انفتاح على العالم

انفتاح على العالم

تتجلى أهمية خطوة منح الجنسية والإقامة الذهبية في المملكة العربية السعودية، ممثلة في هيئة الترفيه وغيرها من الجهات، في كونها تعزز مكانتها على الساحة الدولية وتسهم في تحقيق رؤيتها الطموحة وتقدمها المتسارع والمتصاعد. وتعد هذه الخطوة بمثابة تقدير واعتراف بالجهود المتواصلة التي يقدمها أهل الفن والإعلام والثقافة وغيرها من مجالات الإبداع في دعم مسيرة المملكة وترسيخ صورتها الإيجابية وانفتاحها على العالم.

في مطلع عام 2024، أعلنت المملكة عن منح الجنسية والإقامة الذهبية لعدد من الشخصيات البارزة في مجالات عملها، مما عكس التزامها بتحفيز وتطوير بيئات الثقافة والفن والإعلام وتشجيع المبدعين على الإبداع والابتكار. فقد أعلنت شخصيات إعلامية وفنية معروفة مثل عمرو أديب وأنغام وتامر عاشور وصلاح الجهيني ووليد فايد، وغيرهم حصولهم على هذا التكريم. لتؤكد المملكة بهذه الخطوات الرائدة، التزامها الراسخ في التبادل الثقافي والفني ودعمها للمواهب العالمية، مما يسهم بصورة كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة في مختلف المجالات.

وتعتبر هذه الخطوة التي تندرج في سياق جهود المملكة المستمرة في مواصلة الحوار الثقافي الإقليم والعالمي ودعم الأفراد الذين يعملون على نشر قيم التفاهم والتواصل المعرفي بين الشعوب، إحدى الخطوات الفاعلة في بناء جسور المعرفة والتعاون بين الثقافات، وتخلق نهضة جديدة في بناء العلاقات الإيجابية التي تساهم في تعزيز السلام الدولي، فضلا عن أن من يمنحون الجنسية والإقامة الذهبية يقدمون إضافة مهمة من خلال نقل المعارف والعلوم والفكر والإبداع، وهو ما يسهم في تحفيز التطور في المجتمعات التي ينضوون فيها.

من يمنحون الجنسية والإقامة الذهبية يقدمون إضافة مهمة من خلال نقل المعارف والعلوم والفكر والإبداع

تاريخيا، كان للتجنيس أثر كبير على الدول والمجتمعات، إذ أنه زاد من زيادة مصادر الإبداع وتنوعها في المجتمعات وبناء أجواء من الاحترام المتبادل والتفاهم الثقافي. ومن خلال استخدام مبادرة التجنيس كوسيلة لجذب المواهب والكفاءات العالمية، تسهم المملكة في تعزيز الاستثمار الثقافي والمعرفي، وفي تطوير مختلف قطاعات الدولة. وتعمل هذه الخطوة أيضا محفزا للابتكار والإبداع في مختلف المجالات، إذ يشعر المشاهير والمبدعون بالتقدير والاعتراف بمساهماتهم، مما يحفزهم للمزيد من العطاء والتميز في مجالات عملهم ونمو مشاريعهم واستمرارية نجاحاتهم التي تضاف إلى نجاحات المملكة المتعددة والمضطردة.

بهذه الخطوات المدروسة، تعزز المملكة مكانتها كدولة منفتحة على العالم، وقد ركزت هذه المبادرة في البدء على أسماء بارزة في سماء الثقافة والفنون ممن يعملون على تحويل الرؤى الجديدة إلى حقائق ملموسة. يوفر البرنامج للمستفيدين من الإقامة الذهبية السعودية الاستمتاع بامتيازات مميزة، ويتوقع أن يتجاوز عدد المكرمين في هذه المبادرة 300 شخصية تشمل أوساط المهتمين بقطاع الترفيه وغيره من قطاعات الدولة الحيوية والفاعلة.

وتكفي المقارنة مع دول أخرى، لندرك أهمية هذه الخطوة، فسنجد أن كبريات الجامعات الناشطة في حقول المعرفة، والشركات المؤثرة في اقتصادات العالم، ولاسيما التكنولوجيا، تضم في مختلف مستوياتها أصحاب مواهب ومهارات جاؤوا من ثقافات أخرى، وحصلوا على فرصة تحقيق ذواتهم والمساهمة في بناء المجتمعات الجديدة التي باتوا جزءا منها.

ومن المؤكد أن المملكة لم تقدم على مثل هذه الخطوة المهمة إلا بعدما درست بعناية التجارب السابقة، وها هي تستعد لمفاجأة العالم بنموذجها الخاص في تجربة الاستقطاب الثرية هذه، والتي تأتي بعد عقود من استقدام القدرات الإبداعية من مختلف أنحاء العالم، والتي أسهمت في خلق نشاط تعليمي بلغ المواطن السعودي منه ذروته واكتفاءه في زمن قياسي، بل وصارت المملكة تصدر كفاءاتها السعودية إلى كبريات جامعات العالم.

 الانفتاح على العالم، يتطلب تقبل الاختلاف والاستفادة من التنوع الثقافي لتعزيز مسيرة بناء مجتمع متسامح ومزدهر ومتطور

وبما أن المملكة اليوم أكثر انفتاحا على العالم في معظم مناحي الحياة وتمر بأعظم فترات نهوضها، وتستعد بثقة للمستقبل، وتسعى إلى تنويع مصادرها، منطلقة في ذلك من تاريخها الثري، ومن ثرواتها البشرية وخبرات أهلها المتراكمة، فمن المؤكد أنها أعدت مبادرات عدة لتهيئة بيئة مناسبة وخصبة لهذا القرار ليس على المستوى الاجتماعي فحسب، بل حتى القانوني والتنظيمي.

ولا بد في هذا السياق من إلقاء الضوء على دور المجتمع في التعامل مع هذه التطورات، إذ أن الانفتاح على العالم، يتطلب تقبل الاختلاف، والاستفادة من التنوع الثقافي لتعزيز مسيرة بناء مجتمع متسامح ومزدهر ومتطور في شتى مناشطه التجارية والإبداعية والفكرية.

font change