ريادة سعودية في رحلة التحول الرقمي للمملكة

حققت المركز الثاني في دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتكنولوجيا

shutterstock
shutterstock

ريادة سعودية في رحلة التحول الرقمي للمملكة

أثبتت المملكة العربية السعودية ريادتها في رحلة التحول الرقمي، وهي حققت المركز الثاني في دول مجموعة العشرين، في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية (IDI) 2023، لتسجل بذلك تقدماً بنحو عشرة مراكز على دول مجموعة العشرين في المؤشر الذي يرصد اقتصادات 169 دولة، ويقيس مدى التقدم في خدمات الاتصالات والتقنية - وفق ما أعلنه الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)؛ وهذا مؤشر واضح إلى دقة الوصف بأن السعودية هي فعلا رائدة التحول الرقمي في عالمنا اليوم.

النهوض بخدمات التكنولوجيا يدعم استثمارات القطاع

تعمل السعودية بشكل لافت من خلال المؤسسات الحكومية على تطوير الخدمات التقنية وتحفيز البيئة الاستثمارية، الأمر الذي قاد إلى تأسيس الكثير من الشركات المتخصصة في حقول التكنولوجيا من جهة، وتشجيع شركات أخرى على التوسع في الخدمات، وتطوير الأدوات من جهة أخرى، حيث تشير النتائج المالية لبعض الشركات التقنية المدرجة حديثاً في السوق المالية السعودية الى أنها باتت تحقق أرباحاً قوية وغير مسبوقة.

ساعد في ذلك أولا، وجود بيئة تشريعية وتنظيمية محفّزة وداعمة، تعتبر ركيزة أولى على مستوى دعم استثمارات قطاعات واعدة مثل التقنية والاتصالات. كما ساعد في المقام الثاني، حجم الفرص الاستثمارية المتاحة على صعيد التحول الرقمي، فليس هناك قطاع حكومي أو شبه حكومي في المملكة إلا ويعتمد اليوم بشكل واضح على التكنولوجيا في تقديم خدماته، وصولاً إلى الشركات الكبرى وكل القطاعات التي تقدم خدمات مباشرة أو غير مباشرة للمستفيدين.

حققت المملكة المركز الثاني في دول مجموعة العشرين، في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية (IDI 2023)، لتسجل بذلك تقدماً بنحو 10 مراكز على دول المجموعة 

ودشنت المملكة أخيرا، منصة موحدة للتأشيرات تحت اسم "تأشيرة السعودية"، بهدف تسهيل إجراءات التقديم على التأشيرات، في إطار سعيها إلى استقطاب مزيد من السيّاح خلال السنوات المقبلة. كما كشفت عن التوجه إلى التحول الرقمي الكامل لخدماتها الحكومية في السنة المقبلة والاستغناء عن زيارة فروع المؤسسات العامة.

وما يقود إلى نجاح الشركات السعودية والأجنبية التي تقدم خدماتها في السوق المحلية، هو وجود كفاءات بشرية مؤهلة ومدربة، وشغوفة بشكل كبير للعمل في مجال التقنية والاتصالات، وهذا الرأي تدعمه الأرقام الصادرة عن القطاعات المعنية في ما يتعلق بحجم زيادة فرص التوظيف والتدريب للكوادر البشرية في قطاع التقنية، بالإضافة إلى اتساع حجم البرامج الدراسية المقدمة في الجامعات السعودية على صعيد التقنية والتكنولوجيا.

يشار إلى أن قطاع التكنولوجيا والاتصالات في عالمنا يعتبر اليوم من القطاعات الواعدة والحيوية، التي لا تتوقف فيها عمليات التطوير والفرص، مما يعني أن الأسواق المحلية والدولية في حاجة دائمة إلى خدمات شركات التقنية والتكنولوجيا، وهنا تبرز النماذج الإيجابية؛ فإذا نظرنا إلى أكبر شركات العالم اليوم من حيث القيمة السوقية، لوجدنا أنها شركات تعمل في قطاع التقنية والتكنولوجيا.

واس
"سدايا" تُبرز مشروعات الذكاء الاصطناعي التوليدي بالمملكة في الصين

الخدمات الرقمية متاحة لدى 88 جهة حكومية

لعل أكثر ما يميز رحلة التحول الرقمي في السعودية؛ هي التشريعات والتنظيمات الداعمة والمحفّزة من جهة، بالإضافة إلى تأسيس كيانات حكومية جديدة لم تكن موجودة في السابق دعماً لهذه الرحلة، وأتحدث هنا عن "هيئة الحكومة الرقمية"، التي عملت خلال السنوات الأولى من تأسيسها على إطلاق "ملتقى الحكومة الرقمية" في دورتين حتى الآن، شهدتا تحولاً واضحاً على صعيد منافسة القطاعات الحكومية في مقاييس التحول الرقمي، والجهود التي تعمل عليها جميع الجهات في هذا الخصوص.

أكثر ما يميز رحلة التحول الرقمي في السعودية؛ هي التشريعات والتنظيمات الداعمة والمحفّزة، بالإضافة إلى تأسيس كيانات حكومية رقمية جديدة 

وفي هذا الشأن، أكد محافظ هيئة الحكومة الرقمية المهندس أحمد الصويان، أنَّ المشهد الرقمي الذي تعيشه المملكة هو نتاج توجيه مستمر للقيادة الرشيدة لتحقيق رفاهية المواطن ووضع الوطن في منصات الريادة العالمية، وأشار أحد النماذج مثل منصة «أبشر» التابعة لوزارة الداخلية والتي حققت وفورات تصل الى ستة مليارات دولار من خلال الاستغناء عن ملايين الزيارات وإتاحة خدمات رقمية متنوعة.

