نشطا في اتحادات الطلاب. في عام 1977، كان أحد المتهمين الرئيسين فيما يعرف باسم "انتفاضة الخبز،" وهي سلسلة من الاضطرابات التي اندلعت في أجزاء مختلفة من مصر بعد أن خفضت حكومة الرئيس الراحل أنور السادات الدعم عن عدد من المواد الغذائية.
 

في عام 2012، شارك زهران في تأسيس جبهة الإنقاذ، وهي جماعة ضغط لمعارضة سياسات محمد مرسي وحشد الرأي العام ضد حكومته

وفي عام 2012، شارك زهران في تأسيس جبهة الإنقاذ، وهي جماعة ضغط مكونة من بعض السياسيين في البلاد، ومن ضمنهم الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. وكان للجبهة شأن هام في معارضة سياسات مرسي وحشد الرأي العام ضد حكومته.
وبعد عام 2014، شارك زهران في تأسيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي يدعو إلى مزيد من الحريات وإلى مسار اقتصادي يدعم الفقراء وغير القادرين ماليا.
وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه حديثا، قال زهران إنه لا يمثل نفسه، بل إنه يمثل الحزب السياسي الذي يرأسه. وهو يعتقد أن قوة مصر سيكون لها تأثير مضاعف في الدول العربية الأخرى. كما صرح زهران لإحدى الصحف المحلية مؤخرا أنه في حال انتخابه، فإنه سيحد من مشاركة الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وسيتفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة ديون مصر ومبادلة هذه الديون باستثمارات، وسيعفو عن جميع المصريين المسجونين لانتقادهم الحكومة.

AFP
صورة للمرشح فريد زهران في منطقة الدرب الاحمر في القاهرة


وبحسب حملته فإن زهران، وهو متحدث فصيح، يواجه تحديا كبيرا في إقناع الناس العاديين. وقال فريد البياضي، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لـ"المجلة": "ليس من اليسير التغلب على رئيس موجود أساسا في السلطة". وأضاف: "نعمل من أجل الفوز، واضعين نصب أعيننا المكاسب الأخرى التي تتأتى من مشاركتنا في الانتخابات، بما في ذلك نشر الوعي حول وجود بديل مدني".


عبد السند يمامة


المرشح الآخر الذي يتنافس مع المرشحين المذكورين أعلاه هو عبد السند اليمامة، أستاذ القانون ورئيس حزب الوفد، أكبر حزب ليبرالي في مصر نظريا.
شارك اليمامة في صياغة دستور عام 2012، وهي العملية التي هيمنت عليها القوى الإسلامية في البلاد التي كانت تطمح إلى حكم البلاد بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك عام 2011. 
ويعتقد يمامة أن مصر بحاجة إلى سلسلة من التعديلات الدستورية لتمكين مؤسساتها، بما في ذلك مجلس الشيوخ. ويقول إن ذلك سيفتح الباب أمام حياة سياسية أكثر حيوية، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على الأوضاع الاقتصادية في مصر.
 

يعتقد يمامة أن مصر بحاجة إلى سلسلة من التعديلات الدستورية لتمكين مؤسساتها، بما في ذلك مجلس الشيوخ

كما يريد يمامة أيضا تمكين القضاء ومنحه المزيد من الاستقلالية. وقال في مؤتمر عقد مؤخرا في القاهرة إنه في حال انتخابه سيخصص المزيد من الأموال لميزانية الدولة للتعليم.
وانتقد يمامة مرارا وتكرارا الأوضاع الاقتصادية في مصر وبعض السياسات الاقتصادية للرئيس السيسي. وقال إن بعض هذه السياسات لم تسفر عن أي نتائج إيجابية و"لهذا السبب ليس من الحكمة الاستمرار في ممارستها".
وانتقد بشكل خاص السلطات الحالية في اعتمادها المفرط على الواردات، معربا عن أسفه لأن المصريين يستوردون معظم احتياجاتهم الغذائية والدوائية.

AFP
ملصق انتخابي للمرشح حازم عمر


وتتبنى خطة يمامة شعار "إنقاذ مصر". ويقول مساعدوه إنه في حال تنفيذ هذه الخطة، فإنها ستضع حدا لبعض المشكلات التي تواجه مصر. لكنهم يشيرون إلى التحديات المالية التي تواجه حملتهم. غير أن ياسر الهضيبي، الناطق الرسمي باسم حملة يمامة، قال لـ"المجلة": "رغم ذلك، لدينا ثقة في أننا سننافس بقوة".
ويعلق يمامة آماله في حملته الانتخابية على شعبية حزب الوفد الذي قاد بعض الحكومات التي تشكلت في مصر قبل عام 1952. كما يعتمد على أعضاء حزبه البالغ عددهم نحو 700 ألف. إلا أن هذا العدد قد لا يكون سوى نقطة في بحر قائمة الناخبين المؤهلين في مصر، والتي تضم أكثر من 50 مليون ناخب.


