عيدك يا غزة

عيدك يا غزة

في عيد الفطر المبارك المقبل يتجمع المسلمون في مختلف أنحاء العالم للاحتفال بنهاية شهر الصوم، وبداية يوم الفرح والسرور، ولكن في أرض فلسطين، وتحديدا في غزة، التي لا يزال سكانها يعيشون واقعا مأسويا يتنافى مع فرحة العيد التقليدية. فالحرب الدموية التي يشنها المحتل الإسرائيلي على هذا القطاع المحاصرـ تُلقي بظلالها المظلمة على أجواء الاحتفال وتحوّل البهجة إلى حزن، والأمل إلى يأس.

أيام قلائل وتعمّ المساجد تكبيرات العيد، ولكن في أرض غزّة المطوّقة بأسلحة الدمار، ستتحول هذه الصورة إلى مشهد مرير لا يسمع فيه غير دويّ "الميركافا" القاتلة، حيث تغيب بهجة العيد ويخيّم البؤس والأسى على قلوب ساكنيها، وذلك بفعل الحرب الدامية التي تشنّها إسرائيل وحلفاؤها منذ شهور على كامل القطاع.

فمنذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والأراضي الفلسطينية المحتلة يشوبها الحطام، ويغطّيها الظلام، ويرتفع في أرجائها الصراخ والعويل، وفي العيد سيستمر ذلك بالتأكيد.

وما أسوأ العيش في مرمى الرصاص الذي يحول الآمنين إلى مشردين، والأطفال إلى ميتّمين. فهذه الحرب الجائرة، لم تستثنِ شيئا في آلة دمارها: الجوامع والكنائس، والمدارس والمستشفيات، والبنى التحتية والمنازل. كل شيء تفتّت، مما جعل الحياة في غزة وما حولها أمرا مستحيلا ومعقدا، إذ يجد السكان أنفسهم في وسط دوامة من العنف المكثف الذي لا يملكون أمامه سوى الانتظار أمام صمت العالم.

عيد الفطر هذا العام ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو فرصة لنتذكر معاناة هذا الشعب ونظهر للعالم دعمنا له

  أظهرت لنا هذه الحرب منذ اندلاعها العديد من القصص الإنسانية وأكدّت للعالم قوة الإرادة والتحمل، التي يتحلى بها أبناء غزة على الرغم من الظروف القاسية التي يعيشونها. كما عكس وقوف العديد من المنظمات الإنسانية والدولية إلى جانبهم وبذل جهودها الحثيثة لتقديم المساعدات والدعم في مختلف المجالات، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية والمأوى والغذاء والمياه النظيفة. ولا يمكن هنا أن نغفل ما يقدمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وغيره من المنظمات الإغاثية، إضافة إلى حملات تبرع الشعوب العربية والإسلامية لمساندة الفلسطينيين لمواصلة صمودهم في وجه العدو الصهيوني المتمدد في أرضٍ لا يملكها، والطامع في توسيع خرائطه المرسومة بدماء فلسطينية عربية زكية.

إلى جوار هذه الأدوار الإغاثية، تحاول الشبكات الاجتماعية والمنصات الرقمية العربية والعالمية المتعاطفة، تسليط الضوء على معاناة أهل غزة وتعزيز الوعي بالأوضاع الإنسانية في شتى مناطق القطاع، وما ينشره النشطاء والمؤثرون الرقميون على منصاتهم من البث المتواصل للأحداث اليومية المصورة، يؤكد الحاجة الملحة للمساعدة والتضامن ومضاعفة المساعي العالمية من أجل إيقاف أنهار الدم البريئة.

في النهاية، يجب أن ندرك أن عيد الفطر هذا العام ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو فرصة لنتذكر معاناة هذا الشعب ونظهر للعالم دعمنا له، جاهدين لتحقيق السلام العادل والمستدام في منطقة الشرق الأوسط المتصدع منذ النكبة.

لذا، علينا التضامن معهم، ومد يد العون والدعم المستمر ما استطعنا، فالعيد لا يكتمل إلا بوجود الفرحة في قلوب الجميع، بغض النظر عن الظروف القاهرة التي مرّوا ويمرون بها. إنها فرصتنا الحقيقية لنقدم اليهم البهجة والتفاؤل، ونبني وإياهم جسرا من التلاحم والتآزر وتوحيد المواقف للحيلولة دون استمرار مرارة الحرب والدمار.

font change
مقالات ذات صلة