وأظهر "ملتقى الحكومة الرقمية" الذي نظمته هيئة الحكومة الرقمية تحت شعار "مستقبلنا الآن" في ختام نشاطات السنة الجارية، تنافس القطاعات والجهات المحلية على تقديم تجارب تقنية لا مثيل لها؛ مما ينعكس بشكل مباشر على رضا المستفيدين، وجودة الحياة، ورفع كفاءة الإنفاق. كما احتفى "الملتقى" بتكريم 12 جهة حكومية نظير حصولها على شهادة اعتماد البنية المؤسسية الوطنية لتطبيقها المنهجية الوطنية للبنية المؤسسية (NORA) المعدّة من هيئة الحكومة الرقمية؛ هي وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، هيئة حقوق الإنسان، المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية، المؤسسة العامة لتحلية المياه، الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني، صندوق التنمية الزراعية، صندوق الموارد البشرية، مجلس الضمان الصحي، مدينة الملك فهد الطبية، وجامعة القصيم.

سوق الاتصالات الأكبر والأسرع نموا

ويبرز تقييم مؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)  متانة بنية السعودية في الاتصالات والتقنية وتوفر خدماتها وأثرها المباشر في نمو الاقتصاد الرقمي الوطني وتطوره، وكذلك انعكاساتها على جذب الاستثمار في المملكة ودعم زيادة حجم سوق الاتصالات والتقنية محلياً، كما يظهر المؤشر الاهتمام الكبير الذي أولته المملكة للبنية التحتية للاتصالات والتقنية وخدماتها؛ لتحقيق آثار إيجابية على النمو الاقتصادي وتوليد الفرص.

وتوّج "الملتقى" الفائزين بجائزة الحكومة الرقمية، التي تعمل على تحفيز الجهات الحكومية لتبني أعلى المعايير المحلية والعالمية أثناء رحلة التحول الرقمي، بما يتوافق مع التوجهات العالمية وأهداف "رؤية السعودية 2030" من خلال تمكين الجهات الحكومية من تحديد مدى التزامها المعايير الأساسية للتحول الرقمي، والتعرف الى مدى تطور أدائها بشكل سنوي للوصول إلى حكومة رقمية متكاملة، وتبين وصول 88 جهة حكومية الى مرحلتي الإبداع والتكامل.

يعتبر سوق الاتصالات السعودي الأكبر والأسرع نموا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتمتع بوجود بنية تحتية رقمية متقدمة ونسبة انتشار الإنترنت وصولاً إلى 99 %

يعتبر سوق الاتصالات السعودي الأكبر والأسرع نموا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتمتع بوجود بنية تحتية رقمية متقدمة ومتجددة حيث ترتفع نسبة انتشار الإنترنت وصولاً إلى 99 في المئة، كما تضمنت "رؤية السعودية 2030" برامج مباشرة لتحقيق المملكة الريادة الدولية في التقدم الرقمي، مستثمرة أكثر من 93 مليار ريال (24.8 مليار دولار)؛ وهو إجمالي الاستثمارات الرأسمالية في البنية التحتية الرقمية خلال الست سنوات الماضية.

وأطلقت استراتيجيا التقنية المالية في عام 2022 لتكون إحدى ركائز برنامج تطوير القطاع المالي، التي تهدف إلى أن تكون المملكة موطناً ومركزاً عالمياً للتقنية المالية، وأن يكون الابتكار في الخدمات المالية هو الأساس، بما يعزز التمكين الاقتصادي للفرد والمجتمع، ويضمن سلامة القطاع واستدامته. تهدف البيئة التجريبية التشريعية إلى جذب الشركات المحلية والعالمية المتخصصة في مجال التقنية المالية "فينتك" الهادفة الى استخدام التقنيات الحالية أو الجديدة بطريقة مبتكرة لتقديم منتجات أو خدمات مصرفية ومالية جديدة في السوق السعودي.

في السعودية اليوم؛ لم يعد هنالك قطاع أو خدمة يتم تقديمها بشكل منعزل عن التكنولوجيا، التي صارت اليوم خياراً متاحاً للمستفيدين، وقد تكون في بعض الأحيان الخيار الوحيد المتاح، بهدف الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة، ورفع مستوى الشفافية، والدقة، وكفاءة الإنفاق، كما أنها تساهم في نهاية المطاف في تحقيق مستهدفات جودة الحياة، بما يلبي طموحات ورغبات المستفيدين كافة.

لا شك في أن العالم اليوم يتحدث بلغة التكنولوجيا بشكل واضح، إلا إن هذا الحديث يتطلب عملا متواصلا وجهود حثيثة لتحقيق المستهدفات ومواكبة التطورات؛ والمملكة العربية السعودية تعيش اليوم هذه المرحلة، فهي فعلاً "رائدة التحول الرقمي في عالمنا اليوم"، وذلك باستعراض الجهود كافة، والمؤشرات الدولية، والنجاحات المتحققة في مختلف القطاعات.

font change

مقالات ذات صلة