حازم سليمان عمر


ويتنافس في الانتخابات أيضا حازم سليمان عمر، رئيس حزب الشعب الجمهوري الليبرالي. ويعتقد عمر أن إنقاذ مصر يكمن في زيادة الإنتاجية الزراعية والصناعية. ويقول إنه عند صياغة برنامجه الانتخابي، استلهم من نماذج التنمية الدولية الناجحة، بما في ذلك نماذج البرازيل وماليزيا.
وعمر، البالغ من العمر 62 عاما، مفتون شخصيا بشخصيات سياسية مثل مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق، ولولا دا سيلفا، الرئيس الحالي للبرازيل. 

يعتقد حازم عمر أن مصر يجب أن تستخدم الوسائل الفكرية لإضعاف الجماعات الإسلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين، ووضع حد للتطرف

يشغل المهندس عمر أيضا منصب رئيس لجنة الشؤون العربية والأفريقية والخارجية في مجلس النواب (لجنة فرعية للبرلمان المصري). ويصنف نفسه على أنه "إصلاحي متوازن". ويقول إنه يعتزم استعارة فصل من نماذج الإصلاح الاقتصادي الدولي التي نجحت في الانتقال من المديونية الهائلة إلى النمو الاقتصادي.
وقال لقناة تلفزيونية محلية في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إنه قام بصياغة مشروع وطني لإعادة بناء الاقتصاد المصري خلال ثلاث سنوات. وقال عمر: "يمكننا تطوير كافة قطاعات اقتصاد بلادنا في وقت واحد".
كما يعتقد أن مصر يجب أن تستخدم الوسائل الفكرية لإضعاف الجماعات الإسلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين، ووضع حد للتطرف. وقال إن الحكومة استخدمت حتى الآن الأدوات الأمنية لتقويض الجماعة، مضيفا: "لكن يمكننا محوها تماما إذا استهدفنا خطابها الفكري".
وقال عمر لإحدى الصحف المحلية في وقت سابق إن حل مشاكل مصر الاقتصادية يتطلب زيادة الإنتاجية الزراعية والصناعية، وإنه في حال انتخابه سيطلق عددا من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، بما في ذلك ميزانية الدولة والسياسات النقدية.
ويريد عمر إعادة فتح آلاف المصانع التي أغلقت أبوابها في السنوات الماضية بسبب ديونها المتراكمة.
ومع ذلك، فإن فوزه الانتخابي يواجه عددا من العقبات، بما في ذلك القدرة على الوصول إلى الناخبين وإقناعهم. وقال زاهر الشقنقيري، المتحدث الرسمي باسم حملة عمر، لـ"المجلة": "سنعمل جاهدين من أجل الفوز وتحقيق نتائج إيجابية".

أضافت الحرب في غزة المزيد من الأعباء السياسية والأمنية على مصر التي انتهت للتو من القضاء على فرع من تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء التي تشترك في الحدود مع كل من غزة وإسرائيل

تأتي الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها على مدار ثلاثة أيام، في وقت عصيب بالنسبة لمصر والمنطقة والعالم. وسيتعين على الرئيس الجديد أن يعالج عددا كبيرا من المشاكل، بما في ذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية. 
وتواجه مصر عددا من الخيارات المريرة لإعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح، بما في ذلك الحاجة إلى خفض قيمة عملتها بشكل أكبر، وهو احتمال من شأنه أن يضعف الجنيه المصري أكثر أمام العملات الأجنبية. وكانت العملة الوطنية قد خسرت ما يقرب من 50 في المئة من قيمتها العام الماضي. وتحتاج مصر أيضا إلى إيجاد طرق لتوليد العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد الغذاء لشعبها والوفاء بالتزاماتها الدولية.
إن الظروف الإقليمية، بما في ذلك الصراع المحتدم في السودان والاضطرابات في ليبيا، تحتم على الزعيم المصري المقبل التمتع بالحنكة السياسية اللازمة لحماية بلاده من التأثيرات غير المباشرة.
وقد أضافت الحرب في غزة المزيد من الأعباء السياسية والأمنية على مصر التي انتهت للتو من القضاء على فرع من تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء التي تشترك في الحدود مع كل من غزة وإسرائيل.
كما تعرضت حصة مصر السنوية من مياه نهر النيل، مصدرها الرئيس للمياه العذبة، لتهديدات شديدة بسبب السد الكهرومائي الذي أنشأته إثيوبيا على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل.
وتعتبر قضية السد الإثيوبي قضية مصيرية بالنسبة لمصر. ولم تسفر المفاوضات التي استمرت قرابة عقد من الزمن مع إثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل السد عن شيء. وسيتعين على الرئيس الجديد إيجاد حل لهذه المشكلة التي وصفها السيسي بأنها مشكلة "وجودية" لمصر.

font change

مقالات ذات صلة